أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 249

(49)
جلسة 18 من يناير سنة 1951
القضية رقم 34 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك المستشارين:
1 - حكم. تسبيبه. عقد بيع من مورث لأحد ورثته. ادعاء باقي الورثة بأنه قد صدر تحت تأثير التسلط. تقرير الحكم أن الطعن على عقد بأنه صدر تحت تأثير التسلط إنما يرد على عقود التبرع دون سواها. عدم نعي باقي الورثة على هذا الذي قرره الحكم بالخطأ في تطبيق القانون. نعيهم على الحكم بالخطأ في الإسناد. نعيهم عليه بالقصور لأنه أغفل بحث ما قدموه من أدلة على التسلط. النعي في الحالتين. غير منتج.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
2 - إثبات. إقرارات المورث. تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها. إعفاء الورثة المضرورين بهذه الإقرارات من الإثبات الكتابي في حالة ما إذا طعنوا فيها بأنها في حقيقتها وصية قصد بها إيثار بعض الورثة. مجرد هذا الطعن لا يكفي لإهدار حجيتها. يجب إقامة الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات.
3 - حكم. تسبيبه. عقد بيع. الطعن فيه بأنه في حقيقته وصية. استخلاص الحكم بأن الثمن المسمى في العقد هو ثمن جدي دفع من مال المتصرف لها وأن التصرف في حقيقته بيع منجز. ادعاء بعض ورثة المتصرف أنه استمر واضعاً يده على العين المتصرف فيها وأنه كان يظهر لدى الغير بمظهر المالك. عدم رد الحكم على هذا الدفاع. لا قصور.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
1 - متى كان الحكم وهو بصدد نفي ما أثاره الطاعنون من تسلط المطعون عليها على مورثهم جميعاً حتى باعها المنزل موضوع النزاع قد قرر أن الطعن على عقد بأنه صدر تحت تأثير التسلط إنما يرد على عقود التبرع دون سواها وكان الطاعنون لم ينعوا على هذا الذي قرره الحكم ثمة خطأ في تطبيق القانون بل نعوا عليه أنه أخطأ في الإسناد إذ قرر أن محكمة الدرجة الأولى أحالت الدعوى على التحقيق لإثبات وقائع التسلط وأنهم عجزوا عن إثباتها مع أن المحكمة لم تحل الدعوى على التحقيق لهذا الغرض كذلك نعوا عليه القصور لأنه لم يتناول بحث جميع الأدلة التي قدموها لإثبات هذا التسلط. فإن نعيهم في الحالتين يكون غير منتج، ذلك لأن الحكم لم يكن في حاجة إلى تقرير عجز الطاعنين عن إثبات وقائع التسلط ولا مناقشة دفاعهم الخاص بأدلتهم عليه بعد أن نفى نية التبرع في العقد وقرر أن هذا الدفاع لا يكون له محل إلا في عقود التبرع، وهو ما لم ينع الطاعنون عليه الخطأ في تطبيق القانون.
2 - الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها وإذا كان القانون قد أعفى من يضار من الورثة بهذه الإقرارات من الإثبات الكتابي في حالة ما إذا طعنوا فيها بأنها في حقيقتها وصية قصد بها إيثار بعض الورثة، فليس معنى هذا أن مجرد طعنهم فيها يكفى لإهدار حجية هذه الإقرارات. بل يجب لذلك أن يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات.
3 - إذا طعن في عقد بيع بأنه في حقيقته وصية فأثبت الحكم بأدلة سائغة أن الثمن المسمى في العقد هو ثمن جدي دفع من مال المتصرف لها وأن التصرف في حقيقته هو بيع منجز فإنه لم يكن يعوز الحكم بعد، الرد على كل ما تمسك به الطاعنون - بعض ورثة المتصرف - من حجج لإثبات أن هذا الأخير استمر واضعاً يده على العين المتصرف فيها بعد صدور التصرف منه ولبث يظهر لدى الغير بمظهر المالك ذلك لأن فيما أورده من أدلة ما يفيد أنه لم ير الحجج التي يتمسك بها الطاعنون ما يغير وجه الرأي في الدعوى. ومن ثم فإن الطعن عليه بالقصور يكون على غير أساس.


