أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1352

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح عطية وحسن عشيش ورضوان عبد العليم وأنور جبري.

(215)
الطعن رقم 4661 لسنة 58 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". باعث. نقض "أسباب الطعن. ما لا تقبل منها".
الشيك في حكم المادة 337 عقوبات. تعريفه؟
النعي بأن الشيك تحرر تأميناًًً لعقد قرض. غير مقبول. علة ذلك؟
(2) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. باعث.
سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. توافره؟
الدفع بتعذر توفير مقابل الوفاء بالشيك لغل يد الطاعن عن الإدارة بسبب فرض الحراسة دفاع ظاهر البطلان. علة ذلك؟
(3) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تغاير تاريخ إصدار الشيك عن تاريخ استحقاقه. لا ينال من انعطاف الحماية القانونية عليه. ما دام لا يحمل إلا تاريخاً واحداً. أساس ذلك؟
(4) شيك بدون رصيد. دعوى مدنية "قبولها". خطأ. ضرر. رابطة السببية. مسئولية مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علم المستفيد وقت استلام الشيك بعدم وجود رصيد. غير مؤثر.
المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن الجريمة دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك. شرط قبول الدعوى المدنية فيها.
1 - من المقرر أن الشيك في حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات وما دام أنه قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون فلا عبرة بما يقوله الطاعن من أن الشيك تحرر تأميناً لعقد قرض من البنك المدعي بالحقوق المدنية، إذ أن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات.
2 - من المقرر أن سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره، فلا عبرة بما يدفع به الطاعن من عدم استطاعته تغطية الرصيد ليفي بقيمة الشيك بسبب فرض الحراسة إذ أنه كان متعيناً أن يكون هذا المقابل موجوداً بالفعل وقت تحرير الشيك، فدفاع الطاعن المستند إلى تعذر توفير مقابل الوفاء لغل يده عن الإدارة لفرض الحراسة هو مما لا يستأهل رداً لظهور بطلانه.
3 - من المقرر أن تغاير تاريخ إصدار الشيك عن تاريخ استحقاقه - على فرض صحته - لا ينال من انعطاف الحماية القانونية عليه طالما أنه لا يحمل إلا تاريخاً واحداً، إذ أن تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاق الدفع في تاريخ السحب بمجرد الاطلاع إذ أن ميعاد الإصدار يندمج في هذه الحالة في ميعاد الاستحقاق وتنتقل ملكية مقابل الوفاء بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إلى المستفيد.
4 - من المقرر أنه لا عبرة بعلم المستفيد وقت استلام الشيك بعدم وجود رصيد للساحب في البنك المسحوب عليه وكان الثابت من الحكم أن الدعوى قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن الجريمة دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك فإنه يكون بذلك قد توافر للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية، ومن ثم تكون مقبولة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح دمياط ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحسبه ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد انطوى على قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع ذلك أن دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات قام على أن الشيك موضوع الدعوى قدمه كوسيلة ائتمان ضماناً لعقد قرض هذا إلى أنه قد فرضت الحراسة على الشركة التي عين شريك آخر حارساً عليها وبذلك فقد تعذر على الطاعن تغطية الرصيد ليفي بقيمة الشيك إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لم يحفل بهذا الدفاع ولم يعرض له بقول رغم جوهريته، وقد أعطى للشيك تاريخ سابق على التاريخ المثبت به، هذا إلى أن البنك الذي أبرم عقد القرض وتحرر الشيك وفاء له كان يعلم بصدوره دون أن يكون له رصيد إذ أن الحساب الجاري للشركة بذات البنك لا يفي بالقيمة بما تنتفي معه صفته في الدعوى المباشرة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الشيك في حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات وما دام أنه قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون فلا عبرة بما يقوله الطاعن من أن الشيك تحرر تأميناً لعقد قرض من البنك المدعي بالحقوق المدنية، إذ أن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات. لما كان ذلك وكان من المقرر أن سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره، فلا عبرة بما يدفع به الطاعن من عدم استطاعته تغطية الرصيد ليفي بقيمة الشيك بسبب فرض الحراسة إذ أنه كان متعيناً أن يكون هذا المقابل موجوداً بالفعل وقت تحرير الشيك، فدفاع الطاعن المستند إلى تعذر توفير مقابل الوفاء لغل يده عن الإدارة لفرض الحراسة هو مما لا يستأهل رداً لظهور بطلانه. لما كان ذلك وكان تغاير تاريخ إصدار الشيك عن تاريخ استحقاقه - على فرض صحته - لا ينال من انعطاف الحماية القانونية عليه طالما أنه لا يحمل إلا تاريخاً واحداً، إذ أن تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاق الدفع في تاريخ السحب بمجرد الاطلاع إذ أن ميعاد الإصدار يندمج في هذه الحالة في ميعاد الاستحقاق وتنتقل ملكية مقابل الوفاء بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إلى المستنفد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا عبرة بعلم المستفيد وقت استلام الشيك بعدم وجود رصيد للساحب في البنك المسحوب عليه وكان الثابت من الحكم أن الدعوى قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن الجريمة دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك فإنه يكون بذلك قد توافر للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية، ومن ثم تكون مقبولة. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاًًًً.