مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1059

(142)
جلسة 22 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بهجت عتيبة. المستشارين.

القضية رقم 449 لسنة 9 والقضية رقم 450 لسنة 9 القضائية

( أ ) اختصاص "اختصاص القضاء الإداري". قرار إداري. القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة - نصه على أن تعد المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية كشوفاً من واقع عملية حصر العقارات التي تقرر لزومها للمصلحة العامة يبين فيها العقارات والمنشآت التي تم حصرها ومواقعها وأسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها والتعويضات التي تقدر لهم - اختصاص القضاء الإداري بنظر الطعن في القرار الصادر من مصلحة المساحة بعدم قبول اعتراض أصحاب الشأن على البيانات الواردة في كشوف الحصر بالنسبة للأطيان التي يضعون اليد عليها - اختصاصه بنظر طلب التعويض عن هذا القرار.
(ب) تعويض "مسئولية الإدارة على أساس تبعة المخاطر". إن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية رهين بأن يكون القرار معيباً وإن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذي أصاب الفرد - لا تقوم المسئولية الحكومية كأصل عام على أساس تبعة المخاطر التي بمقتضاها تقوم المسئولية على ركنين هما الضرر وعلاقة السببية بين نشاط الإدارة وبين الضرر.
1 - إنه بالنسبة لاختصاص القضاء الإداري بالفصل في طلب التعويض عن القرار الصادر من مصلحة المساحة بعدم قبول اعتراض المطعون ضدهم على البيانات الواردة بكشوف الحصر بالنسبة للأطيان التي يضعون اليد عليها، فقد نصت المادة 5 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين على أن يكون حصر العقارات والمنشآت التي تقرر لزومها للمصلحة العامة بواسطة لجنة مؤلفة من مندوب عن المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية ومن أحد رجال الإدارة المحليين ومن الصراف، وتنص المادة 6 من القانون المذكور على أن تعد المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية كشوفاً من واقع عملية الحصر سالفة الذكر تبين فيها العقارات والمنشآت التي تم حصرها ومساحتها ومواقعها وأسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها ومحال إقامتهم والتعويضات التي تقدر لهم وتعرض هذه الكشوف ومعها خرائط تبين مواقع هذه الممتلكات في المقر الرئيسي للمصلحة وفي المكتب التابع لها بعاصمة المديرية أو المحافظة وفي مقر العمدة أو مقر البوليس لمدة شهر ويخطر الملاك وأصحاب الشأن بهذا العرض بخطاب موصى عليه بعلم الوصول..، وتنص المادة 7 على أن لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إنهاء مدة عرض الكشوف والمنصوص عليها في المادة السابقة الاعتراض على البيانات الواردة بها وتقدم الاعتراضات المذكورة إلى المقر الرئيسي للمصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو إلى المكتب التابع لها بعاصمة المديرية أو المحافظة الكائن في دائرتها العقارات وإذا كان الاعتراض متعلقاً بحق على العين الواردة في الكشوف المقدمة الذكر وجب أن يرفق به كافة المستندات المؤيدة له وتاريخ شهر الحقوق المقدم بشأنها الاعتراض وأرقامها أما إذا كان الاعتراض منصباً على التعويض وجب أن يرفق به إذن بريد يساوي 2% من قيمة الزيادة محل الاعتراض بحيث لا يقل هذا المبلغ عن 50 قرشاً ولا يجاوز عشرة جنيهات ويعتبر الاعتراض كأن لم يكن إذا لم يرفق به هذا الرسم كاملاً، وفي جميع الأحوال يجب أن يشتمل الاعتراض العنوان الذي يعلن فيه صاحب الشأن، ونص القانون في المادة 12 على أن ترسل المصلحة ما يقدم إليها من اعتراضات خاصة بالتعويضات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انقضاء المدة المحددة لتقديمها إلى رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات ليحيلها بدوره في ظرف ثلاثة أيام إلى القاضي الذي يندبه لرئاسة لجنة الفصل في هذه المعارضات وعلى أن يقوم قلم الكتاب بإخطار المصلحة وجميع أصحاب الشأن بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بالتاريخ المحدد لنظر المعارضات فجعلت رئاستها لقاضي يندبه رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات وعضويتها لاثنين من الموظفين الفنيين أحدهما من مصلحة المساحة والثاني عن المصلحة نازعة الملكية على أن تفصل اللجنة في المعارضات خلال شهر من تاريخ ورودها إليها. ونص في المادة 14 على حق المصلحة وذوي الشأن في الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور وتنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها فيه نهائياً.
ويبين من ذلك أن القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أنشأ لجنة إدارية ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية وذوي الشأن عن التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية وجعل الطعن في قرارات هذه اللجنة أمام المحكمة الابتدائية وولاية المحكمة في هذه الحالة مقصورة على النظر في هذه الطعون، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطعون المتعلقة بالتعويض التي تنظرها المحكمة الابتدائية بنص خاص، أما ما تتخذه المصلحة القائمة على إجراءات نزع الملكية في مجال نزع الملكية وفي غير نطاق تقدير التعويض من تصرفات تتمخض عن قرارات إدارية مستكملة لأركانها فإن طلب التعويض عنها يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري إذا صدرت معيبة بأحد العيوب المنصوص عليها في المادة 8 من قانون مجلس الدولة.
وما صدر من تفتيش مساحة بنها من عدم قبول اعتراض المدعين على البيانات الواردة بالكشوف التي أعدتها المصلحة من واقع عملية الحصر هو إنكار صفتهم كأصحاب شأن يجوز لهم التقدم بالاعتراضات طبقاً للمادة 7 من القانون رقم 577 لسنة 1954 وهذا التصرف الإداري يتمخض عن قرار إداري من جهة كونه إفصاحاً عن إرادة الجهة الإدارية الملزمة بناء على سلطاتها العامة المخولة لها بمقتضى القانون بقصد إحداث مركز قانوني بالنسبة للمطعون عليهم وهو قرار لا ينصب على منازعة في تقدير التعويض الذي جعل القانون نهايته إلى المحكمة الابتدائية المختصة ومن ثم يختص القضاء الإداري بالفصل في طلب التعويض عن هذا القرار طالما أن الدعوى كيفت على أساس أن القرار آنف الذكر صدر مخالفاً للقانون.
