أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 60

جلسة 1 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش ومحمد عبد البر حسين سالم.

(17)
الطعن رقم 878 سنه 54 القضائية

(1 - 2) إعلان. تزوير. بطلان.
(1) محضر الإعلان من المحررات الرسمية. حجيته مطلقة على ما دون به من أمور باشرها محررها في حدود مهمته. عدم جواز المجادلة في صحتها ما لم يطعن بتزويرها.
(2) أوراق المحضرين. بياناتها. خلو صورة الإعلان من بعضها. أثره بطلان الإعلان ولو كان الأصل صحيحاً.
(3) محكمة الموضوع. دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة".
إجابة طلب فتح باب المرافعة والتصريح بتقديم مستندات. من إطلاقات محكمة الموضوع. إغفال الإشارة إلى هذا الطلب. رفض ضمني له.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء".
تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط لقبول طلب الإخلاء سواء كان أصلياً أو طلباً عارضاً طالما كان سابقاً على الطلب بخمسة عشر يوماً.
(5) نقض "السبب الجديد" "الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. شرط قبولها لأول مرة أمام محكمة النقض. ألا يخالطها عنصر واقعي لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
1 - محضر إعلان أوراق المحضرين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من المحررات الرسمية التي أسبغ القانون الحجية المطلقة على ما دون بها من أمور باشرها محررها في حدود مهمته ما لم يتبين تزويرها.
2 - أوجب المشرع في المادتين 9, 19 من قانون المرافعات أن تشتمل الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها ومنها صحف الدعاوى والاستئناف على بيانات جوهرية منها بيان اسم المحضر الذي باشر الإعلان وتوقيعه على كل من الأصل والصورة و إلا كان الإجراء باطلاً، وأن للمعلن إليه التمسك ببطلان الصورة المعلنة ولو خلا أصلها من أسباب البطلان.
3 - لا تثريب على محكمة الموضوع - بحسب الأصل - إن هي لم تستجب للطلب المقدم إليها لفتح باب المرافعة في الدعوى والتصريح بتقديم مستندات لأن إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته هو من إطلاقات تلك المحكمة فلا يعيب الحكم الالتفات عنه، أو إغفال الإشارة إليه بما يعد رفضاً ضمنياً للطلب.
4 - النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:
(ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر" يدل على أن تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة في ذمته هو شرط أساسي لقبول طلب المؤجر إخلاء العين المؤجرة بسبب التأجير في سدادها يستوي في ذلك أن يتقدم المؤجر بهذا الطلب في دعوى أصلية يرفعها ضد المستأجر أو يتقدم به في صورة طلب عارض من المدعى عليه طالما أن التكليف سابق على طلب الإخلاء بخمسة عشر يوماً.
5 - لئن كان بطلان التكليف بالوفاء أمراً متعلقاً بالنظام العام إلا أن شرط قبول الأسباب المتعلقة بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا يخالطها أي عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 11163 لسنة 1982 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدها للحكم بتحرير عقد إيجار له عن الشقة المبينة بالصحيفة، وقال بياناً لها إن والده كان يستأجر الشقة محل النزاع بعقد إيجار مؤرخ 28/ 8/ 1975 بأجرة شهرية قدرها 4 جنيه و460 مليم وبوفاته امتد إليه العقد هو ووالدته، وبعد وفاتها ظل مقيماً فيها، إلا أن المطعون ضدها أقامت عليه الدعوى رقم 3620 لسنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة للحكم بإخلائه من العين محل النزاع لانتهاء عقد إيجارها بوفاة والدته، فحكمت المحكمة برفض الدعوى، وإذ تأيد هذا الحكم استئنافياً فقد أقام الدعوى. وبجلسة 21/ 12/ 1982 أقر وكيل المطعون ضدها بامتداد عقد الإيجار للطاعن، وقدم طلباً عارضاً للحكم بإخلائه من العين محل النزاع لعدم وفائه بإيجار الشقة منذ 1/ 3/ 1979، ولإحداثه تعديلات في العين ضارة بالمبنى. وبتاريخ 22/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها بتحرير عقد إيجار للطاعن عن الشقة محل النزاع وبعدم قبول الطلب العارض. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف برقم 2684 لسنة 100 ق القاهرة، وبتاريخ 25/ 1/ 84 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضده (الطاعن) بمصاريفها، وفي الدعوى الفرعية بإلغائه وإخلاء الطاعن من الشقة محل النزاع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف، وفي بيان ذلك يقول إن المحضر الذي باشر إعلان صحيفة الاستئناف لم ينتقل إلى محل إقامته، وأثبت في ورقة الإعلان على خلاف الحقيقة غلق مسكنه هذا إلى أن صورتها المسلمة لجهة الإدارة قد خلت من بياناتها الجوهرية التي يوجب نص المادة 9 من قانون المرافعات أن تشمل عليها ومنها اسم المحضر وتوقيعه وتاريخ الإعلان ومكانه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر باطلاً.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول ذلك أنه لما كان محضر إعلان أوراق المحضرين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المحررات الرسمية التي أسبغ القانون الحجية المطلقة على ما دون بها من أمور باشرها محررها في حدود مهمته ما لم يتبين تزويرها فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة في صحة ما أثبته المحضر في أصل إعلان صحيفة الاستئناف من وجود مسكنه مغلقاً وإعلانه بجهة الإدارة ما دام لم يطعن على هذه البيانات بالتزوير، والنعي في شقه الثاني عار عن الدليل ذلك أنه ولئن كان المشرع قد أوجب في المادتين 9، 19 من قانون المرافعات أن تشتمل الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها ومنها صحف الدعاوى والاستئناف على بيانات جوهرية منها بيان اسم المحضر الذي باشر الإعلان وتوقيعه على كل من الأصل والصورة وإلا كان الإجراء باطلاً، وأن للمعلن إليه التمسك ببطلان الصورة المعلنة ولو خلا أصلها من أسباب البطلان إلا أنه لما كانت الصورة المرفقة بحافظة مستندات الطاعن المقدمة إلى محكمة النقض والتي يقول إنها هي الصورة المعلنة من صحيفة الاستئناف قد جاءت خلواً من أية بيانات تكشف عن أنها هي بالفعل صورة الإعلان المسلمة إلى جهة الإدارة، وعلى ذلك فلا يجديه الاستدلال بتلك الورقة لإثبات حقيقة ما يدعيه في هذا الخصوص ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس...
