مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1104

(145)
جلسة 29 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبة المستشارين.

في القضية رقم 1002 لسنة 10 القضائية

( أ ) اختصاص. "توزيع الاختصاص بين محاكم القضاء الإداري). دعوى "إحالتها". الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة - صحة ما قضت به محكمة القضاء الإداري من عدم اختصاصها بنظر طعن في قرار مجلس تأديبي ورفضها إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا.
(ب) طعن - تقرير الطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ينبغي ألا يتناول أكثر من حكم واحد يدور عليه هذا الطعن - مثال ذلك - الطعن في حكم محكمة القضاء الإداري بعدم الاختصاص لا يتناول الطعن في قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية الذي انصبت عليه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري.
1 - إن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة، ولما كان اختصاص محكمة القضاء الإداري مقصوراً على الفصل في المسائل المبينة في المواد 8، 9، 10، 11 من قانون مجلس الدولة ولأن الأحكام الصادرة منها يطعن عليها أمام هذه المحكمة فإنها لا تكون من درجة المحكمة الإدارية العليا وبالتالي لا يجوز لها إحالة الطعن في قرار مجلس التأديب للمخالفات المالية الصادر في 13 من إبريل سنة 1961 المرفوع إليها إلى المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن إباحة الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا يؤدي إلى تعطيل اختصاص هيئة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بالتعقيب على أحكامها ويتعارض في الآن ذاته مع إجراءات الطعن أمام هذه المحكمة التي نص عليها قانون مجلس الدولة إذ تكون هذه الإحالة بالنسبة للطعون التي ترفع من ذوي الشأن ورئيس هيئة مفوضي الدولة بقرار تصدره دائرة فحص الطعون طبقاً لما تقضي به المادة 17 من قانون مجلس الدولة، لذلك فإن محكمة القضاء الإداري وقد قضت بعدم اختصاصها بنظر الطعن المرفوع إليها في قرار مجلس التأديب للمخالفات المالية الصادر في 13 من إبريل سنة 1961 أخذاً بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن القرارات الصادرة من مجالس التأديب تنزل منزلة الأحكام ويسري في شأنها ما يسري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية من حيث قابليتها للطعن فيها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا ثم رفضت باعتبارها أدنى في التدرج القضائي من المحكمة العليا، إحالة الدعوى إلى هذه المحكمة تكون قد أصابت وجه الحق في قضائها.
2 - إن ما طلبه الطاعن احتياطياً من اعتبار هذا الطعن بمثابة طعن في قرار مجلس التأديب للمخالفات المالية الصادر في 13 من إبريل سنة 1961 لا يقوم على أساس سليم من القانون، ذلك أن الطعن المرفوع من الطاعن إنما ينصب فحسب على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1963 في الدعوى رقم 801 لسنة 15 القضائية والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات في الدعوى القائمة بطلب إلغاء قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية في 13 من إبريل سنة 1961 فيما تضمنه من مجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وعلى ذلك فلا يجوز أن يمتد أثر هذا الطعن إلى حكم آخر هو القرار الصادر من مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية في 13 من إبريل سنة 1961 المشار إليه، ذلك أن المادة 16 من قانون مجلس الدولة تنص على أن يقوم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا موقع عليه من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير - علاوة على البيانات العامة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم - على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه ومقتضى ذلك ولازمه أن تقرير الطعن ينبغي ألا يتناول أكثر من حكم واحد يدور عليه هذا الطعن وينصب على أسباب ما يراه فيه الطاعن من عوار إذ يستقل كل طعن ببيانه وأسبابه ويترتب على ما تقدم أن طلب الطاعن اعتبار الطعن المقام أصلاً بالنسبة إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 801 لسنة 15 القضائية متناولاً أيضاً الطعن في قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية الصادر في 13 إبريل سنة 1961 هذا الطلب لا سند له من القانون إذ يتعين للطعن في هذا القرار تقديم طعن في شأنه قائم بذاته على الوجه المقرر قانوناً لرفع الطعن أمام هذه المحكمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد رفع في الميعاد.