2 - إن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية رهينة بأن يكون القرار معيباً وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذي أصاب الفرد فإذا كان القرار الإداري سليماً مطابقاً للقانون فلا تسأل الإدارة عن نتيجته مهما بلغت جسامة الضرر الذي يلحق الفرد من تنفيذه، إذ لا تقوم مسئولية الحكومة كأصل عام على أساس تبعة المخاطر التي بمقتضاها تقوم المسئولية على ركنين هما الضرر وعلاقة السببية بين نشاط الإدارة وبين الضرر ذلك أن نصوص قانون مجلس الدولة قاطعة في الدلالة على أنها عالجت المسئولية على أساس قيام الخطأ فحددت أوجه الخطأ في القرار الإداري بأن يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن السيد/ عبد دخيل دخيل الله أقام الدعوى رقم 460 لسنة 12 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السادة رئيس مجلس الوزراء بصفته الرئيس الأعلى للجنة الطاقة الذرية ووزير الأشغال بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة المساحة ووزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأملاك بصحيفة أودعت سكرتيرية تلك المحكمة في 28 من يناير سنة 1958 طالباً الحكم على المدعى عليه الأول بصفته في مواجهة المدعى عليهما الثاني والثالث بإلزامه بأن يدفع للمدعي مبلغ 4602 ج و81 م أربعة آلاف وستمائة واثنين من الجنيهات وواحد وثمانون مليماً مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً للدعوى إنه صدر قرار وزاري بتخصيص أرض لإنشاء المعمل الذري بناحية أبو زعبل مركز الخانكة ونزع ملكية هذه الأرض للمنافع العامة ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 87 بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1956 وقامت مصلحة المساحة تطبيقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 577 لسنة 1954 بحصر العقارات والمنشآت التي تقرر لزومها للمنفعة العامة لتنفيذ هذا المشروع في كشوف الحصر وقالت إن المدعي يملك القطعة رقم 146 بحوض خارج الزمام بالجبل الشرقي ومساحتها 3 أفدنة بموجب عقد مسجل كما أنه يضع يده على ثلاث قطع أرقام 146، 148، 150 تدخل في ملكية مصلحة الأملاك مساحة القطعة الأولى 2 فدان و8 قيراط ومساحة الثانية 7 أفدنة و18 قيراط ومساحة الثالثة 5 أفدنة و6 قراريط و4 أسهم فيكون مجموع هذه القطع 15 فدان و8 قراريط و4 أسهم وأن لجنة الحصر قدرت ثمناً للفدان الواحد مبلغ 200 جنيه سواء في ذلك الأطيان التي يملكها المدعي أو تلك التي يضع اليد عليها والداخلة في المشروع الذي نزعت من أجله ملكية هذه الأطيان مع أطيان أخرى مجاورة لها ولما كان هذا التقدير مجحفاً بحقه وحقوق الملاك وواضعي اليد على باقي الأجزاء الداخلة في المشروع لأنهم قاموا باستصلاح الأطيان المنزوعة ملكيتها سواء في ذلك الأطيان المملوكة لهم أو الأطيان التي يضعون اليد عليها حيث كانت بركاً ومستنقعات وكثباناً من الرمال قاموا بتمهيدها وإعدادها للزراعة وحفروا الآبار وجلبوا الآلات اللازمة للزراعة وأقاموا عدة منشآت من منازل للزراع وحظائر للمواشي ومبان لآلات الري وقد بلغت تكاليف ردم الفدان الواحد ما يقرب من 250 بخلاف ثمنه وبخلاف ما يخصه من المنشآت التي أقاموها، لذلك تآزر المدعي مع باقي الملاك وواضعي اليد على الأطيان التي نزعت ملكيتها لتنفيذ المشروع ورفعوا الدعوى رقم 114 لسنة 1957 مدني مستعجل الخانكة طالبين ندب خبير زراعي لمعاينة الأطيان التي نزعت ملكيتها سواء في ذلك الأطيان الملك أو الأطيان وضع اليد وإثبات حالتها وتقدير أثمانها وتقدير ما أنفق في سبيل إصلاحها وتقدير المنشآت التي أقاموها من مبان وآلات وآبار وخلافه، وقضت محكمة الخانكة الجزئية بجلسة 12 من مايو سنة 1957 بندب مكتب الخبراء الحكومي ببنها ليعهد إلى أحد الخبراء الزراعيين للانتقال إلى الأرض مثار النزاع ومعاينتها وبيان تكاليف إصلاح هذه الأرض وثمنها وبيان ما بها من زراعة أو مبان مقامة عليها وقد عهد مكتب الخبراء الحكومي ببنها إلى أحد خبرائه الزراعيين بأداء هذه المأمورية فباشرها وقدم تقريراً في 24 من يوليه سنة 1957 ضمنه أن المدعي يملك في الأطيان موضوع النزاع 3 أفدنة ويضع يده على مساحة 15 فدان و8 قراريط و4 أسهم وقدر ثمن الفدان من الأطيان المملوكة له بمبلغ 400 جنيه كما قدر الخبير تعويضاً للمدعي قدره 300 جنيه عن الفدان الواحد من الأطيان التي يضع اليد عليها المملوكة للحكومة وانتهى الخبير في تقريره إلى أن ثمن الأرض المملوكة للمدعي 3 فدان × 400 ج = 1200 جنيه وإلى أن التعويض الذي يستحقه عن الأطيان التي يضع اليد عليها 15 فدان و8 قراريط و4 أسهم × 300 ج = 4602 جنيه و81 مليم.
واستطرد المدعي يقول في صحيفة دعواه إن تفتيش مساحة بنها لم يقبل اعتراضه على تقدير لجنة الحصر إلا فيما يختص بالأطيان التي يملكها فحسب ذاهباً إلى أن القانون رقم 577 لسنة 1954 قد حدد ذوي الشأن أصحاب حق الاعتراض بأنهم الملاك وأصحاب الحقوق المشهر عنها دون غيرهم. وأنه أصابه ضرر جسيم من نزع ملكية الأطيان ووضع يده قدره الخبير المنتدب في الدعوى رقم 114 لسنة 1957 مدني مستعجل الخانكة بمبلغ 4602 جنيه و81 مليم وأن محكمة القضاء الإداري هي المختصة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية النهائية طبقاً لنص المادتين 7 و9 من القانون رقم 1965 لسنة 1955 الخاص بتنظيم مجلس الدولة وأنه لذلك يطلب الحكم له بالتعويض الذي قدره الخبير آنف الذكر.
وبصحيفة أودعت محكمة القضاء الإداري في 28 من يناير سنة 1958 أقام السيدان حسين عيد سليمان ومحمد عيد سليمان الدعوى رقم 461 لسنة 12 القضائية ضد السادة رئيس مجلس الوزراء بصفته الرئيس الأعلى للجنة الطاقة الذرية ووزير الأشغال بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة المساحة ووزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأملاك وطلبا الحكم بإلزام المدعى عليه الأول بصفته في مواجهة المدعى عليهما الثاني والثالث بأن يدفع للمدعين مبلغ 5640 جنيه و417 مليم والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبياناً للدعوى أشارا في صحيفتها إلى صدور قرار وزاري بتخصيص أرض لإنشاء المعمل الذري وإلى أن كشوف الحصر التي أعدتها مصلحة المساحة طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 577 لسنة 1954 أظهرت أنهما يملكان مساحة قدرها 9 أفدنة و12 قيراط ويضعان يدهما على مساحة قدرها 18 فدان و4 قراريط و20 سهم مملوكة لمصلحة الأملاك وأن لجنة الحصر قدرت مبلغ 150 ج ثمناً للفدان سواء في ذلك الأطيان التي يضعان اليد عليها وأنها أقاما باقي الملاك وواضعي اليد على الأطيان التي نزعت ملكيتها الدعوى رقم 114 لسنة 1957 مدني مستعجل الخانكة طالبين ندب خبير زراعي لمعاينة الأطيان التي نزعت ملكيتها وإثبات حالتها وتقدير ثمنها وما أنفق في سبيل إصلاحها والمنشآت التي أقيمت عليها وقضت محكمة الخانكة الجزئية في 13 من مايو سنة 1957 بندب مكتب الخبراء ببنها ليعهد إلى أحد خبرائه الزراعيين للانتقال إلى الأرض مثار النزاع ومعاينتها وتقدير ثمنها وتكاليف إصلاحها وقيمة ما بها من منشآت وقد باشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً أثبت به أن المدعيين يملكان في الأطيان موضوع النزاع 9 أفدنة و12 قيراط ويضعان يدهما على مساحة قدرها 18 فدان و4 قراريط و20 سهم وقدر الخبير ثمن الفدان من الأطيان المملوكة بمبلغ 400 جنيهاً كما قدر تعويضاً لهما قدره 300 جنيهاً عن كل فدان من الأرض المملوكة للحكومة والتي يضعان اليد عليها وبذلك يكون جملة التعويض المستحق لهما عن الأطيان التي يضعان اليد عليها مبلغ 5460 ج و412 م (18 فدان و4 قراريط و20 سهم × 300 جنيه) وأضاف المدعيان أن تفتيش المساحة ببنها لم يقبل اعتراضه على تقدير لجنة الحصر إلا بالنسبة للأطيان المملوكة لهما بحجة أن القانون رقم 577 لسنة 1954 حدد أصحاب حق الاعتراض بأنهم الملاك وأصحاب الحقوق المشهرة فحسب لذلك فإنهما أقاما هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري المختصة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية النهائية بطلب الحكم بالتعويض المستحق.
وبصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 26 من ديسمبر 1961 قام المدعون بتصحيح شكل الدعويين رقمي 460 و461 لسنة 12 القضائية وذلك بتوجيههما إلى السيد وزير البحث العلمي بصفته الرئيس الأعلى للجنة الطاقة الذرية والسيد وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأملاك.
