أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1240

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي منتصر وحامد عبد الله.

(200)
الطعن رقم 15342 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". ضرب "ضرب بسيط" "أفضى إلى موت". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف. وكفاية إيراد مضمون أقوال الشهود أو تقرير الخبير. لا قصور.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
للمحكمة أن تستخلص الإدانة من أقوال الشهود ولو تناقضت. متى كان استخلاصاً سائغاً.
المجادلة في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) ضرب "ضرب أفضى إلى الموت" "ضرب بسيط" عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم القصور في التدليل بالنسبة للجريمة ذات العقوبة الأخف غير مجد. ما دام قد أخذ المتهم بالجريمة ذات العقوبة الأشد تطبيقاً للمادة 32 عقوبات.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(5) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد أسباب الطعن ووضوحها. شرط لقبولها.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بشأن عدم ضبط آلات الاعتداء وعرضها على المجني عليهم. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن.
(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
آلات الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.
1 - لما كان الحكم قد بين الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى الأدلة السالفة التي استخلص منه إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وكان لا يلزم لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد نص أقوال الشاهد التي عول عليها أو تقرير الخبير الذي تستند إليه بكل أجزائه، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، كما وأن التناقض بين أقوال الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بالنسبة لجنحة الضرب البسيط - أياً ما كان وجه الرأي فيه - لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وحدها المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي أثبتها الحكم في حقه.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها.
5 - من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم ضبط آلات الاعتداء وعرضها على المجني عليهم لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
7 - من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم - أولاً - ضربوا عمداً...... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على الاعتداء على....... ومن يتواجد معه من أفراد عائلته وأعدوا لذلك آلات صلبة راضة وترصدوا له في الطريق الذي أيقنوا سلفاً عودته فيه وما أن ظفروا به حتى ضربه أولهم على رأسه بسيخ حديد فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. ثانياً - ضربوا...... و...... و...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية الابتدائية والتي أعجزت كل منهم عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام أداة. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت..... عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المجني عليه و...... عن نفسها وبصفتها وصية على قاصري المجني عليه مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ مائة ألف جنيه كتعويض شامل، ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما هو منسوب إليه وإحالة الدعوى المدنية قبله إلى محكمة المنيا الابتدائية لنظرها وذلك باعتبار أن المتهم مرتكباً لجناية الضرب المفضي إلى الموت بالنسبة لـ...... وجنحة الضرب البسيط بالنسبة لـ.......
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الحكم هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية الضرب المفضي إلى الموت وجنحة الضرب البسيط قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يورد في بيان كاف مؤدى أقوال شهود الإثبات أو مضمون التقارير الطبية التي عول عليها في الإدانة، كما تساند إلى أقوال هؤلاء الشهود رغم تضاربها، وأورد قولين متعارضين للمجني عليه...... بشأن تحديد شخص المتهم الذي اشترك مع الطاعن في ضربه، فضلاً عن أنه لم يرفع التناقض القائم بين الدليلين القولي والفني أو يفطن إلى خلو التحقيقات مما يفيد ضبط أدوات الجريمة وعرضها على المجني عليهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى - بالنسبة للطاعن - بما يجمل في أنه اعتدى على المجني عليه...... بالضرب (بسيخ) من الحديد على رأسه وأحدث إصاباته التي أودت بحياته لنزاع بينهما على (مسقى) شكاه الأخير بسببه للشرطة، كما اعتدى أثناء الحادث بالاشتراك مع متهم آخر في الدعوى على المجني عليه...... وأحدثا به إصابات تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات التي حصلها بما لا يخرج في مضمونه عما تقدم، ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية بالنسبة للمجني عليه الأول وقد نقل عنه قوله {وأورى التقرير الطبي الشرعي وجود عدة كسور شرخية وانخسافية شاملة بعظام رأس المجني عليه...... هي كدم رضي بالجدارية اليمنى وكدم رضي بالجدارية اليسرى وكدم رضي يقع بالصدغية والمؤخرى الأيمني وانسكابات دموية غزيرة من عدة كسور بالرأس وأنها ذات طبيعة رضية وتحدث على غرار الضرب بجسم أو أجسام صلبة راضة كالضرب بسيخ أو أسياخ من الحديد وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة..... وأن الوفاة حدثت نتيجة للإصابات الموصوفة بالرأس وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة ونزيف بجوهر المخ} وما جاء بالتقرير الطبي الابتدائي بالنسبة للمجني عليه الآخر الذي أورد مؤداه في قوله {كما ثبت من التقارير الطبية الابتدائية بأن إصابة...... جرح رضي بفروة الرأس وكدمات متفرقة بفروة الرأس مع كدمات بالناحية اليسرى من الظهر} لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابهما وأورد مؤدى الأدلة السالفة التي استخلص منها إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وكان لا يلزم لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد نص أقوال الشاهد التي عول عليها أو تقرير الخبير الذي استند إليه بكل أجزائه، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، كما وأن التناقض بين أقوال الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بالنسبة لجنحة الضرب البسيط - أياً ما كان وجه الرأي فيه - لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وحدها المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها هذا إلى إرساله القول بقيام التعارض بين الدليلين القولي والنفي دون بيان أوجه هذا التعارض، مما يكون منعاه - من هذه الوجهة أيضاً غير مقبول لما هو مقرر من أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم ضبط آلات الاعتداء وعرضها على المجني عليهم لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. فضلاً عن أن هذا النعي، على فرض صحته - لا يقدح في سلامة استدلال الحكم لما هو مقرر من أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.