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه قدم طلباً لفتح باب المرافعة لتقديم مستندات قاطعة في الدعوى ولأنه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بصحيفة الاستئناف ورغم أن ذمته غير مشغولة بالأجرة المستحقة إلا أن المحكمة قضت بالإخلاء دون أن تستجب لطلبه أو ترد عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لا تثريب على محكمة الموضوع - بحسب الأصل - إن هي لم تستجب للطلب المقدم إليها لفتح باب المرافعة في الدعوى والتصريح بتقديم مستندات، لأن إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته هو من إطلاقات تلك المحكمة فلا يعيب الحكم الالتفات عنه، أو إغفال الإشارة إليه بما يعد رفضاً ضمنياً للطلب ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن دعوى الإخلاء للتأخير في سداد أجرة العين المؤجرة يشترط لقبولها وجود عقد إيجار مكتوب فلا يكفي صدور حكم بثبوت العلاقة الإيجارية ما لم ينفذ بتحرير عقد الإيجار، وإذ قضى الحكم بإخلائه من الشقة محل النزاع لعدم سداد الأجرة استناداً إلى حكم ثبوت العلاقة الإيجارية دون أن تكون المطعون ضدها قد حررت له عقد إيجار مكتوب فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الطاعن أقام الدعوى الماثلة على المطعون ضدها للحكم بتحرير عقد إيجار له عن الشقة محل النزاع استناداً إلى ثبوت العلاقة الإيجارية بينهما بالحكم الصادر في الدعوى برقم 3620 لسنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة والذي تأيد استئنافياً لأحقيته في امتداد عقد الإيجار الأصلي إليه خلفاً - لوالديه وهو ما أقر به وكيل المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة الأمر الذي يسوغ لها طلب إخلاء الطاعن لعدم سداد الأجرة عملاً بالمادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 دون حاجة إلى وجود عقد إيجار مكتوب لصالحه طالما إن العقد السابق قد امتد إليه بشروطه بإقرار الطرفين ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى الفرعية بالإخلاء للتأخير في سداد الأجرة يشترط لقبولها أن يكون التكليف بالوفاء بهذه الأجرة سابقاً على رفع الدعوى الأصلية بخمسة عشر يوماً، ولما كان الحكم قد قضى بقبول الدعوى الفرعية بإخلائه من الشقة محل النزاع للتأخير في سداد الأجرة استناداً إلى تكليف بالوفاء اللاحق لرفع الدعوى الأصلية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، كما أن التكلف بالوفاء تضمن مبالغ أخرى متنازع عليها غير الأجرة الأصلية مما يجعل دعوى الإخلاء غير مقبولة.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أن النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: (ب) إذا لم يتفق المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر" يدل على أن تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة في ذمته هو شرط أساسي لقبول طلب المؤجر إخلاء العين المؤجرة بسبب التأخير في سدادها يستوي في ذلك أن يتقدم المؤجر بهذا الطلب في دعوى أصلية يرفعها ضد المستأجر أو يتقدم به في صورة طلب عارض من المدعى عليه طالما أن التكليف سابق على طلب الإخلاء بخمسة عشر يوماً, لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها قد قامت بتكليف الطاعن بالوفاء بالأجرة المستحقة عليه منذ 1/ 3/ 1979 وذلك بمقتضى إنذار على يد محضر معلن إليه في 1/ 12/ 1982 ثم تقدم وكيلها بجلسة 21/ 12/ 1982 بعد انقضاء أكثر من خمسة عشر يوماً على حصول التكليف - بطلب عارض أبداه شفاهة وفي مواجهة وكيل الطاعن أثناء نظر الدعوى الأصلية المقامة منه، طالباً الحكم بإخلائه من العين المؤجرة له لتأخره في سداد الأجرة المستحقة اعتباراً من 1/ 3/ 1979 ومن ثم فقد تحقق شرط قبول الدعوى الفرعية بالإخلاء، دون حاجة لاشتراط أن يكون التكليف سابقاً على رفع الدعوى الأصلية المرفوعة من الطاعن كما يدعي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإخلائه من العين المؤجرة لعدم وفائه بالأجرة المستحقة عليه بعد تكليفه بالوفاء بها فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. والنعي في شقه الثاني غير مقبول، ذلك أنه ولئن كان بطلان التكليف بالوفاء أمراً متعلقاً بالنظام العام إلا أن شرط قبول الأسباب المتعلقة بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا يخالطها أي عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، وكان ما يثيره الطاعن في وجه النعي من بطلان التكليف بالوفاء لما اشتمل عليه من مبالغ تزيد عن الأجرة المستحقة وإن كان سبباً قانونياً - يتعلق بمدى صحة تطبيق محكمة الموضوع للقانون إلا أنه يخالطه واقع لم يسبق عرضه عليها، ومن ثم فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.