مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1150

(150)
جلسة 30 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد وإبراهيم خليل الشربيني. المستشارين.

في القضية رقم 768 لسنة 9 القضائية

موظف. "ترقية". ترقية معلمي التربية البدنية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 مارس 1947 - شرطها قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة - ينبغي أن تقضى هذه المدة بأكملها في تعليم الرياضة البدنية بجهة حكومية، ومن ثم لا يعتد في هذا المقام بالمدة التي تقضى بتعليم الرياضة في جهة غير حكومية مثل مدارس التعليم الحر - لا يغير من ذلك ضم مدة التعليم الحر إلى أقدمية الدرجة المعين فيها طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 مارس سنة 1945 [(1)].
إن مدة الخمس السنوات المشترطة لاكتساب الخبرة الفنية التي تؤهل معلم التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم، لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية قدرها ستة جنيهات شهرياً، بحسب قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 مارس سنة 1947، ينبغي أن تقضى بأكملها في تعليم الرياضة البدنية بجهة حكومية ومن ثم فلا يجوز الاعتداد، في هذا المقام، بالمدة التي تقضى في تعليم الرياضة البدنية، بجهة غير حكومية، مثل مدارس التعليم الحر ولا وجه للقول بأن قرار مجلس الوزراء المشار إليه، وقد استمد أحكامه من القواعد التي كان قد أقرها المجلس الأعلى للتعليم الحر، بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945، بالنسبة إلى معلمي التربية البدنية بمدارس التعليم الحر، فإنه ينبغي الاعتداد بمدة الخدمة السابقة بمدارس التعليم الحر، لمعلمي التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم، فتعتبر الخدمة المذكورة - من باب أولى - من نوع الخدمة الحكومية التي تكسب الخبرة الفنية المطلوبة، لا وجه لهذا القول، ذلك أن قرار مجلس الوزراء المبين آنفاً قاطع الحكم - كما سلف البيان - في الاعتداد فقط بمدة العمل الحكومي السابق، لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة، وإذ ورد هذا القرار على خلاف الأصل، في تحديد المرتبات ومنح الدرجات فإنه لا يجوز التوسع في تفسير حكمه أو القياس عليه، كما أن الحكمة التشريعية التي استهدفها تقوم - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها مجلس الوزراء - على أن الفرق أصبح، بين معلمي التربية البدنية بمدارس الوزارة ومعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر، من حيث الماهية والدرجة، كبيراً، مع أن.. معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية في الغالب يفضل معلم التربية البدنية بالمدارس الحرة، كما جاء بكتاب الوزارة المؤرخ 30 من يونيه سنة 1946، ويكون من الغبن عمل هذه التفرقة بينهم.
وحيث إن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى من هذا الوضع الشاذ، لذلك توصي وزارة التربية والتعليم بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر من حيث القواعد التي تطبق في تحديد المرتبات والدرجات حتى يستقيم الحال.. فهذه الحكمة التشريعية تنطوي على تفضيل مستوى تعليم التربية البدنية في الحكومة على مستواه في التعليم الحر، مما ينفي عن مقصود المشرع اعتبار الخدمة في التعليم الحر، مثل الخدمة في الحكومة، في اكتساب الخبرة الفنية المطلوبة. ولو كان في مقصود المشرع الاعتداد في هذا المجال، بمدة الخدمة السابقة في التعليم الحر، لما أعوزه النص على ذلك صراحة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 22 لسنة 10 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 23 أكتوبر سنة 1962، بناء على قرار صادر لصالحه في 15 من أكتوبر سنة 1962 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في طلب الإعفاء رقم 602 لسنة 9 القضائية، المقدم منه ضد وزارة التربية والتعليم في 10 من يونيه سنة 1962، وطلب في عريضة الدعوى "الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء في 9 من مارس سنة 1947 من بدء تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار". وتوجز أسانيد دعواه في أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1940 وعمل في مدارس التعليم الحر من 16 من نوفمبر سنة 1946 معلماً للتربية الرياضية، ثم عين بوزارة التربية والتعليم اعتباراً من 5 من ديسمبر سنة 1947 في وظيفة معلم تربية رياضية في الدرجة التاسعة، ولم يمنح الدرجة الثامنة إلا في سنة 1957، ولما كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 قد قضى