أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 2 - صـ 134

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1950
(26)
القضية رقم 8 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.
( أ ) حكم. تسبيبه. بيانه أن وضع اليد المدة الطويلة قد استوفى أركانه القانونية وأنه بدأ من وقت شراء واضعي اليد العين موضوع النزاع حتى تاريخ رفع دعواهم أي أكثر من خمس عشرة سنة. استناده إلى أدلة سائغة. الطعن فيه لإبهام وقصور ونقص أسبابه. جدل موضوعي.
(ب) حكم. تسبيبه. نزاع مداره التملك بوضع اليد وليس المفاضلة بين عقدين صادرين من بائع واحد أحدهما مسجل والآخر غير مسجل. الحكم بتثبيت ملكية المطعون عليهم. قيامه على ما استخلصه من وضع يدهم المدة الطويلة. نعي الطاعنة عليه أنه أغفل الرد على ما أثارته من أن عقد المطعون عليهم غير مسجل في حين أنها سجلت العقد الصادر لها من ذات البائع قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ عقد المطعون عليهم. على غير أساس.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
1 - متى كان الحكم قد حرص على بيان استيفاء وضع يد المطعون عليهم على العين موضوع النزاع أركانه القانونية وأنه بدأ من وقت شرائهم لها حتى تاريخ رفع دعواهم أي أكثر من خمس عشرة سنة، وقد ساق على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه منها سواء أكانت خاصة بشهادة الشهود أم بما استنبطه من قرائن أخرى بينها، وكان مبنى ما نعته الطاعنة على هذا الحكم أنه قام على أسباب مبهمة مضطربة ناقصة لأنه لم يبين في إيضاح كاف ثبوت وضع يد المطعون عليهم المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة مستمرة وبنية التملك، كذلك لم يبين بدء مدة وضع اليد ونهايتها - فإن الطعن يكون على غير أساس إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.
2 - متى كان مدار النزاع هو التملك بوضع اليد وليس المفاضلة بين عقدين صادرين من بائع واحد أحدهما مسجل والآخر غير مسجل، وكان الحكم إذ قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهم للأطيان موضوع النزاع قد أقام قضاءه على ما استخلصه من وضع يدهم عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكان مبنى ما نعته الطاعنة على هذا الحكم من قصور أنه أغفل الرد على ما أثارته من أن عقد المطعون عليهم غير مسجل وأن الملكية لم تنتقل إليهم بل بقيت للبائع لهم حتى انتقلت منه إليها بتسجيل عقد البيع الصادر لها منه قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ عقد المطعون عليهم - فإن الطعن يكون على غير أساس؛ ذلك أن التملك بوضع اليد هي واقعة متى توافرت شرائطها القانونية فإنها تكون بذاتها سبباً للتملك وتسري على الكافة.


