مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1015

(136)
جلسة 1 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبة. المستشارين.

في القضايا أرقام 135، 155، 166، 167 لسنة 11 القضائية

( أ ) اختصاص. اختصاص المحكمة التأديبية. مندوب مفوض على الشركة موظف مؤقت - تختص المحكمة التأديبية بتأديب المندوب المفوض على الشركة إذ يعتبر موظفاً مؤقتاً - المناط في اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمة موظفي الشركات والمؤسسات والهيئات العامة وفقاً للمعيار الذي أخذ به المشرع في القانون رقم 19 لسنة 1959 هو مقدار المرتب الذي يحصل عليه الموظف - إذا جاوز المرتب خمسة عشر جنيهاً اختصت المحكمة التأديبية بمحاكمته دون نظر لما إذا كان يشغل وظيفة دائمة أو مؤقتة. [(1)]
(ب) اتهام عامل. نص المادة 66 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على عدم جواز اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً - عدم تقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل - أساس ذلك من نصوص القانون رقم 19 لسنة 1959 والقانون رقم 117 لسنة 1958.
(جـ) مسئولية - شركة. قرار مجلس إدارة المؤسسة بوصفه جمعية عمومية باعتماد ميزانية الشركة وإخلاء طرف أعضاء مجلس الإدارة لا أثر له على الدعوى التأديبية - إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات المنسوبة إلى الطاعن فلا يجوز للجهة التي يتبعها أن تتصرف في شأن مسئوليته عن المخالفات قبل أن تتخذ النيابة الإدارية قراراً نهائياً في التحقيق الذي بدأته وألا تسبقها برأي.
1 - المستفاد من التشريعات التي صدرت في شأن المندوبين المفوضين وعلى الأخص من قرار وزير الاقتصاد رقم 796 لسنة 1961 أن المندوب المفوض على الشركة يقوم بإدارتها إدارة
فعلية وتصريف أمورها وذلك بصفة مؤقتة لحين تشكيل مجلس الإدارة الجديد وتأسيساً على ذلك فإن الطاعن بعد أن زالت عنه صفته كعضو منتدب للشركة يعتبر خلال المدة التي تولى فيها إدارتها بوصفه مندوباً مفوضاً موظفاً مؤقتاً والمناط في اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمة موظفي الشركات والمؤسسات والهيئات العامة وفقاً للمعيار الذي أخذ به المشرع في القانون رقم 19 لسنة 1959 هو بمقدار المرتب الذي يحصل عليه الموظف فإذا كان مرتبه يجاوز خمسة عشر جنيهاً اختصت المحكمة التأديبية بمحاكمته دون النظر لما إذا كان يشغل وظيفة دائمة أو مؤقتة.
2 - إن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 تنص على أنه مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد من 3 إلى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات الخاصة الذين نصت عليهم المادة.. المذكورة - ووفقاً لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية التي أحال إليها القانون رقم 19 لسنة 1959 تختص النيابة الإدارية بالنسبة إلى العاملين المنصوص عليهم في المادة الأولى من هذا القانون الأخير بالتحقيق فيما يحال إليها وما تتلقاه من شكاوى ذوي الشأن وفي المخالفات التي يكشف عنها إجراء الرقابة وفي شكاوى الأفراد والهيئات ولو لم يكن الشاكي صاحب شأن متى أثبت الفحص جديتها - وقد نظمت هذه الأحكام إجراءات التحقيق ووزعت الاختصاص في شأنه بين النيابة الإدارية والجهة التي يتبعها الموظف على وجه يمنع افتئات تلك الجهة على اختصاص النيابة الإدارية ووفقاً لهذه الأحكام إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق سواء بناء على طلب الجهة التي يتبعها الموظف أو بناء على شكاوى الأفراد والهيئات التي أثبت الفحص جديتها فإن لها بل عليها أن تستمر في التحقيق حتى تتخذ قراراً في شأنه دون أن يتوقف ذلك على إرادة الجهة التي يتبعها الموظف - ولا يجوز لتلك الجهة أن تتصرف في التحقيق إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إليها.
