أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 2 - صـ 74

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1950
(15)
القضية رقم 166 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.
1 - نقض. طعن. أسباب جديدة. حكم استئنافي قضى برفض دعوى شفعة لأن المنفعة التي تعود منها على ملك المشتري أكثر من المنفعة التي تعود على ملك الشفيع. أخذه في ذلك بأسباب الحكم الابتدائي. نعى الشفيع عليه القصور لأنه لم يبين أن المشتري تمسك بأولويته في شكل طلب فرعي أو دعوى فرعية ولاستناده إلى تقرير خبير باطل. عدم تحدي الشفيع بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف. الأسباب التي بني عليها الطعن غير مقبولة.
2 - نقض. طعن. أسبابه - أوجه مخالفة الحكم للواقع في الدعوى - عدم تفصيلها في تقرير الطعن. أسباب غير مقبولة. بيانها في المذكرة الشارحة. لا يغني.
(المادة 15 من قانون إنشاء محكمة النقض).
3 - إثبات. قول للشفيع في محضر أعمال الخبير موقع عليه منه ولم ينكر صدوره. اعتباره دليلاً كتابياً منضماً إلى أدلة أخرى على وجود حق ارتفاق لعقار المشتري. جائز.
4 - إثبات. أدلة. كفايتها لتكوين اعتقاد المحكمة بوجود حق ارتفاق للمشتري. طلب الشفيع إحالة الدعوى على التحقيق لنفي هذا الحق. عدم إجابة المحكمة هذا الطلب. لا بطلان.
5 - حق ارتفاق. مسقاة خصوصية فاصلة بين أرض الشفيع والأرض المشفوع فيها. استخلاص المحكمة أن ملكيتها مناصفة بين الاثنين. حق الارتفاق المقرر لمنفعة الأرضين المتجاورتين على المسقاة. يعتبر حق ارتفاق على ذات الأرض المشفوع فيها التي يدخل فيها نصف المسقاة.
(المادة الأولى من دكريتو 23 مارس سنة 1901 بشأن الشفعة)
6 - شفعة. المشتري بمقتضى عقد بيع وقائي. حقه في الشفعة.
7 - ( أ ) ملكية. تسجيل. أثره في نقل الملكية. لا يترتب إلا على تسجيل العقد أو الحكم ولا ينسحب إلى الماضي. لا يجوز للشفيع التحدي في هذا الخصوص بالمواد 7 و10 و12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 التي قصد بها حماية المشتري الذي لم يسجل عقده من تصرفات البائع له الواردة على ذات العقار المبيع وذلك من تاريخ تسجيل عريضة دعواه بصحة التعاقد.
(ب) شفعة. مفاضلة بين المنفعة التي تعود على ملك كل من الشفيع والمشتري. إسقاط اعتبار الشفيع مالكاً لجزء من الأطيان التي يشفع بها لأن تسجيل الحكم الصادر بصحة التعاقد عنها لاحق لعقد المشتري. لا خطأ في تطبيق القانون.
(المواد 1 و7 و10 و12 من القانون رقم 18 لسنة 1923).
8 - شفعة. تزاحم الشفعاء. جيران متزاحمون في طلب الشفعة. العبرة في مجال المفاضلة بينهم. هي بالمنفعة التي تعود على ملك كل منهم المشفوع به. المنفعة التي قد تعود على الشفيع من ملك كسبه بعد البيع أساس الشفعة. الفوائد التي قد تعود على الشفيع شخصياً من الأخذ بالشفعة. لا يعتد بهما.
(المادتان 7 فقرة أخيرة و8 من دكريتو الشفعة الصادر في 23 مارس 1901).