وردت الحكومة على كل دعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى استناداً إلى أن المدعيين يطلبون التعويض عن القرار الصادر من تفتيش مساحة بنها بعدم قبول اعتراضهم في حين أن هذا القرار صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون ولم يشبه عيب من العيوب التي نصت عليها الفقرة الثامنة من المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 وجعلتها أساساً للمطالبة بالتعويض عن القرارات الإدارية ذلك أن المادة السابعة من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تقضي بأن لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف المنصوص عليها في المادة السابقة الاعتراض على البيانات وتقدم الاعتراضات المذكورة إلى المقر الرئيسي للمصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو إلى المكتب التابع لها بعاصمة المديرية أو المحافظة الكائنة في دائرتها العقارات وإذا كان الاعتراض متعلقاً بحق على العين الواردة في الكشوف المتقدمة الذكر وجب أن يرفق به كافة المستندات المؤيدة له وتاريخ شهر الحقوق المقدم بشأنها الاعتراض وأرقامها... ويبين من هذا النص أن القانون حدد الأشخاص الذين يحق لهم المعارضة في البيانات الواردة في كشوف الحصر بأنهم الملاك وأصحاب الحقوق العينية المشهرة دون غيرهم فهؤلاء فقط دون غيرهم هم الذين يجوز لهم الاعتراض على ما يرد في هذه الكشوف من بيانات تتعلق بمساحة العقارات أو ملكيتها أو أصحاب الحقوق فيها أو تقدير التعويض عنها أما الملاك فقد ورد النص بشأنهم صريحاً وأما أصحاب الحقوق فإنه يجب أن تكون حقوقهم مشهرة بدليل أن النص استلزم إرفاق مستندات الشهر بطلب المعارضة وعلى ذلك لا تقبل المعارضة من شخص ليس مالكاً للعقار وأن وضع يدهم على الأطيان المملوكة لمصلحة المناجم والمحاجر ومصلحة الأملاك لا يجعلهم من ذوي الشأن وأصحاب الحقوق الذين نصت عليهم المادة السابعة من القانون. وبذلك يكون قرار رئيس تفتيش المساحة بعدم قبول معارضة المدعين قراراً صحيحاً صدر بالمطابقة لقانون نزع الملكية وتكون محكمة القضاء الإداري غير مختصة بنظر الدعوى بالتعويض عنه. وأضافت الحكومة في مذكرتها أنه كان يجدر بالمدعين أن يقوموا بإزالة ما أقاموه من مبان ومنشآت على نفقتهم أو أن يرفعوا دعوى بالتعويض عنها أو عما قاموا به من إصلاح أمام المحكمة المدنية المختصة وانتهت الحكومة من مذكرتها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام المدعين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى ضمنته أن حرمان المدعين من حقوقهم تم نتيجة لصدور قرار إداري من السلطة العامة المختصة مما يجعل الاختصاص في نظر طلبات التعويض عنه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره ولا يقدح في هذا النظر ما تقوله الحكومة من أن قرار تفتيش المساحة ببنها بعدم قبول معارضة المدعي قرار صحيح لمطابقته لقانون نزع الملكية لأنه إن كان عدم القبول صحيحاً في نطاق القانون المذكور فهو ليس صحيحاً في نطاق المبادئ العامة للتعويض عن القرارات الإدارية وإذا كان طريق المعارضة وإجراءاتها كما وصفها القانون رقم 577 لسنة 1954 مغلقاً في وجه المدعين فإنه يجب بحث تظلمهما على أساس أنه منازعة في مقدار التعويض عن الأضرار التي أصابهم بها القرار الإداري وهذه المنازعة تخرج نظرها عن اختصاص المحكمة المدنية وتختص بها محكمة القضاء الإداري دون غيرها. وأن تقدير التعويض يستلزم الرجوع إلى أهل الخبرة لتحديد مساحة الأرض التي يضع المدعون اليد عليها وبيان الأعمال التي أجريت في الأرض والمنشآت التي أقيمت عليها وقيمة ذلك وانتهت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها إلى أنها ترى الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص وقبل الفصل في الموضوع ندب خبير للقيام بالمأمورية المشار إليها.
وعقبت الحكومة على تقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ضمنتها أن السيد وزير التربية والتعليم أصدر قرارين الأول القرار رقم 1 لسنة 1956 الصادر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1956 استناداً إلى نصوص القانون رقم 577 لسنة 1954 والذي قضى بنزع ملكية الأرض اللازمة لإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية للمنفعة العامة والقرار الثاني هو القرار رقم 2 لسنة 1956 الصادر بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1956 وأن صحيفة الدعوى لم توضح الأساس القانوني لطلب الحكم بالتعويض فإذا كانت الدعوى دعوى تعويض عن القرار الإداري الذي أصدره تفتيش المساحة فإن هذا القرار صدر سليماً غير مشوب بعيب يخول الحق في التعويض وأما ما ذهب إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة من أن قرار تفتيش المساحة ببنها بعدم قبول المعارضة قرار صحيح لمطابقته لقانون نزع الملكية إلا أنه لا يعتبر صحيحاً في نطاق المبادئ العامة للتعويض عن القرارات الإدارية فهو قول غير سليم، وأما إذا كان طلب التعويض يستند إلى أنه مقابل ما أنفقه المدعون في إصلاح الأرض التي نزعت ملكيتها فإن نظر هذا الطلب مما يخرج عن اختصاص القضاء الإداري، وإذا كان طلب التعويض يقوم على أساس أنه مقابل المنشآت المقامة على الأرض التي نزعت ملكيتها فإن قرار نزع الملكية اقتصر على نزع ملكية الأرض فقط دون أن يتجاوز ذلك إلى ما أقيم عليها من منشآت وكان في مكنة المدعيين إزالة ما أقاموه على الأرض من منشآت بعد صدور القرار الخاص بنزع الملكية، وأما إذا كان التعويض عن قرار الاستيلاء فإن المسلم به أن لوزير التربية والتعليم أن يصدر القرارات اللازمة للاستيلاء على العقارات اللازمة لهذه الوزارة طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الذي نص على إجراءات يتعين اتباعها عند التظلم من تقدير التعويض على الأشياء التي يتم الاستيلاء عليها. وقد نص المرسوم بقانون المذكور على أن تقدير ثمن الأشياء المستولى عليها يتم أصلاً بالاتفاق بين مالكها والجهة الإدارية التي تم الاستيلاء لصالحها فإذا لم يوجد هذا الاتفاق عرض الأمر على لجنة التقدير وجعل المشرع الطعن في قراراتها أمام المحاكم الابتدائية استثناء من أحكام قانون مجلس الدولة.