وفضلاً عن أنه ليس في أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 أو فيما أحال إليه من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 ما يقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل فإن المستفاد من نص المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن مجال تطبيقها هو حيث يتولى صاحب العمل حق الاتهام والتأديب فيتقيد بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها فيها - ولا وجه أصلاً للقول بوجوب تقيد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من تلك المادة بمقولة أنها تنطوي على حكم أكثر سخاء للعامل يحقق له ضماناً يحول دون اتخاذ صاحب العمل من ارتكابه المخالفة وسيلة لتهديده إلى أجل غير مسمى عن طريق اتهامه بها في أي وقت ما - إذ فضلاً عن أن ذلك مردود بما تقدم ذكره فإن في تولي النيابة الإدارية إجراءات التحقيق والاتهام ما يكفل للعمال من الضمانات ما لا يحققه قانون العمل كما أن المشرع قد استهدف بإخضاع بعض الشركات والهيئات لقانون النيابة الإدارية تعقب المخالفات الخطيرة التي يرتكبها العاملون فيها ويتغاضى عنها القائمون على الإدارة إهمالاً أو تواطئواً.
2 - إن قرار مجلس إدارة المؤسسة بوصفه الجمعية العمومية العادية للشركة باعتماد ميزانية الشركة وإخلاء طرف أعضاء مجلس الإدارة لا أثر له على الدعوى التأديبية وأنه وقد تولت النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات المنسوبة إلى الطاعن فما كان يجوز على أية حال للجهة التي يتبعها أن تتصرف في شأن مسئوليته عن المخالفات المذكورة قبل أن تتخذ النيابة الإدارية قراراً نهائياً في التحقيق الذي بدأته وألا تسبقها برأي وإلا كان في ذلك مصادرة للنيابة الإدارية في رأيها وتعطيلاً لاختصاص أصيل أضفاه عليها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1963 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية بالإسكندرية تقرير اتهام ضد كل من (1) محمد مجد الدين كشك عضو مجلس إدارة الشركة الغربية للقطن والتجارة المنتدب. (2) محمد طه نجا الفراز بالشركة الغربية للقطن والتجارة. (3) أحمد أبو طالب المندوب المفوض السابق للشركة الغربية للقطن والتجارة ومدير العلاقات الخارجية بمصلحة القطن حالياً. (4) عبد الكريم عادل العلايلي المدير الإداري للشركة الغربية للقطن والتجارة. (5) محمد عبد الخالق المصري مساعد فراز بالشركة الغربية للقطن والتجارة. (6) عبد الله محمد عبد الله أمين مخازن بالشركة الغربية للقطن والتجارة. (7) علي فهمي طمان مدير الشئون القانونية بالشركة الغربية للقطن والتجارة. وتضمن التقرير اتهامهم أنهم خلال الأعوام 1961، 1962، 1963 بالشركة الغربية للقطن والتجارة بالإسكندرية لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخرجوا على مقتضى الواجب في أعمال وظائفهم بأن ارتكب كل منهم المخالفات المنسوبة إليه وانتهت النيابة الإدارية في هذا التقرير إلى أنهم بذلك يكونون قد ارتكبوا المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها في المواد 28 من القانون رقم 202 لسنة 1959 بشأن إصدار اللائحة العامة لاتحاد مصدري الأقطان في الإقليم المصري، من قرار وزير الاقتصاد رقم 660 لسنة 1959 بشأن إصدار اللائحة الداخلية لاتحاد مصدري الأقطان و53 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 و76/ 6 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وطلبت محاكمتهم وفقاً للمواد المذكورة والمواد 14، 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958، 51، 65 من القانون رقم 19 لسنة 1959 - وأودعت النيابة الإدارية مع تقرير الاتهام مذكرة بسطت فيها الوقائع ومحاضر التحقيق الذي قامت بإجرائه - وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها المطعون فيه.
عن الطعن رقم 155 لسنة 11 القضائية المقام من السيد/ محمد مجد الدين كشك:
من حيث إن المخالفات التي نسبت إلى السيد/ محمد مجد الدين كشك هي: -
أولاً: إنه بصفته العضو المنتدب للشركة أمر ببيع أقطان الشركة بمينا البصل المتخلف عن عمليات الفرز دون توريد قيمتها بخزينة الشركة وذلك لصرفها في الإكراميات.
وثانياً: إنه هو والمتهم الثالث السيد/ جابر أحمد أبو طالب بصفتهما المندوبين المفوضين للشركة الغربية للقطن اعتمدا تنازل المتهم الثاني السيد/ محمد طه نجا عن صفقة قطن زهر قيمتها 103551 جنيهاً 751 مليم في 4 من ديسمبر سنة 1961 دون بحث شروطها ومدى أحقية المخالف المذكور في صرف 591 جنيهاً و332 مليم الذي ادعى الأخير أنه يمثل نفقات لدى إبرامها.
وبجلسة 2 من مايو سنة 1964 أمام المحكمة التأديبية طلبت النيابة الإدارية تعديل وصف التهمة بإضافة صفته كمندوب مفوض إلى صفته المبينة بتقرير الاتهام.
