أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 2 - صـ 16

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1950
(2)
القضية رقم 113 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
1 - دعوى من المشترين بإثبات التعاقد. مصروفاتها. إلزام البائعة بها رغم تسليمها بطلبات المدعين لعدم وفائها بالتزاماتها إلا بعد الأجل المحدد للتوقيع على العقد النهائي وبعد رفع الدعوى. صحيح. لا مخالفة لحكم المادة 113 من قانون المرافعات (القديم).
2 - دعوى من المشترين بإثبات التعاقد. عرضهم باقي الثمن على البائعة وإيداعه خزانة المحكمة. تقييد صرفه بقيود من بينها شطب تسجيل على جزء من الأطيان المبيعة. دعوى فرعية من البائعة بصرف باقي الثمن فيما زاد على قيمة هذا الجزء. منازعة المشترين في ذلك. الحكم بإلزام البائعة بمصروفات الدعوى الأصلية لأنها لم تقم بالوفاء بالتزاماتها إلا بعد التاريخ المحدد للتوقيع على العقد النهائي وبعد رفع الدعوى عليها. الحكم بإلزام المشترين بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي به في الدعوى الفرعية لأن منازعتهم في صرفه كانت على غير أساس. لا تناقض. الحكم بإلزام البائعة بمصروفات الدعوى الفرعية. خطأ في تطبيق المادة 113 من قانون المرافعات (القديم).
(المادة 113 من قانون المرافعات - القديم -).
1 - إذا كان الحكم قد أقام قضاءه بإلزام البائعة بمصروفات الدعوى المرفوعة عليها من المشترين بإثبات التعاقد رغم تسليمها بطلبات المدعين على أنها لم تكن قد وفت بالتزاماتها إلا بعد حلول الأجل المحدد للتوقيع على العقد النهائي وبعد رفع الدعوى فإن هذا القضاء صحيح لا مخالفة فيه لحكم المادة 113 من قانون المرافعات (القديم) - لأنها هي التي تسببت في رفع الدعوى.
2 - إذا رفع المشترون دعوى بإثبات التعاقد وعرضوا على البائعة باقي الثمن ثم أودعوه خزانة المحكمة مقيدين صرفه بقيود من بينها شطب تسجيل على جزء من الأطيان المبيعة، ورفعت البائعة دعوى فرعية بأحقيتها في صرف باقي الثمن فيما زاد على قيمة هذا الجزء فنازعها المشترون - فإنه لا تناقض بين الحكم بإلزام البائعة بمصروفات الدعوى الأصلية ما دام أنها لم تكن قد قامت بالوفاء بالتزاماتها إلا بعد انقضاء الميعاد الذي حدد لتحرير العقد النهائي وبعد رفع الدعوى وبين الحكم بإلزام المشترين بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي بصرفه في الدعوى الفرعية متى كان قد ثبت للمحكمة أن منازعتهم في صرفه كانت على غير أساس. وإذن فإذا كان الحكم قد قضى بإلزام البائعة بمصروفات دعواها الفرعية بمقولة أن القضاء بإلزام المشترين بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي بصرفه في هذه الدعوى يتناقض مع إلزامها بمصروفات الدعوى الأصلية، إذا كان الحكم قد قضى بذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبق المدة 113 من قانون المرافعات (القديم).


الوقائع

في يوم 20 من يونيه سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر يوم 28 من يناير سنة 1948 في الاستئنافين رقمي 377 س 2 ق و132 س 3 ق - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه وبإلغائه فيما قضى به من إلزام الطاعنة بمصروفات الدعويين الأصلية والفرعية مع إلزام المطعون عليهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وفي 26 من يونيه سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن - وفي 7 من يوليو سنة 1948 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 11 من يوليه سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعنة بجميع مصروفات دعوها الفرعية وبتأييد الحكم الابتدائي في خصوص مصروفات هذه الدعوى وبرفض الطعن فيما عدا ذلك وإلزام المطعون عليهم بمصروفات النقض المناسبة، والطاعنة بباقي هذه المصروفات.
