أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 358

جلسة 22 من فبراير سنة 1951
(68)
القضية رقم 13 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة عبد العزيز محمد بك؛ وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
1 - نقض. طعن. حكم بوقف السير في طلب طرد حتى يفصل في طلب حساب. هو حكم قابل للطعن وفقاً لنص المادة التاسعة من قانون إنشاء محكمة النقض. الدفع بعدم قبول الطعن فيه استناداً إلى أنه ليس باتاً. في غير محله.
(المادة 9 من قانون إنشاء محكمة النقض والمادة 387 من قانون المرافعات الجديد).
2 - حكم. القبول المانع من الطعن فيه. يشترط فيه أن يكون قاطع الدلالة في رضاء الخصم به لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً. مثال.
3 - تسوية الديون العقارية. حق الدائن في ضمان خوّله إياه اتفاقه مع المدين على الانتفاع بأطيان لهذا الأخير والاستيلاء على ريعها خصماً من دينه. هذا الحق لا يسقطه قرار لجنة تسوية الديون العقارية بتخفيض الدين وتقسيطه متى كان هذا الاتفاق ظل نافذاً برضاء المدين إلى ما بعد صدور قرار اللجنة. إعمال هذا الاتفاق. لا محل للاعتراض عليه.
4 - حكم. تسبيبه. أطيان رهنها الطاعن للمطعون عليه رهناً تأمينياً. تحصيل الحكم تحصيلاً سائغاً أن اتفاقاً تم بين الطرفين على أن يضع المطعون عليه اليد على الأطيان ويحصل ريعها خصماً من دينه. تقرير الحكم أنه لا سبيل للطاعن في أن ينهي العلاقة القائمة بينه وبين المطعون عليه سواء أكان الغرض من الاتفاق إنشاء عقد رهن حيازي لاحق للرهن التأميني أم عقد وكالة لإدارة الأطيان واستيفاء الدين من غلتها. الطعن في الحكم بالخطأ في التكييف. على غير أساس.
(1) المادة التاسعة من قانون إنشاء محكمة النقض لم تحظر إلا الطعن على استقلال في الأحكام النهائية التحضيرية أو التمهيدية المحض، والمادة 387 من قانون المرافعات الجديد مع تحريمها الطعن فوراً - أي قبل الفصل في الموضوع - في الأحكام القطعية التي لا تنهي الخصومة أجازت الطعن فوراً في الحكم الصادر بوقف الدعوى. وإذن فالحكم بوقف السير في طلب الطرد حتى يفصل في طلب الحساب هو حكم قابل للطعن بطريق النقض وفقاً لنص المادة التاسعة من قانون إنشاء محكمة النقض، لأنه وقد جعل مصير الدعوى معلقاً على ما يظهره الحساب قد بت نهائياً وبصفة قاطعة في نزاع مردد بين الخصوم. ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الطعن فيه استناداً إلى أنه ليس باتاً يكون في غير محله.
(2) يجب أن يكون القبول المانع من الطعن في الحكم قاطع الدلالة في رضاء الخصم به لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً. وإذن فمتى كان الواقع أن الطاعن أقام دعواه وطلب الحكم أولاً بطرد المطعون عليه من أطيانه التي وضع اليد عليها، وثانياً بإلزام المطعون عليه أن يقدم حساباً عن مدة وضع يده على الأطيان، وعند نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة أحالها قاضي التحضير إلى المرافعة فيما يختص بالطلب الأول الخاص بالطرد وبقي الطلب الثاني الخاص بتقديم الحساب دون تحضير ثم قضت المحكمة بإجابة الطلب الأول وأحالت القضية إلى التحضير لاستيفاء تحضيرها فيما يختص بطلب الحساب ولكن محكمة الاستئناف قضت بإلغاء الحكم فيما قضى به من طرد المطعون عليه ووقف السير فيه إلى أن يفصل في الطلب الخاص بالحساب. فإن مجرد حضور الطاعن في جلسات التحضير بعد أن قضت محكمة أول درجة بالطرد وإعادة القضية إلى التحضير لا يعتبر قبولاً منه للحكم بوقف الدعوى قاطعاً في الدلالة على رضائه به لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً، إذ الطلب الخاص بالحساب يجب السير فيه بغض النظر عما يقضي به في الطلب الآخر الخاص بالطرد.
(3) قرار لجنة تسوية الديون العقارية بتخفيض الدين وتقسيطه لا يترتب عليه سقوط حق الدائن في ضمان خوله إياه اتفاقه مع المدين على الانتفاع بأطيان لهذا الأخير والاستيلاء من ريعها على القسط الذي يستحق له سنوياً من الدين متى كان هذا الاتفاق قد ظل نافذاً بين الطرفين برضاء المدين إلى ما بعد صدور قرار اللجنة. ومن ثم فإن إعمال هذا الاتفاق لا محل للاعتراض عليه.
