أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1313

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله ومصطفى كامل.

(213)
الطعن رقم 5522 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباب لطعنه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم "بياناته". محكمة أمن الدولة. محكمة الجنايات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في اسم المحكمة التي أصدرته. لا يعيبه. ما دام أمر الإحالة قد اشتمل على اسم المحكمة الصحيح. أساس ذلك؟
(3) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استمرار المحامي في الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء المحاكمة. واجب - تغيبه باختياره لأي سبب عن الحضور. لا يمنع المحكمة من الاستمرار في الدعوى.
(4) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجلب هو استيراد المخدر بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس.
استيراد المواد المخدرة لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل الجمهورية.
الحيازة المادية للمخدر. ليست شرط لاعتبار الشخص حائزاً لمادة مخدرة. كفاية أن يكون سلطانه مبسوطاً على المخدر.
متى يعد المتهم فاعلاً أصلياً في جريمة جلب مواد مخدرة؟
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الرد على الدفع بأن المحكمة اعتمدت على أقوال الشاهد المستقاة من التسجيلات. غير لازم ما دام أن المحكمة لم تعول على هذه التسجيلات.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(7) دفوع "الدفع ببطلان الإجراءات". بطلان. نقض "الصفة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. أساس ذلك؟
(8) عقوبة "العقوبة المبررة". مواد مخدرة. جلب. رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". ارتباط.
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييبه الحكم في خصوص جريمة عرض الرشوة. ما دام الحكم قد دانه كذلك بجريمة جلب المخدر وأوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق تلك المقررة لها عملاً بالمادة 32 عقوبات.
(9) اشتراك. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ على قيام الاشتراك بين الطاعنين.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سائر عناصرها المطروحة على بساط البحث. وتطرح ما يخالفها ما دام سائغاً.
(11) إثبات "شهود" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب الحكم - ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً.
(12) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون بيان العلة.
(13) اشتراك. اتفاق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحقق الاشتراك بطريق الاتفاق باتخاذ نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه.
(14) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر. متى رأت أنها صدرت منه حقيقة وأنها تمثل واقع الدعوى.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
(15) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. مفاد ذلك؟
(16) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها" قصد جنائي.
متى لا يلتزم الحكم بالتحدث عن القصد من الجلب استقلالاً؟
(17) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. موضوعي.
حق المحكمة في الأخذ باعتراف متهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين. شرط ذلك؟
التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين. لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(18) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
أخذ المحكمة بأقوال شاهد - مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لعدم الأخذ بها.
(19) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليه.
(20) محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إنكار كل من المتهمين الاتهام وعدم تبادلهما إياه. قيام محام واحد بالدفاع. لا إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
(21) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المواد الجنائية عنصراً من عناصر الدعوى تقدير صحته ومطابقته للحقيقة وقيمته التدليلية. موضوعي.
الجدل في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(22) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة" "لغة المحاكمة".
الأصل أن تجرى إجراءات المحاكمة باللغة العربية ما لم تر سلطة التحقيق أو المحاكمة الاستعانة بمترجم. طلب المتهم ذلك يخضع لتقديرها.
(23) محكمة الموضوع "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان.
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. جواز العدول عنه.
(24) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات؟
(25) إثبات "أوراق رسمية". "خبرة". أحداث.
تقدير سن الحدث بوثيقة رسمية أو بواسطة خبير في حالة عدم وجودها. المادة 32 من القانون 31 لسنة 1974.
متى تعتبر الورقة رسمية. المادة 390 مدني المقابلة للمادة 10 إثبات.
المحررات التي تصدر من الدول الأجنبية والمصدق عليها من السلطات الرسمية لا تعتبر في حكم الرسمية. أساس ذلك؟
(26) اختصاص "الاختصاص النوعي". إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأعمال الإجرائية تجرى في حكم الظاهر. عدم بطلانها من بعد. نزولاً على ما ينكشف من أمر واقع.
(27) ارتباط. قانون "تفسيره" "تطبيقه". جلب. رشوة. اشتراك. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المقصود بالجرائم المرتبطة. الواجب نظرها أمام محكمة واحدة؟
(28) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً.
(29) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ برواية منقولة. متى اطمأنت إليها واقتنعت بصدورها عنه.
(30) اتفاق جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ماهية جريمة الاتفاق الجنائي؟ المادة 48 من قانون العقوبات.
1 - لما كان الطاعنان السادس عشر..... وشهرته...... والسابعة عشرة....... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن جريمة عرض الرشوة المؤثمة بنص المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات هي من بين الجرائم التي تضمنها أمر الإحالة الصادر من النيابة العامة، مما يجعل الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1980 دون غيرها بحكم ارتباط هذه الجريمة بغيرها من الجرائم المرفوعة عنها الدعوى، وإذ أمرت النيابة العامة بإحالة الدعوى إلى هذه المحكمة - مما لا يمارى فيه الطاعن الأول - فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقة الأمر صادراً منها ولا يعدو ما ورد بمحضر الجلسة أو ديباجة الحكم من أنهما صادران من محكمة جنايات دمنهور وأمن الدولة العليا أن يكون خطأ مادياً لا ينال من سلامته.
3 - من المقرر أن واجب المحامي يقضي عليه بالاستمرار في الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء المحاكمة فإذا تغيب المحامي باختياره لأي سبب كان عن الحضور مع المتهم فللمحكمة قانوناً أن تستمر في نظر الدعوى في غيابه.
4 - من المقرر أن الشارع إذ عاقب في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المواد المخدرة وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر في الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وإذ كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز شخصاً غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن أشار في تحصيله لأقوال الشاهد.... إلى قيامه ببعض التسجيلات التي كان الشاهد الأول...... طرفاً فيها إلا أنه لم يورد مضمون تلك التسجيلات أو يعول على ثمة معلومات مستقاة منها وإنما اعتمد في هذا الشأن على ما حصله من أقوال للشاهد..... نقلاً عن الشاهد الأول المذكور مما تنحسر معه عن الحكم في هذا الصدد دعوى التناقض في التسبيب.
