أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 67

جلسة 4 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد أحمد صقر، وليم رزق بدوي نائبي رئيس المحكمة، أحمد زكي غرابه، وطه الشريف.

(18)
الطعن رقم 864 لسنة 53 القضائية

1 - دعوى "المصلحة في الدعوى". نيابة قانونية "التمثيل القانوني".
الدعوى. ماهيتها. شرط قبولها.
2 - مسئولية "مسئولية جنائية". تزوير "دعوى التزوير الأصلية". دعوى.
مبدأ شخصية العقوبة. ماهيته. الاستنابة في المحاكمة الجنائية أو العقاب. غير جائز. الحكم بعدم قبول دعوى التزوير الأصلية المقامة من الطاعنة بتزوير تحقيقات جنائية أجريت مع ابنها. صحيح في القانون. علة ذلك.
1 - الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم لقبولها توفر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق، بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها.
2 - يقوم التشريع الجنائي على مبدأ أساسي لا يرد عليه استثناء هو مبدأ شخصية العقوبة، امتداداً لأصل عام هو شخصية المسئولية الجنائية، والجرائم لا يؤخذ بجريرتها غير جناتها والعقوبات لا تنفذ إلا في نفس من أوقعها القضاء عليه، وحكم هذا المبدأ أن الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة وأن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ، لما كان ذلك وكان الشارع في المادة 59 من قانون الإثبات قد خول لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر أن يختصم من بيده ذلك المحرر أو من يفيد منه لسماع الحكم بتزويره بمقتضى دعوى أصلية وهي لا تعدو أن تكون وسيلة لحماية حق أو مركز قانوني للمدعي ذاته، وكانت الطاعنة لا تستند في دعواها إلى حماية حق أو مركز قانوني ذاتي، ولا تكفي القرابة للمتهم شفيعاً لها للاستنابة عنه في اتخاذ إجراء يدخل ضمن نطاق المحاكمة الجنائية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى - لانتفاء صفة الطاعنة في رفعها - وهي دعامة مستقلة وكافية لحمل قضائه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 3380 لسنة 1982 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم برد وبطلان الأوراق المكونة لملف الجناية رقم.... لسنة 1981 أمن دولة عسكرية عليا المعروفة بجناية اغتيال الرئيس السابق محمد أنور السادات ذلك لتزويرها وقالت بياناً لدعواها إن المطعون ضدهم الثلاثة الأخر أصدروا في 11/ 11/ 1981 قراراً باتهام نجلها الملازم أول......... في الجناية المشار إليها بالاشتراك مع آخرين في قتل الرئيس السابق محمد أنور السادات ونفر ممن كانوا بمنصة العرض يوم 6 أكتوبر 1981 والشروع في قتل آخرين وقد أصيب نخلها المذكور بطلقات نارية في ساحة العرض العسكري وقت الحادث ونقل إلى المستشفى حيث استجوب بتاريخ 10/ 10/ 1981 ثم صحح تاريخ افتتاحه إلى 9/ 10/ 1981، ثم استجوب مرة أخرى في جو من الإرهاب والتعذيب والإكراه كما طلب المدافعون عنه أثناء المرافعة طلبات عديدة تغير وجه الرأي في الدعوى، فلم تثبت في محاضر الجلسات وأن هذه المحاضر كانت تستبدل بغيرها أو يجرى عليها الإضافات والإسقاطات، وإذ كان من حق والدة المتهم أن تلجأ إلى القضاء لإثبات هذا التزوير فقد أقامت الدعوى.
قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 5079 لسنة 99 ق استئناف القاهرة وبتاريخ 6/ 2/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن ما انتهى إليه الحكم المشار إليه من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجناية سالفة الذكر ومن عدم جواز الطعن بالتزوير بدعوى أصلية على أوراق سبق التمسك بها أمام القضاء، ومن عدم قبول الدعوى لانتفاء صفتها في الطعن على هذه الأوراق بالتزوير، لا يقوم ذلك كله على سند صحيح، إذ لم تكن الطاعنة طرفاً في الخصومة الجنائية حتى تحاج بالحكم الصادر فيها، أو تواجه بقعودها عن سلوك سبيل الادعاء الفرعي بالتزوير، فضلاً عن كونها أم المتهم وولية دمه وذات مصلحة قانونية في إثبات براءته وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدعوى وأقام قضاءه على هذه الأسباب مجتمعة دون أن يستمع إلى دفاع الطاعنة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى إن هي إلا حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم لقبولها توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق، بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، لما كان ذلك وكان التشريع الجنائي يقوم على مبدأ أساسي لا يرد عليه استثناء هو مبدأ شخصية العقوبة، امتداداً لأصل عام هو شخصية المسئولية الجنائية، والجرائم لا يؤخذ بجريرتها غير جناتها والعقوبات لا تنفذ إلا في نفس من أوقعها القضاء عليه، وحكم هذا المبدأ أن الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة وأن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ لما كان ذلك وكان الشارع في المادة 59 من قانون الإثبات قد خول لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر أن يختصم من بيده المحرر أو من يفيد منه لسماع الحكم بتزويره بمقتضى دعوى أصلية وهي لا تعدو أن تكون وسيلة لحماية حق أو مركز قانوني للمدعي ذاته، وكانت الطاعنة لا تستند في دعواها إلى حماية حق أو مركز قانوني ذاتي، ولا تكفي القرابة للمتهم شفيعاً لها للاستنابة عنه في اتخاذ إجراء يدخل ضمن نطاق المحاكمة الجنائية، فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم قبول الدعوى - لانتفاء صفة الطاعنة في رفعها - وهي دعامة مستقلة كافية لحمل قضائه - لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.