الوقائع

في يوم 21 من مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 444 سنة 2 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 23 من مارس سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي 9 من إبريل سنة 1949 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 20 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 3 من مايو سنة 1949 أودع الطاعنون مذكرة بالرد. وفي 30 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة. وفي 4 من يناير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى كما يبين من الحكم المطعون فيه تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع رسمي مؤرخ في 16 من مايو سنة 1937 باع المرحوم عيسى السرجاني مورث الطرفين نصف منزل إلى المطعون عليها زوجته ثم أوقف النصف الآخر على نفسه ومن بعده على ابنته منها فأقام الطاعنون وهم أولاد المورث من زوجة أخرى توفيت قبل ذلك الدعوى رقم 528 سنة 1942 كلي مصر على المطعون عليها وطلبوا تثبيت ملكيتهم إلى 8/ 3 18 قيراطاً من 24 قيراطاً شائعة في نصف المنزل المذكور وبطلان عقد البيع واستندوا في ذلك إلى أن حقيقة العقد وصية وأن الباعث للمورث على إصداره هو حصول نزاع بينه وبين الطاعنين سابق على البيع واستدلوا على أن العقد وصية بإعسار الزوجة وعدم قدرتها على دفع الثمن المسمى في العقد ومقداره 900 جنيه وبخسه لأن المنزل مكون من خمس طبقات بكل طبقة شقتان واستمرار وضع يد البائع على العقار حتى وفاته في 5 من يوليه سنة 1942 فدفعت المطعون عليها الدعوى بأن العقد صحيح ناجز وأنها قامت بدفع الثمن وأن المورث إنما كان وكيلاً عنها في إدارة المنزل. فقضت محكمة أول درجة في 25 من مارس سنة 1943 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعنون صورية عقد البيع ولتنفي عليها ذلك واستشهد الطرفان شهوداً سمعت أقوالهم. ثم قضت محكمة أول درجة بتثبيت ملكية الطاعنين إلى القدر المطلوب وبطلان عقد البيع، فاستأنفت المطعون عليها الحكم ومحكمة الاستئناف حكمت في 12 من ديسمبر سنة 1944 برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي، فقررت المطعون عليها الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وفي 21 من مارس سنة 1946 حكمت محكمة النقض بنقضه وإحالة الدعوى على محكمة استئناف الإسكندرية للحكم فيها من جديد فقضت بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض دعوى المستأنف عليهم (الطاعنين) فقرروا طعنهم الحالي فيه.
ومن حيث إن الطعن بني على ستة أسباب يتحصل الشق الأول من السبب الأول منها في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بنفي نية التبرع عن عقد بيع نصف المنزل المطعون فيه وبالتالي أنه يخفي وصية - إذ قضى بذلك خالف الثابت في الأوراق وعاره قصوره في التسبيب، ذلك أنه في سبيل الاستدلال على مقدرة المطعون عليها على دفع الثمن المسمى في العقد قرر أنها كانت تملك نصف منزل كائن بكامب سيزار وأنها باعته في أول أكتوبر سنة 1923 واستولت على ثمن حصتها ومقداره 600 جنيه وأن هذا المبلغ نما بفضل ادخارها حتى اشترت به منزلاً بزاوية الرجبانى ثم جددت بناء هذا المنزل ثم باعته بوكالة زوجها وكان ثمن هذا المنزل هو مقابل ثمن نصف المنزل موضوع النزاع ومقداره 900 جنيه - وهذا التقرير