6 - لما كان الطاعنان لا يدعيان أنهما طلبا من المحكمة استدعاء الرائد..... لمناقشته في الأمر فليس لهما - من بعد - النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلباه منها.
7 - من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه.
8 - لما كان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن عن جرائم جلب مخدر وعرض رشوة وتهريب جمركي والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب هذه الجرائم قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يبين صفة مصدر الطلب برفع الدعوى الجنائية عن جريمة التهرب الجمركي. وحيث إن منعى الطاعن المؤسس على هذا السبب وحده مردود بأن الحكم أعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات ولم يقض عليه بغير العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه عنها وهي جريمة جلب المخدر فلا تكون له مصلحة في النعي على الحكم بالنسبة لجريمة التهريب الجمركي طالما لم يوقع عليه أية عقوبة عنها أصلية كانت أم تكميلية.
9 - لما كان الحكم قد أقام قضاءه باشتراك الطاعنين في جرائم جلب المخدر وتهريبه من الجمارك وعرض الرشوة على سند من أنهما اتفقا مع الطاعنين الثلاثة الأول على جلب مواد مخدرة وتهريبها إلى داخل البلاد من المنطقة التي يتولى الشاهد الأول حراستها في مقابل رشوة هذا الأخير، ودلل الحكم على قيام هذا الاشتراك بما كشفت عنه أقوال شهود الإثبات التي اطمأنت إليها من تعدد لقاءات الطاعنين بالشاهد السالف لحساب الطاعنين الثلاثة الأول وما صدر منهما في هذه اللقاءات من تشجيع وإغراء للشاهد بقصد حمله على قبول معاونة هؤلاء الأخيرين في جلب المواد المخدرة عن طريق منطقة حراسته مقابل الرشوة التي يعرضونها عليه، وإذ أثبت الحكم في تدليل سائغ وقوع تلك الجرائم نتيجة لهذا الاشتراك، وأن جريمة الجلب التي تم ضبطها كانت ثمرة له ولم تكن وليدة الاتفاق الجنائي الآخر الذي تضمنته الأوراق.
10 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أٌقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
11 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم إيراده أقوالاً متعارضة للشهود المختلفين ما دام قد استخلص منها صورة الواقعة التي اعتنقها بما لا تناقض فيه.
12 - من المقرر أن للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه.
13 - من المقرر أن الاشتراك في الجريمة بطريق الاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب جريمة أو جرائم معينة متى كان وقوعها ثمرة لهذا الاتفاق.
14 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى وأن لها وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
15 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
16 - لما كان الجلب بطبيعته وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - لا يقبل تفاوت القصود فلا يلزم الحكم أن يتحدث عن القصد في هذه الجريمة على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له.
17 - من المقرر أن تقدير الأدلة من إطلاقات محكمة الموضوع فلها كامل الحرية في الأخذ بأقوال الشهود واعترافات المتهمين في حق أنفسهم أو في حق غيرهم من المتهمين متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، وأن التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
18 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها وحدها وما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادقاً في ناحية أخرى.
19 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الإثبات التي أوردها الحكم.
20 - من المقرر أن تعارض المصلحة في الدفاع يقتضي أن يكون لكل متهم دفاع يلزم عنه عدم صحة دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم كل من المتهمين جانب الإنكار ولم يتبادلوا الاتهام - كالحال في هذه الدعوى - فلا محل للقول بقيام التعارض بينهم.
21 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما يثيره الطاعنون بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى مما تستقل به ولا يجوز معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.
22 - الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها.
23 - من المقرر أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
24 - من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء والمبادرين بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان الإبلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط الجناة.
25 - لما كانت المادة 32 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد نصت على أنه "لا يعتد في تقدير سن الحدث بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقدر سنه بواسطة خبير" وكان مناط رسمية الورقة وفق المادة 390 من القانون المدني - المقابلة للمادة 10 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - أن يكون محررها موظفاً عمومياً أو مكلفاً بخدمة عامة مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها وإعطائها الصيغة الرسمية، ويقصد به في هذا الخصوص شخص تعينه الدولة المصرية لإجراء عمل من الأعمال المتعلقة بها أو لتنفيذ أمر من أوامرها أجرته على ذلك أو لم تؤجره، ومن ثم فإن المحررات التي قدمها الطاعن العاشر سواء لمحكمة الموضوع أو لهذه المحكمة - محكمة النقض - بشأن تاريخ ميلاده والمنسوب صدورها إلى الجمهورية اللبنانية لا تعتبر أي منهما في حكم الوثيقة الرسمية وفقاً لقانون الأحداث سالف الذكر، ولا يغير من الأمر التصديق من جانب السلطات المصرية على أختام وتوقيعات المسئولين بالخارجية اللبنانية التي مهرت بها هذه المحررات، إذ ليس من شأن ذلك أن يغير من طبيعتها أو يضفي صفة الرسمية على فحواها طالما أن تدخل الموظفين المصريين لم يتصل بالبيانات الواردة فيها سواء التحقق من صحتها أم الموافقة عليها أو اعتمادها.
26 - الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما يكشف من أمر واقع.
27 - لما كانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الأخيرة على أنه "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها"، والمقصود بالجرائم المرتبطة هي تلك التي تتوافر فيها الشروط المنصوص عليها في المادة 32 من قانون العقوبات بأن يكون الفعل الواحد جرائم متعددة أو تقع عدة جرائم لغرض واحد وتكون مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة ويستوي الحال لو وقعت إحدى هذه الجرائم من عدة أشخاص ارتكب واحد منهم أو أكثر الجريمة التي توجد حالة الارتباط.
28 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنان لم يفصحا عن أوجه التعارض والخلاف بين أقوال شاهدي الإثبات التي عول الحكم عليها في إدانتهما، فإن ما يثيرانه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
29 - من المقرر أن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ براوية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد.
