أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 394

(73)
جلسة أول مارس سنة 1951
القضية رقم 200 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة؛ وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
1 - بيع. طلب ورثة المشتري صحة ونفاذ البيع الذي عقده مورثهم. متى يعتبر موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة. إذا كان محل العقد غير قابل للتجزئة بطبيعته أو لمفهوم قصد عاقديه. مثال. دعوى من ورثة المشتري على ورثة البائع بطلب الحكم بصحة ونفاذ بيع قطعة أرض فضاء. الحكم برفض الدعوى. استئناف بعض ورثة المشتري دون البعض الآخر هذا الحكم. حكم استئنافي. تسبيبه. قضاؤه بقبول الاستئناف شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف وصحة ونفاذ البيع عن جميع الصفقة لمن استأنف الحكم من ورثة المشتري. استناده إلى أن الموضوع غير قابل للتجزئة. عدم بيانه كيف توافر لديه الدليل على ذلك. قصور مبطل.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
2 - مجالس حسبية. ولايتها على مال المحجور عليه. مشروطة بقيام موجبها. انقطاعها بمجرد وفاة المحجور عليه. القرارات التي تصدرها هذه المجالس في شأن من شئون المتوفى. تعتبر باطلة سواء علم المجلس أو القيم بوفاة المحجور عليه أم لم يعلم. قرار المجلس الحسبي بالتصريح للقيم ببيع أرض المحجور عليه للمشتري. قيامه على تصرف الوكيل مع غير حسن النية لا يعلم بوفاة الموكل. لا يصح.
(المادة 530 من القانون المدني - القديم - ).
1 - طلب ورثة المشتري لعقار صحة ونفاذ البيع الذي عقده مورثهم لا يجعل موضوع الدعوى في جميع الأحوال غير قابل للتجزئة، إذ مثل هذه الدعوى - التي يقصد منها أن تكون دعوى استحقاق مآلاً - يعتبر في الأصل قابلاً للتجزئة لكل وارث أن يطالب بحصة في المبيع مساوية لحصته الميراثية، وذلك ما لم يكن محل العقد غير قابل للتجزئة بطبيعته أو لمفهوم قصد عاقديه. وإذن فمتى كان الواقع أن ورثة المشتري أقاموا دعواهم على ورثة البائع يطلبون الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر من مورث هؤلاء الأخيرين عن قطعة أرض فضاء، ولما قضي برفض الدعوى استأنف بعض الورثة دون البعض الآخر الحكم. وكان الحكم الاستئنافي إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً وإلغاء الحكم الابتدائي وصحة ونفاذ البيع استناداً إلى أن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة، لم يبين كيف توافر لديه الدليل على هذا، فإنه يكون قد شابه قصور مبطل له في قضائه بجميع الصفقة لمن استأنف الحكم من ورثة المشتري، لأنه متى كان المبيع قطعة أرض فضاء، فإنه لا يصح إطلاق القول بأن الموضوع غير قابل للتجزئة دون بيان لسند هذا القول.
2 - ولاية المجلس الحسبي على مال المحجور عليه مشروطة بقيام موجبها، فإذا انعدام الموجب زالت هذه الولاية، فبمجرد وفاة المحجور تنقطع ولاية المجلس الحسبي على ماله وكل قرار يصدره في شأن من شئون المتوفى يعتبر باطلاً سواء علم المجلس أو القيم بوفاة المحجور عليه أم لم يعلم. وإذن فمتى كان الحكم إذ أغفل بحث ما إذا كان قرار المجلس الحسبي بالتصريح لقيم المحجور عليه بالبيع قد صدر قبل أو بعد وفاة هذا الأخير، قد أقام قضاءه على أن هذا بحث غير منتج لأنه متى كان من الثابت أن هذه الوفاة لم تكن وقت صدور القرار معلومة لأحد، وأن القوامة نوع من الوكالة تسري عليها أحكام المادة 530 من القانون المدني - القديم - فيصح تصرف الوكيل بعد وفاة الأصيل ما دام الغير لا يعلم بالوفاة، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ لا يصح قياس قرار المجلس الحسبي بالتصريح للقيم ببيع أرض المحجور عليه للمشتري على تصرف الوكيل مع متعاقد حسن النية لا يعلم بوفاة الموكل لاختلاف الحالتين من وجوده أظهرها أن المجلس إنما يمارس سلطة قضائية بما لهذه السلطة من حدود وأوضاع.


