أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 385

جلسة 22 من فبراير سنة 1951
(72)
القضية رقم 137 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة؛ وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
اشتراط لمصلحة الغير. اتفاق بين شركات إنتاج الأقمشة وبين وزارة التموين والغرف التجارية على أن تضع كل شركة 5% من مجموع ما تنتجه تحت تصرف وزارة التموين بسعر معتدل ليوزع بمعرفة الغرف التجارية على أرباب الصناعات الصغرى لتمكينهم من مزاولة صناعاتهم ووصل أسباب العيش لهم إذ لم يكن في مقدورهم منافسة الشركات الكبيرة، ولأن حصولهم على الأقمشة بسعر معتدل يمكنهم من بيعها بسعر في متناول جمهور المستهلكين. تكييف هذا الاتفاق. اشتراط لمصلحة أرباب الصناعات الصغرى. حكم. تسبيبه. اعتباره هذا الاتفاق اشتراطاً لمصلحة جمهور المستهلكين وحدهم. خطأ في التكييف.
الاتفاق المبرم بين شركة الغزل والشركة المصرية لصناعة المنسوجات وشركة بيع المصنوعات المصرية - المطعون عليها الثانية - وبين وزارة التموين - المطعون عليها الثالثة - والغرف التجارية على أن تضع كل شركة من هذه الشركات 5% من مجموع ما تنتجه من أقمشة تحت تصرف وزارة التموين بسعر معتدل ليوزع بمعرفة الغرف التجارية على أرباب الصناعات الصغرى لتمكينهم من مزاولة صناعاتهم ووصل أسباب العيش لهم إذ لم يكن في مقدورهم منافسة الشركات الكبيرة فضلاً عن أن حصولهم على الأقمشة بسعر معتدل يمكنهم من بيعها بسعر في متناول جمهور المستهلكين مما يضمن لهم رواجاً - هذا الاتفاق هو في الواقع اشتراط لمصلحة أرباب الصناعات الصغرى تعود عليهم فائدته قبل أن تعود إلى جمهور المستهلكين. وإذن فمتى كان الحكم قد أقام قضاءه على أن الطاعن - وهو من أرباب الصناعات الصغرى - لم يكن طرفاً في هذا الاتفاق أو ممثلاً في الجنة التي أبرمته - لجنة الصناعات - وأن التعهد الصادر من جانب الشركات سالفة الذكر والغرف التجارية إذا صح أنه التزام لمصلحة الغير فإنما كان في الواقع لمصلحة جمهور المستهلكين دون أرباب الصناعات الصغرى الذين لا يضيرهم ارتفاع أسعار الأقمشة أو انخفاضها متى كانوا يحصلون على أرباحهم المقررة والتي يضيفونها حتماً إلى الثمن المدفوع فلا يمكن أن تنشأ عنه أية رابطة قانونية بين الطاعن وبين الشركات والغرف التجارية الموقعة عليه أو يرتب له حقوقاً قبلها - متى كان الحكم قد أقام قضاءه على ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تكييف الاتفاق المشار إليه مما يستوجب نقضه.


