أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 2 - صـ 21

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1950
(3)
القضية رقم 184 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
1 - حكم. "تسبيبه". دعوى استحقاق. القضاء بأن العقارات موضوع النزاع مملوكة للمدين المنزوعة ملكيته دون مدعي الاستحقاق. إحالة الحكم بعبارة مجملة على تقرير الخبير والمستندات. عدم اقتصاره على ذلك. بيانه الأسباب التي استند إليها. كفاية هذه الأسباب. لا قصور.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم -).
2 - إثبات. شهود سمعهم خبير. اتخاذ المحكمة من أقوالهم قرينة ضمن قرائن أخرى لنفي وضع يد مدعي الاستحقاق. لا مخالفة فيه للقانون.
3 - نقض. تقرير الطعن. تفصيل الأسباب التي بني عليها الطعن في التقرير. وجوبه.
الإشارة إشارة مجملة إلى الأسباب في تقرير الطعن. لا تقبل. مثال. إشارة الطاعن إجمالاً في تقرير الطعن إلى الطعون والملاحظات الواردة في المذكرة المقدمة إلى محكمة الموضوع والتي قدم صورة رسمية منها إلى محكمة النقض. لا يغني.
(المادة 15 من قانون محكمة النقض).
1 - إذا كان الحكم إذ قضى بأن العقارات موضوع دعوى الاستحقاق مملوكة للمدين المنزوعة ملكيته دون مدعي الاستحقاق قد أحال بعبارة مجملة على تقرير الخبير ولمستندات ولم يقتصر على هذه الإحالة بل أردفها ببيان الأسباب التي استند إليها وكانت هذه الأسباب وافية يكمل بعضها بعضاً وتكفي لحمله فيما انتهى إليه - كان النعي عليه بالقصور لا نصيب له من الصحة.
2 - لا تثريب على المحكمة إن هي اتخذت من أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير قرينة ضمن قرائن أخرى لنفي وضع يد مدعي الاستحقاق على العقارات موضوع النزاع.
3 - إذا كان مبنى الطعن أن الحكم أغفل الرد على ما أبداه الطاعن من طعون وملاحظات على تقرير الخبير في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف فإنه يجب على الطاعن تحديد هذه الطعون والملاحظات في تقرير الطعن عملاً بالمادة 15 من قانون محكمة النقض. فلا يكفي إذن أن يشير الطاعن إشارة مجملة إلى ورود هذه الطعون والملاحظات في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف دون تحديدها في تقرير الطعن، ولا يغني عن ذلك تقديمه صورة رسمية من هذه المذكرة إلى محكمة النقض.