وفي 12 من أكتوبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إنه (الطعن) بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون بإلزامه الطاعنة بمصروفات الدعوى الأصلية المرفوعة عليها من المطعون عليهم في حين أن ما طلبوه فيها من صحة ونفاذ البيع لم يكن محل نزاع من جانبها وفي حين أنهم تعجلوا برفع دعواهم عليها قبل الأجل المحدد للتوقيع على العقد النهائي - أما ظهور تسجيل على جزء من العين المبيعة فإنه لم يكن يترتب عليه مع تمسك المشترين بنفاذ البيع سوى حبس ما يقابله من الثمن وقد أقر الحكم هذا النظر، كما أقر عدم أحقية المطعون عليهم فيما فرضوه من قيود لصرف الثمن الذي أودعوه فلم يكن يصح مع ذلك أن يقضى على الطاعنة بمصروفات دعواهم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بمصروفات دعوى المطعون عليهم على أنها حتى 24 من أكتوبر سنة 1944 أي بعد حلول الأجل المتفق عليه لتحرير العقد النهائي لم تكن قد وفت بالتزام تقديم الأوراق الدالة على ملكيتها وتسجيل العقد العرفي الصادر لها من أخيها الدكتور يوسف نادر عن جزء من القدر المبيع وتطهير العين من الحق العيني المسجل عليها لصالح أدمون جورج نادر وهذا جميعه من شأنه أن يبرر إلزامها بمصروفات دعوى المطعون عليهم.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وعاره تناقض في الأسباب وبينها وبين المنطوق لقضائه على الطاعنة بمصروفات الدعوى الفرعية المقامة منها على الطاعنين بطلب صرف باقي الثمن بعد حبس ما يقابل الأطيان الواقع عليها التسجيل لمصلحة أدمون نادر. ذلك أنه رغم ما أثبته الحكم من أن منازعة المطعون عليهم في صرف هذا الباقي من الثمن لم يكن لها مسوغ وأن القيود التي فرضوها عند الإيداع لم يكن لها محل - رغم ذلك قضى بإلزام الطاعنة بمصروفات دعواها الفرعية ولم يرد في أسبابه ما يبرر هذا القضاء سوى قوله بأن الحكم على المطعون عليهم بمصروفات الدعوى الفرعية من شأنه أن يجعل الحكم متناقضاً وهذا السبب غير صحيح ولا يستقيم مع باقي أسباب الحكم بل إن التناقض واقع فيما قضى به الحكم في هذا الخصوص فضلاً عن مخالفته لنص المادة 113 من قانون الرافعات.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة أوراق الطعن أن المطعون عليهم عرضوا باقي الثمن بجلسة 5 من سبتمبر سنة 1944 ثم أودعوه بموجب محضر إيداع محرر في 8 من أكتوبر سنة 1944 مقيدين صرفه بخمسة قيود وهي: أولاً شطب التسجيل الواقع على الأطيان لمصلحة أدمون نادر، وثانياً تسجيل العقود العرفية الصادرة من الدكتور يوسف نادر إلى الطاعنة، وثالثاً تسليمهم الأطيان المبيعة مع ملحقاتها، ورابعاً تسليمهم مستندات التمليك، وخامساً تقديم ما يفيد دفع الأموال الأميرية عن سنة 1944. وبجلسة 24 من أكتوبر سنة 1944 أودعت الطاعنة جميع مستنداتها. وبجلسة 4 من ديسمبر سنة 1944 أقامت دعوى عرفية بأحقيتها في صرف 9265 ج و180 م من المبلغ المودع فنازع المطعون عليهم في ذلك مؤسسين منازعتهم على أن الطاعنة لم تقم بعد بالوفاء بالتزاماتها المشار إليها في القيود سالفة الذكر، فقضت محكمة الدرجة الأولى في الدعوى الفرعية بأحقية الطاعنة في صرف مبلغ 8886 ج و646 م من المبلغ المودع وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات المناسبة لهذا المبلغ بانية قضاءها على أن الطاعنة قدمت عقد ملكيتها وما يدل على دفع الأموال الأميرية وعلى أن الدكتور يوسف نادر لم يبد اعتراضاً على الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر منه إلى