وعقب المدعون على دفاع الحكومة بمذكرتين الأولى قدمت بجلسة 8 من مايو سنة 1960 والثانية بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1961، وقد تضمنت المذكرة الأولى أن سياسة الدولة في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى الآن هي إصلاح الأراضي البور والصحراوية عن طريق تشجيع الأهالي بإصلاحها عن طريق زراعتها والإنفاق عليها وفي مقابل ذلك يتملك الأهالي ما يستصلحونه من أرض ملكية تامة ولقد أصدرت الدولة التشريعات المتوالية المسلمة لهذا الحق والمنظمة لاستعماله ومن أوائل هذه التشريعات القانون الأهلي الملغي الذي نص في المادة 75 منه على أن كل من يزرع أرضاً من الأراضي البور المملوكة للحكومة أو يبنى عليها أو يغرس فيها غراساً يصير مالكاً لتلك الأرض ملكاً تاماً غير أن حقه في الملكية يسقط بعدم الاستعمال مدى خمس سنوات في ظرف الخمسة عشرة سنة التالية لوضع اليد بل إن الدولة - في سبيل تشجيع الأهالي على استصلاح الأراضي والإنفاق عليها - رأت أن تمكن الأهالي من تملك الأراضي التي يزرعونها أو يغرسون فيها أشجاراً وذلك في الحالات التي قد لا تتوافر فيها شروط المادة 75 من القانون المدني الأهلي وذلك عن طريق بيع هذه الأرض إليهم بالممارسة وعلى هذا الأساس صدرت لائحة بيع الأملاك الأميرية عام 1902 وحددت المادة الثانية منها الأراضي التي يمكن أن تباع بالممارسة وقد أباح قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من يناير سنة 1934 بيع القطع الصغيرة بالممارسة لمستأجريها إذا كانوا قد استمروا مستأجرين لها بعقود لمدة ست سنوات متوالية ثم توسع مجلس الوزراء في تطبيق هذه القاعدة في 24 من نوفمبر سنة 1943 حيث قرر تطبيقها على واضعي اليد على أرض الحكومة بدون عقود بشرط أن يثبت أن واضع اليد كان واضعاً اليد خفية لمدة خمس سنوات منها ثلاث سنوات بعقود ووسع مجلس الوزراء مرة ثالثة في القاعدة السابقة بتاريخ 23 من يناير سنة 1946 حيث قرر بيع هذه الأراضي بالممارسة لمن كان يزرعها خفية لمدة ست سنوات ولم يكن تحت يده عقد ثم قرر مجلس الوزراء أخيراً في 19 من يناير سنة 1947 الموافقة على بيع هذه الأرض.. بالممارسة للمستأجرين حتى ولو لم يستوفوا المدة القانونية المنصوص عليها ما داموا من طبقة صغار الزراع وجاء في المذكرة التي صدق عليها مجلس الوزراء أن هناك فريقاً من المستأجرين لمساحات صغيرة بالشراء بالممارسة ويخشى أن الكثير منهم قد يحجم عن الإقدام على صرف مبالغ كبيرة في الإصلاح ما لم يطمئن إلى ملكيته في الحال وقد تقوم أمام شرائهم لهذه الأرض فضلاً عن استكمالهم للمدة المقررة موانع مما قد لا يشجعهم على الإقدام على إصلاح الأرض الأمر الذي قد يستنفذ منهم نفقات كبيرة واستطردت المذكرة تقول إنه يخلص من ذلك أن الدولة شجعت الأهالي على وضع أيديهم على أرضها البور بقصد استصلاحها وفي مقابل ذلك تقوم الدولة بتمليكهم إياها وأن الدولة معترفة بأن وضع يد الأفراد على هذه الأرض إنما هو بإذنها وبإجازتها وتشجيعها وأنهم ينفقون على الأرض في سبيل استصلاحها وأن خير تعويض لهؤلاء الأفراد تمليكهم الأرض ولذلك فإن للمدعين بمقتضى قرارات مجلس الوزراء المتعاقبة حقوق على الأرض المؤجرة وأصبحت لهم مراكز قانونية مستمدة من هذه القرارات وقام المدعون على أساس هذه المراكز القانونية المشروعة بالإنفاق على الأرض المستولى عليها وإصلاحها وإقامة منشآت متعددة عليها تمهيداً لشرائها طبقاً لأحكام تلك القرارات ثم حدث أن استولت الإدارة على هذه الأرض سواء المشتراة أو التي ما زالت مستأجرة حيث تقرر تخصيصها للمنفعة العامة ضمن ما خصص من الأراضي لمشروع مؤسسة الطاقة الذرية وذلك بموجب القرار رقم 1 لسنة 1959 الصادر من وزير التربية والتعليم في 10 من أكتوبر سنة 1956 لذلك فإن المدعين طالبوا الإدارة بالتعويض عن هذه الأرض. أما الأرض التي كان المدعون قد تملكوها بعد إصلاحها فقد حكم لهم بالتعويض عنها بحكم صادر من محكمة بنها الابتدائية على أساس قيمة الفدان 400 ج أما الأرض المؤجرة لهم فقد رفضت الإدارة دفع أي تعويض عنها على أساس أنها ليست ملكاً لهم طبقاً لأحكام التعويض المنصوص عليها في قانون نزع الملكية مما حملهم على رفع هاتين الدعويين موضحين استحقاقهم للتعويض عنها على أساس إهدار مراكزهم القانونية المستمدة من قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر وهذا التعويض سبق تقديره بواسطة خبير زراعي حكومي في دعوى إثبات الحالة التي رفعها المدعون أمام محكمة الخانكة الجزئية إذ قدر الخبير تعويضاً قدره 400 جنيهاً عن الفدان من الأرض المملوكة لهم و300 جنيهاً تعويضاً عن كل فدان من الأرض المؤجرة التي يضعون اليد عليها.
وحدد المدعون في مذكرتهم المقدمة بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1961 الأمرين الصادرين من وزير التربية والتعليم برقمي 1، 2 لسنة 1956 أساساً للتعويض فذكروا أن القرار الأول خصص للمنفعة العامة المنطقة المحددة بالمذكرة والرسم المرافقين به من بينها أرضهم وقد ترتب على ذلك من الناحية القانونية، حرمانهم من المراكز القانونية التي استمدوها من قرارات مجلس الوزراء والتي أجازت لهم إصلاح الأرض ثم تملكها تبعاً بعد ذلك، وأن القرار الثاني الذي قرر الاستيلاء على أرضهم ويستأجرونها هو القرار الذي رفع يدهم بالفعل في ممارسة حقوقهم على هذه الأرض وأنه لا جدال في أن كلا القرارين المذكورين تسبب في حرمان المدعين من مراكزهم القانونية المستمدة من قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر والتي شجعتهم على إصلاح الأرض لتملكها، فالقرار الأول قضى من الناحية القانونية على حقوقهم المستمدة من مراكزهم القانونية والقرار الثاني قضى من الناحية الفعلية على حقوقهم المذكورة. وأن العيب الذي يسنده المدعون إلى هذين القرارين هو أنهما أهدرا مراكزهم القانونية وما ترتب عليها من حقوق مستمدة من قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر فإن تلك القرارات أجازت لهم استئجار أرض بور لإصلاحها حتى إذ ما أصلحوها وحولوها إلى أرض طينية كان من حقهم تملكها نظير ما أدوا للبلاد من خدمة بزيادة رقعتها الزراعية المحدودة فالقراران المذكوران قد جاءا بالمخالفة لقرارات مجلس الوزراء التي استمد منها المدعون مراكزهم القانونية وبالتالي جاءت بالمخالفة للقانون بمعناه العام أي القوانين واللوائح المعمول بها والمراكز القانونية المستمدة من هذه القوانين واللوائح. ومخالفة القانون بمعناه الواسع في هذه الحالة لا يستتبع إلغاء القرارين المذكورين لأن تخصيص الأرض للمنفعة العامة والاستيلاء عليها هما حقان للإدارة ولكن هذا التخصيص وهذا الاستيلاء في الوقت ذاته هو إهدار مراكز قانونية استمدها المدعون من قرارات أصدرها مجلس الوزراء والتخصيص والاستيلاء في هذه الحالة جاءا مخالفين لهذه القرارات ومن هذه الزاوية جاءا مخالفين للقانون بمعناه الواسع وعلى هذا الأساس يستحق المدعون تعويضهم عن إهدار مراكزهم القانونية المستمدة من القانون بهذا المعنى الواسع وأضاف المدعون في مذكرتهم بأن قرار الإدارة بعدم استحقاقهم للتعويض لأنهم ليسوا من الملاك ولا من أصحاب الحقوق المشهرة المنصوص عليهم في المادة 7 من قانون نزع الملكية فلا أهمية له في هذه الدعوى إذ أن هذا النظر قد يستساغ إذا كان هذا النزاع مطروحاً أمام المحاكم المدنية لتفصل فيه طبقاً لأحكام قانون نزع الملكية وأنهم إنما يستندون في المطالبة بالتعويض لا إلى قانون نزع الملكية وإنما إلى قرارات مجلس الوزراء التي استمد منها المدعون مراكز قانونية أهدرها القراران الصادران بتخصيص أرضهما المستأجرة للمنفعة العامة ثم الاستيلاء عليها وأنه لا محل لما ذهبت إليه الإدارة من أنهم مغتصبون وأن عليهم إزالة المنشآت على نفقتهم إذ أنهم لم يغتصبوا الأرض بل استأجروها من الإدارة كما أن القرار الصادر بالاستيلاء نص على أن يكون الاستيلاء على الأرض بما عليها من منشآت، وأن ما ذهبت إليه الإدارة من أن تعويضهم عما أنفقوه في إصلاح الأرض يخرج عن اختصاص مجلس الدولة قد يكون مستساغاً لو استندت الدعوى على مجرد ما أنفق من مال على إصلاح الأرض إذ يكون التعويض في هذه الحالة مؤسساً على واقعة مادية لا تدخل في اختصاص مجلس الدولة إلا أن الدعوى وقد أقيمت على أساس إهدار القرارين رقم 1 ورقم 2 لسنة 1956 الصادرين من وزير التربية والتعليم لمراكز قانونية استمدها المدعون من قرارات أصدرها مجلس الوزراء فإن مجلس الدولة يكون مختصاً بنظر النزاع، وأنه لا محل للحديث عن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الذي يجيز لوزير التربية والتعليم الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارته ويعهد إلى لجنة إدارية بتقدير ثمن الأشياء المستولى عليها ويكون الطعن في قراراتها من اختصاص المحاكم المدنية ما دام أن كلاً من قراري وزير التربية والتعليم المشار إليهما قد استندا في ديباجتهما إلى قانون نزع الملكية لا إلى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