بتسوية حالة معلمي التربية البدنية، وذلك بمنحهم الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات من بدء التعيين، فإنه يستحق والحالة هذه اعتباره في الدرجة المذكورة من 16 من نوفمبر سنة 1951 وقد أجابت منطقة الجيزة التعليمية عن الدعوى بأن المدعي عين اعتباراً من 5 من ديسمبر سنة 1947 في وظيفة معلم تربية بدنية بمدرسة عنيبة الابتدائية في الدرجة التاسعة بماهية قدرها خمسة جنيهات شهرياً لحصوله على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1940 ثم عين تعييناً جديداً في الدرجة الثامنة اعتباراً من 11 من إبريل سنة 1957 وأنه ما دام قد عين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فإنه لا تطبق عليه إلا أحكام هذا القانون، التي ألغت ضمناً قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، وبجلسة 14 من مارس سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية حالته، طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، باعتباره في الدرجة الثامنة الفنية بعد مضي خمس سنوات من تاريخ تعيينه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على الوجه المبين بالأسباب وإلزام المدعى عليها المصروفات". وأقامت قضاءها على أن المدعي، وقد تم تعيينه معلماً للتربية البدنية بمدارس الوزارة قبل أول يوليه سنة 1952، تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فإنه يفيد من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 عملاً بقاعدة عدم جواز المساس بالمراكز القانونية الذاتية، لأن حالة الموظف تخضع للأحكام المعمول بها وقت تعيينه، ما دام الأمر لا يتعلق بتعيين مبتدأ، تفتتح به علاقة وظيفية جديدة لها طابع مستقل.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا يفيد من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، إلا من يعين في ظله، وتكون قد اكتملت له مدة الخمس سنوات المنصوص عليها فيه قبل نفاذ قانون نظام موظفي الدولة، إذ يمكن القول حينئذ بأن هناك مركزاً قانونياً ذاتياً قد اكتسب ولا يمكن المساس به، أما إذا لم تكتمل هذه المدة قبل سريان القانون المذكور، فإن أحكام هذا القانون هي التي يتعين إعمالها بأثر مباشر.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التحدي بمدة الخدمة السابقة للمدعي في التعليم الحر، فإنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت "بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها - قاطع من جهة أنه اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن مدة الخمس السنوات المشترطة لاكتساب الخبرة الفنية، التي تؤهل معلم التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم، لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية قدرها ستة جنيهات شهرياً بحسب قرار مجلس الوزراء سالف الذكر، ينبغي أن تقضى بأكملها في تعليم الرياضة البدنية بجهة حكومية، ومن ثم فلا يجوز الاعتداد، في هذا المقام بالمدة التي تقضى في تعليم الرياضة البدنية، بجهة غير حكومية مثل مدارس التعليم الحر.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأن قرار مجلس الوزراء المشار إليه، وقد استمد أحكامه من القواعد التي كان قد أقرها المجلس الأعلى للتعليم الحر، بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945، بالنسبة إلى معلمي التربية البدنية بمدارس التعليم الحر، فإنه ينبغي الاعتداد بمدة الخدمة السابقة بمدارس التعليم الحر، لمعلمي التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم، فتعتبر الخدمة المذكورة - من باب أولى - من نوع الخدمة الحكومية التي تكسب الخبرة الفنية المطلوبة، لا وجه لهذا القول ذلك أن قرار مجلس الوزراء المبين آنفاً قاطع الحكم - كما سلف البيان - في الاعتداد فقط بمدة العمل الحكومي السابق، لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة، وإذ ورد هذا القرار على خلاف الأصل، في تحديد المرتبات ومنح الدرجات، فإنه لا يجوز التوسع في تفسير حكمه أو القياس عليه، كما أن الحكمة التشريعية التي استهدفها، تقوم - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها مجلس الوزراء - على أن الفرق أصبح، "بين معلمي التربية البدنية بمدارس الوزارة ومعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر، من حيث الماهية والدرجة، كبيراً، مع أن... معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية في الغالب يفضل معلم التربية البدنية بالمدارس الحرة، كما جاء بكتاب الوزارة المؤرخ 30 من يونيه سنة 1946، ويكون من الغبن عمل هذه التفرقة بينهم.