ومن حيث إن الطاعن قد دفع: -
(أولاً) بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أنه مقدم للمحاكمة بوصفه مندوباً مفوضاً على الشركة الغربية للقطن والتجارة فهو ليس موظفاً عمومياً يخضع لقانون النيابة الإدارية أو المحاكم التأديبية ولو ساغ وصفه بأنه موظف عام مؤقت لا يخضع أيضاً لأحكام القانون المذكور لأن اختصاص المحاكم التأديبية مقصور على الموظفين المعينين على وظائف دائمة إذ أحال القانون رقم 19 لسنة 1959 على المادة 18 من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي قصرت اختصاص المحاكم التأديبية على محاكمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة.
(ثانياً) كما دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وذلك تأسيساً على أن الفقرة الثانية من المادة 66 من قانون العمل رقم 61 لسنة 1959 تنص على عدم جواز اتهام العامل في مخالفة تمضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً.
(ثالثاً) ودفع أيضاً بعدم قبول الدعوى وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها تأسيساً على أن مؤسسة القطن كانت على علم بتقرير مصلحة الشركات المتضمن المخالفات موضوع الدعوى وأنها اعتمدت الميزانية خلال سنة 1966 وأخلت طرف أعضاء مجلس إدارة الشركة بالرغم من علمها بتلك المخالفات فتكون المؤسسة قد أصدرت قراراً بالتجاوز عنها بما يحول دون إمكان محاكمته من جديد - كما طلب الطاعن في الموضوع الحكم ببراءته من المخالفتين المنسوبتين إليه وأقام دفاعه بالنسبة إلى المخالفة الأولى (وهي أنه أمر ببيع أقطان الشركة بمينا البصل المتخلفة عن عمليات الفرز دون توريد قيمتها إلى خزينة الشركة وذلك لصرفها في الإكراميات) - على أنه لم يصدر إلى موظفي الشركة أوامر في هذا الشأن وأنه حتى لو صح أنه أمرهم بالبيع فإنه لم يأذن لهم بصرف الثمن المتحصل من بيعها في الإكراميات وأنه كان يتعين أن يصدر أمر مكتوب بالتصرف في هذا الثمن - أما بالنسبة إلى المخالفة الثانية وهي أنه اعتمد في 4 من ديسمبر سنة 1961 تنازل السيد/ محمد طه نجا عن صفقة قطن زهر دون بحث شروطها ومدى أحقية المذكور في صرف مبلغ ادعى أنه يمثل نفقات - لدى إبرامها - فقد أقام الطاعن دفاعه على أن هذه الصفقة لم تشتمل على أية شروط مخالفة للعرف التجاري المألوف وخاصة بالنسبة إلى ظروف محصول القطن في عام 1961/ 1962 وضعفه وهبوط مستواه والتنافس الشديد حول شرائه وأن المبلغ المتصرف كعمولة كان متفقاً مع العمولات عن الموسم المذكور وأنه إذا اعتبر هذا المبلغ جزءاً من الثمن نظير الحصول على كميات القطن موضوع الصفقة فإنه يجد تبريره في الظروف القاسية لذلك المحصول وفي الكسب المحقق الذي حققته هذه الصفقة للشركة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن المركز القانوني للطاعن بالشركة هو أنه كان مندوباً مفوضاً عليها منذ 22 من أكتوبر سنة 1961 وعضو مجلس إدارتها المنتدب منذ 19 من إبريل سنة 1962 وأن المندوب المفوض لا يعتبر موظفاً بالشركة التي يعين بها - وهو وإن كان لا يعتبر موظفاً عاماً إلا أنه يعتبر من المكلفين بخدمة عامة بناء على قرار إداري صادر من السلطة العامة فيخضع مركزه القانوني للقانون العام بما يترتب على ذلك من انطباق كافة أحكام ذلك القانون في شأن التحقيق والمحاكمة التأديبية - والاختصاص المخول للنيابة الإدارية بمقتضى القانونين رقمي 117 لسنة 1958، 19 لسنة 1959 هو من الاتساع بحيث يشمل كافة الموظفين العموميين بالمعنى الواسع لهذه العبارة وكذلك كافة المكلفين بخدمات عامة لصالح الدولة فيخضع الطاعن لقانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وتختص بمحاكمته المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفي الشركات وذلك في الفقرة التي عمل فيها مندوباً مفوضاً على الشركة.