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 15 من يونيه سنة 1961 طالباً الحكم بإلغاء قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية لوزارة الخزانة في 13 من إبريل سنة 1961 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه واعتباره كأن لم يكن والحكم ببراءته مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً للدعوى إنه بتاريخ 15 من إبريل سنة 1961 أصدر السيد وكيل وزارة المالية والاقتصاد قراراً بإحالته إلى مجلس التأديب لمحاكمته عن المخالفات التي ارتكبها أثناء فحصه حالة الممول فيليب فركوح الصائغ بطنطا عن السنوات من 1943/ 1944 إلى 1948/ 1949 وقد اجتمع مجلس التأديب بمصلحة الضرائب في 10 من نوفمبر سنة 1954 وأجرى محاكمته وقرر توجيه إنذار إليه فاستأنف المدعي هذا القرار كما استأنفه السيد وزير المالية لدى مجلس التأديب الاستئنافي فقرر مجلس التأديب الاستئنافي بجلسة 24 من مارس سنة 1956 إلغاء القرار المستأنف وعدم اختصاص مجلس التأديب الابتدائي بنظر الدعوى التأديبية وبنى المجلس قراره على أن ما نسب إلى المدعي يعتبر مخالفة مالية يجب أن تخضع إجراءات التحقيق والمحاكمة فيها للقانون رقم 132 لسنة 1952 ثم صدر القانون رقم 73 لسنة 1957 الذي ألغى القانون رقم 132 لسنة 1952 ثم كلف المدعي بالحضور أمام المجلس التأديبي للمخالفات المالية المشكل طبقاً للقانون رقم 73 لسنة 1957 وقرر المجلس في 9 من مارس سنة 1958 مجازاة المدعي بالإنذار ثم استأنف المدعي هذا القرار كما استأنفته الوزارة أمام مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية الذي قرر في 11 من نوفمبر سنة 1958 عدم قبول استئناف المدعي لرفعه بعد الميعاد وقبول الاستئناف المقدم من ديوان المحاسبة شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المستأنف ومجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه فأقام المدعي الدعوى رقم 407 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري يطعن في قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية وقضت المحكمة في 13 من يناير سنة 1960 بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الاستئناف المقدم من المدعي شكلاً مع إلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب. وتنفيذاً لهذا الحكم أعيدت محاكمة المدعي أمام مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية فقضى في 13 من إبريل سنة 1961 بقبول استئناف المدعي شكلاً لرفعه في الميعاد وقبول استئناف السيد رئيس ديوان المحاسبة وفي الموضوع بتعديل القرار المستأنف ومجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه واستطرد المدعي يقول في صحيفة دعواه إن هذا القرار صدر فاقداً ركن السبب ذلك أن قرار المجلس استند في إدانته إلى وقائع غير صحيحة وأخرى غير ثابتة وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: كان دفاع المدعي الأساسي الذي أبداه في جميع المراحل أن حالة الممول فيليب فركوح هي أول حالة يبحث فيها دفاتر ممول بمصلحة الضرائب. وقد أقره على هذا مجلس التأديب الابتدائي في قراره الصادر في 10 من نوفمبر سنة 1954 وكذلك مجلس التأديب العادي للمخالفات المالية في قراره الصادر في 9 من مارس سنة 1958 وأن الثابت بملف خدمته يؤيد ذلك إذ أنه عين بمصلحة الأموال المقررة ثم تقرر إلحاقه بمصلحة الضرائب في 21 من يوليو سنة 1948 في وظيفة مساعد مأمور بإدارة ضرائب طنطا ثم قررت إدارة ضرائب طنطا نقل المدعي إلى مأمورية ضرائب المحلة الكبرى في 25 من يوليو سنة 1948 وكان عمل المدعي بمأمورية ضرائب المحلة محاسبة أصحاب الأعمال اليدوية وكانت المحاسبة الخاصة بهذا النوع من النشاط التجاري بسيطة وتنحصر في تحديد مبلغ كربح لكل نول ولم يكن عمله بمأمورية المحلة الكبرى يقتضي فحص الدفاتر وأنه نقل بعد ذلك إلى مأمورية طنطا في سنة 1950 وكانت حالة فيليب فركوح هي أول حالة يبحث فيها المدعي دفاتر ممول ورغم ثبوت ذلك ذهب مجلس التأديب العالي إلى أن تصرف المدعي شابه الخطأ والتقصير وعدم توخي الدقة في العمل والجهل بأصول الفحص ولا يغتفر له الادعاء بأنه حديث العهد بالخدمة لأنه ليس كذلك وأن كل ذلك لا يبرر معاقبته بأخف العقوبات.