1 - إذا كان الحكم الاستئنافي إذ قضى برفض دعوى الشفعة استناداً إلى أن المشتري جار من حدين تعود على ملكه منفعة أكثر من المنفعة التي تعود على ملك الشفيع قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي وكان قوام ما نعاه الطاعن - الشفيع - على هذا الحكم من قصور أنه لم يبين في أسبابه أن المشتري تمسك بأولويته في شكل طلب فرعي أو دعوى فرعية فضلاً عن أنه عندما فاضل بين المنفعتين اعتمد على دليل باطل هو تقرير خبير لم تكن مأموريته لتجيز له بحث جوار المشتري وحق ارتفاقه وكان الطاعن لم يتحد بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف - كانت الأسباب التي بني عليها الطعن غير مقبولة؛ إذ وهي لا تتصل بالنظام العام بسبب لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - إذا لم يفصل الطاعن في تقرير الطعن أوجه مخالفة الحكم للواقع في الدعوى ولا المستندات التي يزعم أن الحكم خالف دلالتها كان هذا السبب غير مقبول ولا يشفع للطاعن بيانه ذلك في المذكرة الشارحة لأن تفصيل أسباب الطعن في تقريره مطلوب على جهة الوجوب تحديداً لها وتعريفاً لوجوهه منذ ابتداء الخصومة.
3 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي اتخذت من أقوال الشفيع في محضر أعمال الخبير الموقع عليه منه دليلاً كتابياً منضماً إلى أدلة أخرى على وجود حق ارتفاق لعقار المشتري وما دام الشفيع لا ينكر صدور هذه الأقوال منه، وكان من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة، فإن نعيه على الحكم مخالفته قواعد الإثبات لا مبرر له.
4 - ما دامت المحكمة قد وجدت في الأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين اعتقادها بوجود حق ارتفاق للمشتري وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تجب الشفيع إلى طلبه إحالة الدعوى على التحقيق لنفي هذا الحق.
5 - إذا استخلصت محكمة الموضوع أن المسقاة الخصوصية الفاصلة بين أرض الشفيع والأرض المشفوع فيها مملوكة مناصفة للاثنين مما يفيد أن حق ارتفاق الري المقرر عليها هو مقرر على ذات الأرض المشفوع فيها التي يدخل فيها نصف المسقاة فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون.
6 - بمجرد بيع الوفاء يصير المبيع ملكاً للمشتري ينتفع بسائر حقوق الملاك، ومن ثم يثبت له حق الشفعة من تاريخ تسجيل عقده ما دام لم يقض ببطلانه.
7 - الأصل أن أثر التسجيل في نقل الملكية لا يترتب إلا على تسجيل العقد أو الحكم الذي من شأنه إنشاء حق الملكية أو أي حق عيني آخر أو نقله أو تغييره أو زواله أو الذي من شأنه تقرير هذه الحقوق وأن هذا الأثر لا ينسحب إلى الماضي ولا يحتج على ذلك بالمواد 7 و10 و12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 لأن المواد المذكورة إذ أجازت تسجيل صحائف دعاوى بطلان العقود واجبة التسجيل أو فسخها أو إلغاءها أو الرجوع فيها ودعاوى استحقاق الحقوق العينية العقارية ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في هذه الدعاوى على هامش تسجيل صحائفها انسحاب أثر التأشير بالحكم إلى تاريخ تسجيل الصحيفة، فإنما أجازته على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار أو ديون عقارية عليه منذ تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى، وهو استثناء لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه. وإذن فإذا كان الحكم وهو في صدد المفاضلة بين أي الملكين أرض الشفيع أو أرض المشتري تعود عليه منفعة أكثر أسقط اعتبار الشفيع مالكاً لجزء من الأطيان التي يشفع بها على أساس أن تسجيل الحكم الصادر بصحة التعاقد عنها لاحق لعقد المشتري الذي تولد عنه حق الشفعة، فإنه لم يخطئ في تطبيق القانون.
8 - العبرة في مجال المفاضلة بين الجيران المتزاحمين في طلب الشفعة إنما هي بالمنفعة التي تعود من الأخذ بالشفعة على ملك كل منهم المشفوع به دون اعتداد بالمنفعة التي قد تعود على ملك كسبه بعد البيع أساس الشفعة ودون اعتبار للفوائد التي قد تعود عليه شخصياً من الأخذ بالشفعة.