بمشتملاته ينقضه أن المطعون عليها قدمت سنداً إذنياً يثبت أن ثمن حصتها في منزل كامب سيزار استدانه منها زوجها مورث الطرفين وبقي ديناً في ذمته حتى وفاته مما يتعارض مع تقرير الحكم أن ثمن هذه الحصة زاد حتى اشترت به منزل زاوية الرجبانى ومع ذلك فإن السند المذكور حقيقته وصية وكذلك ثمن نصف منزل كامب سيزار شأنهما شأن التصرف المطعون فيه، أما وجه القصور فهو أن الحكم أغفل المستندات العديدة التي قدمها الطاعنون والتي تثبت أن المورث اشتري منزل الرجبانى بماله وكان يتصرف فيه تصرف الملاك واستخرج رخصة بنائه باسمه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما ورد في الحكم المطعون فيه وهو "أنه فيما يختص بالركن الأول وهو ركن التبرع فتمسك المستأنفة (المطعون عليها) بأنها أدت الثمن حقيقة إلى البائع، وتستدل على ذلك بما قدمته من مستندات وبما شهد به شهودها. وبالرجوع إلى تلك المستندات فإنه يبين منها أن المستأنفة وهي بلا شك معسرة حتى تاريخ زواجها من زوجها المذكور سبق أن اشترت في 24 نوفمبر سنة 1922 هي والست نبوية ابنه المورث منزلاً كائناً بجهة كامب سيزار برمل الإسكندرية لكل منها النصف فيه ثم عادت في سنة 1925 وباعت ذلك النصف بمبلغ 600 جنيه فأصبح من الثابت أن لديها مالاً متوافراً بمقدار هذا المبلغ على أقل تقدير، وتقول أنها كانت قد ادخرته بحسن تدبيرها في حياتها المنزلية أو جاءها بأية طريقة. وحيث إنه لا نزاع في ملكية المستأنفة لهذا المال. أما والمستأنفة قد باعت ملكها هذا واشترت منزلاً آخر هو المنزل رقم 23 تنظيم بحارة زاوية الرجبانى وتقول إنها نشطت لإنشائه من جديد ولا شك في أن ثمن نصف منزل كامب سيزار قد دخل في هذه الصفقة الجديدة. وحيث إنه بالرجوع إلى مستندات المستأنفة يبين أنها باعت بوكالة زوجها المورث نصف هذا المنزل بتاريخ 19 مايو سنة 1936 بثمن قدره 1100 جنيه إلى كل من محمد أفندي وصفي والست لبيبة محمود علي المنياوي وقد قبض المورث هذا الثمن من يد المشترين كما أنها باعت 10 قراريط أخرى من ذلك المنزل بتوكيل المورث أيضاً في 5 يوليه سنة 1937 بثمن قدره 725 جنيهاً إلى محمد أفندي عوض ثم باعت القيراطين الباقيين كذلك إلى المعلم علي مرسي محمد السروجي بعقد تاريخه 8 أكتوبر سنة 1939 وبثمن قدره 75 جنيهاً وتقرر المستأنفة أن رأس مالها قد أزداد بعد مشتري وبناء هذا المنزل ثمرة ما تقدم وما تأخر من ادخارها وما تكون قد جمعته من مساعدات زوجها لها في مصاريف البناء وهي هبات أموال منقولة متعددة تمت بالقبض وتنفذت حال صحته وأصبحت جزاءاً لا يتجزأ من رأس مالها. وحيث إنه ظاهر من الظروف المتقدمة ومن أوراق الدعوى أن المستأنفة تملكت هذا المنزل كما أنها باعته وهي مالكة له دون سواها وفي هذا ما يدل على أن مالها قد نما وازداد عن ذي قبل بتجمعه وتنقله من صفقة إلى أخرى.
وحيث إن المورث كان قد عن له شراء قطعة أرض بمبلغ 660 جنيهاً مصرياً وشرع في إقامة منزل جديد عليها وبعد أن أتم بناء طبقتين فيه فحسب اضطر لوقف البناء كما تقول المستأنفة حيث قد أعوزه المال فلم ير أمامه مالاً أقرب إليه من مال زوجته التي أظهرت استعدادها لمعاونته في إتمام باقي طبقات المنزل الخمس بأن باعت منزلها الكائن بزاوية الرجبانى على الوجه المتقدم وأن المورث هو الذي قبض هذا الثمن بوكالته عنها وأتم منزله من ثمنه". من ذلك يبين أن الحكم أثبت