30 - من المقرر أنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء كانت معينة أو غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة بالاتفاق أو لم تقع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ...... (طاعن) 2 - ....... (طاعن) 3 - ....... (طاعن) 4 - ....... (طاعن) 5 - ...... (طاعن) 6 - ...... 7 - ...... (طاعن) 8 - ....... (طاعن) 9 - ....... 10 - ....... 11 - ....... (طاعن) 12 - ...... 13 - ...... (طاعن) 14 - ...... (طاعنة) 15 - ....... (طاعن) 16 - ...... 17 - ...... 18 - ....... 19 - ...... 20 - ...... 21 - ....... 22 - ...... 23 - ...... 24 - ....... 25 - ...... 26 - ....... (طاعن) 27 - ....... (طاعن) 28 - ....... (طاعن) 29 - ....... (طاعن) 30 - ...... (طاعن) 31 - ....... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً 1 - جلبوا إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية جوهريين مخدرين (حشيش وأفيون) قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. 2 - هربوا البضائع آنفة الذكر بأن أدخلوها إلى أراضي جمهورية مصر العربية بطريق غير مشروع وبالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ثانياً: المتهمون جميعاً من الأول حتى العاشر: اشتركوا في اتفاق جنائي - حرض المتهمون الثلاثة الأول عليه وتداخلوا في إدارة حركته الغرض منه ارتكاب جنايتي جلب جوهرين مخدرين (حشيش وأفيون) إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة وعرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن اتحدت إرادتهم على جلب الجواهر المخدرة من...... ودبروا خطة وزمان ومكان اقترافها وذلك بالاتفاق مع النقيب....... على إخلاء مكان التهريب بنطاق حراسة قيادته من جنود الحراسة مقابل مبلغ يتقاضاه على سبيل الرشوة، ويقوم المتهمون من السابع إلى العاشر باستقبال المركب الأجنبي الجالب للمخدرات واستلامها منه لإحضارها حتى الشاطئ ليتولى المتهمون من الأول حتى السادس تهريبها إلى داخل البلاد فوقعت جريمتي الجلب وتهريب الجواهر المخدرة وجريمة عرض الرشوة بناء على هذا الاتفاق ومع علمهم به. ثالثاً: المتهمون من الأول إلى الرابع: عرضوا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرضوا على النقيب.... قائد ثان السرية الثالثة هجانة لسلاح الحدود بالقوات المسلحة مبلغ ستين ألف جنيه مصري على سبيل الرشوة مقابل تسهيل جلب وتهريب جوهرين مخدرين (حشيش وأفيون) على نطاق حراسة السرية قيادته إلى داخل البلاد - ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منهم. رابعاً: المتهمون من الحادي عشر إلى الثالث والعشرين: اشتركوا في اتفاق جنائي - حرض عليه المتهمون من الحادي عشر إلى الخامس عشر وتداخلوا في إدارة حركته - الغرض منه ارتكاب جناية جلب جوهرين مخدرين "حشيش وأفيون" إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة بأن اتحدت إرادتهم على القيام بها ودبروا خطة وزمان ومكان اقترافها بأن اتفق المتهمون من الحادي عشر إلى الرابع عشر على جلب المخدرات لحسابهم من.... وأجروا اتصالاتهم مع تجار المخدرات هناك وأرسلوا الشاهد العاشر إلى..... مندوباً لإحضارها واتفقوا أيضاً مع المتهم الخامس عشر على استلام المخدرات من المركب الجالب لها وتوصيلها إليهم واتفق الأخير مع المتهمين من السادس عشر إلى الثالث والعشرين على ذلك وأعد لذلك مركب لاستقبال المركب الجالب واستلام المخدرات منه ووضعها بمخزن إضافي بالمركب المقل لها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق ومع علمهم به. خامساً: المتهمون من الأول إلى الثالث ومن الحادي عشر إلى الرابع عشر ومن الرابع والعشرين إلى الحادي والثلاثين: اشتركوا في اتفاق جنائي - حرض عليه المتهمون من الأول إلى الثالث ومن الحادي عشر إلى الرابع عشر والرابع والعشرين والخامس والعشرين وتداخلوا في إدارة حركته الغرض منه ارتكاب جناية طلب جوهرين مخدرين (حشيش وأفيون) إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة بأن اتحدت إرادتهم على القيام بها ودبروا خطة وزمان ومكان اقترافها بأن اتفق المتهمون من الأول إلى الثالث ومن الحادي عشر إلى الرابع عشر مع المتهمين الرابع والعشرين والخامس والعشرين على قيام الأخيرين ببيع وتصدير - المخدرات إليهم تهريباً عن طريق البحر فأعدا الأخيرين مركباً لذلك ووضعوا بها المخدرات المتفق عليها واتفق مع المتهمين من السادس والعشرين إلى الحادي والثلاثين على الإبحار بالمركب من لبنان إلى مصر وبصحبتهم أحد الشهود وتسليم المخدرات للمتهمين من الأول إلى الثالث وإذ لم يتيسر ذلك تسلم للمتهمين من الحادي عشر إلى الرابع عشر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق ومع علمهم به. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة أمن الدولة العليا قضت غيابياً للمتهمين الرابع والعشرين والخامس والعشرين وحضورياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد 40، 41، 48/ 1، 2، 3، 104، 109 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقوانين أرقام 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977، 45 لسنة 1984 والبندين 9، 57 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 12، 15، 121، 122/ 1، 164 من القانون 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسابع والثامن والرابع والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثون والواحد والثلاثين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه عما نسب إليهم ومصادرة المواد المخدرة والمركب الأجنبي والعربة الكارو ودابتها. ثالثاً: بمعاقبة كل من المتهمين الحادي عشر والثالث عشر والخامس عشر بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبمعاقبة المتهمة الرابعة عشرة...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن تهمة الاتفاق الجنائي المسندة إليها وبراءتها من باقي التهم. ثالثاً: ببراءة باقي المتهمين من التهم المسندة إليهم.