الوقائع

في يوم 19 من أكتوبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 27 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 455 سنة 2 ق، وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 25 و28 من أكتوبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 7 من نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 22 منه أودع المطعون عليهم الثلاثة الأولون مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 7 من ديسمبر سنة 1948 أودع الطاعنون مذكرة بالرد، ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً. وفي 26 من أكتوبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بقبول السبب الأول والسادس والسابع ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم الستة الأولين بالمصروفات. وفي 11 من يناير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن وقائع الدعوى تتحصل كما يبين من أوراق الطعن في أن الطاعن الأول بصفته قيماً على والده المحجور عليه باع إلى المرحوم محمد أفندي أمين سرور (مورث المطعون عليهم) في 12 من أغسطس سنة 1941 قطعة أرض مساحتها 1300 متر بسعر المتر 280 قرشاً ولما كانت القطعة المبيعة مرهونة ضمن أطيان أخرى لشركة "بيل" فقد اتفق على أن يقوم المشتري بوفاء الثمن إلى الشركة المذكورة وقد دفع لها فعلاً وقت التوقيع على العقد مبلغ 90 جنيهاً وتعهد القيم من جانبه بالحصول على موافقة المجلس الحسبي على البيع. وفي 10 من سبتمبر سنة 1941 قدم القيم العقد إلى المجلس الحسبي للموافقة عليه، فندب المجلس أحد معاونيه لمعاينة المبيع وإشهار مزاده مرتين ولما لم يتقدم أحد للمزايدة قرر المجلس في 8 من يناير سنة 1942 "التصريح للقيم ببيع القطعة وهي 1300 متر للمشتري محمد أفندي أمين سرور المعين اسمه بالعقد المقدم من القيم وبالثمن الوارد به، وعلى المعاون الاشتراك مع القيم في إتمام عقد البيع وقبض باقي الثمن وتسليمه لبنك "بيل" خصماً من الدين الذي له على المحجور عليه..." وفي نفس اليوم الذي صدر فيه هذا القرار من المجلس الحسبي توفى المحجور عليه الساعة الحادية عشرة صباحاً. قدم بعد ذلك طلب إلى المساحة موقع عليه من ورثة المحجور عليه (صالح صالح محمد علي المحضي وتوفيق صالح ونجية صالح وسنيه صالح وصلوحه المتولي الأعصر) والمشتري محمد أمين سرور يطلبون "إجراء اللازم لتحرير عقد البيع النهائي والتأشير عليه" - ولم يقدم أحد من الخصوم صورة من هذا العقد. توفى بعد ذلك المشتري محمد أمين سرور وانحصر إرثه في زوجتيه إحسان محمد الصيرفي وفاطمة علي مطحنة ووالدته أسمهان أحمد وإخوته حلمي وأحمد وزكية وفهيمة وثريا. بعد ذلك لم يسر في إجراءات المساحة ورفع جميع ورثة المشتري الدعوى الحالية على ورثة البائع (المحجور عليه المتوفى) طالبين الحكم بصحة ونفاذ البيع الحاصل من صالح أفندي صالح محمد المحضي بصفته قيماً على والده وذلك في 12 من أغسطس سنة 1941... إلخ ما ورد في طلباتهم، فقام النزاع بين الطرفين على صحة هذا البيع، فورثة البائع يقولون إن عقد 12 من أغسطس سنة 1941 لا أثر له لأسباب عدة منها أن المحجور عليه توفى قبل أن يصدر المجلس الحسبي قراره فأصبح لا صفة للمجلس في الإشراف على شئون المتوفى، وكل قرار يصدر منه بعد الوفاة منعدم الأثر قانوناً. فضلاً عن أن نفاذ البيع كان معلقاً على قبول الدائنة المرتهنة تقسيط الثمن، وهي لم تقبل، وأن عقد البيع الذي حرر بين ورثة البائع والمشتري وقدم إلى المساحة كان ينص على أن الثمن يدفع فوراً، ولكن ورثة المشتري أغفلوا هذا العقد ولم يقدموه وحاولوا الرجوع إلى عقد 12 من أغسطس سنة 1941 طالبين صحته ونفاذه، فقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، وأعلن هذا الحكم في 25 من نوفمبر سنة 1943 إلى ورثة المشتري فاستأنفه بعضهم وهم: حلمي أفندي سرور وأحمد أمين سرور والست أسمهان، أما الباقون فلم يستأنفوه: وهن السيدات إحسان وفاطمة ونزيهة وورثة زكية وفهيمة، فدفع ورثة البائع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من بعض ورثة المشتري وهذا البعض لا صفة له في تمثيل من لم يستأنف، وبذلك أصبح الحكم نهائياً بالنسبة إليهم ولا يجوز الحكم لبعض ورثة المشتري بجميع الصفقة كما لا يجوز تجزئتها ولا تمليك من لم يستأنف رغماً عنه، فقضت محكمة الاستئناف في 13 من نوفمبر سنة 1945 برفض الدفع وتأييد الحكم المستأنف، فطعن حلمي وأحمد أمين والسيدة أسمهان في هذا الحكم بالنقض، وقد قضت محكمة النقض في 14 من مارس سنة 1946 بنقض الحكم وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية لتفصل فيها من جديد مقررة "أنه وإن كان المحجور عليه قد توفى قبل انتهاء جلسة المجلس الحسبي بنصف ساعة فإن هذا وحده لا يكفي للقطع بأن إذن المجلس بالبيع صدر على وجه التحقيق في نصف الساعة التالية للوفاة ما لم يثبت الحكم المطعون فيه أن جلسة المجلس بدأت في ساعة الوفاة أو بعدها، وهو لم يشتمل على وقت بدايتها..." كما أنه "تبين من الصورتين الرسميتين لمحضر جلسة 2 من يناير سنة 1945 في الاستئناف رقم 522 سنة 61 ق ولمذكرة الطاعنين المودعة بملف الاستئناف أنهم تمسكوا بطلب المساحة السالف الذكر بصفة كونه إجازة لبيع القيم صدرت من ورثة المحجور عليه بعد وفاته ورتبوا على هذه الإجارة نفاذ العقد الصادر من القيم ولو لم يصدر إذن من المجلس الحسبي له بالبيع ثم أخذوا على المحكمة الابتدائية أنها لم تلق بالاً لدفاعهم هذا وأن محكمة الاستئناف أغلفت الرد على هذا الدفاع...". ولما أعيدت الدعوى إلى محكمة استئناف الإسكندرية دفع ورثة البائع بعدم قبول الاستئناف شكلاً فقضت المحكمة في 28 من إبريل سنة 1948 بالحكم المطعون فيه برفض الدفع وقبول الاستئناف شكلاً وإلغاء الحكم الابتدائي وصحة ونفاذ البيع - فقرر الطاعنون طعنهم الحالي فيه.
ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى من لم يستأنف الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى ولم يرفع نقضاً عن الحكم النهائي القاضي بالتأييد بمقولة إن الموضوع غير قابل للتجزئة قد أخطأ في تطبيق القانون لأن الملكية ونقل التكليف عن أرض معينة موضوع يقبل التجزئة فضلاً عن أنه يشترط في استفادة من لم يستأنف - في موضوع غير قابل للتجزئة - أن يتدخل في الخصومة منضماً إلى من استأنف ولكن الثابت أن هؤلاء لم يطلبوا طلباً ما في الاستئناف ولم يرفعوا نقضاً عن الحكم النهائي السابق.