الوقائع

في يوم 29 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 31 من مايو سنة 1948 في الاستئناف رقم 666 س ق 62 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه.
وفي 7 من أكتوبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 11 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 6 من نوفمبر سنة 1948 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة الكفالة.
وفي 21 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 6 من ديسمبر سنة 1948 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد مشفوعة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً.
وفي 21 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 12 من أكتوبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إنه (الطعن) بني على أربعة أسباب حاصل السببين الأولين منها أن الحكم المطعون فيه باطل لقصور أسبابه. ذلك أنه على الرغم من أن المحكمة قد عنيت ببحث ملكية المطعون عليه الثاني للعقارات موضوع دعوى الاستحقاق وكلفت الخبير المنتدب منها ببيان مصدر هذه الملكية وسببها فإن كل ما ورد في حكمها في هذا الخصوص هو قولها: "إنه يبين من تقرير الخبير والمستندات المرافقة أن العقارات موضوع الدعوى مملوكة لريحان توني وهو الواضع اليد عليها..." وهذه عبارة مبهمة فيها إحالة مجملة على تقرير الخبير والمستندات دون أن تفصح فيها المحكمة عما يجب بيانه في شأن الملكية ووضع اليد من أركان وشروط وأدلة، كما أن أسباب الحكم الأخرى جاءت خلواً من التحدث عن ذلك كله.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن كان قد وردت به العبارة المشار إليها، إلا أن المحكمة لم تقتصر عليها، وإنما أردفتها بأن ما قررته من أن العقارات موضوع الدعوى مملوكة للمطعون عليه الثاني وهو الواضع اليد عليها قد تأيد بشهادة الشهود الذين سمعهم الخبير في محضر أعماله، وبأن المطعون عليه الثاني رفع دعوى الشفعة رقم 354 المنيا سنة 1936 مؤسساً حقه فيها على أنه يجاور المنزل المشفوع فيه بالعقار الأول من العقارات المتنازع عليها وقضي له في تلك الدعوى في سبتمبر سنة 1937، وبأن رخصة الدكان الكائنة بالعقار الثاني لم تحول إلى اسم الطاعن إلا في سنة 1938 بناء على طلبه في سنة 1937 وبأن المطعون عليه الثاني كان يؤجر العقار الثالث لمجلس المديرية ويقبض أجرته لغاية نوفمبر سنة 1937 إذ بدل عقد الإيجار باسم الطاعن. وليس ذلك فقط بل إن الحكم المطعون فيه قد اشتمل على أسباب أخرى فضلاً عن أسباب الحكم الابتدائي التي اعتمدها، وحاصل هذه الأسباب جميعاً: أن العقود التي استند إليها الطاعن في دعواه غير مسجلة وغير ثابتة التاريخ، فهي غير ناقلة للملكية ولا تصلح للاحتجاج بها على الغير، وإن دعاوى صحة التعاقد وصحة التوقيع على هذه العقود رفعت من الطاعن بعد أمر الاختصاص الذي استصدره المطعون عليه الأول وسجل في 19 من مايو سنة 1937 وأنه لا وزن لما أثاره الطاعن من أن بعض هذه العقود يعتبر ذا تاريخ ثابت بالتوقيع عليه بختمي والدي المطعون عليه الثاني متى كان لم يعمل لكل من هذين الختمين محضر كسر عقب وفاة صاحبه، وأنه كذلك لا يصح التعويل على العقد المنسوب صدوره لهذين الوالدين من غبريال قسطور لحصول وفاته في أكتوبر سنة 1936 بعد نشوء دين المطعون عليه الأول في سنة 1935 وأن أول عقد إيجار صدر من الطاعن عن المخزن كان في أول ديسمبر سنة 1937 وأنه تبين من تقرير الخبير أن المطعون عليه الثاني يقيم بالمنزل الأول مع أولاده. واستخلصت المحكمة من جميع ما تقدم أن العقود التي استند إليها الطاعن اصطنعت لخدمة الدعوى وأنه لم يضع يده على العقارات موضوع النزاع بصفة مالك وأن والده المطعون عليه الثاني هو المالك لها والواضع اليد عليها والمنتفع بها وأن الدعوى ليست إلا حلقة من سلسلة الصعوبات التي أوجدها المطعون عليه الثاني لعرقلة التنفيذ وإنقاذ عقاراته واستخلاصها لابنه الطاعن.
ومن حيث إنه لما كان الطاعن قد جعل عماد سببي الطعن الأولين أن المحكمة أحالت على تقرير الخبير والمستندات بعبارة مجملة مغفلاً باقي الأسباب التي اعتمدت عليها المحكمة، وكانت هذه الأسباب وافية ويكمل بعضها بعضاً وتكفي لحمل الحكم فيما انتهى إليه من أن العقارات موضوع النزاع مملوكة للمطعون عليه الثاني دون الطاعن مدعي استحقاقها، لما كان ذلك كان ما ينعاه الطاعن فيهما على الحكم من قصور لا نصيب له من الصحة.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم مشوب كذلك بالقصور من ناحية أخرى. ذلك أن الطاعن استند في ملكيته للعقارات المشار إليها ليس فقط إلى عقود البيع المتعاقبة الصادرة إليه وإلى مالكيها السابقين بل استند كذلك إلى وضع يده عليها هو ومن تلقى عنهم ملكيتها المدة الطويلة المكسبة للملكية وطلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ذلك، ولكن المحكمة على الرغم من أن هذا الدفاع جدي ومنتج في الدعوى فإنها لم ترد عليه إلا بقولها "إنه تبين مما تقدم أن العقود التي يتمسك بها المستأنف مصطنعة لخدمة الدعوى وأنه لم يضع اليد على العقارات موضوع النزاع كمالك لها وأن والده ريحان هو المالك لها والواضع اليد عليها والمنتفع بها... إلخ" وهو رد قاصر لخلوه من بيان مدة وضع اليد وأركانه وشروطه، أما إحالة الحكم على شهادة الشهود الذين سمعهم الخبير ففضلاً عما فيها من إجمال وإبهام فإن تحقيق الخبير لا يصح التعويل عليه في إثبات وضع اليد إذ تحقيق ذلك هو من عمل المحكمة وحدها، يضاف إلى ذلك غموض ما قالته من أن وضع يد الطاعن لم يكن بصفة مالك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جاء في الحكم من أدلة عديدة سبق بيانها ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه من أن المطعون عليه الثاني هو الذي كان يضع اليد وينتفع بالعقارات موضوع النزاع لغاية سنة 1937، وإنه لم يكن للطاعن أي وضع يد عليها قبل هذه السنة، مما لم تكن معه المحكمة في حاجة إلى إحالة الدعوى على التحقيق، كما أنه لا تثريب عليها إن هي اتخذت من أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير قرينة على نفي وضع يد الطاعن.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان. ذلك أن الطاعن أبدى في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف طعوناً وملاحظات على تقرير الخبير ولكنها أهملت الرد عليها مع أنها لو أقامت لها وزناً لتغير لها وجه الحكم في الدعوى.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول لخلوه من بيان تلك الطعون والملاحظات، ولا يكفي أن يشير الطاعن إشارة مجملة إلى ورودها في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف والتي قدم صورة رسمية منها إلى هذه المحكمة، إذ كان من الواجب تحديد هذه الطعون والملاحظات في تقرير الطعن عملاً بالمادة 15 من قانون محكمة النقض.
ومن حيث إنه لجميع ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.