الوقائع

في يوم 11 من أغسطس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 11 من مايو سنة 1949 في الاستئنافات رقم 94 و95 و100 تجاري سنة 4 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 و17 و19 من أغسطس سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 27 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 13 من سبتمبر سنة 1949 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بمصروفاته ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 منه أودعت المطعون عليها الثانية مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 27 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 16 من أكتوبر سنة 1949 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد. ولم يقدم المطعون عليه الثالث دفاعاً. وفي 8 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي أول فبراير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه - أولاً - أخطأ في تكييف القرار الصادر من لجنة الصناعات في 19 من ديسمبر سنة 1944 إذ قرر أنه صادر لمصلحة جمهور المستهلكين وليس لمصلحة اتحاد مصانع القمصان الذي يمثله الطاعن، وأن التعهد الوارد به من جانب الشركات إن صح أنه التزام لمصلحة الغير فلا يستفيد منه إلا جمهور المستهلكين وحدهم، وأنه لا ينشئ رابطة بين الشركات والغرف التجارية التي وقعت عليه وبين الاتحاد المذكور، وبالتالي لا يترتب له أية حقوق قبلها. ووجه الخطأ في هذا الذي قرره الحكم هو أن هذا القرار والقرار السابق عليه الصادر في 14 من نوفمبر سنة 1944 من الوضوح في عبارتهما وفي الأغراض التي توختها فيهما اللجنة إلي حد أنه لم يدر حول صدورهما لمصلحة أرباب الصناعات نزاع ما بين أطراف الخصومة، فقد جاء بهما أن اللجنة التي أصدرتهما تدعى لجنة الصناعات وأنها مكونة من وكيل وزارة التموين ومن بعض موظفي هذه الوزارة ومن ممثلي شركات النسيج ومن المتعهدين ومندوبي الغرف التجارية، ثم أخيراً من أرباب الصناعات، وقد حضر اجتماع اللجنة منهم وكلاء عن محلات عمر أفندي وصيدناوي وشيكوريل وأوريكو، وأن موضوع بحث اللجنة كان توزيع كمية الأقمشة المخصصة للصناعات، ونص القرار الأخير على التزام كل شركة من شركات النسيج الممثلة في اللجنة بوضع 5% من مجموع إنتاجها تحت تصرف وزارة التموين لتقوم بتوزيعه على أرباب الصناعات، وجاء في قرار 14 من نوفمبر سنة 1944 أن اللجنة انعقدت لبحث شكوى أصحاب مصانع القمصان والبيجامات وأنها بعد أن قررت إمداد هذه المصانع بما مقداره 5% من مجموع إنتاج شركات النسيج طالبت الشركات بأن تكون الأقمشة التي تنتجها مما يصلح لصناعة القمصان والبيجامات، وأن تراعي مستلزماتها في فصلي الشتاء والصيف، وأخيراً استدعى رئيس اللجنة سامي أفندي عطية (الطاعن) كما استدعى غيره وأخبرهم بأن النظام الجديد والقرارات التي اتخذتها اللجنة تكفل القضاء على شكواهم وأصدرت الغرفة التجارية بياناً تفسيراً لهذا القرار ذكرت فيه أن الصناعات الصغرى لم يكن في وسعها الحصول على ما يكفيها من الأقمشة فالتجأت إلى غرفة التجارة بالإسكندرية للتوسط لدى وزارة التموين لتمكين هؤلاء الصناع من الحصول على حصة من قيمة الحصة الحرة التي تترك للشركات وبعد جهد تمكنت الغرفة من الوصول إلى قرار 19 من ديسمبر سنة 1944 ولم تنازع شركة بيع المصنوعات في مدى وكنه هذا القرار وانحصرت منازعتها في تاريخ تنفيذه. وثانياً: أنه شاب الحكم قصور في التسبيب إذ كان لزاماً عليه وقد انتهى إلى التقرير على خلاف الواقع أن القرار الصادر في 19 من ديسمبر سنة 1944 إنما كان لمصلحة جمهور المستهلكين أن يدعم رأيه بالأسباب الصحيحة المقنعة ولكنه اكتفى بإيراد عبارة