الوقائع

في يوم 23 من يناير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 26 من أكتوبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 151 سنة 22 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم الأربعة الأولين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 2 و6 من فبراير سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 10 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 28 منه أودع المطعون عليهم الأربعة الأولون مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الخامس دفاعاً.
وفي 30 من مايو سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 23 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه قيامه على أسباب مبهمة ومضطربة وناقصة، وذلك أنه إذ ألغى الحكم الابتدائي القاضي برفض دعوى المطعون عليهم لأن شهودهم لم يستطيعوا إثبات وضع يدهم على العين موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية تحدث عن وضع اليد في غموض وقصور من النواحي الآتية: أولاً - أنه وقد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهم كان يجب أن يبين في إيضاح كاف ثبوت وضع يدهم المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة مستمرة وبنية التملك وأن يبين بدء مدة وضع اليد ونهايتها حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، وثانياً: أنه أشار إلى ما شهد به كل شاهد من شهود المطعون عليهم ولخص شهادته التي أخذ بها، وحكى عن الشاهد عبد الله محمد عبد الكريم أن المطعون عليهم وضعوا اليد اثنتي عشرة سنة، وعن الثاني حسن محمد أنهم وضعوا يدهم عشر سنوات، وعن الثالث محمود همام أنهم وضعوا اليد منذ سنة 1927 دون إيضاح لبدء مدة وضع اليد ونهايتها، وشهادتهم على النحو المتقدم لا تؤدي إطلاقاً إلى إثبات وضع يد المطعون عليهم المدة الطويلة المكسبة للملكية، وثالثاً: أن الحكم الابتدائي أورد ما شهد به كل شاهد من شهود الطاعنة ولم ير فيها ما يثبت ادعاء المطعون عليهم التملك بالتقادم الطويل ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما جاء به.
ومن حيث إن الحكم بعد أن أورد ما شهد به كل شاهد من شهود الطرفين وبين أن شيخ الخفراء حسن محمد وهو من شهود المطعون عليهم شهد بأنهم وضعوا يدهم من عشر إلى خمس عشرة سنة لا كما جاء بالحكم الابتدائي وبتقرير الطعن من أنهم وضعوا يدهم عشر سنوات فقط انتهى إلى القول: حيث إنه يبين من مجموع أقوال شهود الإثبات ما يؤيد صحة دفاع المستأنفين (المطعون ضدهم) من أنهم وضعوا اليد على العين المرفوع عنها الدعوى منذ شرائهم لهما في سنة 1928 يؤيد ذلك قسائم الأموال المقدمة عن مدة تتراوح من سنة 1935 إلى سنة 1944 في حين أن المستأنف ضدها الثانية لم تبد اعتراضاً على هذه القسائم ولم تقدم ما يفيد سدادها الأموال رغم شرائها في سنة 1948، وحيث إنه يستخلص مما تقدم أن المستأنفين وضعوا اليد على العين المتنازع عليها منذ شرائهم لها في سنة 1928 حتى رفع الدعوى بصفتهم مالكين وبصورة مستمرة وظاهرة وهادئة. ويظهر من هذا الذي جاء بالحكم أنه حرص على بيان استيفاء وضع يد المطعون عليهم على عين النزاع أركانه القانونية وأنه بدأ من وقت شرائهم لها في سنة 1928 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1944 أي أكثر من خمس عشرة سنة، وقد ساق على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه منها سواء أكانت خاصة بشهادة الشهود أم بما استنبطه من قرائن أخرى بينها. وما تثيره الطاعنة بهذا الصدد ليس إلا جدلاً موضوعياً لا شأن لهذه المحكمة به، ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم القصور في التسبيب إذ أغفل الرد على دفاع جوهري لها يتحصل في أن عقد المطعون عليهم غير مسجل، وعلى ذلك لا تنتقل به الملكية إليهم بل تعتبر باقية للبائع لهم سليمان علي صالح حتى يوم 20 من سبتمبر سنة 1941 إذ انتقلت منه للطاعنة بتسجيل عقد البيع الصادر لها منه، وعلى ذلك لا أهمية لما زعمه المطعون عليهم بخصوص وضع اليد إذ ليس للمشتري الذي لم يسجل عقده أن يتمسك بوضع يده ما لم يكن قد اكتسب الملكية فعلاً بوضع يده قبل البائع في تاريخ سابق لتصرف هذا الأخير بالبيع لمشتر آخر سجل عقده والمدة ما بين شراء المطعون عليهم في 9 من ديسمبر سنة 1928 وشراء الطاعنة بعقد مسجل في 20/ 9/ 1941 أقل من خمس عشرة سنة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن النزاع لا يدور على المفاضلة بين عقدين صادرين من بائع واحد أحدهما غير مسجل والآخر مسجل وإنما مدار النزاع هو التملك بوضع اليد وهي واقعة متى توافرت شرائطها القانونية فإنها تكون بذاتها سبباً للتملك ويسري على الكافة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن بسببيه على غير أساس متعين الرفض.