وأقام الحكم قضاءه برفض الدعوى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد والمستند إلى ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من عدم جواز اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً - على أنه في الفترة من 22 من أكتوبر سنة 1961 حتى 18 من إبريل سنة 1962 التي كان الطاعن فيها يعمل مندوباً مفوضاً لم تكن تربطه بالشركة علاقة عمل يحكمها القانون رقم 91 لسنة 1959 فلا يكون ثمة وجه للتحدي بأحكام المادة 66 من ذلك القانون أما اعتباراً من تاريخ تعيينه عضواً منتدباً للشركة أي موظفاً بها فإنه تسري عليه أحكام لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار من رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 وتلك الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 وقد تضمنتا النص على أن يسري على العاملين بالشركات أحكام قوانين العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللائحة يكون أكثر سخاء لهم - وإذا لم يرد في هذا النظام نص خاص ينظم ميعاد سقوط المساءلة عن المخالفات التي تنسب إلى هؤلاء العاملين وكان هدف المشرع من إيراد هذا التنظيم في القانون رقم 91 لسنة 1959 حماية العامل فإنه يسري على العاملين بالشركة الخاضعين للنظام المذكور - وتقرير حق النيابة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق بالنسبة إليهم لا يحرمهم من التمسك بالحقوق المقررة لهم في القانون المذكور - على أن المقصود بالكشف عن المخالفة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 هو تحقق من يملك توجيه الاتهام إلى العامل من ثبوت المخالفة وتحقق نسبتها كذلك إلى عامل معين - ولئن كان الطاعن يفيد من الحكم الوارد في المادة 66 المشار إليها منذ أن اعتبر موظفاً في الشركة - إلا أنه لا يبين من الأوراق أن السلطة المختصة بتأديبه في الشركة قد كشفت ارتكابه المخالفة الأولى في تاريخ معين ومضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً مما لا يجوز معه توجيه اتهام له في هذا الشأن.
كما أنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى أو عدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها والمبنى على أن مؤسسة القطن كانت على علم بتقرير مصلحة الشركات المتضمن للمخالفات موضوع الدعوى وأنها اعتمدت ميزانية الشركة الداخل فيها صفقة القطن الزهر موضوع التهمة الثانية وذلك خلال سنة 1962 وأخلت طرف أعضاء مجلس الإدارة - أقام الحكم قضاءه يرفض هذا الدفع على أن المخالفتين المسندتين إلى الطاعن لم تكونا محل تحقيق المؤسسة ولم يصدر في أيهما قرار منها.
وأقام الحكم قضاءه بإدانة الطاعن في المخالفة الأولى على ما استخلصه من إجماع الشهود الذين استمعت إليهم النيابة الإدارية وما ورد في التحقيقات من أن المخالف الأول كان هو الآمر ببيع بعض أقطان صندوق الشركة بمكتب مينا البصل لتجار القطن وأن المبالغ المحصلة كثمن لهذا القطن المباع كانت تصرف في الإكراميات بناء على أمره دون توريدها إلى خزانة الشركة - وعلى أنه ولئن كان قيام الشركة بدفع الإكراميات في الحدود وبالقدر الذي يتطلبه نشاطها ويجرى عليه العرف التجاري لا يعتبر خروجاً من المسئولين فيها على مقتضى الواجب إلا أنه يتعين أن تصرف هذه المبالغ من خزينة الشركة لا من بيع مال من أموالها دون قيد ثمنه في دفاترها.
أما بالنسبة إلى المخالفة الثانية التي تتحصل في أن الطاعن هو والسيد/ جابر أحمد أبو طالب بصفتهما المندوبان المفوضان للشركة الغربية للقطن اعتمدا تنازل السيد/ محمد طه نجا عن صفقة قطن زهر دون بحث شروطها ومدى أحقية المتنازل المذكور في صرف 591 جنيهاً و237 مليماً الذي ادعى الأخير أنه يمثل نفقات لدى إبرامها - فإن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن فيها على ما استخلصه من الأوراق من أنه لم يطلع قبل اعتماد التنازل المشار إليه على عقد شراء السيد محمد طه نجا للأقطان موضوع التنازل ولم يقف على شروطه وعلى مدى التزامات الشركة وحقوقها المترتبة عليه ولم يتسلم العقد المذكور محولاً إلى الشركة ليكون مستند شرائها لتلك الأقطان ولتتم المحاسبة النهائية مع البائع على أساس شروطه وهو ما ينافي الواجب المفروض عليه من الحرص على تحقيق صالح الشركة وأنه هو وزميله السيد جابر أبو طالب وافقا على أن يصرف للسيد محمد طه نجا من خزينة الشركة في ذات يوم قبول التنازل مبلغ 591 جنيهاً 237 مليماً دون أن يبين من الأوراق أنهما بحثا حقيقة هذا المبلغ وتحققا من أنه يمثل المصاريف الفعلية التي أنفقها السيد/ محمد طه نجا في سبيل إبرام تلك الصفقة وقبلا منه أن يصف المبلغ في إيصال استلامه بأنه مصروفات نقل وانتقالات وخلافه في الوقت الذي كان يمكنهما فيه أن يحققا بنود هذا المبلغ وقد بان بعد ذلك أن السيد محمد طه نجا لم يتحمل سوى مصروفات انتقاله من الإسكندرية إلى مقر وجود الأقطان في محلج شركة القاهرة للأقطان بأبي الشقوق وبذلك يكون الطاعن هو والمفوض الآخر قد خرجا على مقتضى الواجب وبتصرفهما على هذا النحو حققا للسيد/ محمد طه نجا فائدة مادية لا يستحقها على النحو المتفق عليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دفوع الطعن الثلاثة قد أخطأ في تطبيق القانون.