عامة هي "ويتبين مما جاء في نصوص الاتفاق ومن الروح التي أملته واستوجبت إصداره أن القصد الذي هدف إليه واضعوه إنما هو في الواقع تسهيل وصول الأقمشة المصنوعة إلى جمهور المستهلكين بأثمان معتدلة وعدم إرهاقهم بارتفاع أسعار الأقمشة مضافاً إليها أرباح الصناعة". وهذه العبارة لا تصلح أسباباً صحيحة. ومع التسليم جدلاً بأن هذا الهدف البعيد كان ملحوظاً لدى واضعي قرار 19 من ديسمبر سنة 1944 فقد كان لهم هدف قريب هو مساعدة أصحاب الصناعات الصغرى ومن بينهم اتحاد مصانع القمصان بتمكينهم من الحصول على الأقمشة اللازمة لعملهم بثمن مناسب، إذ بغير حصول هؤلاء على الأقمشة بأثمان معتدلة يتعذر على جمهور المستهلكين الحصول منهم عليها بتلك الأسعار، وبالتالي يتعذر تحقيق الغرض الذي قرر الحكم أن واضعي قرار 19 من ديسمبر سنة 1944 هدفوا إليه في اجتماعهم. وثالثاً: أن الحكم خالف الواقع فيما قرره من أن رئيس الاتحاد بصفته (الطاعن) حضر جلسة المناقشة وأنه تبين من مناقشته أن الثمن الذي دفعه الاتحاد لهذه الأقمشة هو الثمن الذي باعها به إلى الجمهور بعد إضافة أجرة الصناعة والربح المستحق، لأنه تسلم البضاعة مع فاتورة الثمن. ووجه المخالفة أن الطاعن لم يحضر الجلسة بشخصه وإنما حضر وكيله ولم يقل الوكيل ما عزاه إليه الحكم، بل قال نقيضه إذ سألته المحكمة عما إذا كان البيع حصل للمستهلكين بسعر مرتفع فأجاب بأنه يجهل أن الغرفة كلفت الاتحاد بثمن أكثر، وأنه باع بالسعر المتفق عليه وسألته عما إذا كان الاتحاد طرفاً في الاتفاق فأجاب بأن الاتفاق هو لصالح أصحاب الصناعات والاتحاد من بينهم. ورابعاً: خالف الحكم الواقع أيضاً فيما قرره على سبيل الجزم من أن الاتحاد قبض قيمة الزيادة من المستهلكين ورتب على هذا التقرير أن لا حق له في استردادها لأنه قبضها من الذين صدر القرار لمصلحتهم. وقد جاءت هذه المخالفة نتيجة لمسخ أقوال وكيل الطاعن على النحو السابق بيانه ولو أن المحكمة طالبت الاتحاد ببيان أثمان المبيعات المصنوعة لتبين لها صحة ما قرره الوكيل من أن الاتحاد لم يكن يعلم من بادئ الأمر بوجود زيادة في الأسعار المحتسبة عليه عن البضاعة التي تسلمها أفراده، وقد كان مقيداً بأثمان محددة على أساس الأسعار التي أعلنها من قبل وارتبط بها على أساس سعر المصنع مضافاً إليه أجر الصناعة وهو محدد أيضاً مع ربح لا يجاوز 3% في المبيعات بالجملة و15% في المبيعات بالقطاعي.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن التي كانت تحت نظر محكمة الاستئناف أنه في 14 من نوفمبر سنة 1944 انعقدت لجنة الصناعات برياسة وكيل وزارة التموين وبحضور بعض الموظفين ومندوبين عن شركة الغزل والشركة المصرية لصناعة المنسوجات وشركة بيع المصنوعات المصرية ومدير الغرفة التجارية بالإسكندرية وبحثت في موضوع تموين مصانع القمصان والبيجامات والترزية الأفرنكي والعربي والبدل الجاهزة بالأقمشة فرأت أن توجد لهم الكمية اللازمة من الحصة الحرة لدى كل شركة من شركات النسيج الثلاث وأن تكون الحصة التي تلتزم كل شركة بوضعها تحت تصرف وزارة التموين هي 5% من مجموع إنتاجها وطلب وكيل الوزارة أن تراعي الشركات أن تكون هذه الأقمشة مما يصلح لصناعة القمصان والبيجامات وتلائم مستلزماتها في فصلي الصيف والشتاء وتيسر الإنتاج بحيث يكفل تلبية طلبات الغني والفقير، وبحيث تكون الأسعار مناسبة لجميع الطبقات فلا تجاوز سعر التكلفة مضافاً إليه ربح معتدل ووافقت اللجنة على ذلك ورأت أن يكون تسليم الأقمشة إلى الغرف التجارية بالكميات التي تحددها الوزارة لكل غرفة وأن تقوم الشركات بإمداد الغرف التجارية بالأقمشة عند الانتهاء من صنعها وأن تصرف هذه الغرف الأقمشة وفقاً للمعاينات التي تقدم بها مكاتب التموين، وفي