فطعن المحكوم عليهم من الأول إلى الخامس والسابع والثامن والحادي عشر ومن الثالث عشر حتى الخامس عشر ومن السادس والعشرين إلى الحادي والثلاثين في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنان السادس عشر..... وشهرته...... والسابعة عشرة...... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
أولاً: بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الأول..... والثاني.....:
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين عن جرائم جلب مواد مخدرة دون ترخيص وعرض رشوة وتهريب جمركي والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب هذه الجرائم قد شابه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد، ذلك أن الدعوى أحيلت من النيابة العامة إلى محكمة أمن الدولة العليا إلا أن الحكم صدر من محكمة لا ولاية لها أطلق عليها اسم "محكمة جنايات دمنهور وأمن الدولة العليا" ولم يثبت حضور أحد من المحامين للدفاع عن الطاعن الأول بجلستي 4، 5/ 12/ 1987 مما يبطل إجراءات المحاكمة، وقد ساءل الحكم الطاعنين عن جريمة الجلب دون أن يدلل على مساهمتهما فيها أو يستظهر صلتهما بالاتفاق الجنائي الذي نسبه إليهما وبرغم أن الطاعن الأول كان معتقلاً من قبل وقوع جريمة الجلب بما يزيد على العشرين يوماً مما يؤكد أنها لم تقع نتيجة لذلك الاتفاق ولا يصح معه قانوناً اعتبار سلطانه مبسوطاً على المخدر المجلوب، كما أن الحكم رغم استبعاده التسجيلات الصوتية التي تمت عول على ما جاء بأقوال الشاهد...... في شأنها، هذا إلى أن ما أورده على لسان الشاهد النقيب..... من أن الرائد...... اعتقد خطأ حصول لقاء بينه وبين الطاعن الأول بتاريخ 17/ 5/ 1987 لا سند له من الأوراق، وفات المحكمة أن تستدعي الرائد...... تستجلي منه حقيقة هذا الأمر، وقد تمسك الدفاع ببطلان إجراءات التحقيق الذي باشرته النيابة العسكرية لعدم اختصاصها، وببطلان ما أصدرته من الأذون لعدم استنادها لتحريات جدية وصدورها في شأن جريمة مستقبلة، كما دفع ببطلان إجراءات تنفيذ تلك الأذون لعدم مباشرتها بمعرفة مأمور الضبط القضائي المأذون إلا أن الحكم أغفل الرد على تلك الدفوع في حين أنه عول على الاعتراف الذي نسب الشاهد...... للطاعن الثالث أنه أدلى به إليه إثر القبض عليه تنفيذاً لأمر الضبط الصادر من النيابة العسكرية، وأخيراً فقد دان الحكم الطاعن الثاني عن جريمة عرض الرشوة رغم أن البين من مدوناته أن مرتكبها هو الطاعن الأول وحده، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على الأوراق أن جريمة عرض الرشوة المؤثمة بنص المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات هي من بين الجرائم التي تضمنها أمر الإحالة الصادر من النيابة العامة، مما يجعل الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1980 دون غيرها بحكم ارتباط هذه الجريمة بغيرها من الجرائم المرفوعة عنها الدعوى، وإذ أمرت النيابة العامة بإحالة الدعوى إلى هذه المحكمة - مما لا يمارى فيه الطاعن الأول - فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقة الأمر صادراً منها ولا يعدو ما ورد بمحضر الجلسة أو ديباجة الحكم من أنهما صادران من محكمة جنايات دمنهور وأمن الدولة العليا أن يكون خطأ مادياً لا ينال من سلامته. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة بعد أن نظرت الدعوى في عدة جلسات حضرها جميعاً محاميا الطاعن الأول أو أحدهما وفيها أبدى الدفاع طلباته وتمت تلاوة أقوال الشهود الغائبين وسماع مرافعة النيابة وبعض مرافعات الدفاع عن المتهمين الآخرين، ولم يحضر محام عن هذا الطاعن الجلستين المشار إليهما بأسباب الطعن، ثم حضر بعد ذلك محامياً إلى نهاية المحاكمة حيث استمعت المحكمة إلى شهادة الشاهد الأول في الدعوى واستكملت سماع باقي مرافعات الدفاع ومنها مرافعة محامين الطاعن، وكان البين مما تقدم أنه كان بإمكان الدفاع عن الطاعن الأول الإلمام بكافة إجراءات المحاكمة غير قادح في ذلك تغيبه هاتين الجلستين بإرادته، فإن المحكمة لا تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع وينحسر البطلان عن إجراءاتها لما هو مقرر من أن واجب المحامي يقضي عليه بالاستمرار في الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء المحاكمة فإذا تغيب المحامي باختياره لأي سبب كان عن الحضور مع المتهم فللمحكمة قانوناً أن تستمر في نظر الدعوى في غيابه. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها السائغة المستقاة من أقوال الشهود واعترافات بعض المتهمين ومن معاينة النيابة العامة وتقرير المعامل الكيماوية قد خلص إلى إدانة الطاعنين بجريمة جلب المواد المخدرة المضبوطة تأسيساً على أنهما والطاعن الثالث اتفقوا مع المتهمين الرابع والعشرين والخامس والعشرين - المحكوم عليهما غيابياً - على تصديرها لهم من لبنان وتابعوا إجراءات شحنها موعد وصولها وكيفية تهريبها إلى داخل البلاد بمساعدة الشاهد الأول - الذي تظاهر بمسايرتهم - بعد عرضهم رشوة عليه لهذا الغرض، وأن اعتقال الطاعن في الفترة السابقة على ورود المواد المخدرة لا ينفي صلته بجريمة جلبها التي أسهم في تنفيذها أو يؤثر على مسئوليته عن استيرادها، وكان الشارع إذ عاقب في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المواد المخدرة وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر في الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وإذ كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز شخصاً غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين اتفقا على جلب المواد المخدرة المضبوطة وأن كلاً منهما أسهم - تحقيقاً لذلك بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وسرده لأدلتها، فإن ما انتهى إليه الحكم من توافر الجلب بحق كل من الطاعنين يتفق وصحيح القانون ولا يقدح في ذلك أن يكون أولهما قد اعتقل في الفترة السابقة على وصول المواد المخدرة للبلاد طالما أنه قام بدوره في الإعداد لهذه الجريمة وتنفيذها بما تتحقق به مسئوليته عنها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الوجه غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن أشار في تحصيله لأقوال الشاهد..... إلى قيامه ببعض التسجيلات التي كان الشاهد الأول..... طرفاً فيها إلا أنه لم يورد مضمون تلك التسجيلات أو يعول على ثمة معلومات مستقاة منها وإنما اعتمد في هذا الشأن على ما حصله من أقوال للشاهد..... نقلاً عن الشاهد الأول المذكور مما تنحسر معه عن الحكم في هذا الصدد دعوى التناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى أقوال الشاهد..... بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ 6/ 12/ 1988 أنه نفى حضور الطاعن الأول اللقاء الذي تم في 27/ 5/ 1987 أو أنه أخبر بذلك الرائد..... إلا أنه ذكر أنه كان قد أبلغ الأخير قبل ذلك بما تم الاتفاق