مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1121

(147)
جلسة 29 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبة المستشارين.

في القضية رقم 669 لسنة 12 القضائية

عقد - عقد إداري - فوائد قانونية - استحقاق هذه الفوائد على ما يستحق لجهة الإدارة في ذمة المتعهد المخل بالتزاماته من فرق السعر الذي تكبدته نتيجة إعادة التشغيل على حسابه وكذلك قيمة الدمغة المستحقة قانوناً على أوامر التوريد فضلاً عن المصاريف الإدارية باعتبارها مكملة لفرق السعر وملحقة به وعلى غرامة التأخير.
إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المادة 226 من القانون المدني التي تنص على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود، وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره". وأنه إذا كان ثمة تعهد يتضمن التزاماً أصلياً من جانب المدعى عليه هو التزام بعمل محله توريد سلعة متعاقد عليها - كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى - وكان من المتفق عليه أنه في حالة الإخلال بهذا الالتزام أو بأحد الالتزامات الأخرى التي تضمنها العقد، يترتب في ذمة المتعهد التزام آخر، كأثر احتياطي لعدم الوفاء محله أداء مبلغ من النقود معلوم المقدار، وكان الثابت أن المدعى عليه قد تأخر في الوفاء به على الرغم من المطالبة الودية، فإنه يستحق على هذا المبلغ فوائد تأخيرية لصالح المحكوم له بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية، ولا وجه للتحدي بأن الفوائد لا تخرج عن كونها تعويضاً وأن المبلغ المطالب به لا يعدو أن يكون هو أيضاً تعويضاً وأنه لا يجوز الجمع بين تعويض وآخر لا وجه لذلك كله متى كانت الفوائد المطلوبة هي فوائد تأخيرية عن مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به فيستحق الدائن الفوائد القانونية بالتطبيق للمادة 226 من القانون المدني من تاريخ المطالبة القضائية بها، والضرر مفترض في هذه الحالة بحكم القانون وفقاً للمادة 228 من القانون المدني التي تنص على أنه "لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن ضرراً لحقه من هذا التأخير" وما تقدم يصدق على فرق السعر الذي تكبدته الجهة الإدارية في تشغيل الأصناف التي رفضتها لعدم مطابقتها شروط المواصفات المتعاقد عليها، ويحق للجهة الإدارية الرجوع على المدعى عليه طبقاً لحكم المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات لإخلاله بالتزاماته كما يصدق على قيمة الدمغة المستحقة قانوناً على أوامر التوريد وكذا المصاريف الإدارية باعتبارها مكملة لفرق السعر وملحقة به وعلى غرامة التأخير التي هي تعويض اتفاقي جزافي عما أصاب المرفق العام من ضرر بسبب تعطيل حصوله على الأصناف المتعاقد على توريدها في الوقت المتفق عليه وهو ضرر مفترض يختلف في طبيعته وسببه عن الضرر الناتج من تحمل الإدارة فرق السعر وملحقاته ولما كانت هذه المبالغ معلومة المقدار وقت الطلب وتأخر المدعي في الوفاء بها فإنه يكون بذلك قد ارتكب خطأ يختلف عن خطئه الأصلي في الإخلال بالتوريد يستوجب سريان الفوائد في حقه عن المبلغ الذي تقاعس عن الوفاء به وذلك من تاريخ المطالبة القضائية وفقاً لنص المادة 226 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المؤسسة العامة لتعمير الصحاري أقمت الدعوى رقم 1200 لسنة 16 القضائية بعريضة أودعتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 15 من أغسطس سنة 1962 طالبة الحكم بإلزام السيد/ يوسف محمد التاجوري بأن يدفع لها مبلغ 289 جنيهاً و632 مليماً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت بياناً لدعواها إنه رسا على المدعى عليه عطاء توريد أثاثات في الممارسة رقم 6 أثاث التي تمت في 2 من يونيه سنة 1960 وأصدرت إليه في 13 من يونيه سنة 1960 أمري التوريد رقمي 473، 477 لتوريد الأثاثات بمبلغ إجمالي قدره 745 جنيهاً على أن يتم التوريد طبقاً للعينات الموجودة بالمؤسسة وطبقاً للمواصفات الموضحة بأمري التوريد. وقد انتهت اللجنة التي شكلت بفحص ما قام المدعى عليه بتوريده إلى رفضه نهائياً لعدم مطابقتها من جميع الوجوه للعينة مع تشغيل الأصناف المرفوضة بورشة وادي النطرون وبلغت قيمة تشغيل هذه الأصناف مبلغ 1150 جنيهاً و750 مليماً بفرق سعر قدره 405 جنيهاً و750 مليماً، وإعمالاً لنص المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات فرض على المدعى عليه غرامة تأخير بواقع 4% من قيمة الأصناف التي تأخر في توريدها بلغت 29 جنيهاً و800 مليم وذلك فضلاً عن 57 جنيهاً و540 مليماً قيمة المصروفات الإدارية التي تحملتها الجهة الإدارية عند الشراء على الحساب بواقع 5% من قيمة الأصناف التي تم تشغيلها كما طالبته المؤسسة بمبلغ جنيهين و660 مليماً ودمغة أمري التوريد رقمي 473، 477 و900 مليم قيمة غرامة التأخير عن أمر التوريد رقم 527/ أثاث فأصبح بذلك جملة المستحق عليه 4960 جنيهاً و650 مليماً. ولما كان المدعى عليه قد قام بعمليات توريد أخرى يستحق منها مبلغ 207 جنيهاً و18 مليماً فإنه يخصم هذا المبلغ من المبالغ المستحقة عليه يكون الباقي مبلغ 289 جنيهاً و632 مليماً وهو ما طالبته به المؤسسة قضاء مع الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية بعد أن أعيتها المطالبات الودية.