النهاية استدعى وكيل الوزارة مندوب صناعة القمصان والبيجامات سامي أفندي عطيه (الطاعن) رئيس اتحاد مصانع القمصان بالإسكندرية وآخرين الذين حضروا لعرض شكواهم على اللجنة وأخبرهم بأن النظام الجديد والقرارات التي اتخذتها اللجنة تكفل القضاء على شكواهم وتيسر حصول كل منهم على حاجته، وفي يوم 19 من ديسمبر سنة 1944 اجتمعت اللجنة بالهيئة السابقة وحضرها فضلاً عمن تقدم ذكرهم مندوبون عن محلات عمر أفندي وسمعان وشيكوريل وأوريكو وذكر الرئيس اللجنة بالقرار السابق اتخاذه بالجلسة السابقة من التزام كل شركة من شركات النسيج الثلاث بوضع 5% من مجموع إنتاجها تحت تصرف وزارة التموين لتقوم بتوزيعه على أصحاب الصناعات، وأنه قد روعي في ذلك أن يتسنى إمدادهم بالأقمشة اللازمة لصناعتهم وفي الوقت ذاته قد تركت الفرصة للشركات حتى تتأهب للمنافسة المخصصة للصناعات، وتم الاتفاق على أن يقوم المتعهد بتسليم الغرف التجارية الأقمشة بسعر يزيد 5% على سعر المصنع وأن تحصل الغرف على 3% زيادة على السعر المذكور نظير قيامها بعمليتي التسليم والتسلم، وورد في مذكرة الغرفة التجارية (المطعون عليها الأولى) المقدمة إلى المحكمة الابتدائية أن ما كان متعباً قبل صدور قرار لجنة الصناعات في 19 من ديسمبر سنة 1944 هو أن وزارة التموين كانت تستولي على 75% من إنتاج الشركات وتتولى توزيعه بنظام البطاقات بالأسعار التي تراها مناسبة للحالة وتترك الباقي للشركات تبيعه بالأسعار التي تلائمها تعويضاً لها عما تتكبده من خسائر، فكان أرباب الصناعات الصغرى ومنهم اتحاد مصانع القمصان لا يتيسر لهم الحصول على ما يكفيهم ويكفى عمالهم فاتجهوا إلى الغرفة التجارية للتوسط لدى وزارة التموين لإيجاد حل يمكن هؤلاء الصناع من الحصول على جزء من قيمة الحصة الحرة التي تترك إلى الشركات، وبعد جهد تمكنت الغرفة من الحصول على قرار 19 من ديسمبر سنة 1944.
ومن حيث إنه لما كان الحكم قد أقام قضاءه على القول بأن اتحاد أصحاب مصانع القمصان الذي أقام الدعوى لم يكن طرفاً في اتفاق 19 من ديسمبر سنة 1944 أو ممثلاً في اللجنة التي أصدرته وأن التعهد الصادر من جانب الشركات سالفة الذكر والغرف التجارية إذ صح أنه التزام لمصلحة الغير فإنما كان في الواقع لمصلحة جمهور المستهلكين دون أصحاب المصانع الذين لا يضيرهم ارتفاع أسعار الأقمشة أو انخفاضها متى كانوا يحصلون على أرباحهم المقررة والتي يضيفونها حتماً إلى الثمن المدفوع منهم فلا يمكن أن تنشأ عنه أية رابطة قانونية بين الاتحاد والشركات والغرف التجارية الموقعة عليه أو يرتب له حقوقاً قبلها - كان هذا القول مبنياً على خطأ في تكييف القرار وقصور في التسبيب، إذ الواضح مما تقدم بيانه أن اللجنة انعقدت لبحث موضوع إمداد أصحاب مصانع القمصان بالأقمشة اللازمة لصناعتهم من الحصة الحرة لدى كل شركة بوضعها تحت تصرف وزارة التموين 5% من مجموع إنتاجها بسعر معتدل ليوزع بمعرفة الغرف التجارية على أرباب الصناعات لتمكينهم من مزاولة صناعتهم ووصل أسباب العيش لهم إذ لم يكن في مقدورهم منافسة الشركات الكبيرة فضلاً عن أن حصولهم على الأقمشة بسعر معتدل يمكنهم من بيعها بسعر في متناول جمهور المستهلكين مما يضمن لهم رواجها، فالاتفاق الذي تم بين الشركات ووزارة التموين والغرف التجارية هو في الواقع اشتراط لمصلحة اتحاد القمصان وغيره من أرباب الصناعات الصغرى تعود عليهم فائدته قبل أن تعود إلى جمهور المستهلكين - لما كان ذلك وكان يبين من ناحية أخرى من مراجعة المناقشة التي تمت بجلسة 12 من إبريل سنة 1949 أمام محكمة الاستئناف أن وكيل اتحاد أصحاب مصانع القمصان قرر أن الاتحاد تكون تحت إشراف الغرفة التجارية من مجموعة من التجار ساهم كل منهم بجزء من المال دفع منه الاتحاد إلى