وحيث إن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى من هذا الوضع الشاذ، لذلك توصي وزارة المعارف العمومية بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر من حيث القواعد التي تطبق في تحديد المرتبات والدرجات حتى يستقيم الحال...". فهذه الحكمة التشريعية تنطوي على تفضيل مستوى تعليم التربية البدنية في الحكومة على مستواه في التعليم الحر، مما ينفي عن مقصود المشرع اعتبار الخدمة في التعليم الحر، مثل الخدمة في الحكومة، في اكتساب الخبرة الفنية المطلوبة. ولو كان في مقصود المشرع الاعتداد في هذا المجال، بمدة الخدمة السابقة في التعليم الحر، لما أعوزه النص صراحة على هذا الوضع، كما فعل في قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1951، الذي نص صراحة على "نقل جميع موظفي ومستخدمي مدارس التعليم الحر الذين ضموا لخدمة الحكومة من أول ديسمبر سنة 1950 كل منهم بحالته من حيث الماهية والدرجة وأقدميته فيها وموعد علاوته". وغني عن البيان، أن إمكان ضم مدة الخدمة السابقة للمدعي بالتعليم الحر، بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، لا يستتبع الاعتداد بها نتيجة لذلك من جهة استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، ذلك أن لكل من القرارين مجالاً يجرى فيه وحكماً مقصوراً عليه فالقرار الأخير في اشتراطه قضاء خمس سنوات لاكتساب الخبرة الفنية التي تؤهل معلم التربية البدنية لاستحقاق الدرجة الثامنة إنما يقيد في ذلك بأن تكون هذه المدة قد قضيت بالفعل في تعليم الرياضة البدنية بجهة حكومية، بقطع النظر عن إمكان ضمها أو عدم إمكانه، طبقاً لقواعد ضم مدة الخدمة السابقة، بينما القرار الأول إنما ينظم ضم مدة الخدمة السابقة في التعليم الحر، إلى أقدمية الدرجة التي يعين فيها الموظف المؤهل، ومن ثم فلا يجوز إعمال أثره إلا في خصوص ما صدر في شأنه، أي فيما يتعلق بضم مدة الخدمة السابقة فحسب، دون مجاوزة هذا القصد، إلى تغيير طبيعة الجهة التي قضيت فيها هذه المدة، واعتبارها جهة حكومية.
ومن حيث إنه متى كان المدعي قد عين في خدمة الحكومة في 5 من ديسمبر سنة 1947، فإنه لا يكون قد أمضى في خدمتها خمس سنوات سابقة على أول يوليه سنة 1952، تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951، ومن ثم فإنه لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية الذي انتهى العمل به في مجال التطبيق القانوني بنفاذ هذا القانون، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، من أن المدعي قد اكتسب مركزاً قانونياً في الإفادة من القرار المشار إليه، بمقولة إن تعيينه، قد تم قبل العمل بالقانون المذكور، ذلك أن المدعي لم يكن له سوى مجرد أمل في الترقية إلى الدرجة الثامنة، إذا ما أمضى المدة المذكورة في الخدمة في ظل ذلك القرار، وإذ بدأ نفاذ هذا القانون، قبل أن يستكمل هذه المدة، فإنه يكون قد أدركه بأثره المباشر، ومن ثم تسري عليه أحكامه باعتباره القانون الواجب التطبيق.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع في المبدأ ذاته حكمي المحكمة الصادرين في هذه الجلسة في القضيتين 517 لسنة 9 ق، 1218 لسنة 9 ق، 238 لسنة 10 ق - وراجع أيضاً الحكم الصادر بجلسة 4/ 4/ 1959 في القضية رقم 86 لسنة 4 ق.