عليه من تحديد موعد لمقابلة الطاعن الأول وغيره من المتهمين في ذلك التاريخ، ومن ثم فإن العبارة التي نسبها الحكم للشاهد السالف بشأن اعتقاد الرائد.... خطأ نتيجة هذه الملابسات أن الطاعن الأول حضر اللقاء المشار إليه لا تعدو أن تكون استخلاصاً من الحكم يبرره سياق أقوال هذا الشاهد، ويضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص بالخطأ في الإسناد غير ذي وجه ولا يعتد به. ولما كان الطاعنان لا يدعيان أنهما طلبا من المحكمة استدعاء الرائد..... لمناقشته في الأمر فليس لهما - من بعد - النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلباه منها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على ثمة أدلة مستمدة من تحقيق النيابة العسكرية بعد استبعاده التسجيلات الصوتية التي أمرت بإجرائها، وكان الثابت من الرجوع إلى المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن النيابة العامة هي التي أصدرت الأمر بضبط المتهم الثالث خلافاً لما يزعمه الطاعنان، هذا إلى أنه لا صفة لهما في النعي ببطلان الدليل المستمد من اعتراف المتهم السالف إثر تنفيذ هذا الأمر لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه. فإن النعي على الحكم في هذا الوجه بدعوى إغفاله الرد على ما أثير من بطلان تحقيق النيابة العسكرية وما ترتب عليه لا يكون له محل لانتفاء الجدوى منه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات ولم يوقع على الطاعن الثاني سوى العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه بها وهي جريمة جلب المخدر، فإنه لا مصلحة له مما ينعاه على الحكم بالنسبة لجريمة عرض الرشوة، لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس مستوجباً للرفض.
ثانياً - بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الثالث....:
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن عن جرائم جلب مخدر وعرض رشوة وتهريب جمركي والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب هذه الجرائم قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يبن صفة مصدر الطلب برفع الدعوى الجنائية عن جريمة التهرب الجمركي.
وحيث إن منعى الطاعن المؤسس على هذا السبب وحده مردود بأن الحكم أعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات ولم يقض عليه بغير العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه عنها وهي جريمة جلب المخدر فلا تكون له مصلحة في النعي على الحكم بالنسبة لجريمة التهريب الجمركي طالما لم يوقع عليه أية عقوبة عنها أصلية كانت أم تكميلية.
ثالثاً - بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الرابع..... والخامس....:
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم الاشتراك في جلب مواد مخدرة وعرض رشوة وتهريب جمركي وفي اتفاق جنائي على ارتكابها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك أنه لم يسند إليهما من الأفعال ما يوفر الاشتراك في تلك الجرائم أو يدلل على وقوعها نتيجة هذا الاشتراك، سيما وأن الأوراق تنبئ بأن جريمة الجلب التي تم ضبطها لم تكن هي المقصودة من الاتفاق الجنائي المقال بأن الطاعنين كانا شريكين فيه وإنما وقعت من متهمين لا تربطهم أدنى صلة بهما، هذا إلى أن الحكم أورد أقوالاً متناقضة لشهود الإثبات بهذا الصدد، وأغفل ما جاء بأقوال شاهد الإثبات الأول النقيب..... بشأن تحذير الطاعن الثاني له من الإفضاء بتفصيلات خطة الجلب للطاعن الخامس مع أن هذا الأمر يقطع بأن الأخير ليس شريكاً في ارتكابها، كما استند الحكم لأقوال هؤلاء الشهود في الإدانة مع أن أغلبها سماعية ورغم ما شابها من الكذب بدليل ما قدمه الطاعنان من أوراق رسمية تفيد تواجدهما بمقر عملهما في التواريخ المقال بأنهما حضرا فيها اللقاءات التي تمت مع الشاهد الأول، فضلاً عن أنه سكت عن الرد على ما تمسك به الدفاع من بطلان تحقيق النيابة العسكرية وما ترتب عليه لعدم اختصاصها ومن بطلان ما أصدرته من أذون بتسجيل المحادثات لابتنائها على تحريات غير جدية وصدورها في شأن جريمة مستقبلة، كما لم يبين صفة مصدر الطلب برفع الدعوى الجنائية عن جريمة التهريب الجمركي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه باشتراك الطاعنين في جرائم جلب المخدر وتهريبه من الجمارك وعرض الرشوة على سند من أنهما اتفقا مع الطاعنين الثلاثة الأول على جلب مواد مخدرة وتهريبها إلى داخل البلاد من المنطقة التي يتولى الشاهد الأول حراستها في مقابل رشوة هذا الأخير، ودلل الحكم على قيام هذا الاشتراك بما كشفت عنه أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها من تعدد لقاءات الطاعنين بالشاهد السالف لحساب الطاعنين الثلاثة الأول وما صدر منهما في هذه اللقاءات من تشجيع وإغراء للشاهد بقصد حمله على قبول معاونة هؤلاء الأخيرين في جلب المواد المخدرة عن طريق منطقة حراسته مقابل الرشوة التي يعرضونها عليه، وإذ أثبت الحكم في تدليل سائغ وقوع تلك الجرائم نتيجة لهذا الاشتراك، وأن جريمة الجلب التي تم ضبطها كانت ثمرة له ولم تكن وليدة الاتفاق الجنائي الآخر الذي تضمنته الأوراق، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حبسما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - كما أنه لا يعيب الحكم إيراده أقوالاً متعارضة للشهود المختلفين ما دام قد استخلص منها صورة الواقعة التي اعتنقها بما لا تناقض فيه - كالحال في هذه الدعوى - وكان من المقرر أن للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه، فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يسوغ ما انتهى إليه من توافر الاشتراك في تلك الجرائم بحق الطاعنين، ذلك بأن الاشتراك في الجريمة بطريق الاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب جريمة أو جرائم معينة متى كان وقوعها ثمرة لهذا الاتفاق وهو ما أثبته الحكم مدللاً عليه بما يؤدي إلى ما رتبه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى وأن لها وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وما دامت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال شهود الإثبات وأطرحت ما أثاره الطاعنان من تشكيك فيها فلا تثريب عليها في ذلك لما هو مقرر من الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المحكمة - كما سبق البيان - لم تعول على ثمة أدلة مستمدة من تحقيق النيابة العسكرية فإنه لا جدوى للطاعنين من النعي على الحكم في خصوص إغفاله الرد على ما دفعا به من بطلانه، كما أنه لا مصلحة لهما في إثارة دعوى القصور في البيان بالنسبة لجريمة التهريب الجمركي طالما أعمل الحكم المادة 32 من قانون العقوبات - كما سبق القول - ولم يقض عليهما بغير العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانهما بها وهي جريمة الاشتراك في جلب المخدر ومن ثم يضحى طعنهما على غير أساس مستوجباً للرفض.
