أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 219

جلسة 4 من يناير سنة 1951
(42)
القضية رقم 4 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك المستشارين.
1 - إثبات. قاضي الموضوع. أدلة. أخذه بما يطمئن إليه منها وإطراحه ما عداه. لا معقب عليه في ذلك. شهادة الشهود. إطراحها بسبب ما أثارته قرابة الشهود للطاعن من شك في صدق أقوالهم. الطعن على الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أنه أطرح شهادة الشهود بسبب القرابة، في حين أن القانون لم يجعلها سبباً لرد الشاهد. في غير محله.
2 - وضع يد استناداً إلى وجود قنطرة للصرف. إثبات الحكم أن هذه القنطرة هدمت من زمن بعيد. ذلك ناف لتوافر شروط وضع اليد.
3 - إثبات. قرائن. نكول الطاعن عن اليمين لدى المحكم بأنه لا حق للمطعون عليه في القناة موضوع النزاع. اعتباره قرينة على عدم أحقية الطاعن في طلب منع تعرض المطعون عليه. جائز. الطعن في الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أنه اعتبر نكول الطاعن عن هذه اليمين موجباً للحكم عليه في حين أنه لم توجه إليه يمين قضائية بالمعنى القانوني. على غير أساس.
4 - نقض. حكم صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية في مادة وضع يد. الطعن فيه بطريق النقض. لا يجوز إلا إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله. الطعن فيه استناداً إلى غموضه وتناقضه وقصوره في التسبيب وخطئه في الإسناد. لا يقبل.
(المادة 10 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض).
1 - إنه وإن كان صحيحاً أن القانون لم يجعل القرابة سبباً لرد الشاهد، إلا أنه من المقرر كذلك أن لقاضي الموضوع أن يأخذ بما يطمئن إليه من الأدلة وأن يطرح ما عداه، وأنه لا معقب عليه في ذلك. وإذن فمتى كان الحكم لم يطرح شهادة شهود الطاعن القائلين بوضع يده على القناة موضوع النزاع لمجرد قرابتهم له، وإنما أطرحها، على ما صرح به، بسبب ما أثارته هذه القرابة من شك في صدق أقوالهم، وبسبب ما توافر في الدعوى من قرائن على صدق شهود المطعون عليه. فإن الطعن على الحكم استناداً إلى أنه أخطأ في تطبيق القانون على الواقعة يكون على غير أساس.
2 - النعي على الحكم بأنه أخطأ في تطبيق القانون، إذ هو لم يعتبر أن وجود قنطرة للصرف تتوافر فيها شروط وضع اليد القانونية من ظهور واستمرار وهدوء ونية التملك - هذا النعي يكون في غير محله متى كان الحكم قد أثبت أخذاً بتقرير الخبير أن هذه القنطرة قد هدمت من زمن بعيد.
3 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استخلصت من نكول الطاعن عن اليمين لدى المحكم بأن لا حق للمطعون عليه في القناة موضوع النزاع، قرينة على عدم أحقية الطاعن في طلب منع تعرض المطعون عليه. ومن ثم فإن الطعن على الحكم استناداً إلى أنه أخطأ في تطبيق القانون إذا اعتبر أن نكول الطاعن عن هذه اليمين لدى المحكم موجباً للحكم عليه، في حين أنه لم توجه إليه يمين قضائية بالمعني القانوني - هذا الطعن يكون على غير أساس.
4 - تقضي المادة 10 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض والإبرام بأن الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مواد وضع اليد لا يجوز إلا إذا كانت الأحكام المطعون فيها مبنية على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه صادراً في دعوى وضع يد وكان مبنى أسباب الطعن فيه هو غموضه وتناقضه وقصوره في التسبيب وخطؤه في الإسناد كانت هذه الأسباب جميعاً غير مقبولة، إذ هي ليس مما يجوز التحدي به في الطعن على الحكم.