الوقائع

في يوم 25 من أغسطس سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 14 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 211 سنة 3 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى دائرة أخرى للفصل فيها من جديد وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 29 من أغسطس و7 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن.
وفي 12 من سبتمبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً.
وفي 30 من مايو سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي جلستي 12 من أكتوبر و9 من نوفمبر سنة 1950 سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على عشرة أسباب، تتحصل الثلاثة الأولى منها في أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض دعوى الشفعة المرفوعة من الطاعن على أن المشتري (المطعون عليه الأول) جار من حدين تعود على ملكه منفعة أكثر من المنفعة التي تعود على ملك الشفيع (الطاعن) دون أن يبين في أسبابه أن المشتري تمسك في أولويته في شكل طلب فرعي أو دعوى فرعية شابه قصور في التسبيب يبطله، فضلاً عن أنه عندما فاضل بين المنفعتين اعتمد على دليل باطل هو تقرير الخبير المعين في الدعوى مع أن مأموريته لم تكن تجيز له أن يبحث جوار المشتري أو حقوق ارتفاقه.
ومن حيث إن هذه الأسباب غير مقبولة، لأن الطاعن لم يتحد بالدفاع المشار إليه لدى محكمة الاستئناف في حين أن الحكم المطعون فيه إنما أخذ بأسباب الحكم الابتدائي فيما يعيبه عليه الطاعن، ومن ثم لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إذ ما ورد فيه لا يتصل بالنظام العام بسبب.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم إذ كيف أقوال الطاعن أمام خبير الدعوى في محضر 18 من مارس سنة 1946 وتوقيعه على محضر المعاينة التي أجراها في 27 منه بأنها إقرار منه بحق ارتفاق لعقار المشتري في حين أن هذه الأقوال لا ترقى إلى مرتبة الإقرار بمعناه القانوني خالف قواعد الإثبات.
ومن حيث إنه لما كانت المحكمة لم تتعد سلطتها في اعتبار أقوال الطاعن في محضر أعمال الخبير الموقع عليه منه دليلاً كتابياً منضماً إلى أدلة أخرى على وجود حق الارتفاق المشار إليه، وكان الطاعن لا ينكر صدور هذه الأقوال منه وكان من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة - لما كان ذلك - كان نعيه على الحكم بمخالفة قواعد الإثبات لا مبرر له.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم شابه قصور من وجهين: الأول - أن الطاعن في سبيل نفي حق ارتفاق الري لأطيان المطعون عليه الأول على الأرض المشفوع فيها استند إلى شهادة رسمية صادرة من تفتيش الري تفيد أن طريق الري الدائم للمشتري (المطعون عليه الأول) هو من ترعة أخرى غير المسقاة المجاورة للأطيان المشفوع فيها فأولها الحكم تأويلاً يتعارض مع صريح نصها. والثاني - أنه لم يجب الطاعن إلى طلب إحالة الدعوى على التحقيق ليثبت أن البرانج التي وضعها المطعون عليه الأول أمام الأطيان المشفوع فيها - والتي على أساس وجودها بنى الخبير قوله بقيام حق ارتفاق الري - جديدة استحدثها المشتري أثناء قيام الدعوى، مع أهمية ذلك في نفي حق الارتفاق.
