أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 2 - صـ 158

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1950
(30)
القضية رقم 16 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
إجارة. الأراضي الفضاء. لا يسري عليها القانون رقم 121 لسنة 1947. التوسع في تفسير هذا القانون الاستثنائي. لا محل له. العين المؤجرة هي بمقتضى العقد أرض فضاء. إقامة المستأجر مباني عليها تصبح من حق المؤجر عند انتهاء العقد. ليس من شأنه أن تعتبر العين المؤجرة أرضاً مقاماً عليها مبان. دعوى المؤجرة بزيادة أجرة هذه العين لاستمرار المستأجر منتفعاً بها رغم إنذاره بالإخلاء بعد انقضاء مدة الإجارة السابقة. تخضع لقواعد القانون العام الخاصة بالاختصاص.
(المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947).
نصت المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أنه يسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض واستثنت صراحة الأراضي الفضاء. فإذا كانت العين المؤجرة بمقتضى العقد الذي يستند إليه المؤجر - الطاعن - هي أرض فضاء فإن دعواه بزيادة الأجرة لاستمرار المستأجرين - المطعون عليهما - منتفعين بالعين المؤجرة رغم إنذارهما بالإخلاء بعد انقضاء مدة الإجارة السابقة تخضع لقواعد القانون العام الخاصة بالاختصاص. وليس يغير من هذا النظر أن المستأجرين قد أقاما عليها بناء إذ مناط البحث ينحصر فيما إذا كانت العين المؤجرة أرضاً فضاء أم مكاناً معداً للسكنى أو غير ذلك من الأعراض ولا محل للتوسع في تفسير هذا القانون الاستثنائي لأنه جاء على خلاف أحكام القانون العام. وإذن فمتى كان الحكم قد انتهى إلى اعتبار أن العين المؤجرة ليست أرضاً فضاء وإنما هي أرض مقام عليها مبان وإن كان المطعون عليهما هما اللذان أقاماها إلا أنها تصبح من حق الطاعن عند انتهاء الإيجار بشرط دفع ثمنها للمطعون عليهما ورتب على هذا الاعتبار إن زيادة أجرتها هي من اختصاص المحكمة الكلية عملاً بالقانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع

في يوم 10 من فبراير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة مصر الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية الصادر في 20 من إبريل سنة 1948 في القضية المدنية رقم 171 سنة 1948 س - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم في الاستئناف رقم 171 سنة 1948 س برفض الدفع الفرعي بعدم اختصاص المحكمة الجزئية وتأييد الحكم المستأنف الصادر من محكمة بولاق الجزئية الوطنية بتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1947 في القضية رقم 1243 سنة 1947 مدني بولاق وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات عن جميع درجات التقاضي ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 14 من فبراير سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن - وفي 20 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بتقرير الطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح الأسباب وحافظة بمستنداته - وفي 16 من مارس سنة 1949 أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 31 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد.
وفي 5 من أكتوبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وعدم قبول كل من السبب الثاني والثالث والرابع من أسباب الطعن وبقبول السبب الأول ونقض الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص محكمة بولاق الجزئية بنظر الدعوى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات.
وفي 30 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من أسباب طعنه على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر من محكمة بولاق الجزئية بتعيين خبير لتقدير الأجرة المستحقة له بصفته عن الأرض الفضاء السابق تأجيرها منه للمطعون عليهما وذلك عن المدة من أول إبريل سنة 1947 حتى تاريخ صدور الحكم، وبقبول الدفع بعدم الاختصاص الذي أدلى به المطعون عليهما - إذ قضى بذلك خالف القانون؛ ذلك أن القانون رقم 121 لسنة 1947 الخاص بإيجار المساكن أخرج الأراضي الفضاء من الخضوع لأحكامه فأجورها نقصاً وزيادة لا تكون من اختصاص المحكمة الكلية وإنما تخضع لقواعد الاختصاص العام وفقاً لقانون المرافعات ولا يغير من ذلك أن يقيم المستأجر بناء على الأرض المؤجرة له.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه "أن المستأنفين (المطعون عليهما). ينعيان على الحكم أنه لم يستمع إلى الدفع الفرعي الذي دفعا به أمام محكمة أول درجة وهو عدم اختصاصها بالنظر في زيادة الأجرة عملاً بالقانون رقم 121 لسنة 1947 على اعتبار أن الأرض المؤجرة مشغولة بالمباني التي أقامها عليها مورثهما من نحو أربعين سنة خلت". ثم قال "إن المستأنف عليه (الطاعن) يرد على هذا الدفع بأن الأرض المؤجرة أرض فضاء وأنه يدلل على ذلك بعقد الإيجار نفسه المحرر بينه وبين المستأنفين والمؤرخ في أول نوفمبر سنة 1937 عن قطعة أرض فضاء مساحتها 248.6 متراً لمدة ثلاث سنوات تنتهي في آخر أكتوبر سنة 1940 على أن تجدد لمدة أخرى إذا لم يحصل إنذار من أحد الطرفين قبل انقضاء المدة بشهرين ثم يزيد على ذلك بأن ما جاء في البند الثالث من عقد الإيجار نفسه من أن للمستأنفين بوصفهما مستأجرين حق البقاء ما داما قائمين بدفع الإيجار المستحق عليهما فإذا أراد المستأنف عليه إخلاء قطعة الأرض المؤجرة فيكون ملزماً بأن يدفع للمستأنفين قيمة ثمن المباني القائمة على قطعة الأرض حسب اتفاق الطرفين فإن تعذر الاتفاق يكون الفصل في هذا النزاع من اختصاص خبير تعينه محكمة بولاق الوطنية أو أي محكمة أخرى يريدها المستأنف عليه وأن ما جاء في البند الرابع من عدم أحقية المستأنفين لإحداث مبان جديدة إلا بإذن كتابي من المستأنف عليه كل ذلك يجعل العقد منصرفاً إلى الأرض وحدها على اعتبار أنها أرض فضاء تخرج عن نطاق قانون إيجار المساكن" ثم انتهى الحكم إلى اعتبار أن العين المؤجرة ليست أرضاً فضاء وإنما هي أرض مقام عليها مبان وإن كان المطعون عليها هما اللذان أقاماها إلا أنها تصبح من حق الوقف عند انتهاء الإيجار بشرط دفع ثمنها للمطعون عليهما ورتب على هذا الاعتبار أن زيادة أجرتها هي من اختصاص المحكمة الكلية عملاً بالقانون رقم 121 سنة 1947.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 121 سنة 1947 نصت على أنه يسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض واستثنيت صراحة الأراضي الفضاء. ولما كان لا نزاع في أن العين المؤجرة بمقتضى العقد الذي يستند إليه الطاعن هي أرض فضاء فإن دعواه تخضع لقواعد القانون العام الخاصة بالاختصاص وليس يغير من هذا النظر أن المستأجر لتلك الأرض الفضاء قد أقام عليها بناء إذ مناط البحث ينحصر فيما إذا كانت العين المؤجرة أرضاً فضاء أم مكاناً معداً للسكنى أو غير ذلك من الأغراض ولا محل للتوسع في تفسير هذا القانون الاستثنائي لأنه جاء على خلاف أحكام القانون العام ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبقبول الدفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقضه دون حاجة على النظر في سائر أسباب الطعن - ولما كان موضوع الاستئناف بالنسبة إلى الدفع سالف الذكر صالحاً للحكم فيه وكان استئناف المطعون عليهما مقصوراً على هذا الدفع تعين رفضه والحكم باختصاص محكمة بولاق الجزئية بنظر الدعوى.