الوقائع

في يوم 15 من يناير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة الإسكندرية الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1948 في القضية المدنية رقم 117 سنة 1947 س وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات الواردة في عريضة افتتاح الدعوى واحتياطياً بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى، وفي الحالتين إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 24 من يناير سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 3 من فبراير سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه، ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 22 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 19 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 21 من ديسمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على تسعة أسباب، حاصل الأول منها، خطأ الحكم في تطبيق القانون على واقعة الدعوى، إذ أطرح شهادة شهود الطاعن القائلين بوضع يده على القناة (الملال) موضوع النزاع بسبب قرابتهم له، في حين أن القانون لا يسقط شهادة شاهد بسبب القرابة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن القانون لم يجعل القرابة سبباً لرد الشاهد، إلا أنه من المقرر كذلك أن لقاضي الموضوع أن يأخذ بما يطمئن إليه من الأدلة وأن يطرح ما عداه، وأنه لا معقب عليه في ذلك. والحكم المطعون فيه لم يطرح شهادة شهود الطاعن لمجرد قرابتهم له وإنما أطرحها، على ما صرح به، بسبب ما أثارته هذه القرابة من شك في صدق أقوالهم، وبسبب ما توافر في الدعوى من قرائن على صدق شهود المطعون عليه.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع هو خطأ الحكم في تطبيق القانون وإذ ذهب إلى أن صرف الطاعن مياه أرضه بواسطة قنطرة تجتاز "الملال" لا يعتبر استعمالاً تتوافر فيه شرائط وضع اليد القانونية من ظهور واستمرار وهدوء ونية التملك، في حين أن الثابت هو عكس ذلك، وأنه ليس ثمة ما يمنع من توافر شروط وضع اليد في الطريقة التي كان يستعملها الطاعن في صرف مياه أرضه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما أورده الحكم من "أن الخبير أثبت أن القنطرة مهدومة من زمن بعيد" - إذ بذلك لا يكون الحكم قد خالف القانون في تقريره عدم توافر شرائط وضع اليد القانونية فيما ادعاه الطاعن من استعمال الملال بالطريقة المشار إليها.
ومن حيث إن حاصل الشق الثاني من السبب السابع خطأ الحكم في تطبيق القانون إذا اعتبر "على فرض صحة واقعة الاحتكام" أن نكول الطاعن عن اليمين لدى المحكم موجباً للحكم عليه، مع أنه توجه إليه يمين قضائية بالمعنى القانوني.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم لم يعتبر ما وقع من الطاعن نكولاً عن يمين بالمعنى القانوني، وإنما استخلص من مسلكه قرينة على "أن وضع يده المزعوم على أحسن فروضه ليس خالياً من النزاع كما يشترط القانون في دعاوى اليد".
ومن حيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والخامس والسادس والشق الأول من السبب السابع والثامن والتاسع هو على التوالي غموض الحكم وتناقضه وقصوره في التسبيب وخطؤه في الإسناد إذ أخذ بما قرره الخبير من أن المطعون عليه يستعمل الملال في ري أرضه، مع أن ذلك لم يحصل منه إلا بعد تعديه على حق الطاعن - وإذ أخذ بتقرير الخبير مع أنه سبق للمحكمة أن فصلت في ذلك قولاً بأن المسألة تعود إلى تحقيق وضع اليد - وإذ ذهب إلى أنه ثبت من التحقيقات التي أجراها البوليس والنيابة في الشكوى الإدارية أن المطعون عليه هو الذي يروي أطيانه من الملال، في حين أن هذا غير صحيح لأن المعاينة والتحقيقات جاءت على خلاف ذلك - وإذ ذهب إلى أن المطعون عليه شكا من أن الطاعن أزال البرابخ التي تسير فيها المياه من ترعة الرشيدية إلى المروى قبل انتقال الخبير للمعاينة، مع أن هذا غير صحيح - وإذ ذهب إلى أن الطرفين احتكما إلى الشيخ هنيدي في فض الخصومة بينهما مع أن ذلك لم يحصل - وإذ اتخذ من عدم رفع الطاعن استئنافه إلا بعد أكثر من سنة قرينة على عدم شعوره بالتعرض له في وضع يده، مع أن هذه المسألة قد حسمت في الحكم التمهيدي - وإذ ذهب إلى أن الشهادة المقدمة من الطاعن والصادرة له من تفتيش ري القسم الثالث بتاريخ 10/ 11/ 1948 لم تكن خاصة بالأرض المتنازع على وضع اليد عليها مع أنها خاصة بها.
ومن حيث إن هذه الأسباب جميعاً غير مقبولة: لأن ما يعيبه الطاعن بها على الحكم من غموض وتناقض وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد ليس مما يجوز التحدي به في الطعن على حكم صادر في دعوى وضع يد، كما هو الحال في الدعوى، إذ تقضي المادة 10 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض والإبرام بأن الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مواد وضع اليد لا يجوز إلا إذا كانت الأحكام المطعون فيها مبنية على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.