ومن حيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بما قاله الحكم "بأن الشهادة المقدمة من المستأنف (الطاعن) الدالة على أن الجانب الشرقي من القطعة 64 هو الوحيد الذي يروي من المسقاة المبتدئة من الكيلو 23.919 فليس فيها تحديد لهذا الجانب الشرقي حتى يمكن القول بأن المستأنف ضده (المطعون عليه الأول) لا يملك أطياناً فيه مع أنه من المسلم به أنه يملك أطياناً بالقطعة 64" وليس في هذا الذي أثبته الحكم خروج على مدلول هذه الشهادة. أما الوجه الثاني فمردود كذلك بأنه لما كانت المحكمة قد وجدت في الأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين اعتقادها بوجود حق الارتفاق وكان من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها - لما كان ذلك - كان لا تثريب عليها إذ رفضت إجابة الطاعن إلى طلبه إحالة الدعوى على التحقيق.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل في أن الحكم إذ اعتبر حق المشتري في ري أطيانه من المسقاة حقاً على ذات الأرض المشفوع فيها خالف صريح نص المادة الأولى من قانون الشفعة (القديم) التي توجب أن يكون حق الارتفاق على ذات الأرض المشفوع فيها لا على مسقاة مجاورة لها.
ومن حيث إنه جاء بأسباب الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في هذا الخصوص: "وحيث إن المدعي (الطاعن) أنكر ما جاء في تقرير الخبير من أن المدعى عليه (المشتري) يجاور الأرض المشفوع فيها من الجهة البحرية إذ قال بوجود مسقاة عمومية وطريق عمومي يفصل الملكين ولكن الثابت في تقرير الخبير أن تلك المسقاة خصوصية وأنها بجسريها مناصفة وبهذا لا تعتبر حداً فاصلاً بين ملك المدعى عليه الأول والأرض المشفوع فيها ولم يقدم المدعي (الطاعن) أي دليل يؤيد قوله بأنها عمومية بل قدم بنفسه الدليل المسقط لهذا الادعاء وهو عريضة دعوى إثبات التعاقد والحكم الصادر في القضية 553 سنة 1943 مدني وكشف ببيان مساحة القدر المرفوع عنه دعوى إثبات التعاقد وقد جاء فيها أن الحد البحري للقدر المرفوع عنه الدعوى وهو المجاور للأرض المشفوع فيها هو محمد بك عيسى نوار المدعى عليه الأول" ويبين من هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة استخلصت من الأدلة التي استندت إليها أن المسقاة بجسريها تدخل في ملكية المتجاورين مما يفيد أن حق الارتفاق مقرر على ذات الأرض المشفوع فيها التي يدخل فيها نصف المسقاة. ومن ثم لا يكون الحكم قد خالف القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب السابع على الحكم مخالفة الواقع الثابت من المستندات المقدمة إلى محكمة الموضوع، كما خالف الواقع الثابت من خريطة فك الزمام والثابت في عقد ملكية الـ 22 فداناً بالنسبة لملكية المسقاة الغربية إلى الطاعن.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول، إذ لم يفصل الطاعن في تقرير الطعن أوجه المخالفة التي يدعيها ولا المستندات التي يزعم أن الحكم خالف دلالتها، ولا يغني عن ذلك بيانها في المذكرة الشارحة لأن تفصيل أسباب الطعن في تقريره مطلوب على جهة الوجوب تحديداً لها وتعريفاً لوجوهه منذ ابتداء الخصومة.
ومن حيث إن الوجه الثامن يتحصل في أن الحكم إذ اعتبر المطعون عليه الأول جاراً مالكاً من الجهة الغربية مع أن سند ملكيته في هذه الجهة هو عقد بيع وفائي رفعت دعوى ببطلانه لما يفصل فيها - إذ اعتبره الحكم كذلك - يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه بمجرد بيع الوفاء يصير المبيع ملكاً للمشتري (م 338 مدني قديم) ينتفع بسائر حقوق الملاك، ومن ثم يثبت له حق الشفعة من تاريخ تسجيل عقده ما دام لم يقض ببطلانه.