(4) متى كان الحكم قد حصل تحصيلاً سائغاً من المستندات أن اتفاقاً تم بين الطاعن والمطعون عليه على أن يضع هذا الأخير اليد على الأطيان التي رهنها له الطاعن رهناً تأمينياً وأن يحصل ريعها خصماً من دينه وقرر أنه سواء أكان الغرض من هذا الاتفاق هو إنشاء عقد رهن حيازي لاحق للرهن التأميني أم عقد وكالة لإدارة الأطيان واستيفاء الدين من غلتها فإنه على كلا الفرضين لا سبيل للطاعن في أن ينهي بإنذار منه العلاقة القائمة بينهما، لأن عقد الرهن لا يفسخ بإرادة واحدة كذلك عقد الوكالة إذا كان لمصلحة الدائن. فإن الطعن على الحكم بالخطأ في التكييف يكون على غير أساس.


الوقائع

في يوم 3 من فبراير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 13 من إبريل سنة 1947 في الاستئناف رقم 345 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 5 من فبراير سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 23 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 3 من مارس سنة 1949 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها عدم قبول الطعن، واحتياطياً رفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 21 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 15 من إبريل سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً، وثانياً: برفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي أول فبراير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن المطعون عليه يدفع بعدم قبول الطعن لسببين الأول لأن الحكم المطعون فيه ليس باتاً إذ هو يقضي بوقف السير في الدعوى حتى يفصل في دعوى الحساب، والثاني: لأن الطاعن بعد صدور الحكم بوقف السير في الدعوى حتى يفصل في دعوى الحساب حضر أمام محكمة أول درجة في دعوى الحساب وظل يحضر فيها طالباً من المحكمة التأجيل للصلح وذلك دون أن يحفظ بحق الطعن، وفي هذا رضاء منه بالحكم.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن رفع دعواه طالباً الحكم أولاً: بطرد المطعون عليه من أطيانه التي وضع اليد عليها وإلزامه بتسليمها إليه، ثانياً: بإلزام المطعون عليه أن يقدم حساباً مؤيداً بالمستندات عن مدة وضع يده على الأطيان ابتداءً من سنة 1942 - 1943 زراعية إلى سنة 1945 - 1946 زراعية وما يستجد حتى التسليم. وعند نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة أحال قاضي التحضير الدعوى إلى المرافعة فيما يختص بالطلب الأول الخاص بالطرد، وبقي الطلب الثاني الخاص بتقديم الحساب دون تحضير - فقضت محكمة أول درجة بإجابة الطلب الأول الخاص بالطرد وأحالت القضية إلى التحضير لاستيفاء تحضيرها فيما يختص بالطلب الآخر، ولكن محكمة الاستئناف قضت بإلغاء الحكم فيما قضى به من طرد المطعون عليه وإيقاف الفصل فيه إلى أن يفصل في الطلب الخاص بالحساب، مؤسسة قضاءها على أن للمطعون عليه أن يضع يده على الأطيان حتى يستد بماله من دين قبل الطاعن وعلى ذلك يجب تعليق مصير طلب الطرد على نتيجة الحساب، وهو ما لا يراه الطاعن، إذ يدعي أن حقه في رفع يد المطعون عليه هو حق ناجز لا يصح أن يعلق على نتيجة الحساب، لذلك رفع الطعن الحالي.