1 - فبالنسبة إلى الدفع بعدم الاختصاص ذكر الطاعن أن المحكمة التأديبية قد ذهبت إلى أن المفوض يعتبر مكلفاً بخدمة عامة ولكنها أخطأت إذ اعتبرت هذا الوصف كافياً لإخضاعه لقانون النيابة الإدارية الذي لا يسري إلا بالنسبة للموظفين العموميين المعينين على وظائف دائمة.
2 - وبالنسبة إلى الدفع بعدم القبول للميعاد ذكر الطاعن أنه يقوم على أساسين أولهما أن القانون رقم 19 لسنة 1959 لا يمس حق العامل في الإفادة من الضمانة المقررة بالمادة 66 من قانون العمل وثانيهما أن الدعوى قد أقيمت عن مخالفتين كان قد مضى على كشفهما أكثر من خمسة عشر يوماً وأن المحكمة قد أخطأت إذ قضت بعدم إفادته من الدفع في الفترة التي كان فيها مندوباً مفوضاً كما أخطأت إذ قضت برفض الدفع رغم الأسانيد والوقائع التي تقطع بانقضاء خمسة عشر يوماً على كشف رئيس مجلس إدارة الشركة للمخالفتين المنسوبتين إليه قبل تقديمه الشكوى بشأنهما إلى النيابة الإدارية.
3 - وبالنسبة إلى الدفع بعدم القبول أو عدم جواز النظر لسابقة الفصل بالتجاوز من جانب المؤسسة ذكر الطاعن أن هذا التجاوز هو اعتماد المؤسسة ميزانية الشركة خلال سنة 1963 وإخلاؤها طرف أعضاء مجلس الإدارة رغم علمها بالمخالفات موضوع الدعوى وقد تم اعتماد الميزانية بمقتضى محضر اجتماع مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للقطن بوصفه الجمعية العمومية العادية للشركة الغربية للقطن والتجارة بتاريخ 25 من يوليه سنة 1963 - وأنه يعزز علم المؤسسة بالمخالفات المذكورة ما هو ثابت في الأوراق من اعتراض مراقب حسابات الشركة على صفقة القطن الزهر موضوع المخالفة الثانية.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه قد بني على فساد في الاستدلال فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن سواء بالنسبة إلى المخالفة الأولى أو المخالفة الثانية.
1 - فبالنسبة إلى المخالفة الأولى ذكر الطاعن أن المحكمة التأديبية قد اعتبرت الأقطان المتساقطة من العينات مملوكة للشركة وأنه كان هو الذي يأمر بخروجها من مكتب الشركة بالبورصة رغم أن هذه الأقطان ليست ملكاً للشركة وإنما هي أقطان لأصحاب العينات الذين يحضرونها للفرز ثم تجمع هذه الأقطان القليلة ويتم التصرف فيها من أي رئيس مختص وإغفال المحكمة التأديبية التثبت من هذا الأمر أو التعرض له يجعل حكمها مشوباً بالقصور - أما ما ذهبت إليه المحكمة من أنه كان هو الذي يأمر بخروج تلك الأقطان فإنه يخالف الثابت في الأوراق إذ كانت معظم الأذون بتوقيع آخر - وأضاف الطاعن أن المخالفة تفترض أن ثمة تنظيماً محدداً كان مفروضاً على الطاعن اتباعه في حين أنه ثبت عدم وجود مثل هذا التنظيم قبل أن يضع رئيس مجلس الإدارة تنظيماً جديداً يختلف عن النظام القديم.