ثانياً: استند مجلس التأديب العالي في قراره المطعون فيه إلى أن المخالفات جميعها ناشئة عن فعل واحد وهي أن المدعي وهو بسبيل فحص أرباح الممول فيليب فركوح إنما قصر في أداء واجبه وأهمل إهمالاً جسيماً في اتباع الأصول الفنية ولم يبذل جهد الموظف الذي يجب أن يؤدى، وهذا الذي قرره مجلس التأديب مخالف لقواعد العدالة ذلك أن المدعي قرر أنه بحث الدفاتر ووجد أنه يمكنه الاستناد إليها إلى حد ما ولم يأخذ منها سوى رقم المبيعات وأضاف إليه 5% وقد قال السيد/ عبد العظيم محمد متولي عضو لجنة التقدير بعكس ذلك وقد أخذ مجلس التأديب العالي برأي عضو اللجنة في حين أن العدالة تقضي بعدم تغليب رأي على آخر إلا بعد تعيين خبير محايد يبحث الأمر بحيدة وأمانة.
ثالثاً: إن مصلحة الضرائب أحالته وهو مساعد مأمور ضرائب حديث عهد بالعمل إلى مجلس التأديب وتركت المأمور الأول الذي اعتمد كل خطوة من خطوات المدعي دون مؤاخذة.
رابعاً: إنه لم يكن همه الأول الدفاع عن الممول بل كان همه الدفاع عن الرأي الذي فهمه بحسب معلوماته في ذلك الوقت وأنه لم يقل أن دفاتر الممول صحيحة وأخذ بها بل أنه اعتمد عليها إلى حد ما في الأخذ برقم المبيعات مضاف إليه 5% وأنه أدى واجبه على أكمل وجه.
ورد ديوان المحاسبات على الدعوى بمذكرة تضمنت أنه باستظهار الأسباب التي يؤسس المدعى عليها طعنه يتضح في جلاء أنه ليس من بينها جميعاً سبب واحد يصلح أساساً لنفي مسئوليته عما وقع منه من إهمال جسيم في محاسبة الممول فيليب فركوح فالثابت أنه أورد في تقرير فحصه لدفاتر هذا الممول بيانات تجانب الواقع وتجافي الحقيقة فقد خلع على هذه الدفاتر وصفاً يفيد أنها منتظمة وأنها تصلح بوجه عام كأساس للمحاسبة في حين أنه ثبت عكس ما أورده على النحو المفصل بتقرير عضو لجنة التقدير الذي انتدب لفحص الدفاتر المذكورة وأنه زعم بغير حق أن أرباح تجار المصوغات كانت تميل إلى الانخفاض في الفترة من سنة 1943 إلى سنة 1949 وأن ما ساقه في دفاعه من أنه لم يكن يقصد إلى الدفاع عن الممول وإنما كان يدافع عن الرأي الذي انتهى إليه مردود بأنه لم يكن في مجال إبداء رأي خاص وإنما كان في مجال محاسبة ممول وتقدير الضريبة المستحقة عليه فكان يتعين عليه أن يتحرى الدقة ويستجلي الحقيقة مع تدعيم ما يذكره بالأسانيد المؤيدة، ولذلك فإن القرار المطعون فيه يقوم على سبب صحيح يبرره وأن مجلس التأديب حين قرر مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه إنما قدر الجزاء الذي ارتآه مناسباً في حدود النصاب القانوني المقرر وانتهى ديوان المحاسبات في مذكرته إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 4 من ديسمبر سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإلزام المدعي للمصروفات وأقامت قضاءها على أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى باختصاصها بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الصادرة من مجالس التأديب وعلى ذلك تكون المحكمة الإدارية العليا هي المختصة بنظر الدعوى وأنه عن إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا لاختصاصها بنظرها فإن المحكمة الإدارية العليا سبق أن قضت بأن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة ومحكمة القضاء الإداري في هذه الدعوى ليست من درجة المحكمة الإدارية العليا إذ أنها لا تتقاسم معها في توزيع الاختصاص فبينما تختص محكمة القضاء الإداري بالطعن في قرارات لا تختص المحكمة الإدارية العليا بشيء منها بل تختص بنظر الطعون في الأحكام ومن بينها أحكام محكمة القضاء الإداري لذلك كانت المحكمة الإدارية العليا في درجة أعلا من محكمة القضاء الإداري ومن ثم فلا يجوز لمحكمة القضاء الإداري أن تحيل إليها الدعوى لنظرها بحالتها إذا ما قضت بعدم اختصاصها. ولا يؤثر في قيام هذا الأصل العام الذي سجلته المحكمة الإدارية العليا التعديل الذي أدخله المشرع على نص المادة 135 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بالقانون رقم 100 لسنة 1962 والذي أوجب على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ذلك أن هذا التعديل إنما قام أساساً على وجوب الإحالة إلى المحكمة المختصة كلما قضت المحكمة بعدم اختصاصها وهو أمر كان جوازياً قبل التعديل ولكن التعديل لم يتناول تنظيم الأصل العام الذي سجلته