أن المطعون عليها صارت من اليسار بحيث استطاعت إقراض زوجها المبلغ الذي اعتبر فيما بعد ثمناً لنصف المنزل موضوع النزاع واستند في هذا التقرير إلى المستندات المقدمة في الدعوى وليس فيما قرره ما يناقض دلالاتها - أما القول بأن ثمن حصة المطعون عليها في منزل كامب سيزار ظل متجمداً بوصفه ديناً في ذمة المورث استناداً إلى سند الدين المقدم من المطعون عليها فهو دفاع موضوعي لكي يكون صحيحاً يجب أن يثبت أن قيمة السند تعادل قيمة ثمن حصتها في منزل كامب سيزار وأن المطعون عليها لم تستول على قيمته حتى تاريخ وفاة زوجها وكلا الأمرين غير صحيح، لأن ثمن حصتها في منزل كامب سيزار هو 600 جنيه ومبلغ السند هو ثلثمائة جنيه ولأنها مقرة بأنها استولت على قيمة السند وأنها إنما قدمته للاستدلال به على أنه كان لديها مالاً أقرضته لزوجها، ومن ثم لا يكون فيما قرره الحكم ما يخالف الثابت في الأوراق.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه استند في نفى التسلط من جانب المطعون عليها على إدارة المورث حتى استصدرت منه العقد المطعون فيه إلى واقعة لا أساس لها في الأوراق إذ قرر أن محكمة الدرجة الأولى أحالت الدعوى على التحقيق لإثبات أن العقد صدر تحت تأثير المطعون عليها وأن التحقيق لم يسفر عن إثبات حصول هذا التسلط. مع أن الحكم التمهيدي لم يكلف الطاعنين شيئاً مما ذكره الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه غير منتج ذلك أولاً لأنه بفرض التسليم بأن الحكم التمهيدي لم يحل الدعوى على التحقيق لهذا السبب فإن الذي كان يقع عليه عبء إثبات هذا التسلط هم الطاعنون وما قاله الحكم يفيد أنهم عجزوا عن هذا الإثبات. وثانياً لأن الحكم قرر أن التمسك بهذا الدفاع إنما محله في عقود التبرع ولا نعي على الحكم في هذا التقرير وقد نفى الحكم عن العقد نية التبرع.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم عاره تناقض وقصور في التسبيب في عدة مواضع: الأول أنه بينما يقرر أن المطعون عليها كانت معسرة إذ به يقرر في الوقت ذاته أنها اشترت نصف منزل كامب سيزار من مالها. والثاني أنه بينما يصف مفكرة المورث بأن بها وقائع غير مرتبة وأوضاعاً غير منتظمة وأنها تنطوي على أخطاء مادية إذ به يعتبرها سنداً كتابياً يهدر شهادة الشهود أما القصور ففي ناحيتين: الأولى أن الحكم وقد أخذ بأقوال المورث واعتبرها دليلاً على صحة العقد فاته الرد على ما دفع به الطاعنون بأن أقوال المورث لا يمكن أن تعتبر دليلاً عليهم إذ هي لا تعدو في حجيتها إقراره في عقد البيع بقبض الثمن. والثانية أن الحكم أغفل الرد على ما تمسك به الطاعنون بأن المفكرة إنما حررت بقصد ستر التصرف المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأن القول بأن المطعون عليها كانت معسرة قبل زواجها لا ينفي أن يكون قد توافر لديها المال بعد ذلك من هبات زوجها أو من أي مصدر آخر. وقد بين الحكم بياناً كافياً في أسبابه سالفة الذكر كيف توافرت لدى المطعون عليها المبالغ التي اشترت بها نصف المنزل موضوع العقد المطعون فيه. ومردود ثانياً بأن عبء إثبات عدم صحة ما ورد في العقد وما ورد في المفكرة تأييداً له إنما يقع على عاتق الطاعنين، فإذا اعتمد الحكم إقرار المورث الثابت في العقد المؤيد بإقراره في المفكرة لعجز الطاعنين عن إثبات عدم صحته فلا يصح النعي عليه بالقصور.