2 - وبالنسبة إلى المخالفة الثانية فإنه بالنظر إلى صياغتها يتضح أنها تحصر مساءلته في أنه اعتمد تنازل المتهم الثاني عن الصفقة موضوعها دون بحث شروطها ومدى أحقية المتهم المذكور في صرف مبلغ 591 جنيهاً و637 مليماً نظير النفقات - وأنه مما يعدل مجال هذه التهمة ما قرره الوكيل العام للنيابة الإدارية من استبعاد التهمة التي كانت مرتبطة بالتهمة المذكورة والتي كانت منسوبة للمتهم الثاني وهي حصوله بدون وجه حق على المبلغ المشار إليه مما يجعل التهمة بالنسبة إلى الطاعن مقصورة على اعتماد صرف المبلغ سالف الذكر إلى المتهم الثاني دون التحقق من مدى أحقيته له - وذكر الطاعن أنه يتضح من المستندات المودعة من النيابة الإدارية أن فئة العمولة في عام 1962/ 1963 بالنسبة للقطن وداخل المحالج كانت تزيد على الفئة التي اعتمد صرفها للمتهم الثاني مع أن موسم 62/ 1963 كان أيسر من موسم 1961/ 1962 وأضاف الطاعن أن الثابت من أقوال السيد/ إبراهيم بيومي الوكيل رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية لتجارة الأقطان والسيد أحمد رياض محمود مندوب الحكومة ببورصة مينا البصل واتحاد مصدري الأقطان أمام المحكمة التأديبية أن صفقة القطن موضوع التهمة لم تشتمل على أية شروط مخالفة للعرف التجاري المألوف وخاصة بالنسبة إلى ظروف محصول سنة 1961/ 1962 - كما ذكر الطاعن أنه لم يثبت أنه لم يطلع على عقد شراء المخالف الثاني أو عدم علمه بالشروط الجوهرية التي قام عليها إذ لو لا هذا العلم ما سعى إلى صفقة حين كانت الشركات المنافسة تتمنى الحصول عليها - وأنه باشر سلطته التقديرية في الحصول على الصفقة المذكورة لصالح الشركة وكان تقديره سليماً لما حققته هذه الصفقة من كسب - أما المبلغ الذي صرف إلى المخالف الثاني فكان يمثل المصاريف التي تحملها في سبيل تلك الصفقة وكان ينبغي أن يشمل بصفة حتمية السمسرة التي تحملها في سبيل تلك الصفقة التي قطع بأنه دفعها للوسيط الذي توسط في إبرام صفقة مع البائع وقدم الأدلة المثبتة لدفعها - وطالما أن المحكمة التأديبية كانت في صدد تفسير العقد الذي تم التنازل بين المتهم الثاني والشركة فإنه كان يتعين أن تدخل في تقديرها أن المبلغ الذي صرف إلى المخالف الثاني كان شرطاً ضرورياً لإتمام هذا التنازل ويستوي بعد ذلك أن يصرف للمخالف الثاني بعض المصروفات أو التعويض المقابل للتنازل - كما ذكر الطاعن أنه لم يكن يعنيه هو وزميله المفوض الآخر أن يقفا عند الوصف الشكلي للمبلغ المطلوب دفعه نظير الحصول على الصفقة المشار إليها بقدر ما كان يعنيهما الحصول على الصفقة في أسرع فرصة خشية تعرض الشركة لخسارة وأملاً في نفع يعود عليها وأكدت الظروف حسن تقديرهما بما حققته الشركة من كسب.
وأودع الطاعن مذكرتين بدفاعه أضاف في أولاهما إلى ما ورد بتقرير الطعن أن السيد/ عبد المجيد بركات جعل النيابة الإدارية تقدم مذكرة إلى النيابة العامة تنسب فيها إليه (أي إلى الطاعن) أنه أمر ببيع أقطان الشركة المتخلفة عن عملية الفرز دون توريد قيمتها الخزينة لصرفها في الإكراميات وأن تحقيق النيابة العامة قد انتهى إلى الحفظ بقرار أورد فيه أن واقعة دفع مبالغ كإكراميات لبعض الأشخاص بالإضافة إلى أنها غير ثابتة في حقه فإنها لا تمثل نشاطاً إجرامياً معاقباً عليه - كما أودع حافظة تضمنت بعض الصحف والمجلات التي نشرت الأسباب التي وضع من أجلها السيد/ عبد المجيد بركات تحت الحراسة وفصل من الشركة - وأبدى الطاعن في مذكرته الثانية دفعا بعدم الاختصاص مبناه أنه يعمل في إحدى الشركات وأن العاملين في الشركات تنتفي عنهم صفة الموظف العام ولا يخضعون إلا لقانون العمل والمحاكم العمالية.