ودفع الحاضر عن المدعى عليه الدعوى بما أثبته بمحضر المناقشة أمام السيد المفوض بأن الأدوات المقدمة كانت مطابقة للمواصفات وأن رفض التوريد قد جانبه الصواب.
وبجلسة 16 من يناير سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمؤسسة المبلغ الذي طالبت به وقدره 289 جنيهاً و632 مليماً والمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت المحكمة قضاءها برفض طلب الفوائد القانونية المستحقة على المبلغ المذكور على أن الفوائد عبارة عن تعويض عن حبس مبلغ معين لدى المدين معروف المقدار عند المطالبة به فمن ثم لا يجوز الحكم بتعويض عن تعويض، ذلك أن المبلغ المقضى به أساساً كتعويض هو مبلغ جابر شامل لجميع الأضرار التي أصابت الدائن بما في ذلك حبس قيمة التعويض المقضى به له".
ومن حيث إن طعن المؤسسة العامة لتعمير الصحاري يقوم على أن الفروق الناجمة عن عمليات التنفيذ على حساب المدعى عليه وتحصيل غرامة التأخير الموقعة والمصاريف الإدارية المستحقة ليست من قبيل المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت الإدارة بل هي جزاءات وقعتها على المتعاقد المقصر معها ومن ثم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض طلب إلزام المدعى عليه بالفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به ينطوي على مخالفة لنص المادة 226 من القانون المدني وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المادة 226 من القانون المدني التي تنص على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود، وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره". وأنه إذا كان ثمت تعهد يتضمن التزاماً أصلياً من جانب المدعى عليه، هو التزام بعمل محله توريد سلعة متعاقد عليها - كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى - وكان من المتفق عليه أنه في حالة الإخلال بهذا الالتزام أو بأحد الالتزامات الأخرى التي تضمنها العقد، يترتب في ذمة المتعهد التزام آخر، كأثر احتياطي لعدم الوفاء محله أداء لمبلغ من النقود معلوم المقدار، وكان الثابت أن المدعى عليه قد تأخر في الوفاء به على الرغم من المطالبة الودية، فإنه يستحق على هذا المبلغ فوائد تأخيرية لصالح المحكوم له به بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية. ولا وجه للتحدي بأن الفوائد لا تخرج عن كونها تعويضاً وأن المبلغ المطالب به لا يعدو أن يكون هو أيضاً تعويضاً وأنه لا يجوز الجمع بين تعويض وآخر - لا وجه لذلك كله متى كانت الفوائد المطلوبة هي فوائد تأخيرية عن مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به فيستحق الدائن الفوائد القانونية بالتطبيق للمادة 226 من القانون المدني من تاريخ المطالبة القضائية بها، والضرر مفترض في هذه الحالة بحكم القانون وفقاً للمادة 228 من القانون المدني التي تنص على أنه "لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن ضرراً لحقه من هذا التأخير".
ومن حيث إن ما تقدم يصدق على فرق السعر الذي تكبدته الجهة الإدارية في تشغيل الأصناف التي رفضتها لعدم مطابقتها شروط المواصفات المتعاقد عليها، ويحق للجهة الإدارية الرجوع على المدعى عليه به طبقاً لحكم المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات لإخلاله بالتزاماته كما يصدق على قيمة الدمغة المستحقة قانوناً على أوامر التوريد وكذا المصاريف الإدارية باعتبارها مكملة لفرق السعر وملحقة به وعلى غرامة التأخير التي هي تعويض اتفاقي جزافي عما أصاب المرفق العام من ضرر بسبب تعطيل حصوله على الأصناف المتعاقد على توريدها في الوقت المتفق عليه وهو ضرر مفترض يختلف في طبيعته وسببه عن الضرر الناتج من تحمل فرق السعر وملحقاته. ولما كانت هذه المبالغ معلومة المقدار وقت الطب وتأخر المدعى عليه في الوفاء بها فإنه يكون بذلك قد ارتكب خطأ يختلف عن خطئه الأصلي بالتوريد يستوجب سريان الفوائد في حقه عن المبلغ الذي تقاعس عن الوفاء به وذلك من تاريخ المطالبة القضائية به وفقاً لنص المادة 226 من القانون المدني.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن في محله ويتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الفوائد وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمؤسسة العامة لتعمير الصحاري المدعية الفوائد القانونية عن المبلغ الذي قضى به الحكم المطعون فيه وقدره 289 جنيهاً و632 مليماً بواقع 4% سنوياً وتاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 19 من أغسطس سنة 1962 حتى تمام الوفاء مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الفوائد وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمؤسسة العامة لتعمير الصحاري الفوائد القانونية عن مبلغ مائتين وتسعة وثمانين جنيهاً مصرياً وستمائة واثنين وثلاثين مليماً (فقط 289.632 مجـ) بواقع أربعة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 15 من أغسطس سنة 1962 حتى تمام الوفاء والمصروفات وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.