مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1029

(137)
جلسة 2 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

في القضية رقم 414 لسنة 9 القضائية

( أ ) مكافأة - الحكم الذي تضمنته المادة 46 من القانون رقم 59 لسنة 1930 بشأن المعاشات العسكرية من عدم جواز المنازعة في المكافأة التي تصرف بناء على أحكام هذا القانون بعد مضي ستة شهور من تاريخ صرفها سواء بالنسبة للحكومة أم بالنسبة للموظف، لا يسري على مطالبة الحكومة أحد المعاملين بالقانون المذكور ما أدته إليه من مكافأة لا حق له فيها طبقاً لأحكام أخرى.
(ب) تقادم. تقادم حق الحكومة في استرداد المبالغ التي دفعتها بغير وجه حق لموظفيها يكون طبقاً لأحكام القانون المدني - إذا كان مفاد النصوص المدنية أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها، إلا أن مقتضيات النظام الإداري اقتضت قياس المطالبة الإدارية على المطالبة القضائية من ناحية اعتبارها سبباً قاطعاً للتقادم المسقط - انقطاع تقادم حق الموظف بالطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه طالباً أداءه - إعمال هذه القاعدة التيسيرية أولى وأوجب في مجال تقادم حقوق الإدارة قبل موظفيها.
1 - إن مورث المدعين وقد استولى على مكافأة خدمة بدون وجه حق فإنه يلزم بردها ما لم يكن قد سقط حق الجهة الإدارية في استردادها، ولا يجوز للمدعين الاستناد في هذا الخصوص إلى المادة 46 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية التي تقضي بعدم جواز المنازعة في المكافأة التي تصرف بناء على أحكام هذا القانون بعد مضي ستة شهور من تاريخ صرفها سواء بالنسبة للحكومة أم بالنسبة للموظف، لأن نص المادة المذكورة إنما يتعلق بالمبالغ التي تصرف كمكافأة طبقاً لأحكام القانون المشار إليه، في حين أن المبلغ الذي صرف لمورث المدعين يعتبر مصروفاً له بدون وجه حق، وبالتالي فإنه يخضع من ناحية سقوط الحق في استرداده لأحكام المادة 187 من القانون المدني.
2 - أياً كان وجه الرأي في مدة التقادم المسقطة لحق الحكومة في استرداد ما تسلمه عمالها منها بغير حق وهل هي خمس عشرة سنة حسبما يذهب إلى ذلك تقرير الطعن، أم ثلاث سنوات وفقاً لما قضى به الحكم المطعون فيه - فإن الثابت من الأوراق أن مورث المدعين قد تسلم مبلغ المكافأة موضوع المنازعة الراهنة في 3 من إبريل سنة 1953 بوصفه مبلغاً مستحقاً له عن مدة خدمته الزائدة على 37 سنة ونصف بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930 وعندما استبان للجهة الإدارية بناء على مناقصة ديوان المحاسبة المؤرخة 15 من إبريل سنة 1953، وهو الجهة المنوط بها طبقاً لقانون إنشائه مراقبة أوجه الصرف المختلفة في الدولة، إن وفاءها بهذه المكافأة قد شابه غلط في الواقع والقانون، طالبت المورث المذكور في 15 من مارس سنة 1956 برد ما سبق أن صرف له بدون وجه حق، وهذه المطالبة ولا ريب من شأنها وقد تمت قبل اكتمال ثلاث سنوات سواء من تاريخ الصرف الحاصل في 3 من إبريل سنة 1953 أو من تاريخ مناقضة ديوان المحاسبة المؤرخة 15 من إبريل سنة 1953، أن تقطع التقادم المسقط المنصوص عليه في صدر المادة 187 من القانون المدني - لو صح تطبيقها - وهي التي تقضي بسقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع بحقه في الاسترداد، ذلك أنه ولئن كان مفاد النصوص المدنية (المادة 383 من القانون المدني) أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها إلا أن مقتضيات النظام الإداري، وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة، قد مالت بفقه القضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الإدارة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرئاسي الذي تقوم عليه، ومؤدى هذه القاعدة أن يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم، الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه وطالباً أداءه. وغني عن البيان أن إعمال هذه القاعدة التيسيرية، للمبررات التي أملتها، أولى وأوجب، في مجال تقادم حقوق الإدارة قبل موظفيها، ولا سيما بعد إذ خولت هذه الأخيرة تحقيقاً للغاية