المحكمة الإدارية العليا من أن الإحالة تكون بين محكمتين من درجة واحدة في جهة قضائية واحدة وإذا كان قد ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1962 سالفة الذكر أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى فإن المحاكم تتساوى درجاتها إذا تقاسمت في جهة قضائية الاختصاص بحيث يوزع عبؤه بينها ومع ذلك تتفاوت في هذا المجال طبقاتها حسب نوع وأهمية النزاع الذي يدخله التقسيم في اختصاصها أما إذا أصبحت المحاكم سلطة تعقيب على أحكام تلك المحاكم فإنها تتفاوت في الدرجة وعلى ذلك فإن الإحالة من محكمة إلى أخرى أعلى منها درجة كانت ولا تزال غير جائزة لذلك فلا يجوز لمحكمة القضاء الإداري أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا يؤكد هذا أن القول بالإحالة يؤدي إلى حرمان المحكمة الإدارية العليا من سلطة التعقيب على أحكام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري المخولة لها بنص المادة 15 من قانون مجلس الدولة فإذا كانت المحكمة الإدارية العليا تلتزم بالنظر في الدعوى المحالة إليها امتنع عليها النظر في طعن الخصم الصادر بالإحالة إليها.
ومن حيث إن الطعن يقوم بالنسبة للطلب الأصلي، فإن محكمة القضاء الإداري عندما قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ورفضت طلب إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا تكون قد خالفت حكم المادة 315 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 التي أوجبت على المحكمة إن قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة فإذا كانت هذه الإحالة واجبة فإنه يطلب من المحكمة الإدارية العليا إلغاء قرار مجلس التأديب العالي المطعون فيه للأسباب الواردة في صحيفة الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها، وأنه بالنسبة للطلب الاحتياطي فقد أسسه الطاعن على أن ميعاد الطعن لا زال ممتداً لأنه طعن في هذا القرار خلال الستين يوماً أمام محكمة القضاء الإداري وقيد الطعن برقم 801 لسنة 15 القضائية وقد حكم فيها بعدم الاختصاص في 4 من ديسمبر سنة 1962 وأن من المسلم به أن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يقطع الميعاد وأنه بالنسبة لأسباب الطعن في موضوع القرار فقد أحال الطاعن في شأنها إلى أسباب الطعن التي أوردها في صحيفة الدعوى رقم 801 لسنة 15 القضائية آنفة الذكر.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً انتهت فيه إلى تأييد الحكم المطعون فيه للأسباب التي أوردها هذا الحكم ورأت رفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرتين تناول في الأولى شكل الدعوى فأورد بالنسبة للطلب الأصلي أن المحكمة الإدارية العليا تعتبر في حالة الطعن في قرارات مجالس التأديب درجة أولى شأنها في ذلك شأن محكمة القضاء الإداري عند رفع الطعن إليها وهما بهذه المثابة في مرتبة واحدة في هذه الخصومة وأن القاعدة التي تلزم المحكمة بالإحالة تقررت بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1962 لذلك فلا محل للاستشهاد بأحكام صادرة قبل تقريرها وأن إحالة الطعن لا يؤدي إلى تعطيل سلطة المحكمة الإدارية العليا في التعقيب على الأحكام لأن الطعون في قرارات مجالس التأديب ترفع مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا ووضعها يخالف الوضع الخاص بالطعون التي ترفع إليها عن أحكام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية، وأنه بالنسبة للطلب الاحتياطي فقد تضمنت المذكرة أن الطاعن يعتبر هذا الطعن بمثابة طعن أصلي في قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية وأنه تم في الميعاد حيث قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1963 وقدم الطاعن طلب الإعفاء في 28 من يناير سنة 1964 وقبل الطلب بجلسة 9 من مارس سنة 1964 ثم رفع الطعن خلال الستين يوماً وأن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يقطع الميعاد ويحق للطاعن خلال الستين يوماً التالية للحكم بعدم الاختصاص أن يرفع الدعوى أمام المحكمة المختصة وهذا ما فعله الطاعن، وتناول الطاعن في مذكرته الثانية الموضوع فذكر أن الرأي استقر أخيراً على عدم مساءلة مأمور الضرائب عن الأخطاء التي تقع منه بحسن نية وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 37 لسنة 1961 بشأن فحص الشكاوى والبلاغات التي تقدم ضد موظفي مصلحة الضرائب وأن الطاعن كان حسن النية وكان حديث عهد بالخدمة وكانت تقاريره تنطق بكفايته وامتيازه وأمانته وأن تقديرات الطاعن وافق عليها المأمور الأول وهو موظف قديم متمرس لعمله ولو كانت ثمت مسئولية تلحقه لوجب أن تقوم على المأمور وحده وأنه كان حديث عهد بخدمة مصلحة الضرائب وأنه لم يقل أن الدفاتر منتظمة ولم يأخذ بها وإنما قال إنه يمكن الاعتماد عليها إلى حد ما وأخذ رقم المبيعات من الدفاتر ثم أضاف إليه 5%.