ومن حيث إن السبب التاسع يتحصل في أن الحكم خالف القانون إذ أسقط - وهو في صدد المفاضلة بين أي من الملكين (أرض الشفيع أو أرض المشتري) تعود عليه منفعة أكثر - أسقط اعتبار الطاعن مالكاً لأربعة أفدنة ونصف فدان بحجة أن تسجيل الحكم الصادر بصحة التعاقد عنها لاحق لعقد شراء المطعون عليه الأول في حين أن تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد سابق عليه، ووجه الخطأ في ذلك أن ملكية الطاعن لهذا القدر تنسحب بتسجيل الحكم بصحة التعاقد إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن الأصل أن أثر التسجيل في نقل الملكية لا يترتب إلا على تسجيل العقد، والحكم الذي من شأنه إنشاء حق الملكية أو أي حق عيني آخر أو نقله أو تغييره أو زواله أو الذي من شأنه تقرير هذه الحقوق، وأن هذا الأثر لا ينسحب إلى الماضي ولا يحتج على ذلك بالمواد 7 و10 و12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 لأن المواد المذكورة إذ أجازت تسجيل صحائف دعاوى بطلان العقود واجبة التسجيل أو فسخها أو إلغاءها أو الرجوع فيها ودعاوى استحقاق الحقوق العينية العقارية ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في هذه الدعاوى على هامش تسجيل صحائفها انسحاب أثر التأشير بالحكم إلى تاريخ تسجيل الصحيفة، فإنما أجازته على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار أو ديون عقارية عليه منذ تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى، وهو استثناء لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه.
ومن حيث إن السبب العاشر يتحصل في أن الحكم معيب من وجهين: الأول في إثارته الشك في جواز الأخذ بالشفعة من المشتري الذي يقوم لديه سبب من أسبابها، مع مخالفة ذلك لصريح نص المادة السابعة من قانون الشفعة - والثاني إذ ذهب إلى أن المنفعة التي تعود على ملك المشتري (المطعون عليه الأول) أكثر من تلك التي تعود على ملك الطاعن - أسقط من اعتباره أن الطاعن يملك في الحد الشرقي أربعة أفدنة ونصف فدان محملة بحق ارتفاق الصرف للأرض المشفوع فيها مع أنه لو ألقى بالاً لهذا الاعتبار لتغير وجه الرأي في المفاضلة.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود - أولاً - بأن الحكم لم يقرر حرمان الشفيع من حق الأخذ بالشفعة لمجرد كون المشتري جاراً توافرت لديه أسباب الشفعة، بل أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أساس أن المشتري أولى منه بالشفعة، إذ تعود على ملكه من استبقاء الأرض المشفوع فيها منفعة أكثر من تلك التي تعود على ملك الطاعن (الشفيع) وذلك تطبيقاً للفقرة الأخيرة من المادة السابعة والمادة الثامنة من قانون الشفعة - ومردود ثانياً بأن الحكم أقام قضاءه بصدد هذه المفاضلة على أن المطعون عليه الأول يجاور الأرض المشفوع فيها من جهتين (البحرية والغربية) وله عليها حق ارتفاق الري بينما أن الطاعن لا يجاورها إلا من الحد الغربي. وهذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه إذ لا يجوز للطاعن أن يتمسك بجواره في الحد الشرقي بعد أن أثبت الحكم أن ملكية الأرض الواقعة في هذا الحد لم تكن قد آلت إليه وقت صدور عقد البيع الذي تولد عنه حق الشفعة، ولا يغير من هذا النظر أن شراء الطاعن للأرض الواقعة في هذا الحد كان بعقد سابق على عقد البيع أساس الشفعة متى كانت ملكيتها لم تنتقل إليه إلا بعد ذلك كما سبق بيانه، إذ العبرة في مجال المفاضلة بين الجيران المتزاحمين في طلب الشفعة إنما هي بالمنفعة التي تعود من الأخذ بالشفعة على ملك كل منهم المشفوع به دون اعتداد بالمنفعة التي قد تعود على ملك كسبه بعد البيع أساس الشفعة ودون اعتبار للفوائد التي قد تعود عليه شخصياً من الأخذ بالشفعة، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالخطأ لا أساس له.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.