أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 277

(53)
جلسة 25 من يناير سنة 1951
القضية رقم 199 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
حكم. تسبيبه. إبطاله عقد بيع صادر من محجور عليه للسفه قبل توقيع الحجر. قيامه على علم المشتري بإجراءات توقيع الحجر على البائع وتواطئه معه غشاً للحصول على العين المبيعة بثمن بخس. النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون لأنه جعل لقرار الحجر أثراً ينسحب على الماضي. في غير محله. ما قرره الحكم يفيد توافر عناصر الاحتيال على القانون.
متى كان الحكم إذ أبطل عقد البيع الصادر من المحجور عليه للسفه قبل توقيع الحجر قد أقام قضاءه على أن المشترى كان يعلم عند التعاقد بما اتخذ من إجراءات لتوقيع الحجر على البائع، ومع ذلك فقد تواطأ معه غشاً بغية الحصول على العين المبيعة بثمن بخس، فإن في هذا الذي قرره الحكم ما يفيد توافر عناصر الاحتيال على القانون مما يبطل العقد. ومن ثم فإن ما ينعاه المشترى عليه من خطأ في تطبيق القانون استناداً إلى أنه جعل لقرار الحجر أثراً ينسحب إلى الماضي يكون في غير محله.


الوقائع

في يوم 17 من أكتوبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 24 من ديسمبر سنة 1947 في الاستئناف رقم 2 سنة 22 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات الثلاث. وفي 23 من أكتوبر سنة 1948 أعلن المطعون عليه الأول فقط بتقرير الطعن ولم تعلن الثلاث الأخيرات من المطعون عليهم وقد تنازل الطاعن عن مخاصمتهن. وفي 4 من نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه الأول بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 22 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 26 من أكتوبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 11 من يناير سنة 1941 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ جعل لقرار المجلس الحسبي الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1943 بالحجر على أبي ضيف إبراهيم الناحل للسفه أثراً ينسحب على الماضي ورتب على ذلك إبطال عقد البيع الصادر منه إلى الطاعن في 13 من أغسطس سنة 1934 والثابت التاريخ في 12 من سبتمبر سنة 1943 قبل تاريخ توقيع الحجر مع أن الرأي الراجح في الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق في هذه الحالة هو الذي قال به أبو يوسف من أن السفه ليس بشيء محسوس ولا يستدل عليه إلا بالغبن في التصرفات ولا تظهره إلا المعاملات بخلاف حالات الجنون والصغر والعته التي هي أمور محسوسة ويمكن كشفها بسهولة وأنه لما كان الحجر للسفه مختلف فيه من الأئمة فلا يثبت حكمه إلا بقضاء القاضي.
ومن حيث إن الحكم أبطل عقد سالف الذكر تأسيساً على "أن الطاعن أقدم على الشراء طمعاً في الحصول على الأطيان المبيعة من شخص سفيه في وقت كان يعلم بأن إجراءات الحجر عليه سائرة في طريقها بغية الحصول عليها بثمن بخس فهو والحالة كذلك سيء النية". ويبين من هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه أنه لم يعطف قرار الحجر إلى الماضي كما يقول الطاعن وإنما أقامه على أنه كان يعلم عند التعاقد بما اتخذ من إجراءات لتوقيع الحجر للسفه على من تعاقد معه ومع ذلك فقد تواطأ معه غشاً بغية الحصول على العين المبيعة بثمن بخس وفي هذا الذي قرره الحكم ما يفيد توافر عناصر الاحتيال على القانون مما يبطل العقد ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثاني بني على أن الحكم مشوب بالقصور في التسبيب ومسخ أقوال الشهود إذ استند إلى شهادة عبد الرحيم حمدون أحد شهود المطعون عليه كدليل على علم الطاعن بإجراءات طلب الحجر على البائع أمام المجلس الحسبي مع أنه ليس في شهادة هذا الشاهد ما يدل على ذلك كما أن أقوال الشاهد منصور سلامة تدل على أن الطاعن لم يكن يعرف شيئاً عن أبي ضيف إلا لما اتصل به بمصر وقد اعتبر الحكم ما استخلصه الحكم الابتدائي من شهادة شاهدي النفي سليماً واستند إلى شهادتهما في اعتبار أن الطاعن كان عالماً بحالة سفه البائع في حين أن الأستاذ عزت الخطيب المحامي - وهو شاهد العقد - قرر أنه لم يكن يعرف الطاعن وأن أبا ضيف - المحجور عليه - لم يكن سفيهاً ولم يتبين حالته إلا بعد شهور من كتابة العقد.
ومن حيث إن الحكم أورد أولاً أسباب استئناف الحكم الابتدائي وفيها يعيب الطاعن على الحكم الأخير الخطأ فيما استخلصه من شهادة الشهود وأنه مسخ أقوال الأستاذ عزت الخطيب المحامي إذ عزا إليه أنه قال إن البائع كان معروفاً بسوء التصرف والتبذير وقت البيع مع أنه قال عكس ذلك ثم ذكر الحكم المطعون فيه محصل شهادة الشهود من واقع محضر التحقيق واستخلص منها ما انتهى به إلى "أنه وإن كانت شهادة الأستاذ عزت الخطيب المحامي ليست صريحة في أن حبيب كان يعلم بأن أبا ضيف كان ظاهر الإفلاس مطروداً من بلدته ومنبوذاً من أهله لسوء تصرفه وتبذيره كما أورده الحكم المستأنف في أسبابه فإن ذلك الحكم سليم وسديد حتى مع استبعاد هذه الواقعة من حيثياته". ويبين من ذلك جميعاً أن الحكم لم يقم وزناً في قضائه لشهادة الأستاذ عزت الخطيب المحامي كما يبين من الاطلاع على محضر التحقيق المقدمة صورته الرسمية إلى هذه المحكمة أن ما استخلصه من أقوال باقي الشهود هو استخلاص سائغ فلا محل للنعي عليه بالمسخ أو القصور، ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.