رابعاً - بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين السادس..... والسابع......:
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين عن جرائم جلب المخدر والتهريب الجمركي والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب هاتين الجريمتين قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين دورهما في ارتكاب جريمة الجلب أو يقم الدليل على ما أسنده إليهما من الاشتراك في اتفاق جنائي كما لم يستظهر القصد الجنائي بالجلب في حقهما، وأقام قضاءه بإدانتهما على ما أورده من أقوال شهود الإثبات جميعاً على حين أن كل من ما قام في شأنهما لا يعدو أقوالاً متناقضة أدلى بها الشاهد...... أو جرت على لسان بعض المتهمين من طاقم المركب الأجنبي، هذا إلى أن ما نسبه الحكم للشاهد.... من القول بأنه علم من تحرياته بمساهمتهما في جريمة الجلب لا سند له من الأوراق. فضلاً عن أن الحكم عول في قضائه على أقوال الشهود ذاتها التي إطراحها بالنسبة لمن قضى ببراءته من المتهمين، وأغفل الرد على دفاع الطاعنين بأنهما أجبرا على المساهمة في عملية الجلب رغم ما قام من شواهد عديدة تؤيد هذا الدفاع، وأخيراً فقد تولى محام واحد الدفاع عن الطاعنين ومتهمين آخرين في الدعوى برغم تعارض المصلحة بينهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بارتكابها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت على الطاعنين أنهما قاما بنقل المواد المخدرة من المركب الأجنبي التي قامت بجلبها إلى الشاطئ وعادا إدراجهما إليها حيث تم ضبطهما بها مع أفراد طاقمها، وكان ما أثبته الحكم من ذلك - وفقاً لما سلف بيانه من تحديد معنى الفاعل في جريمة الجلب - كافياً وسائغاً في التدليل على أن الطاعنين أسهما بدور في تنفيذ هذه الجريمة بما يجعلهما في صحيح القانون فاعلين لها، وإذ أعمل الحكم في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة واحدة هي المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقهما، فإنه لا جدوى مما يثيرانه تعييباً للحكم في شأن جريمة الاتفاق الجنائي، ولما كان الجلب بطبيعته وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - لا يقبل تفاوت القصود فلا يلزم الحكم أن يتحدث عن القصد في هذه الجريمة على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، وكان ما أثبته الحكم من أن كمية المخدرات التي تم جلبها قد بلغ وزنها 755 كيلوا جراماً من الحشيش و38 كيلو جراماً من الأفيون كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه الطاعنان معنى الجلب كما هو معروف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة، فإن نعي الطاعنين في هذا الوجه جميعه غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد أقوال شهود الإثبات بالنسبة لكافة الوقائع والمتهمين في الدعوى إلا أنه لم يقصد من ذلك - على ما يبين من مدوناته - الاستدلال بها جميعاً على الجرم المسند إلى الطاعنين، وإنما عول في هذا الشأن على أقوال الشهود....... والرائد..... والنقيب..... و...... فضلاً عن أقوال المتهمين من أفراد طاقم المركب الأجنبي التي استخدمت في جلب المواد المخدرة، وكان ما أورده الحكم من تلك الأدلة له مأخذه الصحيح من الأوراق على ما يبين من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة من إطلاقات محكمة الموضوع فلها كامل الحرية في الأخذ بأقوال الشهود واعترافات المتهمين في حق أنفسهم أو في حق غيرهم من المتهمين متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، وأن التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإن النعي على الحكم في هذا الوجه بدعوى الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد لا يكون له محل ولا يعتد به. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها وحدها وما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادقاً في ناحية أخرى. فإن ما يثيره الطاعنان بهذا الوجه لا محل له. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الإثبات التي أوردها الحكم فإنه لا تثريب على المحكمة وقد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أدلة الإثبات القائمة في الدعوى إن هي لم ترد على دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في تلك الأدلة. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن محامياً واحد حضر عن الطاعنين والمتهمين التاسع والعاشر ودار مرافعته حول نفي الاتهام عنهم، وكان من المقرر أن تعارض المصلحة في الدفاع يقتضي أن يكون لكل متهم دفاع يلزم عنه عدم صحة دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم كل من المتهمين جانب الإنكار ولم يتبادلوا الاتهام - كالحال في هذه الدعوى - فلا محل للقول بقيام التعارض بينهم ومن ثم يضحى هذا النعي غير قويم، ويكون الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.