ذاتها، بالقانون رقم 324 لسنة 1956 بتعديل الفقرة الأولى من القانون رقم 111 لسنة 1951 في شأن عدم توقيع الحجز على مرتبات الموظفين والمستخدمين أو معاشاتهم أو مكافآتهم أو حوالتها إلا في أحوال خاصة، رخصة استرداد ما صرف إلى موظفيها بغير حق وذلك عن طريق الخصم إدارياً من مرتباتهم في حدود معينة وبغير حاجة إلى سلوك الطريق القضائي أو استصدار حكم بالمديونية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 7 من يناير سنة 1963، فإن آخر ميعاد للطعن فيه يكون هو يوم 8 من مارس سنة 1963، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد صادف عطلة رسمية - يوم جمعة - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل بعدها وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم السبت الموافق 9 من مارس سنة 1963 فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ اللواء سيد حسنين أحمد أقام الدعوى رقم 71 لسنة 5 القضائية ضد وزارة المالية وإدارة المعاشات بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والصناعة والزراعة والتموين، في 3 من ديسمبر سنة 1957، طلب فيها الحكم "بإلزام وزارة المالية والاقتصاد بأن تدفع للطالب مبلغ 75 جنيه و216 مليم وما قد عساه تخصمه من معاشه مستقبلاً، قيمة المكافأة الإضافية التي صرفت إليه في أوائل سنة 1953 عن مدة خدمته الزائدة عن الحد المقرر احتسابه في تقدير المعاش مع إلزامهما بمصروفات هذه الدعوى ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى". وتوجز أسانيد دعواه في أنه أحيل إلى المعاش في سنة 1952 بعد أن أمضى في خدمة الحكومة في الوظائف العسكرية والمدنية أكثر من ثلاثة وأربعين عاماً، وقد سوى معاشه على أساس 27.5 سنة فقط، وما زاد على هذه المدة صرفت له عنه مكافأة قدرها 150 جنيهاً في 3 من إبريل سنة 1953. وفي 10 من مارس سنة 1956 فوجئ بوزارة المالية تطالبه برد هذا المبلغ بمقولة إنه حصل عليه بدون وجه حق وحددت للسداد مدة شهر وإلا اتخذت ضده الإجراءات القضائية فسارع في 17 من مارس سنة 1956 بإبلاغها بعدم أحقيتها في هذا الطلب استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930 والمادة 46 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية، غير أن الوزارة المذكورة قامت بخصم ربع معاشه اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1956، وذلك قبل أن تستصدر حكماً بمديونيته ومن ثم فإن هذا الإجراء يكون باطلاً ولا أثر له. فضلاً عن أن حق الحكومة في استرداد المكافأة قد سقط بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن مجلس الوزراء قرر في 8 من فبراير سنة 1933 الترخيص لضباط الجيش الذين اختاروا المعاملة بأحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، في العدول عن هذا الاختيار وقبول المعاملة بأحكام المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية، على أن لا يمنحوا المكافأة المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930. ونظراً لأن المدعي سبق أن اختار المعاملة بأحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 ثم عاد وطلب الانتفاع بقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من فبراير سنة 1933 المشار إليه، فقد سوى معاشه عن سني خدمته سواء بالجيش أم بالبوليس بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 وصرفت له مكافأة إضافية قدرها 150 عن مدة خدمته الزائدة على 37.5 سنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930. ولما كان المذكور لا يستحق هذه المكافأة بصريح نصوص قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من فبراير سنة 1933، فإنه يتعين عليه ردها، وإذ امتنع عن السداد فقد تم خصم ربع معاشه شهرياً استناداً إلى القانون رقم 111 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 324 لسنة 1956، أما القول بأن المنازعة في هذه المكافأة غير مقبولة لمضي ستة أشهر على صرفها استناداً إلى المادة 46 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 فمردود بأن ما صرف للمدعي