ومن حيث إن النيابة الإدارية قد تقدمت بمذكرة في الطعن انتهت فيها إلى طلب رفضه.
ومن حيث إن الطاعن قد بنى الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية على أساس أنه إذا كانت الدعوى قد أقيمت عليه بوصفه مندوباً مفوضاً على الشركة فإنه لا يعتبر موظفاً ولا تختص المحكمة التأديبية بمحاكمته وأنه لو صح أنه موظف فإنه يكون موظفاً مؤقتاً غير خاضع أيضاً لاختصاص المحكمة التأديبية ثم أضاف في مذكرته الأخيرة أساساً آخر لهذا الدفع هو أنه من العاملين في الشركات الذين لا يخضعون إلا لقانون العمل والمحاكم العمالية.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أن الطاعن قد عين هو والسيد جابر أحمد أبو طالب مندوبين مفوضين للشركة الغربية للقطن والتجارة بقرار صدر من المؤسسة المصرية العامة للقطن في 22 من أكتوبر سنة 1961 وكان قبل ذلك عضواً منتدباً للشركة المذكورة والمستفاد من التشريعات التي صدرت في هذا الشأن وعلى الأخص من قرار وزير الاقتصاد رقم 796 لسنة 1961 أن المندوب المفوض على الشركة يقوم بإدارتها إدارة فعلية وتصريف أمورها وذلك بصفة مؤقتة لحين تشكيل مجلس الإدارة الجديد وتأسيساً على ذلك فإن الطاعن بعد أن زالت عنه صفته كعضو منتدب للشركة يعتبر خلال المدة التي تولى فيها إدارتها بوصفه مندوباً مفوضاً - موظفاً مؤقتاً والمناط في اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمة موظفي الشركات والمؤسسات والهيئات العامة وفقاً للمعيار الذي أخذ به المشرع في القانون رقم 19 لسنة 1959 هو مقدار المرتب الذي حصل عليه الموظف فإذا كان مرتبه يجاوز خمسة عشر جنيهاً اختصت المحكمة التأديبية بمحاكمته دون نظر لما إذا كان يشغل وظيفة دائمة أو مؤقتة وإذ كان مرتب الطاعن يجاوز هذا القدر وإذ كان من العاملين الخاضعين لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 وفقاً لنص المادة الأولى منه فإن دفعه بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بمحاكمته يكون غير قائم على أساس ويكون الحكم المطعون فيه إذا قضى برفض هذا الدفع قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها في هذا الشأن.
ومن حيث إن الطاعن يستند في دفعه بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في الاتهام إلى نص المادة 26 من القانون رقم 91 لسنة 1959 التي تقضي بأنه يحظر على صاحب العمل أن يوقع على العامل عن المخالفة الواحدة غرامة تزيد قيمتها على أجر خمسة أيام أو أن يوقف تأديبياً عن العمل عن المخالفة الواحدة مدة تزيد على خمسة أيام على ألا يقتطع من أجره وفاء للغرامات التي يوقعها أكثر من أجر خمسة أيام في الشهر الواحد أو يوقف مدة تزيد على خمسة أيام في الشهر الواحد - ولا يجوز اتهام العامل في مخالفة تمضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً - ولا يجوز توقيع عقوبة تأديبية بعد تاريخ ثبوت المخالفة بأكثر من ثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال الذين يتقاضون أجورهم شهرياً وبأكثر من خمسة عشر يوماً بالنسبة إلى العمال الآخرين - ويصدر قرار من وزير الشئون الاجتماعية والعمل ببيان العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات التأديب.).
ومن حيث إنه يبين من سياق هذا النص أنه حظر على صاحب العمل أن يتهم العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً ومثار المنازعة هو ما إذا كانت النيابة الإدارية تتقيد بهذا الميعاد حسبما يذهب إلى ذلك الطاعن - أو لا تتقيد به حسبما تذهب إلى ذلك النيابة الإدارية في مذكراتها المقدمة إلى المحكمة التأديبية وفي هذا الطعن.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 تنص على أنه مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد من 3 إلى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات الخاصة الذين نصت عليهم المادة المذكورة - ووفقاً لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية التي أحال إليها القانون رقم 19 لسنة 1959 تختص النيابة الإدارية بالنسبة إلى العاملين المنصوص عليهم في المادة الأولى من هذا القانون الأخير بالتحقيق فيما يحال إليها وما تتلقاه من شكاوى ذوي الشأن وفي المخالفات التي يكشف عنها إجراء الرقابة - وفي شكاوى الأفراد والهيئات ولو لم يكن الشاكي صاحب شأن متى أثبت الفحص جديتها - وقد نظمت هذه الأحكام إجراءات التحقيق ووزعت الاختصاص في شأنه بين النيابة الإدارية والجهة التي يتبعها الموظف على وجه يمنع افتئات تلك الجهة على اختصاص النيابة الإدارية - ووفقاً لهذه الأحكام إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق سواء بناء على شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها فإن لها بل عليها أن تستمر في التحقيق حتى تتخذ قراراً في شأنه دون أن يتوقف ذلك على إرادة الجهة التي يتبعها الموظف - ولا يجوز لتلك الجهة أن تنصرف في التحقيق إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إليها.