ومن حيث إن السبب الرابع والشق الثاني من السبب الأول يتحصلان في أن الحكم أخطأ في القانون من ثلاثة أوجه: الأول إذا اعتبر أن حق الوارث في الطعن في تصرف مورثه ينشأ من تاريخ التصرف لا من تاريخ الوفاة، والثاني إذ اعتبر أقوال المطعون عليها وحدها دليلاً على الطاعنين، والثالث إذ اعتبر ما أثبته المورث في المفكرة دليلاً يحتج به على الطاعنين بصفتهم ورثة وفاته أنهم يعتبرون بالنسبة إلى التصرف المطعون فيه في حكم الغير.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بأن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص بأنه "ولو فرض أنها (المطعون عليها) لم تبع نصف ذلك المنزل (منزل كامب سيزار) في عام 1925 وظلت مالكة له إلى أن توفى المورث في سنة 1942 أعنى بعد مشتراها بنحو عشرين عاماً لكان ملكها بمنأى عن أي طعن جدي من جانب المستأنف عليهم (الطاعنين) ولا مساغ للطعن عليه بعد انقضاء هذه السنين الطويلة" وقال في موضوع آخر عن منزل الرجبانى إنه "ولو أن المستأنفة قد استبقت هذا المنزل دون أن تبيعه حتى مات زوجها لبقيت مالكة له للآن وما قيل عن تملكها منزل كامب سيزار وبيعه يقال مثله عن تملكها منزل حارة 0زاوية الرجبانى". - وهذا الذي قرره الحكم يفيد أنه لو طعن الطاعنون على هذين التصرفين بعد ما تبين للمحكمة من ظروفهما من أنهما صدرا ناجزين فإن طعنهم يكون غير جدي - وليس معناه أن حق الخصوم قد سقط في الطعن بالتقادم أو أن المحكمة رأت أن حق الوارث في الطعن في تصرف مورثه ينشأ من تاريخ التصرف لا من تاريخ الوفاة كما ذهب الطاعنون. ومردود ثانياً بأن المحكمة لم تعتمد على مجرد أقوال المطعون عليها بل اعتمدتها مؤيدة بالمستندات التي تعززها والتي أشارت إليها في أسباب الحكم. مردود ثالثاً بأن الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها وإذا كان القانون قد أعفى الطاعنين في هذا الصدد من الإثبات الكتابي فليس معنى هذا أن مجرد طعنهم فيها يكفي لإهدار حجية هذه الإقرارات بل يجب لذلك أن يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم مسخ الواقع وعاره خطأ في الإسناد وبني على استنتاج فاسد إذ ذهب في نفى حصول التسلط إلى أن كل ما قدمه الطاعون من الأدلة هو فصل إبراهيم أحد الطاعنين من عمله عند المورث ومقاضاته له وحصول الطاعنين على حكم ضد المورث بتسلم المنزل المورث لهم عن والدتهم وأن هذه الأدلة لا تبلغ درجة الجسامة التي تستعدى الوالد على أولاده - وفي هذا مسخ للواقع، ذلك أولاً - لأن فصل إبراهيم كان نتيجة للحرب التي شنها المورث على الطاعنين تحت تأثير المطعون عليها ووصل به الأمر إلى أن أبلغ النيابة ضد ولده إبراهيم بسرقة 116 جنيهاً ولم يدفع إبراهيم هذا إلى مقاضاة والده إلا ضغط الحاجة الشديدة التي حملته على بيع أثاث منزله - وقد فات الحكم ذلك ولم يقدر هذه الظروف - وثانياً لأن الحكم اجتزأ بعض الأدلة ولم يشر إلى باقي الأدلة التي قدمها الطاعنون إثباتاً لتسلط المطعون عليها على إدارة زوجها ومنها احتياج ابنة المورث إلى 80 جنيهاً لتجهيز ابنها فأقرضها هذا المبلغ بفائدة قدرها 25% وحول السند للمطعون عليها التي لم تتحرج عن عمل بروتستو ضدها مع أنها كانت السبب في نعمتها بتوسطها في زواجها من المورث - وفي ذلك كله ومسخ للوقائع. أما الخطأ في الإسناد ففي نفي الحكم ركن إضافة التصرف إلى ما بعد الموت بحجة أن الحكم الابتدائي قال إن ما قدمه الطاعنون من أدلة ومستندات وإن كانت تفيد أن المورث كان يدعي ملكية المنزل موضوع النزاع بعد صدور التصرف المطعون فيه لكنها لا تقطع في أنه حصل على ريعه لنفسه. ووجه الخطأ هو أن ما نقله الحكم المطعون فيه عن الحكم الابتدائي إنما جاء في الحكم التمهيدي الصادر بإحالة الدعوى على التحقيق وأن الحكم الابتدائي قطع بعد التحقيق في أن المورث هو الذي كان يتولى إدارة المنزل واستغلاله بعد صدور التصرف منه. وأما فساد الاستدلال فلأن الحكم، إذ نفى ركن إضافة التصرف إلى ما بعد الموت استند إلى أن مظاهر الملكية التي كان المورث يبدو فيها أمام الكافة وجهات الحكومة إنما كانت لدى طائفة من الناس لا يعنيها من هو المالك.