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة، ولما كان اختصاص محكمة القضاء الإداري مقصوراً على الفصل في المسائل المبينة في المواد 8، 9، 10، 11 من قانون مجلس الدولة لا في أحكام ولأن الأحكام الصادرة منها يطعن عليها أمام هذه المحكمة فإنها لا تكون من درجة المحكمة الإدارية العليا وبالتالي لا يجوز لها إحالة الطعن في قرار مجلس التأديب للمخالفات المالية صادر في 13 من إبريل سنة 1961 المرفوع إليها من المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن إباحة الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا يؤدي إلى تعطيل اختصاص هيئة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بالتعقيب على أحكامها ويتعارض في الآن ذاته مع إجراءات الطعن أمام هذه المحكمة التي نص عليها قانون مجلس الدولة إذ تكون هذه الإحالة بالنسبة للطعون التي ترفع من ذوي الشأن ورئيس هيئة مفوضي الدولة بقرار تصدره دائرة فحص الطعون طبقاً لما تقضي به المادة 17 من قانون مجلس الدولة، لذلك فإن محكمة القضاء الإداري وقد قضت بعدم اختصاصها بنظر الطعن المرفوع إليها في قرار مجلس التأديب للمخالفات المالية الصادر في 13 من إبريل سنة 1961 أخذاً بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن القرارات الصادرة من مجالس التأديب تنزل منزلة الأحكام ويسري في شأنها ما يسري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية من حيث قابليتها للطعن فيها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا ثم رفضت باعتبارها أدنى في التدرج القضائي من المحكمة العليا، إحالة الدعوى إلى هذه المحكمة فإنها تكون قد أصابت وجه الحق في قضائها.
ومن حيث إن ما طلبه الطاعن احتياطياً من اعتبار هذا الطعن بمثابة طعن في قرار مجلس التأديب للمخالفات المالية الصادر في 13 من إبريل سنة 1961 لا يقوم على أساس سليم من القانون، ذلك أن الطعن المرفوع من الطاعن إنما ينصب فحسب على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1936 في الدعوى رقم 801 لسنة 15 القضائية والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإلزام المدعي المصروفات في الدعوى المقامة بطلب إلغاء قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية في 13 من إبريل سنة 1961 فيما تضمنه من مجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وعلى ذلك فلا يجوز أن يمتد أثر هذا الطعن إلى حكم آخر هو القرار الصادر من مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية في 13 من إبريل سنة 1961 المشار إليه، ذلك أن المادة 16 من قانون مجلس الدولة ينص على أن يقدم الطاعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا موقع عليه من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير - علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم - على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه ومقتضى ذلك ولازمه أن تقرير الطعن ينبغي ألا يتناول أكثر من حكم واحد يدور عليه هذا الطعن وينصب على أسباب ما يراه فيه الطاعن من عوار إذ يستقل كل طعن ببيانه وأسبابه ويترتب على ما تقدم أن طلب الطاعن اعتبار الطعن المقدم أصلاً بالنسبة إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 801 لسنة 15 القضائية متناولاً أيضاً الطعن في قرار مجلس التأديب العالي للمخالفات المالية الصادر في 13 إبريل سنة 1961 هذا الطلب لا سند له من القانون إذ يتعين للطعن في هذا القرار تقديم طعن في شأنه قائم بذاته على الوجه المقرر قانوناً لرفع الطعون أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات...

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.