خامساً - بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين من الثامن إلى الثالث عشر...... و...... و...... و..... و..... و.....:
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم جلب المخدر والتهريب الجمركي والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب هاتين الجريمتين قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الدفاع كان قد تمسك ببطلان ما أسند إلى الطاعنين من اعترافات بالعربية لأنهم يجهلونها وطلب الاستعانة بمترجم أثناء المحاكمة إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع بما يسيغ إطراحه وفصلت في الدعوى دون استدعاء مترجم مع أنها كانت أجلتها لهذا الغرض، كما أن الحكم لم يعمل في حق الطاعنين موجب الإعفاء المقرر في المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960 وأطرح دفاعهم في هذا الشأن برد معيب مخالف للثابت بالأوراق ويضيف الطاعنان الثامن والعاشر أن دفاعهما قام على عدم توافر جريمة الجلب بحقهما لعدم دخولهما المياه الإقليمية أو ضبطهما فيها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يصلح رداً دون تحقيقه، كما دانهما عن جريمة الاتفاق الجنائي مع أنهما بمنأى عن التأثيم لتمام هذا الاتفاق - بفرض قيامه - خارج البلاد، فضلاً عن أنه رفض الدفع المبدى من ثانيهما بعدم اختصاص المحكمة لكونه حدثاً بما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبها عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص إلى سلامة اعترافات الطاعنين التي صدرت منهم باللغة العربية إسناداً إلى ما جاء بأقوال الشاهد..... وما كشفت عنها ردودهم على أسئلة المحقق من معرفتهم العربية وإجادتهم الحديث بها، وإذ كان ما ساقه الحكم من ذلك منتجاً في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى معرفة الطاعنين اللغة العربية ويسوغ ما انتهت إليه من رفض الدفع المبدى منهم ببطلان اعترافاتهم بدعوى الجهل بها، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما يثيره الطاعنون بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى مما تستقل به ولا يجوز معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها. ولما كانت المحكمة - حسبما سلف بيانه - قد وضح لها معرفة الطاعنين اللغة العربية فإنها لم تكن بحاجة إلى استدعاء مترجم مما يسوغ التفاتها عن طلب الطاعنين في هذا الشأن، هذا إلى أن حضور محام يتولى الدفاع عن الطاعنين فيه ما يكفي لكفالة الدفاع عنهم فليس من شأن عدم الاستعانة بمترجم أن يبطل إجراءات المحاكمة، وليس بذي شأن أن تكون المحكمة قد أصدرت قراراً بدعوة مترجم ثم عدلت عن قرارها إذ أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تحقق به حكمة التشريع هو تعدد المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان الإبلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط الجناة، ولما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين في هذا الشأن وأطرحه - بما له مأخذه الصحيح من الأوراق - تأسيساً على أنهم لم يدلوا بأية معلومات أماطت اللثام عن قيام المتهمين الرابع والعشرين والخامس والعشرين بتصدير المواد المخدرة التي ضبطها إذ كانت السلطات على علم بأمر مساهمة هذين الأخيرين في الجريمة مما أدلى به الشاهدان....... والعميد...... من أقوال، وكان لقاضي الموضوع أن يفصل في ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في رفض مطلب الطاعنين الانتفاع بالإعفاء المقرر في المادة 48 من القانون سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بياناً لواقعة الدعوى وفي تحصيله لأدلة الإثبات ورده على دفاع الطاعنين أن المركب الأجنبي التي كانوا يستقلونها واستخدموها في جلب المخدر دخلت المياه الإقليمية وتم ضبطها في نطاقها على إثر نقل المخدر منها إلى الشاطئ، فإن ما أورده الحكم من ذلك - مما له أصله بالأوراق - يتحقق به معنى الجلب في حكم القانون رقم 1982 لسنة 1960 سالف البيان ويسوغ به إطراح دفاع الطاعنين الثامن والعاشر في هذا الشأن، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعنان من أن المحكمة لم تقم بالتحقيق عن طريق القياس من عبور المركب المشار إليها المياه الإقليمية طالما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أنهما أو المدافع عنهما لم يطلبا منها فلا يكون لهما - بعد ذلك - النعي عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلباه منها ولم تر هي حاجة إليه، ولما كانت المحكمة - كما سبق البيان - قد أعملت المادة 32 من قانون العقوبات ولم توقع على الطاعنين سوى العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانتهما عنها وهي جريمة الجلب فإن مجادلتهما في شأن جريمة الاتفاق الجنائي تكون عديمة الجدوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد نصت على أنه "لا يعتد في تقدير سن الحدث بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقدير سنه بواسطة خبير" وكان مناط رسمية الورقة وفق المادة 390 من القانون المدني - المقابلة للمادة 10 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - أن يكون محررها موظفاً عمومياً أو مكلفاً بخدمة عامة مختصاًًً بمقتضى وظيفته بتحريرها وإعطائها الصيغة الرسمية. ويقصد به في هذا الخصوص شخص تعينه الدولة المصرية لإجراء عمل من الأعمال المتعلقة بها أو لتنفيذ أمر من أوامرها أجرته على ذلك أو لم تؤجره، ومن ثم فإن المحررات التي قدمها الطاعن العاشر سواء لمحكمة الموضوع أو لهذه المحكمة - محكمة النقض - بشأن تاريخ ميلاده والمنسوب صدورها إلى الجمهورية اللبنانية لا تعتبر أي منهما في حكم الوثيقة الرسمية وفقاً لقانون الأحداث سالف الذكر، ولا يغير من الأمر التصديق من جانب السلطات المصرية على أختام وتوقيعات المسئولين بالخارجية اللبنانية التي مهرت بها هذه المحررات، إذ ليس من شأن ذلك أن يغير من طبيعتها أو يضفي صفة الرسمية على فحواها طالما أن تدخل الموظفين المصريين لم يتصل بالبيانات الواردة فيها سواء التحقق من صحتها أم الموافقة عليها أو اعتمادها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعتد بتلك المحررات في تقدير سن الطاعن العاشر وأخذ في هذا الشأن بتقرير الطبيب الشرعي الذي ثبت منه أنه تجاوز سن الحدث وانتهى من ذلك إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن يكون على غير أساس خليقاً بالرفض.