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأن الحكم لم يكن في حاجة إلى بحث دفاع الطاعنين الخاص بأدلة التسلط على إدارة المورث بعد أن نفى نية التبرع في العقد وقرر أن هذا الدفاع لا يكون له محل إلا في عقود التبرع ولم ينع الطاعنون عليه الخطأ في القانون في هذا التقرير - ومردود ثانياً بأن الحكم بعد أن نقل العبارة المشار إليها من الحكم التمهيدي قرر في موضع آخر "أن المحكمة لا ترى ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من الأخذ بشهادة الشهود في هذا الصدد". فإذا لوحظ أن الحكم الابتدائي لم يقرر أن حقيقة العقد وصية إلا بناء على أقوال الشهود - ورأى الحكم المطعون فيه لأسباب سائغة عدم الأخذ بها - يكون ما ذكره الحكم في هذا الشأن هو تقرير موضوعي لا خطأ فيه في الإسناد - ومردود أخيراً بأن الحكم قال في صدد تقريره نجاز العقد "إذا كان الاتفاق بين المشتري والبائع على استبقاء العين تحت يد البائع لا يجعل ذلك البيع وصية فمن باب أولى لا يمكن اعتبار عقد مشتري المستأنفة وصية إذ لم يثبت من المستندات المقدمة ومن شهادة الشهود أن المورث قد استبقى إدارة جميع المنزل لنفسه مع استغلاله دون أن يتبين على وجه قاطع فيما ذكرته المحكمة المذكورة (الابتدائية) من أن المورث قد استولى على هذا الريع لنفسه دون أن يعطي المشترية نصيبها في ذلك الريع بعد مشتراها وفوق كل ذلك فإن المورث يكون قد تظاهر بملكية كل المنزل قبل طائفة أو مصالح لا يهمهم من المالك الحقيقي فلا يفيد ذلك ادعاء الملكية قبل المستأنفة أما بالنسبة لمن يعنيهم حقيقة تصرفه فقد جعلهم على علم بأنه باع إليها بيعاً منجزاً بعوض وذلك بتسجيل عقد البيع" وليس في هذا الذي قرره الحكم فساد في الاستدلال.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل في أن الحكم عاره قصور في التسبيب إذ ذهب إلى أن المطعون عليها دفعت مقابلاً لنصف المنزل موضوع النزاع مما حصلته من بيع نصف منزل كامب سيزار ومنزل الرجبانى وأغفل واقعة عدم قيامها ببناء منزل الرجبانى وأن ملكيتها له بعد بنائه كانت بناء على إقرار من زوجها بملكيتها له كما أغفل واقعة أخرى هي إقرار المورث ذاته في حجة الوقف بأن بناء المنزل موضوع النزاع أقامة من ماله. وقال الحكم إن خلافاً ثار حول وكالة المورث عن المطعون عليها في بيع منزل الرجبانى مع أن خلافاً في ذلك لم يحصل وإنما الخلاف كان فيما ادعته المطعون عليها بأن ظهور المورث بمظهر المالك للمنزل موضوع النزاع بعد حصول التصرف إنما كان أساسه الوكالة عنها وقد أغفل الحكم الفصل في هذا الادعاء مع أن انعدام الوكالة يقطع في قيام ركن الإضافة إلى ما بعد الموت ثم إن الحكم قرر أن الطاعنين لم يطعنوا على ملكية المطعون عليها لمنزل الرجبانى مع أنهم طعنوا على كافة تصرفات المورث كما أغفل نقطة حاسمة ذكرها الحكم الابتدائي: وهي أنه لو صح ادعاء المطعون عليها بأنها أقرضت المورث ثمن نصف منزل الرجبانى ليبني به المنزل موضوع النزاع، وقد كان هذا القرض سابقاً للتصرف بسنة كاملة لأخذت بقيمته سنداً خصوصاً وقد كانت المعاملة بينهما بالكتابة كما ثبت من السند الإذني الذي قدمته والذي يفيد مديونية المورث لها بمبلغ 300 جنيه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم إذ أثبت بأدلة سائغة أن الثمن المسمى في العقد هو ثمن جدي دفع من مال المطعون عليها وأن التصرف هو في حقيقته بيع منجز لم يكن يعوزه بعد الرد على كل ما تمسك به الطاعنون من حجج لأن فيما أورده من أدلة ما يفيد أنه لم ير في الحجج التي يتمسك بها الطاعنون ما يغير وجه الرأي في الدعوى وليس هذا الذي يتمسكون به في هذا السبب إلا جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.