أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 320

جلسة 8 من فبراير سنة 1951
(61)
القضية رقم 207 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
( أ ) قرار مجلس الوزراء الصادر في 27/ 11/ 1935 يتضمن إيجاباً من الحكومة بأن ترد لكل مالك ملكه الذي نزع منه بمجرد طلبه في مدى خمس سنوات مقابل ثمنه الذي رسا به المزاد عليها. المدين المنزوعة ملكيته هو قانوناً في حكم البائع. قبوله هذا الإيجاب. لا يكون إنشاء لبيع مستحدث وإنما هو اتفاق على التقايل في البيع القديم واسترداد في المبيع والثمن.
(ب) دفاع. قاعدة أنه لا يجوز إلزام خصم بتقديم مستندات لخصمه ولا يجوز انتقال المحكمة للاطلاع عليها إلا إذا كانت هذه المستندات رسمية. مناط تطبيقها. ألا تكون الورقة مشتركة بين الطرفين. حكم. تسبيبه. دعوى الطاعن بأحقيته في استرداد جزء من أطيان نزعت ملكيتها. تمسكه بورقة يزعم أنها تتضمن قبولاً للإيجاب الصادر من الحكومة. ادعاؤه وجود هذه الورقة في حيازة المطعون عليهما. طلبه إلزام المطعون عليهما بتقديمها أو انتقال المحكمة أو أحد أعضائها أو ندب خبير للاطلاع عليها. عدم إجابته لهذا الطلب. عدم تعرض الحكم لبحث ما إذا كان المطعون عليهما ينكران وجود الورقة أو أنهما مع التسليم بوجودها يرفضان تقديمها. بطلان.
(قرار مجلس الوزراء الصادر في 27/ 11/ 1935 والمادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
1 - قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1935 قد تضمن إيجاباً من الحكومة أوجبت به على نفسها أن ترد لكل مالك ملكه الذي نزع منه بمجرد طلبه في مدى خمس سنوات مقابل ثمنه الذي رسا به المزاد عليها. وهذا الإيجاب متى قبله المدين المنزوعة ملكيته - وهو قانوناً في حكم البائع - لا يكون إنشاء لبيع مستحدث وإنما هو اتفاق على التقايل في البيع القديم واسترداد في المبيع والثمن.
2 - قاعدة أنه لا يجوز إلزام خصم بتقديم مستندات لخصمه ولا يجوز انتقال المحكمة للاطلاع عليها إلا إذا كانت هذه المستندات رسمية، لا تنطبق في حالة ما إذا كانت الورقة مشتركة بين الطرفين بأن كانت مثبتة لالتزامات متبادلة بينهما.
وإذن فمتى كان الواقع هو أن الطاعن رفع دعواه بطلب الحكم بأحقيته في استرداد جزء من الأطيان التي نزعت ملكيتها ورسا مزادها على الشركة العقارية المصرية بصفتها نائبة عن الحكومة تنفيذاً لاتفاق أبرم بينهما كان الغرض منه صيانة الثروة العقارية وأن الورقة التي تمسك بها الطاعن وادعى أنها في حيازة المطعون عليهما تتضمن على ما يزعم قبولاً للإيجاب الصادر من الحكومة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1935 فهي بهذه المثابة تنشئ علاقة قانونية بين الطرفين وتولد التزامات متبادلة بينهما وبذلك يكون للطاعن حق فيها بوصفها مستنداً مشتركاً وهذا الحق يخوله طلب إلزام خصمه بتقديمها. وكان الحكم إذ لم يجب الطاعن إلى ما طلبه من إلزام المطعون عليهما بتقديم هذه الورقة أو انتقال المحكمة أو أحد أعضائها أو ندب خبير للاطلاع عليها لم يتعرض لبحث ما إذا كان المطعون عليهما ينكران وجودها أو أنهما مع التسليم بوجودها يرفضان تقديمها مع اختلاف الحكم في الحالتين - فإن قضاءه يكون خاطئاً ومنعدم الأساس القانوني.


