أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1305

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.

(211)
الطعن رقم 5885 لسنة 58 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم مواد القانون التي أخذ المتهم بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(3) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع الدليل الفني في كل جزئية ليس بلازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود" "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. شرط ذلك؟.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دعوى مدنية "تركها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تخلف المدعي بالحقوق المدنية عن الحضور بشخصه أو كيل عنه بالجلسة دون عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إبدائه طلبات بالجلسة. أثره: اعتباره تاركاً لدعواه المدنية. المادة 261 إجراءات.
عدم جواز التمسك باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً دعواه المدنية لأول مرة أمام النقض. أساس ذلك؟.
1 - لما كان الثابت من مطالعة الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه أنه بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وذكر مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ثم بعد أن استعرض واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة استمدها مما قرره المجني عليه بالتحقيقات، وما ثبت من التقرير الطبي الابتدائي، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، أشار إلى النص القانوني الذي أخذ الطاعن به بقوله "الأمر الذي يتعين عقابه بمادة الاتهام والمادة 304/ أ. ج"، ومن ثم فإن النعي على الحكم بعدم إيراده مؤدى أدلة الثبوت وخلوه من نص القانون الذي عاقب الطاعن بموجبه يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
3 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
5 - لما كانت المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يعتبر تركاً للدعوى عدم حضور المدعي أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلاً عنه وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة". فقد اشترطت أن يكون غياب المدعي بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه دون قيام عذر تقبله المحكمة، ولذا فإن ترك الدعوى بالصورة المنصوص عليها في المادة سالفة البيان هو من المسائل التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً. ولما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يتمسك باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية لتخلفه عن الحضور أمامها بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فليس له أن يثير هذا الدفع - أياً كان وجه الرأي فيه - لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر "قضي ببراءته" بأنه أحدث عمداً بـ....... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز أشمون قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إنه لما كان الثابت من مطالعة الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه أنه بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وذكر مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ثم بعد أن استعرض واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة استمدها مما قرره المجني عليه بالتحقيقات، وما ثبت من التقرير الطبي الابتدائي، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، أشار إلى النص القانوني الذي أخذ الطاعن به بقوله "الأمر الذي يتعين عقابه بمادة الاتهام والمادة 304/ أ. ج"، ومن ثم فإن النعي على الحكم بعدم إيراده مؤدى أدلة الثبوت وخلوه من نص القانون الذي عاقب الطاعن بموجبه يكون غير سديد. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وأنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. وكان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال المجني عليه والتقرير الطبي الابتدائي ولم يعول على ما تضمنه التقرير الطبي المطول وما قرره طبيب المستشفى أمام المحكمة، وأورد من أقوال المجني عليه أن الطاعن ضربه بفأس على رأسه مما أدى إلى جرحه، ثم نقل عن التقرير الطبي الابتدائي أن إصابته عبارة عن جرحين بفروة الرأس، فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض مع ما نقله عن الدليل الفني، ولما كان ما تقدم، يكون منعى الطاعن على الحكم إغفاله إيراد مضمون التقرير الطبي المطول وأقوال الطبيب أمام المحكمة اللذان يظاهران دفاعه بتناقض الدليلين القولي والفني غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه دانه رغم تقديمه كتاباً من الشركة التي يعمل بها يتضمن وجوده في عمله وقت الحادث مردوداً بما هو مقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يعتبر تركاً للدعوى عدم حضور المدعي أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلاً عنه وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة" فقد اشترطت أن يكون غياب المدعي بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه دون قيام عذر تقبله المحكمة، ولذا فإن ترك الدعوى بالصورة المنصوص عليها في المادة سالفة البيان هو من المسائل التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً. ولما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يتمسك باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية لتخلفه عن الحضور أمامها بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فليس له أن يثير هذا الدفع - أياً كان وجه الرأي فيه - لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يفصح بذلك عن عدم قبوله موضوعاً.