الطاعنة وأنه لا حق للمطعون عليهم في طلب التسليم ما دام أن عقد الإيجار الصادر من الطاعنة ثابت التاريخ قبل تسجيل عقد البيع وكان معلوماً لهم وعلى أن ما تتأثر به العين المبيعة من التسجيل الموقع لمصلحة أدمون جورج نادر مقصور على 3 أفدنة و11 قيراطاً و18 سهماً قدرت المحكمة قيمتها بمبلغ 866 ج و669 م على أساس التقدير الوارد في عريضة الدعوى المسجلة المرفوعة من أدمون جورج نادر وأن المطعون عليهم وإن كانوا على حق في إيداع الثمن إلا أنهم عارضوا في صرفه بلا مسوغ رغم اطلاعهم على المستندات المقدمة من الطاعنة بتاريخ 24 من أكتوبر سنة 1944 فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم منازعين فيما ألزمهم به من مصروفات الدعوى الفرعية. وقضت محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزامهم بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي بصرفه وجعلت مصروفات الدعوى الفرعية كلها على عاتق الطاعنة بانية قضاءها بذلك على "أن الحكم المستأنف في محله بالنسبة لما قضى به من قبول الدعوى الفرعية من المستأنف عليها والحكم لها بتحديد قيمة ما ينبغي حبسه من الثمن على قدر 866 ج إلى أن يفصل في دعوى الاستحقاق والتخارج التي لا يمكن بحال أن تتعدى نتائجها هذا القدر للأسباب التي شرحتها محكمة أول درجة والتي لا داعي لتكرارها وفيها الرد على أسباب الاستئناف إلا أن المحكمة ما كان لها متى سلمت بهذا المبدأ أن تحكم على المستأنفين (المطعون عليهم) بالمصاريف المناسبة للمبلغ الباقي المقضي بصرفه للمستأنف عليها (الطاعنة) مما يعرض الحكم للتناقض حسبما بين المستأنفون في أسباب استئنافهم ولذا وجب تقويم هذا التناقض بإلغاء الحكم المستأنف عن الشطر الخاص بهذه المصاريف وتكفل المستأنف عليها بها وجعل مصاريف الدعوى الفرعية كلها على عاتقها حسب المنصوص عليه في منطوق هذا الحكم".
ومن حيث إن هذا الذي أورده الحكم يدل على أنه في 5 من ديسمبر سنة 1944 كانت الطاعنة قد وفت بما أمكنها الوفاء به من التزاماتها وأقرت بحق المطعون عليهم في حبس جزء من الثمن يعادل القدر الذي تتأثر به العين المبيعة من التسجيل الواقع لمصلحة أدمون نادر ولو لا منازعة المطعون عليهم في صرف الباقي من الثمن لما كان هناك مبرر لرفع الدعوى الفرعية وقد تبين للمحكمة أن منازعتهم في هذا الخصوص على غير أساس ولذلك قضت بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من أحقية الطاعنة في دعواها الفرعية في صرف مبلغ 8886 ج و646 م من المبلغ المودع وكان من مقتضى ذلك إلزام المطعون عليهم بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي بصرفه لها كما قضى بذلك الحكم الابتدائي إذ لا تناقض بين إلزام الطاعنة بمصروفات الدعوى الأصلية ما دام أنها لم تكن قد قامت بالوفاء بالتزاماتها إلا بعد انقضاء آخر سبتمبر سنة 1944 وهو الميعاد الذي حدد لتحرير العقد النهائي وبعد رفع الدعوى - وبين إلزام المطعون عليهم بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي بصرفه في الدعوى الفرعية متى كان قد ثبت للمحكمة أن منازعتهم في صرفه كانت على غير أساس، من ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لخطئه في تطبيق المادة 113 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إنه لما كان الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام المطعون عليهم بالمصروفات المناسبة للمبلغ المقضي بصرفه في الدعوى الفرعية هو الصحيح للأسباب سالفة الذكر فيتعين تأييده في هذا الخصوص.