ليس مكافأة أصلية عن مدة خدمة فعلية تخضع لحكم القانون، وإنما هو منحة لضباط الجيش قررها مجلس الوزراء في 11 من ديسمبر سنة 1930 وقد ألغيت هذه المنحة بالنسبة إلى المدعي بقرار المجلس المذكور الصادر في 8 من فبراير سنة 1933. وانتهت الجهة الإدارية من ذلك كله إلى طلب الحكم برفض الدعوى. وبجلسة 16 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص". وقد قيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الإداري تحت رقم 853 لسنة 13 القضائية، وفي أثناء نظرها وتداولها بجلسات محكمة القضاء الإداري توفى المدعي إلى رحمة الله، فاستأنف ورثته وهم: السيدة/ نعيمة علي أرملته، وأولاده البلغ: محمد عزمي ومحمود سعد الدين وفاطمة وسميحة وسهير، سير الدعوى بإعلان وجهوه إلى وزارة الخزانة وإدارة المعاشات في 14 من نوفمبر سنة 1960 بتصميمهم بصفتهم ورثة المدعي على الطلبات الواردة في عريضة الدعوى الأصلية. وبجلسة 7 من يناير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات": "بأحقية المدعين في استرداد ما استقطع من معاش مورثهم وفاء لمبلغ مائة وخمسين جنيهاً مصرياً (150 ج) استلمه مورثهم كمكافأة عن مدة عمله الزائد عن 37 سنة ونصف، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن مجلس الوزراء إذ أباح بقراره الصادر في 8 من فبراير سنة 1933 لضباط الجيش المنقولين مباشرة إلى البوليس ومصلحتي خفر السواحل والحدود الانتفاع بأحكام المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930، قد حرمهم في الوقت ذاته من الحصول على المكافأة المنصوص عليها في قراره الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930، ومن ثم فإن مورث المدعين يكون قد استولى على المكافأة المذكورة بدون وجه حق ويلزم بردها ما لم يكن قد سقط حق الجهة الإدارية في استردادها، ولا يجوز للمدعين الاستناد في هذا الخصوص إلى المادة 46 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية التي تقضي بعدم جواز المنازعة في المكافأة التي تصرف بناء على أحكام هذا القانون بعد مضي ستة شهور من تاريخ صرفها سواء بالنسبة للحكومة أم بالنسبة للموظف، لأن نص المادة المذكورة إنما يتعلق بالمبالغ التي تصرف كمكافأة طبقاً لأحكام القانون المشار إليه، في حين أن المبلغ الذي صرف لمورث المدعين يعتبر مصروفاً له بدون وجه حق، وبالتالي فإنه يخضع من ناحية سقوط الحق في استرداده لأحكام المادة 187 من القانون المدني، ولما كان الأصل العام في استرداد ما دفع بدون وجه حق طبقاً للمادة 187 سالفة الذكر يقضي بسقوط الحق بانقضاء مدة ثلاث سنوات، ابتداء من يوم علم الموفي بحقه في الاسترداد، وكان قد توفر علم الجهة الإدارية بحقها في الاسترداد في 15 من إبريل سنة 1953 تاريخ مناقضة ديوان المحاسبة، فإنه كان يتعين أن يبدأ الخصم من معاش المدعي في ميعاد غايته 14 من إبريل سنة 1956 وليس من أول ديسمبر سنة 1956، وإذ لم يتم الخصم إلا في هذا التاريخ الأخير فإن حق الجهة الإدارية في استرداد المكافأة موضوع النزاع يكون قد سقط وفقاً لنص المادة 187 المشار إليها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب فيما قضى به من سقوط حق الوزارة في استرداد المكافأة التي حصل عليها المطعون عليه بدون وجه حق بالتطبيق لنص المادة 187 من القانون المدني، لأن القضاء الإداري لا يلتزم بتطبيق النصوص المدنية في التقادم إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك، ولا يوجد مثل هذا النص بالنسبة لحق الدولة في استرداد ما دفع منها على خلاف القانون. وإذ فرض جدلاً خضوع حق الوزارة في استرداد ما دفع منها بدون وجه حق لمبدأ التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة المذكورة فإن الطلب الموجه إلى المطعون عليه في 5 من مارس سنة 1956 برد المكافأة، يعتبر إجراء قاطعاً للتقادم الذي لم تكن مدته قد اكتملت بعد وقتذاك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما ذهب إليه، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من فبراير سنة 1933، من عدم أحقية مورث المدعين في الحصول على مبلغ 150 جنيهاً