وعقبت الحكومة على تعقيب المدعين بأن الإدارة لا تسأل عن القرارات التي تصدر منها إلا في حالة وقوع خطأ من جانبها بأن تكون هذه القرارات غير مشروعة أي مشوبة بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة فإذا برأت القرارات من هذه العيوب كانت سليمة مطابقة للقانون فلا تسأل الإدارة عن نتائجها مهما بلغت جسامة الضرر المترتب عليها - وقد رأت لجنة الطاقة الذرية في سنة 1956 إنشاء مؤسسة تضم معاملها العلمية ورأت أن تختار لمقرها موقعاً متسع الرقعة بعيداً عن العمران فاختارت قطعة أرض على جسر ترعة الإسماعيلية يقع معظمها في منطقة صحراوية ويبلغ مسطحها 1399 فداناً على التقريب واستخدم السيد وزير التربية والتعليم بوصفه رئيساً للجنة الطاقة الذرية في ذلك الوقت الحق المخول له في المادة الثانية من القانون رقم 577 لسنة 1954 وأصدر القرار رقم 1 لسنة 1956 بتخصيص الأرض اللازمة للمشروع للمنفعة العامة كما استعمل الحق المخول له في المادة 16 من القانون المذكور في الاستيلاء على تلك الأرض بموجب القرار رقم 2 لسنة 1956 وبذلك فلا يجوز القول بأن قراري وزير التربية والتعليم المشار إليهما قد جاءا بالمخالفة للقانون بمعناه العام إذ هما يستمدان وجودهما من القانون، وما يزعمه المدعون من وجود حق لهم على جزء من الأرض المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة طبقاً للقرار الوزاري رقم 1 لسنة 1956 آنف الذكر باعتبارها من الأرض البور التي قاموا بإصلاحها وزراعتها فإن الادعاء باستئجار الأرض موضوع النزاع ادعاء غير صحيح ولا يسنده واقع أو قانون. وأما وضع يدهم على الأرض المملوكة للدولة فهو ما تنازعهم فيه الحكومة وتنكره عليهم وتترك أمر المجادلة فيه أمام المحكمة المختصة وانتهت الحكومة في مذكرتها إلى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 13 من يناير سنة 1963 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً واحداً في الدعويين رقمي 460 لسنة 12 القضائية و461 لسنة 12 القضائية قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وفي الموضوع بإلزام الوزارة المدعى عليها بأن تدفع إلى المدعي عبد دخيل دخيل الله مبلغ 2730 جنيهاً و208 مليماً وألزمت المدعى عليها بنصف المصروفات ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن الحكومة تستند في هذا الدفع إلى أن المادة السابعة من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قضت بأن الاعتراض على التقدير لا يقبل إلا من الملاك وأصحاب الحقوق المشهرة وأن وضع يد المدعين على الأرض وقيامهم باستغلالها وإقامة المباني والمنشآت عليها لا يكسبهم أي حق يخول لهم المعارضة طبقاً للقانون المذكور وإن كان وضع يدهم هذا يجعل لهم أولوية في شرائها وكان على المدعين إما أن يقوموا بإزالة ما أقاموه من منشآت على الأرض على نفقتهم أو أن يرفعوا الدعوى بالتعويض عن ذلك أمام المحكمة المدنية المختصة، وإن هذا القول من جانب الحكومة مردود بأن نص قانون نزع الملكية على أن يكون حق الاعتراض مقصوراً على الملاك وأصحاب الحقوق المشهرة لا يعني إغلاق السبيل على غير هؤلاء لمناقشة التعويض المستحق لهم مقابل الحقوق المستولى عليها، وإن قول الحكومة بأن المحكمة المدنية هي المختصة في البت في طلب التعويض مردود بأن حرمان المدعين من حقوقهم كان نتيجة صدور قرار إداري من السلطة العامة المختصة مما يجعل الاختصاص في نظر طلبات التعويض من اختصاص مجلس الدولة دون غيره ولا يقدح في هذا النظر قول الحكومة أن قرار تفتيش المساحة بينها بعدم قبول المعارضة من المدعين قرار صحيح لمطابقته لقانون نزع الملكية لأنه إذا كان هذا القول صحيحاً في نطاق القانون المذكور فإنه ليس صحيحاً في نطاق المبادئ العامة للتعويض عن القرارات الإدارية وإذا كان طريق المعارضة وإجراءاتها كما نص عليها القانون رقم 577 لسنة 1954 مغلقاً في وجه المدعين فإنه يجب بحث دعواهم على أساس أنها منازعة في مقدار التعويض عن الأضرار التي أصابتهم بالقرارين الإداريين الصادرين من وزير التربية والتعليم سالفى الذكر الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع بعدم الاختصاص ثم ناقشت المحكمة موضوع الدعوى فقالت إن المدعين يستحقون تعويضاً بسبب استيلاء الحكومة على الأطيان التي كانوا يضعون اليد عليها وأقاموا عليها منشآت لاستغلالها بعد أن قررت لزومها للمنفعة العامة وذلك بموجب قراري وزير التربية والتعليم المشار إليهما وقدرت المحكمة تعويضاً قدره 150 جنيهاً عن الفدان الواحد وضع يد المدعيين واستندت في هذا التقدير إلى أن جهة الإدارة قدرت قيمة التعويض المستحق عن كل فدان من الأطيان المستولى عليها والتي يضع المدعون اليد عليها بمبلغ 150 جنيهاً في حين أن الخبير الذي عينته محكمة بنها الابتدائية قدر قيمة الفدان من هذه الأطيان بمبلغ 400 جنيه وأن هذا لا يعتبر تضارباً في التقدير إذ أن المبلغ الأول وهو 150 جنيه قدر كتعويض لصاحب المنفعة في حين أن مبلغ 400 جنيه قدر للفدان لصاحب الحق في الرقبة والمنفعة ولما كان العرف الجاري أن يكون لمالك الرقبة 60 في المائة من قيمة العقار ولصاحب الحق في المنفعة 40 في المائة فإن المبلغ الذي قدرته الإدارة وهو 150 جنيه عن الفدان الواحد هو مبلغ مناسب ويعتبر تعويضاً شاملاً جابراً لجميع الأضرار التي لحقت بالمدعيين.
ومن حيث إن الطعنين يقومان على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وناقض الثابت في أوراق الدعوى حينما حدد أساس مطالبة المطعون عليهم بالتعويض بالقرار الإداري الصادر من تفتيش المساحة ببنها بعدم قبول المعارضة المقدمة من المطعون عليهم بالنسبة للأطيان الموضوعة تحت يدهم رغم أن الثابت من مذكرة المدعيين بجلسة 17 من نوفمبر سنة 1961 (صحتها 17 من ديسمبر 1961) أنهم حددوا أساس مطالبتهم بالتعويض عن القرارين الصادرين من السيد وزير التربية والتعليم بصفته رئيس لجنة الطاقة الذرية برقمي 1، 2 لسنة 1956 ولذلك فإن قرار تفتيش المساحة ببنها لم يكن معروضاً أمام محكمة القضاء الإداري كأساس لمطالبة المطعون عليهم بالتعويض وبذلك تكون المحكمة قضت بما لم يطلبه الخصوم وهو ما يبطله الحكم، وأن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفاع الحكومة بعدم مسئوليتها عن إصدار القرارين رقم 1 ورقم 2 لسنة 1956 لانتفاء الخطأ الموجب للمسئولية، وأن منطوق الحكم تناقض مع أسبابه ذلك أن المطعون عليهم أقاموا الدعويين رقمي 460 لسنة 12 القضائية و461 لسنة 12 القضائية ضد كل من السيد رئيس الوزراء بصفته رئيساً للجنة الطاقة الذرية ووزير الأشغال بصفته نائباً عن