ومن حيث إنه فضلاً عن أنه ليس في أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 أو فيما أحال إليه من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1895 ما يقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل فإن المستفاد من نص المادة 16 من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن مجال تطبيقها هو حيث يتولى صاحب العمل حق الاتهام والتأديب فيتقيد بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها فيها - ولا وجه أصلاً للقول بوجوب تقييد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من تلك المادة بمقولة إنها تنطوي على حكم أكثر سخاء للعامل يحقق له ضماناً يحول دون اتخاذ صاحب العمل من ارتكابه لمخالفة ما وسيلة لتهديده إلى أجل غير مسمى عن طريق اتهامه بها في أي وقت يشاء - إذ فضلاً عن أن ذلك مردود بما تقدم ذكره فإن في تولي النيابة الإدارية إجراءات التحقيق والاتهام ما يكفل للعمال من الضمانات ما لا يحققه قانون العمل - كما أن المشرع قد استهدف بإخضاع بعض الشركات والهيئات لقانون النيابة الإدارية تعقب المخالفات الخطيرة التي يرتكبها العاملون فيها ويتغاضى عنها القائمون على الإدارة إهمالاً أو تواطؤاً.
ومن حيث إنه لذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في الاتهام يكون قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها.
ومن حيث إن الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل بالتجاوز من جانب المؤسسة المصرية العامة للقطن - يقوم على أن مجلس إدارة المؤسسة بوصفه الجمعية العمومية العادية للشركة الغربية للقطن والتجارة قد اعتمد في 25 من يوليه سنة 1963 ميزانية الشركة وأخلى طرف أعضاء مجلس الإدارة وكانت المؤسسة على علم بتقرير مصلحة الشركات المتضمن للمخالفات موضوع الدعوى.
ومن حيث إنه فضلاً عن أن قرار مجلس إدارة المؤسسة المشار إليه لا أثر له على الدعوى التأديبية فإنه وقد تولت النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ما كان يجوز على أية حال للجهة التي يتبعها أن تتصرف في شأن مسئوليته عن المخالفات المذكورة قبل أن تتخذ النيابة الإدارية قراراً نهائياً في التحقيق الذي بدأته وألا تسبقها برأي وإلا كان في ذلك مصادرة للنيابة الإدارية في رأيها وتعطيل لاختصاص أصيل أضفاه عليها القانون.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق إذ قضى برفض هذا الدفع.

......... ......... ......... ......... .........
......... ......... ......... ......... .........
......... ......... ......... ......... .........
......... ......... ......... ......... .........
......... ......... ......... ......... .........
......... ......... ......... ......... .........

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعون الأربعة شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: في الطعن رقم 155 لسنة 11 ق المقام من محمد مجد الدين كشك برفضه مع إلزامه بالمصروفات.
ثانياً: في الطعن رقم 163 لسنة 11 المقام من محمد طه نجا بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالاكتفاء بمجازاته بالخصم من مرتبه لمدة شهر ويصرف نصف مرتبه عن مدة وقفه عن العمل مع إلزامه بالمصروفات.
ثالثاً: في الطعن رقم 166 لسنة 11 المقام من عبد الكريم عادل العلايلي بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالاكتفاء بمجازاته بالخصم من مرتبه لمدة شهرين ويصرف نصف مرتبه عن مدة وقفه عن العمل مع إلزامه بالمصروفات.
رابعاً: في الطعن رقم 135 لسنة 11 ق المقامة من علي فهمي طمان بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالاكتفاء بمجازاته بالخصم من مرتبه لمدة شهرين.


[(1)] انظر الحكم الصادر في القضية رقم 910 لسنة 11 ق. بجلسة 17 من فبراير سنة 1968 المنشور في هذه المجموعة ص 514 مبدأ 69.