ومن حيث إن الدفع بعدم قبول الطعن مردود، أولاً: بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف السير في طلب الطرد حتى يفصل في طلب الحساب وجعل مصير الطلب معلقاً على ما يظهره الحساب قد بت نهائياً وبصفة قطعية في نزاع مردود بين الخصوم، فهو قابل للطعن بطريق النقض وفقاً لنص المادة التاسعة من قانون إنشاء محكمة النقض التي لم تحظر إلا الطعن على استقلال في الأحكام النهائية التحضيرية أو التمهيدية المحض، وقانون المرافعات الجديد مع تحريمه الطعن فوراً - أي قبل الفصل في الموضوع - في الأحكام القطعية التي لا تنهي الخصومة، أجاز الطعن فوراً في الحكم الصادر بوقف الدعوى (م 378). ثانياً: إن مجرد حضور الطاعن في جلسات التحضير بعد أن قضت محكمة أول درجة بالطرد وإعادة القضية إلى التحضير فيما يختص بطلب الحساب لا يعتبر قبولاً منه للحكم بوقف الدعوى، إذ يجب أن يكون القبول المانع من الطعن في الحكم قاطع الدلالة في رضاء الخصم به لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً والحضور في الطلب الخاص بتقديم الحساب لا يفيد شيئاً من هذا، إذ هو طلب يجب السير فيه بغض النظر عما يقضي به في الطلب الآخر الخاص بالطرد.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن السببين الأول والثاني يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه على أنه "ثابت من المستندات المقدمة من المستأنف (المطعون عليه) وعلى الخصوص عقد الإيجار الرقيم 5/ 8/ 1934 أن المستأنف عليه (الطاعن) أذن له بأن يؤجر للغير الـ 12 فداناً و14 قيراطاً المملوكة للمستأنف عليه... وأن يستولى على إيجارها استنزالاً من مطلوبه منه من دين وفوائد وذلك ابتداء من سنة 1934 - 1935 زراعية واستمر المستأنف عليه ينتفع بهذه الأطيان بتأجيرها للغير برضاء المستأنف عليه حتى أعلنه بإنذار بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1935 يخبره فيه بانتهاء وكالته عنه..." قد شابه خطأ في الإسناد وعاره قصور وأخطأ في التكييف. ذلك أولاً: لأن الحكم لم يبين ما هي المستندات التي يشير إليها، كما أنه لم يبين ما هو الاتفاق الذي استنبطه منها وما هي حدوده. وثانياً: لأن عقد الإيجار الذي يشير إليه الحكم لم يحو اسم المطعون عليه وليس فيه ما يفيد شيئاً من المعنى الذي حصله الحكم، إذ أقصى ما يستفاد منه أن الطاعن قد أناب السيد بك علي زناتي في التأجير. وثالثاً: أن التكييف الصحيح للعلاقة بين الطاعن والمطعون عليه هو أن الطاعن إنما كان يقصد تحويل قيمة الإيجار إلى المطعون عليه وفاء لدينه ولم يكن يقصد إعطاء المطعون عليه أي ضمان إضافي، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة بأن سماحه للمطعون عليه بتأجير أطيان إنما كان الغرض منه مجرد وسيلة لتنظيم تسديد أقساط دينه المضمون برهن تأميني - وهو ما أخذ به حكم محكمة أول درجة - وقد أطرح الحكم المطعون فيه هذا دون أن يعيره اهتماماً أو أن يحققه أو يبين أسباباً لرفضه.
ومن حيث إن وقائع الدعوى تتحصل كما يبين من الأوراق في أن الطاعن رهن للمطعون عليه 12 فداناً و13 قيراطاً وسهمين رهناً تأمينياً بموجب عقد حرر في 21 من ديسمبر سنة 1925 ضماناً لدين المطعون عليه قبله وقدره 1820 جنيهاً، وقد وضع المطعون عليه اليد على الأطيان ابتداء من 1942 - 1943 الزراعية - بموافقة الطاعن - لتحصيل غلتها وخصمها مما له من دين، واستمر الحال كذلك حتى بدأ النزاع الحالي في سنة 1945 إذ اعتبر الطاعن وضع يد المطعون عليه على الأطيان وضع يد وكيل عن أصيل له قانوناً أن ينهي الوكالة متى أراد مع تكليف الوكيل بتقديم حساب عن مدة الوكالة. وفعلاً أنذر الطاعن المطعون عليه بذلك في 22/ 12/ 1945 ولكن المطعون عليه أبى التسليم بهذا وتمسك بأنه وإن كان في الأصل دائناً مرتهناً رهناً تأمينياً إلا أن وضع يده على الأطيان كان بناء على عقد رهن حيازي تم الاتفاق عليه بينهما ونفذ فعلاً فلا سبيل إلى رفع يده إلا إذا وفي دينه، فقضى الحكم المطعون فيه بوقف السير في طلب الطرد حتى ينتهي الفصل في طلب الحساب، لأنه ثابت أن اتفاقاً تم بين الطرفين على أن يضع المطعون عليه اليد على الأطيان يحصل ريعها خصماً من دينه. وسواء أكان الغرض من هذا الاتفاق إنشاء عقد رهن حيازي لاحق للرهن التأميني أو عقد لإدارة الأطيان واستيفاء الدين