مصلحة المساحة ووزير المالية بصفته نائباً عن مصلحة الأملاك ولم يوجه المطعون عليهم للطاعنين الثاني والثالث طلبات ما بل طالبوا بإلزام الطاعن الأول في مواجهة الطاعنين الثاني والثالث ثم صحح المطعون عليهم الدعويين بتوجيههما إلى السادة وزير البحث العلمي بصفته الرئيس الأعلى للجنة الطاقة الذرية ووزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأملاك وقد حدد الحكم القرار الذي عوض عنه المطعون عليهم واعتبره القرار الصادر من تفتيش مساحة بنها التابع لوزارة الأشغال، الطاعنة الثانية، مخالفاً بذلك طلبات المطعون عليهم ثم انتهى الحكم بإلزام الوزارة المدعى عليها بالمبالغ الموضحة بمنطوق الحكم دون أن يحدد تلك الوزارة إذ أن هناك ثلاث وزارات مدعى عليها مما يجعل الأسباب منهارة والمنطوق مجرداً من الأسباب وأنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم حينما اعتبر أن المبلغ المقدر بمعرفة جهة الإدارة للفدان الواحد في الأرض التي كانت في وضع يد المطعون عليهم وهو 150 جنيه تعويضاً لصاحب المنفعة إذ أن مبلغ التعويض الذي تقدره مصلحة المساحة والذي يدرج بكشوف العرض هو تعويض شامل للثمن وكافة التعويضات الأخرى وهذا التعويض يصرف للمالك وهو في النزاع المعروض مصلحة المناجم والمحاجر ومصلحة الأملاك. وأن حقيقة القول بالنسبة لمبلغ 400 جنيه الذي قدرته محكمة بنها الابتدائية للفدان هو أن المطعون عليهم يملكون أطياناً بالأرض الداخلة في المشروع وقدرت جهة الإدارة مبلغ 150 و200 جنيهاً للفدان حسب الجودة فاعترض أصحاب الشأن على هذا التقدير أمام لجنة الفصل في المعارضات المشكلة طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 فأصدرت قرارها بتأييد تقدير الجهة الإدارية فطعنوا فيه أمام محكمة بنها الابتدائية التي قدرت مبلغ 400 جنيه ثمناً للفدان ومن ثم فلا علاقة بين تقدير محكمة بنها الابتدائية لثمن الفدان من الأرض المملوكة للمطعون عليهم وبين تقدير الجهة الإدارية لثمن الفدان في الأرض المملوكة لمصلحة المناجم والمحاجر ومصلحة الأملاك حتى تستخلص منه المحكمة هذا الاستخلاص غير السائغ عن حق صاحب الرقبة وصاحب المنفعة ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب الواردة به أنها ترى الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفضهما مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
ومن حيث إن الطاعنين قدموا مذكرتين بدفاعهم فتمسكوا بالدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعويين الذي رفضته محكمة القضاء الإداري وذلك استناداً إلى أن المدعيين لا يطلبون التعويض على أساس أن قرار المنفعة العامة أو الاستيلاء مخالف لقانون نزع الملكية أو مشوب بأي عيب آخر وإنما يطالبون بالتعويض مقابل الحقوق التي يدعونها على الأرض المنزوع ملكيتها لذلك فإن هذه الدعوى تخرج من عداد دعاوى التعويض التي يختص مجلس الدولة بنظرها طبقاً للمادة التاسعة من القانون رقم 55 لسنة 1959 المقابلة للمادة التاسعة من القانون رقم 165 لسنة 1955 التي جعلت مناط اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في الفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن في القرار عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة وهو أمر منتف في الحالة المعروضة وأن قرار تفتيش المساحة ببنها بعدم قبول الاعتراض لا يمكن اعتباره قراراً إدارياً لأن موقف الجهة نازعة الملكية بالنسبة للاعتراضات المقدمة من ذوي الشأن دور مادي ينحصر في إرسال الاعتراضات إلى الجهة التي عينها القانون للفصل في هذه الاعتراضات وهو عمل مادي لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري وهو حلقة من سلسلة الإجراءات الخاصة بدعاوى التعويض عن نزع الملكية المنوط بالقضاء العادي الفصل فيها، وقال الطاعنون إن المدعين حددوا أساس مطالبتهم بالتعويض عن القرارين الصادرين من وزير التربية والتعليم بصفته رئيس لجنة الطاقة الذرية استناداً إلى أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 فما كان يجدر بالمحكمة أن تصرف طلب التعويض، وهذا هو نطاقه إلى التعويض عن موقف تفتيش المساحة ببنها من عدم قبول المعارضة المقدمة من المدعين عن الثمن المقدر للأرض التي تقرر نزع ملكيتها للمشروع بالنسبة للمساحة المملوكة لجهات حكومية والتي يزعم المدعون أنهم يضعون اليد عليها ويحق لهم التعويض عنها، وأنه بالنسبة لقراري وزير التربية والتعليم ورئيس لجنة الطاقة الذرية رقمي 1، 2 لسنة 1956 فهما قراران سليمان مطابقان لأحكام القانون وأنه ولو فرض جدلاً سلامة ما ذهبت إليه المحكمة من التصدي من تلقاء نفسها لموقف تفتيش مساحة بنها من الاعتراضات المقدمة من المطعون ضدهم على تقديرات لجنة الحصر بالنسبة للأطيان غير المملوكة لهم فإنه لا يقوم ثمة مبرر لما انتهت إليه المحكمة في قضائها من الحكم بالتعويض لأن هذا التصرف من جانب تفتيش المساحة لا يعتبر من قبيل القرارات الإدارية التي يتحدد اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها إلغاء أو تعويضاً فضلاً عن أن هذا التصرف صدر سليماً بالتطبيق لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 لأن الأراضي التي يضعون اليد عليها هي من أملاك مصلحتي الأملاك الأميرية والمناجم والمحاجر وأنهم ليسوا مالكين لها ولا يتعلق لهم بها أي من الحقوق العينية التي يجرى التعويض عنها طبقاً لقانون نزع الملكية وأما ما يدعونه من وضع يد على هذه الأرض فلا يعدو أن يكون حق الإيجار على ما هو ثابت من إقرارهم في مذكرتهم المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري في 17 من ديسمبر سنة 1961 ومن ثم فلا سبيل إلى التزام جهة الإدارة نازعة الملكية قبل المستأجر بأي تعويض وفقاً لقانون نزع الملكية وقد ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى اعتبار المدعين أصحاب حق انتفاع عيني على هذه الأرض وهو ما يناقض صراحة ما أقروا به بمذكرتهم آنفة الذكر من أنهم يستأجرون هذه الأرض وأنه ليس صحيحاً ما جاء بالحكم من أن جهة الإدارة اعترفت للمدعين بالتعويض عن الأراضي المملوكة لمصلحة الأملاك ومصلحة المناجم والمحاجر والصحيح أن جهة الإدارة قدرت التعويض المستحق عن الأرض المنزوع ملكيتها جميعها واعترفت بحق المدعين في اقتضاء التعويض عن الأرض المملوكة لهم الداخلة في المشروع دون الأراضي المملوكة لمصلحة الأملاك ومصلحة المناجم والمحاجر.
عدم الدفع بعدم الاختصاص:
من حيث إن المطعون عليهم طالبوا في صحيفتي الدعويين رقمي 460 لسنة 12 القضائية و461 لسنة 12 القضائية بالتعويض عن صدور قرار مخالف للقانون من مصلحة المساحة القائمة بإجراءات نزع الملكية بعدم قبول اعتراضاتهم على الكشوف المعدة من واقع عملية حصر العقارات والمنشآت التي تقرر لزومها للمنفعة العامة ثم اتخذوا في مذكرتهم المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري بجلسة 17 من ديسمبر 1961 من صدور قراري وزير التربية والتعليم رقمي 1، 2 لسنة 1956 آنفي الذكر أساساً للمطالبة بالتعويض دون أن يعدلوا صراحة عن الأساس الأول الذي استندوا إليه في طلب التعويض وضمنوه صحيفتي الدعويين المشار إليهما لذلك فإن المحكمة تتصدى لهذه القرارات الثلاثة عند الفصل في الدفع وفي الموضوع.