الغرفة التجارية مبلغاً كأمانة تحت حساب توريد الأقمشة فإذا ما استهلك التأمين تطلب الغرفة دفع تأمين إضافي. وقد حصلت الغرفة على مبالغ من المال بموجب فاتورتين فلما تبين للاتحاد أن الغرفة حصلت منه على مبالغ تزيد على الأثمان المحددة أقام دعواه الحالية يطالب باسترداد الزيادة فسألته المحكمة عما إذا كان قد حصل البيع للمستهلكين بسعر مرتفع تبعاً لشرائه بسعر مرتفع فأجاب بأنه "يجهل أن الغرفة كلفت الاتحاد أكثر"، إنما هو باع بالسعر المتفق عليه، فسألته متى تسلم البضائع التي يطالب برد الزيادة في أسعارها، فأجاب بأنه "تسلمها مع الفاتورة في وقت واحد" - وكان يبين من الصورة الرسمية المقدمة لتقرير الخبير أنه بين سعر المصنع لأنواع القماش المختلفة وراجع الفواتير الصادرة من شركتي بيع المصنوعات وشركة الغزل الأهلية إلى الغرفة التجارية وحدد الزيادة - وكان ظاهراً من الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الطاعن إلى محكمة الاستئناف أنه تمسك فيها بأن الغرفة التجارية كانت في سبيل تسهيل الأمر عليها في دفع ثمن ما تتسلمه من الأقمشة نيابة عن الاتحاد تحصل منه مقدماً على مبالغ بصفة تأمين للصرف منها للشركات، وكان الاتحاد لا يعرف مقدار الباقي له في ذمتها إلا عندما تقدم إليه الغرفة كشف الحساب، فلما أرسلت إليه كشف حساب الفاتورتين موضوع الدعوى اكتشف المخالفة، وأن سعر المصنع معلوم للغرفة وللتجار ولذلك اكتفت اللجنة في قرارها بالإشارة إليه بعبارة "سعر المصنع"، وقدم إلى محكمة الاستئناف مستندات يستدل بها على أن الاتحاد باع بالأسعار المتفق عليها من قبل على أساس سعر المصنع مضافاً إليه الزيادة التي حددها قرار 19 من ديسمبر سنة 1944، وكان ظاهراً أيضاً من الاطلاع على الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الغرفة التجارية إلى محكمة الاستئناف أن الشركات كانت ترسل إليها كشوفاً بقيمة الـ 5% من الحصة الحرة، وتقوم وزارة التموين بإعداد كشوف بمقدار حصة كل اتحاد وترسل هذه الكشوف إلى شركات النسيج فتحرر الفواتير باسم كل اتحاد بمقدار حصته وفقاً لكشوف الوزارة بقيمتها على حسب السعر الذي تحدده الشركات وترسل الشركات هذه الفواتير إلى الغرفة لكي يكون التسليم بمعرفتها كما ترسل كشوف من مراجعة التموين بالإسكندرية إلى الغرفة التجارية مبيناً فيها على وجه التفصيل اسم كل صانع من أرباب الصناعات الصغرى ومقدار الكمية المقررة له على أن تقوم الغرفة بتسليم كل صانع الكمية المحددة له بعد التوقيع منه على هذه الكشوف بما يفيد الاستلام - لما كان ذلك كذلك - كان تقرير الحكم "أنه تبين من مناقشة رئيس الاتحاد بالجلسة أن الثمن الذي دفعه الاتحاد لهذه الأقمشة هو الثمن الذي باع به للجمهور بعد إضافة أجرة الصناعة والربح المستحق له، لأنه تسلم البضاعة مع فاتورة الثمن، وما دام أنه أضاف الثمن الذي اشترى به على المستهلكين فلا يكون له حق في استرداد أي مبلغ دفع زيادة على الثمن المقرر في قرار لجنة الصناعة" - كان هذا التقرير لا تؤدي إليه إجابة وكيل الطاعن أمام المحكمة، وكان يتعين عليها قبل أن تقطع في أن الاتحاد حصل من جمهور المستهلكين على الزيادة التي يطالب بها دون سند لذلك لا من أوراق الدعوى ولا من إجابة وكيل الطاعن أن تحقق ادعاه بأنه لم يعرف السعر إلا بعد محاسبة الغرفة له عند نفاذ التأمين، وأن أصحاب المصانع باعوا بضاعتهم على أساس السعر المحدد بقرار 19 من ديسمبر سنة 1944 أي سعر المصنع مضافاً إليه النسبة المئوية المحددة بالقرار المذكور لا أكثر.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم بيانه أن الحكم أخطأ في تكييف الاتفاق المشار إليه كما عاره خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.