مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1055

(141)
جلسة 15 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 682 لسنة 13 القضائية

إدارة محلية - اختصاص المحافظ. اختصاص. تفويض. قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - نصه على أن يكون للمحافظ الاختصاصات الممنوحة في قوانين الدولة للوزراء ووكلاء الوزارات وله أن يفوض فيها بالنسبة إلى موظفي مجالس المدن والمجالس القروية بدائرة المحافظة رؤساء هذه المجالس - مؤداه قصر التفويض على رؤساء مجالس المدن والمجالس القروية دون غيرهم - أساس ذلك من أحكام القانون رقم 390 لسنة 1956 في شأن التفويض في الاختصاصات.
إن المادة 87 من قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 تنص على أن يكون للمحافظ الاختصاصات الممنوحة في قوانين الدولة للوزراء ووكلاء الوزارات وله أن يفوض فيها بالنسبة إلى موظفي مجالس المدن والمجالس القروية بدائرة المحافظة رؤساء هذه المجالس وواضح من هذا النص أنه وإن كان قد خول المحافظ اختصاصات الوزير ووكيل الوزارة إلا أنه لم يرخص له في أن يفوض فيها إلا رؤساء مجالس المدن والمجالس القروية بالنسبة إلى موظفي هذه المجالس ومن ثم فإنه طبقاً للنص يقتصر التفويض على هذه الصورة وحدها ويمتنع لغير هؤلاء الرؤساء. ولا صحة في القول بأن هذا النص لا يمنع المحافظ استناداً إلى القانون رقم 390 لسنة 1956 في شأن التفويض في الاختصاصات من أن يفوض في اختصاصاته غير هؤلاء الرؤساء ذلك أنه فضلاً عن أن هذا القانون ينتظم أحكام التفويض في الإدارة المركزية مما يمتنع معه استعارتها في نطاق السلطات المحلية دون نص صريح بذلك لاختلاف النظامين في الأسس والمقتضيات، فإنه غني عن البيان أن أحكام التفويض بالاختصاصات ذات طابع استثنائي تخضع لقاعدة التفسير الضيق وعلى ذلك فإنه إذ كان قانون التفويض في الاختصاصات قد أعطى الوزراء ووكلاء الوزارات سلطات معينة في التفويض بالاختصاصات فإنه يتعين أن تقتصر هذه السلطات على الوزراء ووكلاء الوزارات بوزاراتهم دون غيرهم من أعضاء الإدارة المركزية أو أعضاء الإدارة المحلية المعهود إليهم باختصاصات الوزراء ووكلاء الوزارات لأن هؤلاء الأعضاء وأن استصحبوا في مراكزهم اختصاصات الوزراء ووكلاء الوزارات إلا أنه لا يجوز لهم استعمال سلطة التفويض فيما عهد إليهم من اختصاصات بغير نص صريح بذلك إذ أن الاختصاص واجب يلزم صاحبه أن يمارسه بنفسه وليس بغيره أو حقاً يسوغ له أن يعهد به إلى سواه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى الراهنة طالباً إلغاء القرار رقم 860 لسنة 1961 الصادر من السيد وكيل وزارة الإسكان والمرافق بخصم يومين من راتبه، والقرارات 658، 672، 731، 738، 739 لسنة 1962 الصادرة من السيد السكرتير العام لمحافظة القاهرة بمجازاته بعقوبة الخصم من ماهيته وبجلسة 22/ 2/ 1967 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار رقم 860 لسنة 1961 لرفعها بعد الميعاد وبإلغاء باقي القرارات المطعون فيها وهي القرارات 658، 672، 637، 738، 739 لسنة 1962 الصادرة من السيد السكرتير العام لمحافظة القاهرة وألزمت كل من طرفي الخصومة بالمصروفات المناسبة، وأقامت المحكمة قضاءها بإلغاء القرارات المذكورة على أنه لا اختصاص للسكرتير العام للمحافظة في مجازاة موظفيها سواء بصفة أصلية لافتقار هذا إلى نص في القانون أو عن طريق تفويض المحافظ له في اختصاصاته في هذا المجال لعدم وجود نص في القانون بأن للسيد المحافظ حق في تفويضه في ذلك، ومن ثم تكون هذه القرارات قد صدرت مشوبة بعيب عدم الاختصاص الذي ينحدر إلى حد غصب السلطة. وقد طعنت المحافظة في هذا الشق من الحكم وأقامت طعنها على أن السكرتير العام للمحافظة هو الرئيس الإداري الأعلى لجهاز الموظفين الإداريين بها وهو بهذه الصفة يعتبر رئيس المصلحة بالنسبة إليهم ويملك تبعاً لهذا سلطة توقيع الجزاءات عليهم طبقاً لنص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة وفي مذكرة تقدمت بها المحافظة خلال فترة حجز الطعن للحكم أضافت أن المادة 87 من القانون رقم 124 لسنة 1960 وإن أجازت للمحافظ فقط أن يفوض في اختصاصاته رؤساء مجالس المدن والمجالس القروية فيما لا يجاوز سلطة رئيس المصلحة إلا أن هذا لا يعني أن المحافظ لا يملك تفويض غير هؤلاء في هذه الاختصاصات ذلك أن التفويض في الاختصاصات يحكمه أصلاً القانون رقم 390 لسنة 1956 معدلاً بالقانون 127 لسنة 1957 والذي أجاز في المادة 2 منه للوزير أن يعهد ببعض الاختصاصات المخولة له إلى وكيل الوزارة أو الوكلاء المساعدين وفي المادة 3 منه أن يعهد ببعض الاختصاصات المخولة لوكيل الوزارة بموجب القوانين إلى الوكلاء المساعدين ورؤساء المصالح ومن ثم يكون للمحافظ الذي له اختصاصات الوزير في دائرة محافظته استناداً إلى القانون رقم 390 لسنة 1956 المشار إليه أن يفوض من هم في حكم وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين ورؤساء المصالح في بعض الاختصاصات بالشروط والأوضاع المقررة بهذا القانون.