ومن حيث إن العبرة في تقرير اختصاص المحكمة هو بتكييف المدعي لدعواه ولما كان ذلك وكان المطعون ضدهم قد أسسوا طلب التعويض على أن قرار وزير التربية والتعليم رقم 1 لسنة 1956 باعتبار مشروع إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية بناحيتي أبو زعبل مركز الخانكة مديرية القليوبية والمنير مركز بلبيس مديرية الشرقية من المنافع العامة وقراره رقم 2 لسنة 1956 بالاستيلاء على الأرض اللازمة لمشروع إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية رقم 1 (الطاقة الذرية) بناحيتي أبو زعبل مركز الخانكة مديرية القليوبية والمنير مركز بلبيس مديرية الشرقية قد صدرا بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من يناير سنة 1943 والقرارات التالية له آنفة الذكر التي قال المطعون ضدهم إنها أنشأت لهم مراكز قانونية أهدرها القراران الصادران من وزير التربية والتعليم المشار إليهما، فإنه على مقتضى هذا التكييف يكون طلب التعويض مؤسساً على صدور قرارين إداريين مخالفين للقانون ويكون الطلب بهذه المثابة مما يختص بالفصل فيه مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري طبقاً للمادتين 8، 9 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه بالنسبة لاختصاص القضاء الإداري بالفصل في طلب التعويض عن القرار الصادر من مصلحة المساحة بعدم قبول اعتراض المطعون ضدهم على البيانات الواردة بكشوف الحصر بالنسبة للأطيان التي يضعون اليد عليها، فقد نصت المادة 5 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين على أن يكون حصر العقارات والمنشآت التي تقرر لزومها للمصلحة العامة بواسطة لجنة مؤلفة من مندوب عن المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية ومن أحد رجال الإدارة المحليين ومن الصراف، وتنص المادة 6 من القانون المذكور على أن تعد المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية كشوفاً من واقع عملية الحصر سالفة الذكر تبين فيها العقارات والمنشآت التي تم حصرها ومساحتها ومواقعها وأسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها ومحال إقامتهم والتعويضات التي تقدر لهم وتعرض هذه الكشوف ومعها خرائط تبين مواقع هذه الممتلكات في المقر الرئيسي للمصلحة وفي المكتب التابع لها بعاصمة المديرية أو المحافظة وفي مقر العمدة أو مقر البوليس لمدة شهر ويخطر الملاك وأصحاب الشأن بهذا العرض بخطاب موصى عليه بعلم الوصول، وتنص المادة 7 على أن لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف والمنصوص عليها في المادة السابقة الاعتراض على البيانات الواردة بها وتقدم الاعتراضات المذكورة إلى المقر الرئيسي للمصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو إلى المكتب التابع لها بعاصمة المديرية أو المحافظة الكائن في دائرتها العقارات وإذا كان الاعتراض متعلقاً بحق على العين الواردة في الكشوف المقدمة الذكر وجب أن يرفق به كافة المستندات المؤيدة له وتاريخ شهر الحقوق المقدم بشأنها الاعتراض وأرقامها أما إذا كان الاعتراض منصباً على التعويض وجب أن يرفق به إذن بريد يساوي 2% من قيمة الزيادة محل الاعتراض بحيث لا يقل هذا المبلغ عن 50 قرشاً ولا يجاوز عشر جنيهات ويعتبر الاعتراض كأن لم يكن إذا لم يرفق به هذا الرسم كاملاً، وفي جميع الأحوال يجب أن يشتمل الاعتراض العنوان الذي يعلن فيه صاحب الشأن، ونص القانون في المادة 12 على أن ترسل المصلحة ما يقدم إليها من اعتراضات خاصة بالتعويضات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انقضاء المدة المحددة لتقديمها إلى رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات ليحيلها بدوره في ظرف ثلاثة أيام إلى القاضي الذي يندبه لرئاسة لجنة الفصل في هذه المعارضات وعلى أن يقوم قلم الكتاب بإخطار المصلحة وجميع أصحاب الشأن بكتاب موصى بعلم وصول بالتاريخ المحدد لنظر المعارضات فجعلت رئاستها لقاضي يندبه رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات وعضويتها لاثنين من الموظفين الفنيين أحدهما من مصلحة المساحة والثاني عن المصلحة نازعة الملكية على أن تفصل اللجنة في المعارضات خلال شهر من تاريخ ورودها إليها. ونص في المادة 14 على حق المصلحة وذوي الشأن في الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور وتنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها فيه نهائياً.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أنشأ لجنة إدارية ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية وذوي الشأن عن التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية وجعل الطعن في قرارات هذه اللجنة أمام المحكمة الابتدائية وولاية المحكمة في هذه الحالة مقصورة على النظر في هذه الطعون، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطعون المتعلقة بالتعويض التي تنظرها المحكمة الابتدائية بنص خاص، أما ما تتخذه المصلحة القائمة على إجراءات نزع الملكية في مجال نزع الملكية وفي غير نطاق تقدير التعويض من تصرفات تتمخض عن قرارات إدارية مستكملة لأركانها فإن طلب التعويض عنها يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري إذا صدرت معيبة بعيب من العيوب المنصوص عليها في المادة 8 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن ما صدر من تفتيش مساحة بنها من عدم قبول اعتراضهم على البيانات الواردة بالكشوف التي أعدتها المصلحة من واقع عملية الحصر هو إنكار صفة المطعون ضدهم كأصحاب شأن يجوز لهم التقدم بالاعتراضات طبقاً للمادة 7 من القانون رقم 577 لسنة 1954 وهذا التصرف الإداري يتمخض عن قرار إداري من جهة كونه إفصاحاً عن إرادة الجهة الإدارية الملزمة بناء على سلطتها العامة المخولة لها بمقتضى القانون بقصد إحداث مركز قانوني بالنسبة للمطعون عليهم وهو قرار لا ينصب على منازعة في تقدير التعويض الذي جعل القانون نهايته إلى المحكمة الابتدائية المختصة ومن ثم يختص القضاء الإداري بالفصل في طلب التعويض عن هذا القرار طالما أن الدعوى كيفت على أساس أن القرار آنف الذكر صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الدفع بعدم الاختصاص غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً لذلك رفضه.
عن الموضوع:
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1956 صدر قرار وزير التربية والتعليم رقم 1 لسنة 1956 (طاقة ذرية) باعتبار مشروع إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية بناحيتي أبو زعبل مركز الخانكة مديرية القليوبية والمنير مركز بلبيس مديرية الشرقية من المنافع العامة وقد أشير في ديباجة إلى المادة الثانية من القانون رقم 577 لسنة 1954 ونص في المادة الأولى منه على أنه يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع الأرض المطلوب نزع ملكيتها لإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية الموضح بيانه وموقعه بالمذكرة والرسم المرفقتين بناحيتي أبو زعبل مركز الخانكة مديرية القليوبية وناحية المنير مركز بلبيس مديرية الشرقية ونصت المادة الثانية منه على أن يعمل به من تاريخ نشره وقد نشر في الوقائع المصرية بالعدد رقم 87 في 29 من أكتوبر سنة 1956 وتضمنت المذكرة المرفقة بالقرار أن لجنة إنشاء الطاقة الذرية قررت إنشاء مؤسسة تضم معاملها العلمية والمفاعل الذري ومنشئاتها الأخرى ولما كانت إقامة هذه الأجهزة العلمية وحسن صيانتها والوقاية من إشعاعاتها تقتضي اتخاذ إجراءات دقيقة ويلزم له توافر موارد مائية وقوة كهربائية كافية مع اتساع الرقعة والبعد عن العمران فقد تقرر اختيار قطعة أرض على جسر ترعة الإسماعيلية يقع معظمها في منطقة صحراوية ويبلغ مجموع مسطحها 1399 فداناً تقريباً وموضحة بالخريطة المرفقة وأصدر القرار الوزاري باعتبارها من المنافع العامة، وإعمالاً لحكم المادتين 5، 6 من القانون رقم 577 لسنة 1954 قامت مصلحة المساحة القائمة بإجراءات نزع الملكية بإعداد الكشوف الخاصة بحصر للعقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة متضمنة بيان هذه العقارات والمنشئات ومساحتها وأسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها والتعويضات المقدرة لهم وقد تم النشر عنها وعرضها وإخطار أصحاب الشأن بذلك، وبناء على ذلك وبتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1956 أصدر وزير التربية والتعليم القرار رقم 2 لسنة 1956 بالاستيلاء على الأرض اللازمة لمشروع إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية رقم 2 (طاقة ذرية) بناحيتي أبو زعبل مركز الخانكة مديرية القليوبية والمنير مركز بلبيس مديرية الشرقية وقد أشير في ديباجته إلى المادتين الثانية والسادسة عشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 وإلى القرار رقم 1 لسنة 1956 باعتبار المشروع المشار إليه من المنفعة العامة ونص في المادة الأولى منه على أن يصير الاستيلاء فوراً على الأرض اللازمة للمشروع المذكور البالغ مساحتها 13 س و13 ط و1399 ف بما عليها من المنشآت ملك المذكورين بالكشف التفصيلي المرفق بالقرار وقد نشر هذا القرار في الوقائع المصرية في 10 من ديسمبر سنة 1956 وكان ضمن الأراضي التي لزمت للمشروع وتم حصرها مساحة قدرها 8 س و2 ط و17 ف في وضع يد المطعون ضده عبد دخيل دخيل الله، منها 14 س و7 ط و2 ف مملوكة له بالشراء من سليمان رفيع فريج والباقي مملوك لمصلحتي الأملاك والمناجم والمحاجر كما تم حصر مساحة قدرها 24 س و8 ط و28 ف في وضع يد المطعون ضدهما حسين عبد سالمان ومحمد عبد سالمان منها قطعتان مساحة الأولى 21 س و19 ط و5 ف بحوض خارج الزمام قطعة رقم 147 والثانية مساحتها 20 س و14 ط و12 ف بحوض خارج الزمام قطعة رقم 149 مملوكتان لمصلحة الأملاك وقطعة مساحتها 21 ط و9 ف حوض خارج الزمام مملوكة لمصلحة المناجم، وقد عارض المطعون ضدهم في هذه البيانات وذلك بالنسبة للأرض المملوكة للحكومة بدعوى أنهم يضعون اليد عليها وقاموا بإصلاحها وأن لهم الأولوية في شرائها فرفضت مصلحة المساحة قبول معارضتهم لأنهم لا يعتبرون من أصحاب الحقوق الذين يحق لهم المعارضة طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 577 لسنة 1954 لأن المقصود بهؤلاء أصحاب الحقوق المشهرة الأمر الذي لا يتوافر فيهم.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 577 لسنة 1954 كانت تنيط بالوزير المختص سلطة تقرير قيام المنفعة العامة المبررة إلى الالتجاء إلى نزع ملكية عقار على أن يرفق الوزير بقراره الصادر في هذا الشأن مذكرة ببيان المشروع المطلوب اعتباره من أعمال المنفعة العامة ورسم بالتخطيط الإجمالي للمشروع كما نصت المادة 16 من القانون على أن يكون للجنة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة ويكون ذلك بقرار من الوزير المختص ينشر في الجريدة الرسمية ويشمل بياناً إجمالياً بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة وتبليغ قرار الاستيلاء لأصحاب الشأن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول يعطونه فيه مهلة لا تقل عن أسبوعين لإخلاء العقار ويترتب على نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية اعتبار العقارات للمنفعة العامة.