قيمة المكافأة التي صرفت عن مدة خدمته الزائدة على 37 سنة ونصف بالتطبيق لقرار المجلس المذكور الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930، كما أصاب الحكم كذلك فيما ذهب إليه من عدم أحقية المدعين في التمسك بسقوط حق الحكومة في استرداد مبلغ المكافأة المشار إليه طبقاً للمادة 46 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية وذلك للأسباب التي قام عليها، إلا أنه قد جانب الصواب، فيما انتهى إليه من أحقية المدعين في استرداد ما استقطع من معاش مورثهم وفاء للمبلغ الذي صرف تأسيساً على سقوط حق الحكومة في استرداده طبقاً للمادة 187 من القانون المدني، ذلك أنه - أياً كان وجه الرأي في مدة التقادم المسقطة لحق الحكومة في استرداد ما تسلمه عمالها منها بغير حق، وهل هي خمس عشرة سنة حسبما يذهب إلى ذلك تقرير الطعن، أم ثلاث سنوات وفقاً لما قضى به الحكم المطعون فيه - فإن الثابت من الأوراق أن مورث المدعين قد تسلم مبلغ المكافأة موضوع المنازعة الراهنة في 3 من إبريل سنة 1953 بوصفه مبلغاً مستحقاً له عن مدة خدمته الزائدة على 37 سنة ونصف بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من ديسمبر سنة 1930، وعندما استبان للجهة الإدارية بناء على مناقضة ديوان المحاسبة المؤرخة 15 من إبريل سنة 1953، وهو الجهة المنوط بها طبقاً لقانون إنشائه مراقبة أوجه الصرف المختلفة في الدولة، إن وفاءها بهذه المكافأة قد شابه غلط في الواقع والقانون، طالبت المورث المذكور في 15 من مارس سنة 1956 برد ما سبق أن صرف له بدون وجه حق، وهذه المطالبة ولا ريب من شأنها وقد تمت قبل اكتمال ثلاث سنوات سواء من تاريخ الصرف الحاصل في 3 من إبريل سنة 1953 أو من تاريخ مناقضة ديوان المحاسبة المؤرخة 15 من إبريل سنة 1953، أن تقطع التقادم المسقط المنصوص عليه في صدر المادة 187 من القانون المدني - لو صح تطبيقها - وهي التي تقضي بسقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع بحقه في الاسترداد، ذلك أنه ولئن كان مفاد النصوص المدنية (المادة 383 من القانون المدني) أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها، إلا أن مقتضيات النظام الإداري، وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة، قد مالت بفقه القضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الإدارة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرئاسي الذي تقوم عليه، ومؤدى هذه القاعدة أن يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم، الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه وطالباً أداءه. وغني عن البيان أن إعمال هذه القاعدة التيسيرية، للمبررات التي أملتها، أولى وأوجب، في مجال تقادم حقوق الإدارة قبل موظفيها، ولا سيما بعد إذ خولت هذه الأخيرة، تحقيقاً للغاية ذاتها، بالقانون رقم 324 لسنة 1956 بتعديل الفقرة الأولى من القانون رقم 111 لسنة 1951 في شأن عدم توقيع الحجز على مرتبات الموظفين والمستخدمين أو معاشاتهم أو مكافآتهم أو حوالتها إلا في أحوال خاصة، رخصة استرداد ما صرف إلى موظفيها بغير حق وذلك عن طريق الخصم إدارياً من مرتباتهم في حدود معينة وبغير حاجة إلى سلوك الطريق القضائي أو استصدار حكم بالمديونية.
ومن حيث إنه متى استقام في مجال الروابط الإدارية، على النحو السالف بيانه، قياس المطالبة الإدارية على المطالبة القضائية من ناحية اعتبارها سبباً قاطعاً للتقادم المسقط، فإنه يكون صحيحاً ومطابقاً للقانون، ما قامت به الجهة الإدارية، من استقطاع ربع معاش مورث المدعين شهرياً اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1956، وفاء لمبلغ 150 جنيهاً قيمة المكافأة التي قبضها بدون وجه حق والتي استمر الحق في استردادها قائماً ولم يتقادم بعد نفاذ القانون رقم 324 لسنة 1956 سالف الذكر اعتباراً من 2 من سبتمبر سنة 1956.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون دعوى مورثي المدعين غير قائمة على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى على خلاف هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.