أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 1116

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط "نائب رئيس المحكمة". وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

(171)
الطعن رقم 5714 لسنة 57 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
مجرد تقديم شكوى إلى جهة الاختصاص في حق شخص وإسناد وقائع معينة إليه. لا يعد قذفاً معاقباً عليه. ما دام أن القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل منه.
(2) سب وقذف. جريمة "أركانها".
ركن العلانية في جريمة القذف. مناط توافره. أن يكون الجاني قد قصد إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه.
(3) بلاغ كاذب. حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها".
جريمة البلاغ الكاذب. ما يجب لتوافرها؟.
وجوب أن يعني الحكم باستظهار الدليل على قصد إذاعة ما أسنده المتهم للمدعي بالحقوق المدنية. وأن يدلل على توافر علمه بكذب البلاغ ويستظهر قصد الإضرار.
1 - من المقرر أن مجرد تقديم شكوى في حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه والتحقيق فيها لا يعد قذفاً معاقباً عليه ما دام القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل منه.
2 - أنه يجب لتوافر ركن العلانية في هذه الجريمة - القذف أن - يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه.
3 - من المقرر أنه ينبغي لتوافر أركان جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده بريء منها وأن يقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن أبلغ في حقه مما يتعين معه أن يعني باستظهار الدليل على قصد إذاعة ما أسنده الطاعن للمدعي بالحقوق المدنية. أن يدلل على توافر علمه بكذب البلاغ ويستظهر قصد الإضرار.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح العجوزة ضد الطاعن بوصف أنه قذف في حقه علانية وأبلغ كذباً مع سوء القصد شرطة العجوزة بأنه يدير الشقة سكنه لأعمال مخلة بالآداب. وطلب عقابه بالمواد 302، 303/ 1، 305 من قانون العقوبات. وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة الجيزة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف في الشق المدني وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في الدعوى المدنية بإلزامه بالتعويض عن جريمتي القذف والبلاغ الكاذب المسندتين إليه قد شابه قصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه أغفل استظهار ركن العلانية ولم يدلل على توافر القصد الجنائي في حقه، واستند في قضائه على ثبوت عدم صحة البلاغ المقدم منه - الطاعن - واتخذ من حفظ الشكوى ركيزة على كذبه، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من قوله: "وحيث إنه في الموضوع وعن الشق من الدعوى المتعلقة بالدعوى المدنية ولما كان المقرر أن القانون إذ نص في جريمة القذف على أن تكون الواقعة المسندة مما يوجب عقاب من أسندت إليه واحتقاره عند أهل وطنه فإنه لم يحتم أن تكون الواقعة جريمة معاقباً عليها بل لقد اكتفى بأن يكون من شأنها تحقير المجني عليه عند أهل وطنه. فإذا نسب المتهم إلى المجني عليه أنه يدير شقته لأعمال مخلة بالآداب ويستقبل فيها النسوة الساقطات وبعض أصدقائه لشرب الخمر ولعب الميسر وممارسة الدعارة وطلب وضع هذه الشقة تحت مراقبة الشرطة التي حفظت هذا البلاغ لعدم صحة ما نسب للمدعي بالحق المدني فإن هذه العبارات إنما تشكل قذفاً في حق المتهم سواء كان هذا الإسناد مكوناً لجريمة أم لا وقد تحقق في هذه العبارات ركن العلانية ببلاغه المكتوب والذي اتصل به علم السلطات وأجريت التحريات بشأنه وهي أمور تكفي في أذهان الجمهور عقيدة ولو وقتية أو ظناً أو احتمالاً ولو وقتياً في صحة الأمور المدعاة ولا يصح التمسك في هذا الصدد بأن رد الشرطة لم يثبت كذب هذه الوقائع فالعبارات سالفة الذكر أراد بها المتهم إسناد أمر شائن للمدعي بالحق المدني بحيث لو صح لوجب عقابه أو احتقاره عند أهل وطنه وهو الركن اللازم توافره في جريمة القذف والسب". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد تقديم شكوى في حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه والتحقيق فيها لا يعد قذفاً معاقباً عليه ما دام القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل منه، وإنه يجب لتوافر ركن العلانية في هذه الجريمة أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه، وكان ينبغي لتوافر أركان جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده بريء منها، وأن يقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن أبلغ في حقه مما يتعين معه أن يعني باستظهار الدليل على قصد إذاعة ما أسنده الطاعن للمدعي بالحقوق المدنية. وأن يدلل على توافر علمه بكذب البلاغ ويستظهر قصد الإضرار. وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما أورده على السياق المتقدم - جاء مفتقراً إلى بيان ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور الموجب لنقضه والإعادة بالنسبة لما قضى به في الدعوى المدنية وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف المدنية.