ومن حيث إن المنفعة العامة قد توافر قيامها عندما ارتأت لجنة الطاقة الذرية إنشاء مؤسسة لضم معاملها العملية والمفاعل الذري ومنشآتها الأخرى وبناء على ذلك صدر قرار وزير التربية والتعليم، وهو الوزير المختص، بتقرير المنفعة العامة لمشروع الأرض اللازمة لإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية وقد صدر هذا القرار مستوفياً لشروطه طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 577 لسنة 1954 آنفة الذكر كما رأت اللجنة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة فصدر قرار الوزير المختص بذلك وقد اشتمل على بيان بالعقارات وأسماء الملاك الظاهرين وأشير فيه إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة وأبلغ لذوي الشأن، وذلك وفقاً لما رسمته المادة 16 من القانون رقم 577 لسنة 1954 لذلك فإن القرارين المشار إليهما يكونان قد صدرا مطابقين لأحكام القانون، وليس هناك ثمة وجه للقول بأن هذين القرارين صدرا بالمخالفة لقرارات مجلس الوزراء التي يستمدون منها أحقيتهم في شراء الأطيان المملوكة للحكومة التي كانت في حيازتهم وقت تقرير المنفعة العامة للمشروع وما أعقب ذلك من الاستيلاء عليها، ذلك أن الأحكام التي استندوا إليها وهي اللائحة الصادرة في عام 1902 بشأن بيع أملاك الميري الحرة وقرار مجلس الوزراء الصادر في عام 1943 بشأن الحالات التي يجوز فيها بيع أملاك الدولة الحرة بالممارسة وما تلاه من القرارات السالف بيانها تقرر جميعها أن الأصل في بيع أرض الحكومة أن تكون بالمزاد وأن بيعها بالممارسة هو استثناء جوازي للإدارة تجريه لبعض الفئات لذلك فإن هذه القرارات لا تكسب المطعون عليهم أي مركز قانوني في الأرض التي أدخلت في المنفعة العامة واستولى عليها ونزعت ملكيتها لذلك فإن قيام قرارات مجلس الوزراء هذه لا ينال من صحة قراري وزير التربية والتعليم رقمي 1، 2 لسنة 1956.
ومن حيث إنه بالنسبة للقرار الصادر من مصلحة المساحة باعتبارها الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية، فإن المستفاد من سياق المادة السابعة من القانون رقم 577 لسنة 1954 السالف إيرادها أن القانون حدد من تقبل معارضتهم في البيانات الواردة بالكشوف المعدة من واقع عملية الحصر فحدد هؤلاء بالملاك وأصحاب الحقوق المشهرة، دل على ذلك ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون المذكور من أنه إذا كان الاعتراض متعلقاً بحق على العين الواردة في الكشوف وجب أن يرفق به كافة المستندات وتاريخ شهر الحقوق المقدم بشأنها الاعتراض وأرقامها، وهو ما يستفاد منه أن المقصود بأصحاب الحقوق أولئك الذين لهم حق مشهر، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون عن قصد المشرع هذا حيث تقول "وأوجبت المادة 7 على جميع من يهمهم الأمر الاطلاع على الكشوف المعروضة وأجازت لكل ذي حق أن يتقدم بما قد يكون لديه من اعتراض على ما ورد بالكشوف فيما يتعلق بالمسطح أو النوع أو لإثبات ما قد يكون له من حقوق على العقارات كرهن أو اختصاص أو غير ذلك" ولما كان المطعون ضدهم يسلمون مع الحكومة بأنه ليس لهم على الأرض أي حق من الحقوق المشهرة لذلك فإن قرار مصلحة المساحة بعدم قبول الاعتراضات المقدمة منهم يكون قد تم بالتطبيق لأحكام القانون ويكون قرار المصلحة في هذا الخصوص قد صدر مطابقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية رهينة بأن يكون القرار معيباً وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذي أصاب الفرد فإذا كان القرار الإداري سليماً مطابقاً للقانون فلا تسأل الإدارة عن نتائجه مهما بلغت جسامة الضرر الذي يلحق الفرد من تنفيذه، إذ لا تقوم مسئولية الحكومة كأصل عام على أساس تبعة المخاطر التي مقتضاها أن تقوم المسئولية على ركنين هما الضرر وعلاقة السببية بين نشاط الإدارة وبين الضرر ذلك أن نصوص قانون مجلس الدولة قاطعة في الدلالة على أنها عالجت المسئولية على أساس قيام الخطأ فحددت أوجه الخطأ في القرار الإداري بأن يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة، لذلك فإن قراري وزير التربية والتعليم رقمي 1، 2 لسنة 1956 والقرار الصادر من مصلحة المساحة بعدم قبول اعتراضات المطعون عليهم وقد صدرت جميعها طبقاً لأحكام القانون مبرأة من كل عيب فإنه لا يترتب على صدورها أية مسئولية على الإدارة.
ومن حيث إن دعوى المطعون ضدهم وقد استندت إلى صدور القرارات سالفة البيان فإنها تكون فاقدة أساسها القانوني وأنه وإن كان المطعون ضدهم قد قاموا بإصلاح الأرض التي وضعوا اليد عليها وأقاموا عليها منشآت مما ينعكس أثره على قيمة الأرض عند تقدير التعويض المستحق عنها، فإن رجوع المطعون ضدهم بقيمة ما زاد في قيمة الأرض إن كان له وجه، إنما يوجه إلى مالكها ولما كانت العلاقة التي تقوم بين المطعون ضدهم ومصلحتي الأملاك والمناجم والمحاجر المالكتان لها في شأن حيازة هذه الأرض غير واضحة إذ لم يقدم أي من الطرفين عقداً يجلي كنة هذه العلاقة، لذلك فإن رجوع المطعون ضدهم يكون إما على أساس شروط عقد الإيجار إن وجد ثمة عقد مكملاً بأحكام المادة 592 من القانون المدني، أو طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب المنصوص عليها في المادة 179 من القانون المدني إذا كانت حيازة المطعون عليهم لا تستند إلى عقد، ذلك أن قيام المطعون عليهم بالتحسينات والإنشاء أضاف ولا شك قيمة مالية إلى ذمة المالكتين جنياً من ورائها زيادة في قيمة الأرض وترتب عليها افتقار ذمة المطعون عليهم افتقاراً ترتب عليه إثراء المالكتين وكان ذلك السبب المباشر في زيادة قيمة الأرض، على أن الرجوع استناداً إلى هذا السبب أو ذاك لا يدخل في الاختصاص المحدد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في المواد 8، 9، 10، 11 من قانون مجلس الدولة، وإنما يدخل في اختصاص القضاء العادي والمطعون ضدهم وشأنهم في اللجوء إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون وهو ما يتعين معه القضاء بإلغائه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعين بالمصروفات.