ومن حيث إن المادة 87 من قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 تنص على أن يكون للمحافظ الاختصاصات الممنوحة في قوانين الدولة للوزراء ووكلاء الوزارات وله أن يفوض فيها بالنسبة إلى موظفي مجالس المدن والمجالس القروية بدائرة المحافظة رؤساء هذه المجالس وواضح من هذا النص أنه وإن كان قد خول المحافظ اختصاصات الوزير ووكيل الوزارة إلا أنه لم يرخص له أن يفوض فيها إلا رؤساء مجالس المدن والمجالس القروية بالنسبة إلى موظفي هذه المجالس ومن ثم فإنه طبقاً للنص يقتصر التفويض على هذه الصورة وحدها ويمتنع لغير هؤلاء الرؤساء.
ومن حيث إنه لا صحة في القول بأن هذا النص لا يمنع المحافظ استناداً إلى القانون رقم 390 لسنة 1956 في شأن التفويض في الاختصاصات من أن يفوض في اختصاصاته غير هؤلاء الرؤساء ذلك أنه فضلاً عن أن هذا القانون ينتظم أحكام التفويض في الإدارة المركزية مما يمتنع معه استعارتها في السلطات المحلية دون نص صريح بذلك لاختلاف النظامين في الأسس والمقتضيات، فإنه غني عن البيان أن أحكام التفويض بالاختصاصات ذات طابع استثنائي تخضع لقاعدة التفسير الضيق وعلى ذلك فإنه إذا كان قانون التفويض في الاختصاصات قد أعطى الوزراء ووكلاء الوزارات سلطات معينة في التفويض بالاختصاصات فإنه يتعين أن تقتصر هذه السلطات على الوزراء ووكلاء الوزارات بوزاراتهم دون غيرهم من أعضاء الإدارة المركزية أو أعضاء الإدارة المحلية المعهود إليهم باختصاصات الوزراء ووكلاء الوزارات لأن هؤلاء الأعضاء وإن استصحبوا في مراكزهم اختصاصات الوزراء ووكلاء الوزارات إلا أنه لا يجوز لهم استعمال سلطة التفويض فيما عهد إليهم من اختصاصات بغير نص صريح بذلك إذ أن الاختصاص واجب يلزم صاحبه أن يمارسه بنفسه وليس بغيره أو حقاً يسوغ له أن يعهد به إلى سواه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ذلك فإنه إذا كانت المادة 87 من قانون الإدارة المحلية التي خولت المحافظ اختصاص الوزير ووكيل الوزارة قد حددت بما سلف البيان من يجوز له تفويضه بهذا الاختصاص فإنها بذلك تكون قد أفصحت عن المجال الذي يحق له أن يفوض في نطاقه وبالتالي لا يجوز له أن يتعدى هذا النطاق فيفوض غير من بينتهم هذه المادة بياناً مانعاً، ومن ثم لم يكن من الجائز أن يفوض سكرتير عام المحافظة في هذه الاختصاصات، وإذ كان ذلك تكون القرارات المطعون فيها وهي صادرة من السيد سكرتير عام المحافظة قد صدرت والحالة هذه ممن لا يملك أصلاً أو بطريق التفويض سلطة التقرير بتوقيع الجزاءات على موظفي المحافظة مما يتعين معه إجابة المدعي إلى طلب إلغائها وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك يكون قد أصاب الحق في قضائه ويتعين رفض الطعن عليه وإلزام المحافظة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.