سادساً - بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الرابع عشر.... والخامس عشر.....
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه جلب المواد المخدرة وتهريبها جمركياً قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال، ذلك أن الدفاع كان قد تمسك ببطلان تحقيق نيابة رشيد لانتفاء اختصاصها المكاني بجريمة الاتفاق الجنائي التي دينا بها وبعدم اختصاص محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور لذات السبب، إلا أن الحكم أطرح كلا الدفعين برد معيب لا يتفق وصحيح القانون، فضلاً عن أنه عول في الإدانة على أقوال الشاهدين..... والعميد..... برغم ما شابها من تناقض ومع أن أقوال الأخير ليست إلا رواية منقولة عن الأول، هذا إلى أن ما استخلصه الحكم من أقوالهما لا يؤدي إلى ما رتبه عليها من قيام جريمة الاتفاق الجنائي بحق الطاعنين ولا يسوغ معاقبتهما بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 48 من قانون العقوبات على أساس توافر الظرف المشدد لهذه الجريمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعنين اتهما مع آخرين بارتكاب جريمة جلب المخدر التي وقعت بدائرة اختصاص نيابة رشيد بالإضافة إلى اتهامهما بجريمة الاشتراك في اتفاق جنائي على جلب مواد مخدرة، وكان من المقرر أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما يكشف من أمر واقع، فمتى كان عدم اختصاص نيابة رشيد لم يتضح إلا بعد أن صدر الحكم ببراءة الطاعنين من جريمة الجلب التي وقعت بدائرة اختصاص هذه النيابة وبإدانتهما فحسب عن جريمة الاتفاق الجنائي، فإن التحقيق الذي باشرته يكون - حال إجرائه - قد انبنى على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر مقومات صحته فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه. لما كان ذلك، وكانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الأخيرة على أنه "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها"، والمقصود بالجرائم المرتبطة هي تلك التي تتوافر فيها الشروط المنصوص عليها في المادة 32 من قانون العقوبات بأن يكون الفعل الواحد جرائم متعددة أو تقع عدة جرائم لغرض واحد وتكون مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة ويستوي الحال لو وقعت إحدى هذه الجرائم من عدة أشخاص ارتكب واحد منهم أو أكثر الجريمة التي توجد حالة الارتباط، وكان الطاعنان - كما سبق القول - قد اتهما مع باقي المتهمين في الدعوى بارتكاب جريمة الجلب التي وقعت بدائرة اختصاص محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور فضلاً عن اتهامهما بجريمة الاشتراك في الاتفاق الجنائي على الجلب، كما أسند الاتهام لنفر من المتهمين بارتكاب جريمة عرض الرشوة لتسهيل ارتكاب جريمة الجلب فإن الارتباط بالمعنى المتقدم يكون قد توافر بين هذه الجرائم، وتكون محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور بحكم وقوع جريمة الجلب وهي إحدى الجرائم المرتبطة في دائرة اختصاصها هي المختصة بنظر الدعوى، ويظل اختصاصها بحكم ذلك الارتباط مبسوطاً على الدعوى برمتها من حيث الجرائم المرفوعة بها أو من أشخاص مرتكبيها إلى أن يتم الفصل فيها، ولا ينفك عنها هذا الاختصاص ولو قضى في الجريمة التي كانت من اختصاص تلك المحكمة بحسب الأصل بالبراءة - كالحال في هذه الدعوى - كما سبق القول لأن مقتضى الارتباط بين الجرائم الذي انبنى عليه هذا الاختصاص أن تسير في فلك واحد في سائر مراحل الدعوى، في الإحالة والمحاكمة، إلى أن يتم الفصل فيها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في الرد على الدفع ببطلان تحقيقات نيابة رشيد وعلى الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير سند. لما كان ذلك، وكان المتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنان لم يفصحا عن أوجه التعارض والخلاف بين أقوال شاهدي الإثبات التي عول الحكم عليها في إدانتهما، فإن ما يثيرانه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً، وكان من المقرر أن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ براوية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين أذا بما اطمأن إليه من أدلة سائغة - أن اتفاقاً تم بينهما وبين المتهم الثالث عشر والمتهمة الرابعة عشرة "الطاعنين السادس عشر والسابعة عشرة" على جلب مواد مخدرة من لبنان وأنهم أرسلوا لهذا الغرض الشاهد....... - الذي تظاهر بمجاراتهم بتكليف من الشرطة - إلى ذلك القطر بقصد تسلم المواد المخدرة من المتهمين الرابع والعشرين والخامس والعشرين والحضور بصحبة الأشخاص الذين يتولون جلبها، وساق الحكم في هذا الصدد - بمعرض تحصيله لأقوال الشاهد السالف - أن الطاعن الخامس عشر والمتهم الثالث عشر قاما بتجنيده لهذه المهمة وقدماه لباقي شركائهم في ذلك الاتفاق، وأن الطاعن الرابع عشر هو الذي حدد موعد سفره ودفع له نفقاته ورتب معه الاتصال بمصدري المواد المخدرة، كما أنبأه أنه أعد عدته لتسليمها لدى وصولها إلى البلاد وأنه دفع لهذا الغرض مبلغ 26 ألف جنيه للطاعن الخامس عشر مقابل قيامه بتجهيز المركب التي تنقلها للشاطئ، فإن ما أورده الحكم - فيما تقدم - تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي كما هي معرفة به في القانون، ذلك أنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء كانت معينة أو غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة بالاتفاق أو لم تقع، وإذ كان الحكم لم يخطئ في استخلاص أن إرادة الطاعنين اتحدت مع شركائهما على مقارفة جريمة الجلب ودلل على دورهما في إدارة حركة الاتفاق الجنائي الذي تم بما ساقه من وقائع تسوغ عقلاً النتيجة التي انتهى إليها في هذا الشأن، فإنه إذ دانهما بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 48 سالفة البيان على أساس توافر الظرف المشدد لهذه الجريمة بحقهما يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد ويضحى هذا الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.