من غلتها، فإنه على كلا الفرضين لا سبيل للطاعن في أن ينهي بالإنذار الحاصل في 22/ 12/ 1945 العلاقة القائمة بينهما لأن عقد الرهن لا يفسخ بإرادة واحدة، وكذلك عقد الوكالة إذا كان لمصلحة الدائن. وعلى ذلك يتعين تعليق الفصل في طلب الطرد على ثبوت وفاء الدين وملحقاته. وقد حصل الحكم المطعون فيه هذا الفهم الذي انتهى إليه من المستندات المقدمة، ومنها: (1) عقد إيجار محرر في 17 من يوليه سنة 1931 بين الطاعن وأحمد علي زيدان عن الأطيان محل النزاع لمدة ثلاث سنوات نص في البند الخامس منه على أن على المستأجر أن يدفع الأجرة في مواعيد استحقاقها إلى المطعون عليه رأساً (2) اتفاق بين سيد بك علي زناتي (وكيل المطعون عليه كما يسلم بذلك الطاعن أمام محكمة الموضوع) وأحمد علي زيدان محرر في 3 من إبريل سنة 1932 (3) خطاب من الطاعن إلى المطعون عليه محرر في 22 من يونيه سنة 1932 ورد به "أحمد علي زيدان زرع خمسة عشر فداناً قصباً، الاثنا عشر فداناً وكسوراً تعلقكم وفدانان وكسور ملكه وجميعها باسم السيد بك وسيوردون باسمه فأصبح المبلغ في يدكم وكل المبلغ مضمون... إلخ" (4) خطاب غير مؤرخ من الطاعن للمطعون عليه ورد به "أتعشم بحضوري آخر الجاري لعمل الحل اللازم لتكليف أطيان الإقالة حسب طلبكم باسم جنابكم كسابقة الاتفاق..." (5) عقد إيجار محرر في 5 من أغسطس سنة 1934 يفيد استئجار علي محمد إسماعيل الأطيان موضوع الدعوى عن سيد بك علي زناتي (6) عقد إيجار آخر من المذكور محرر في مارس سنة 1937 وآخر في 16 أكتوبر سنة 1946 - وكل ما حصله الحكم المطعون فيه من هذه المستندات هو تحصيل سائغ مما يستقل بتقديره قاضى الموضوع ولا يعيبه خطأ في الإسناد أو التكييف ولم يشبه قصور، فقد بين الحكم مدى الاتفاق الذي استنبطه من هذه المستندات وهو أن يستولى المطعون عليه على ريع الأطيان ابتداء من سنة 1934 - 1935 زراعية استنزالاً مما له من دين وفوائد - وفيما استظهره الحكم من نية الطرفين وتكييفه لها الرد على ما أورده حكم محكمة أول درجة في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض هذين السببين.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن المادة 26 من القانون رقم 143 سنة 1944 لا تمس الاتفاق الذي تم بين الطرفين قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك لأن المادة 26 تنص على أن قرار لجنة تسوية الديون العقارية يبرئ ذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته وأن ذلك القرار يعتبر منهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية. ومفاد هذا أن الشارع جعل قرار لجنة تسوية الديون العقارية حداً فاصلاً قاطعاً بين الدائن ومدينه فليس لدائن أن يتقدم بعد صدور القرار مدعياً حقوقاً له غير ما قررته اللجنة، فضلاً عن أن القول بوجود رهن حيازي يتعارض مع قرار لجنة التسوية، لأنه لو كان دينه مضموناً برهن حيازي لما دخل التسوية.
ومن حيث إنه وإن كان الطاعن قدم طلباً للجنة تسوية الديون العقارية أدرج فيه دين المطعون عليه وكانت اللجنة قد أصدرت في 18 من يناير سنة 1944 قرار بتسوية الديون لغاية 31 ديسمبر سنة 1943 وخصت المطعون عليه بمبلغ 1304 جنيهات وكسر مقسطاً على أقساط سنوية قدر كل قسط 83 جنيهاً و880 مليماً، إلا أن الحكم المطعون فيه قرر "أن قرار لجنة تسوية الديون العقارية بتخفيض دين المستأنف وتقسيطه لا يترتب عليه سقوط حق المستأنف في ضمان خوله إياه اتفاقه مع المستأنف عليه على الانتفاع بالأطيان السابق بيانها والاستيلاء من ريعها على القسط الذي يستحق له سنوياً من الدين - هذا الاتفاق الذي استمر نافذاً إلى ما بعد قرار لجنة التسوية النهائي الصادر بتاريخ 18 يناير سنة 1944 برضاء نفس المستأنف عليه الذي لم ينذر المستأنف بانتهاء وكالته إلا بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1945..." وفي هذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه من قيام اتفاق بين الطرفين ظل نافذاً بينهما برضاء الطاعن لما بعد صدور قرار اللجنة - هو تفسير سائغ لما انعقدت عليه نية الطرفين لا سبيل للنعي عليه أمام هذه المحكمة، وإعمال هذا الاتفاق لا محل للاعتراض عليه.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إنه لجميع ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.