الوقائع

في يوم 4 من نوفمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 28 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 344 سنة 2 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 9 من نوفمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 23 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن. وفي 6 من ديسمبر سنة 1948 أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 25 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 21 من ديسمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية لنظرها أمام دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات. وفي 25 من يناير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن واقعة الدعوى كما يبن من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تتحصل في أن الطاعن كان يملك أرضاً مساحتها ستة وعشرون فداناً نزعت ملكيتها ورسا مزادها في 4 من يناير سنة 1932 على الشركة العقارية المصرية بصفتها نائبة عن الحكومة المصرية تنفيذاً لاتفاق أبرم بينهما كان الغرض منه صيانة الثروة العقارية. وقد أقام الطاعن دعواه أمام محكمة أول درجة يطلب الحكم له بأحقيته في استرداد عشرين فداناً من الأطيان المشار إليها، مستنداً إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في سنة 1931 وسنة 1935 مدعياً أنه أرسل خطاباً إلى مصلحة الأملاك يعمل فيه حقه في استرداد أطيانه وأن هذا الخطاب مودع بالملف رقم 499/ 4/ 3/ 1 بديوان المصلحة وطلب ضمه، فرد مندوب مصلحة الأملاك بجلسة 24/ 10/ 1944 بأن "المصلحة غير مستعدة لضم الملف المذكور" وأن "للمدعي (الطاعن) أن يسحب ما يريد من مستندات يكون قد قدمها بدوسيه المصلحة" فقررت محكمة أول درجة ضم الملف الخاص بالطاعن إلا أنه بجلسة 18/ 12/ 1945 قرر مندوب المصلحة أنها لا تستطيع تنفيذ القرار المشار إليه، فقضت محكمة أول درجة برفض دعوى الطاعن تأسيساً على خلو الدعوى من المستندات وعلى أنه من المقرر أنه لا يمكن إلزام خصم بتقديم مستندات لخصمه بل على صاحب المصلحة أن يسعى في تحضير مستندات دعواه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وطلب إلى محكمة الاستئناف انتقال المحكمة أو أحد أعضائها أو ندب خبير للاطلاع على الخطاب الذي يدل على أنه سجل به طلب استرداد الأطيان موضوع الدعوى والمودع بالملف الخاص به لدى المطعون عليهما إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه تأسيساً على أنه "لا تجوز إجابته إلا في حالة الأوراق المحررة على يد مأمور رسمي أو العقود الرسمية، وفيما عدا هذه الحالة لا يجوز إكراه المستأنف عليهما على تقديم مستندات لمصلحة الخصم ومن ثم فلا تثريب على المستأنف عليهما إذا هما امتنعا عن تقديم المستندات التي يشير إليها المستأنف (الطاعن) ولا يلومن غير نفسه إذا هو أهمل في الاحتفاظ بما يثبت إرسال هذه المستندات إلى المستأنف عليهما". فطعن فيه الطاعن بالنقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز إلزام المطعون عليهما بتقديم الخطاب الموصى عليه المرسل منه إلى مصلحة الأملاك في 30 من أغسطس سنة 1937 والمودع بالملف رقم 499/ 4/ 3/ 1 أو انتقال المحكمة أو أحد أعضائها أو ندب خبير للاطلاع عليه أخطأ في القانون، ذلك أن علاقة الطاعن بالحكومة مبنية على قرارات مجلس الوزراء التي تخوله الحق في استرداد ما نزعت ملكيته من أطيانه ومتى أعمل الطاعن حقه في الاسترداد تولدت له حقوق وترتبت في ذمة الحكومة التزامات لا تملك التحلل منها بحجة أنها لا تلزم بتقديم مستندات لخصمها أو أنه لا يجوز الاطلاع على الأوراق التي لديها إلا إذا كان المحرر رسمياً. ومن ثم يكون الحكم إذ رتب على هذا النظر الخاطئ التقرير بأن الدعوى خالية من الدليل وأقام عليه قضاءه برفضها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1935 - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد تضمن إيجاباً من الحكومة أوجبت به على نفسها أن ترد لكل مالك ملكه الذي نزع منه بمجرد طلبه في مدى خمس سنوات مقابل ثمنه الذي رسا به المزاد عليها وأن المدين المنزوعة ملكيته هو قانوناً في حكم البائع وأن هذا الإيجاب متى قبله المدين المذكور لا يكون إنشاء لبيع مستحدث وإنما هو اتفاق على التقايل في البيع القديم واسترداد في المبيع والثمن.
ومن حيث إن الرسالة التي تمسك بها الطاعن وادعى أنها في حيازة المطعون عليهما تتضمن على ما يزعم الطاعن قبولاً للإيجاب الصادر من الحكومة وفقاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر فهي بهذه المثابة تنشئ علاقة قانونية بين الطرفين وتولد التزامات متبادلة بينهما وبذلك يكون للطاعن حق فيها بوصفها مستنداً مشتركاً وهذا الحق يخوله طلب إلزام خصمه بتقديمها وبالتالي يكون رفض المحكمة هذا الطلب أخذاً بعموم قاعدة أنه لا يجوز إلزام خصم بتقديم مستندات لخصمه ولا يجوز انتقال المحكمة للاطلاع عليها إلا إذا كانت هذه المستندات رسمية - خطأ في القانون لأن هذه القاعدة لا تنطبق في حالة ما إذا كانت الورقة مشتركة بين الطرفين بأن كانت مثبتة لالتزامات متبادلة بينهما كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إنه لما كان الحكم لم يتعرض لبحث ما إذا كان المطعون عليهما ينكران وجود هذه الورقة أو أنهما مع التسليم بوجودها يرفضان تقديمها مع اختلاف الحكم في الحالتين - لما كان ذلك - كان قضاؤه خاطئاً ومنعدم الأساس القانوني مما يتعين معه نقضه.