ومن حيث إن طلب ورثة المشتري لعقار صحة ونفاذ البيع الذي عقده مورثهم لا يجعل موضوع الدعوى في جميع الأحوال غير قابل للتجزئة، إذ مثل هذه الدعوى - التي يقصد منها أن تكون دعوى استحقاق مآلاً - يعتبر في الأصل قابلاً للتجزئة لكل وارث أن يطالب بحصة في المبيع مساوية لحصته الميراثية وذلك ما لم يكن محل العقد غير قابل للتجزئة بطبيعته أو لمفهوم قصد عاقديه. ولما كان المبيع في الدعوى الحالية هو قطعة أرض فضاء فلا يصح إطلاق القول بأن موضوع العقد غير قابل للتجزئة دون بيان لسند هذا القول كأن يتوافر الدليل على أن هذا هو ما قصده العاقدان. وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة دون أن يبين كيف توافر لديه الدليل على هذا، يكون قد شابه قصور مبطل له في قضائه بجميع الصفقة لمن استأنف الحكم من ورثة المشترى.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون كما أخطأ في الإجراءات إذ لم يفصل في طلب جوهري طلبه الخصوم بل لم يفصل فيما ارتأت محكمة النقض وجوب الفصل فيه، وهو: هل صدر إذن المجلس الحسبي قبل أو بعد وفاة المحجور إذ كان دفاع الطاعنين يقوم على أن تصريح المجلس المقيم بالبيع إنما صدر الساعة الحادية عشرة صباحاً بعد أن توفى المحجور وأصبح المجلس لا اختصاص له في نظر الموضوع وطلب الطاعنون صراحة إن لم تقتنع المحكمة بما قدم إليها من أوراق أن تأمر بالتحقيق، وهذا الذي طلبه الطاعنون هو نفس ما قضت به محكمة النقض لدى نظر الطعن لأول مرة، ولكن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الطلب ولم يرد عليه.
ومن حيث إنه ثابت أن الطاعنين تمسكوا بأن موافقة المجلس الحسبي على البيع التي صدرت منه في 8 من يناير سنة 1942 وإذنه للقيم في إتمامه إنما كان بعد وفاة المحجور عليه فأصبحت الموافقة عديمة الأثر قانوناً، إذ بوفاة المحجور عليه تزول ولاية المجلس الحسبي وتنحل عن القيم صفته، وثابت أن محكمة الاستئناف في حكمها الأول قد أخذت بهذا الدفاع لما رأته من أن القرار صدر بعد الوفاة فلما طعن الطاعنون في الحكم رأت هذه المحكمة (محكمة النقض) نقض الحكم وكان من أسباب النقض ما شاب الحكم من عيب في الاستدلال في هذا الصدد "لأنه وإن كان المحجور عليه قد توفى قبل انتهاء جلسة المجلس الحسبي بنصف ساعة فإن هذا وحده لا يكفي للقطع بأن إذن المجلس بالبيع صدر على وجه التحقيق في نصف الساعة التالية للوفاة ما لم يثبت الحكم المطعون فيه أن جلسة المجلس بدأت في ساعة الوفاة أو بعدها وهو لم يشتمل على بيان وقت بدايتها ومن ثم يتضح أن استدلال الحكم غير مؤد على النتيجة التي انبنى عليها قضاؤه.." فلما أعيدت الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيها من جديد لم تتعرض لبحث ما إذا كان قرار المجلس الحسبي قد صدر قبل أو بعد الوفاة اعتماداً على أن هذا بحث غير منتج متى كان من الثابت أن هذه الوفاة لم تكن وقت صدور القرار معلومة لأحد وأن القوامة نوع من الوكالة تسري عليها أحكام المادة 530 (مدني قديم) فيصح تصرف الوكيل بعد وفاة الأصيل ما دام الغير لا يعلم بالوفاة.
ومن حيث إن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه مردود بأن ولاية المجلس على مال المحجور عليه مشروطة بقيام موجبها فإذا انعدم الموجب زالت هذه الولاية فبمجرد وفاة المحجور عليه تنقطع ولاية المجلس الحسبي على ماله وكل قرار يصدره في شأن من شئون المتوفى يعتبر باطلاً سواء علم المجلس أو القيم بالوفاة أم لم يعلم إذ لا يصح قياس قرار المجلس الحسبي بالتصريح للقيم ببيع أرض المحجور عليه للمشتري على تصرف الوكيل مع غير حسن النية لا يعلم بوفاة الموكل، لاختلاف الحالتين من وجوه أظهرها أن المجلس إنما يمارس سلطة قضائية بما لهذه السلطة من حدود وأوضاع. ومن ثم يكون هذا السبب مقبولاً.
ومن حيث إن السببين السادس والسابع يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد البيع تأسيساً على أن الطاعنين على أي حال قد أجازوه صراحة بالطلب المقدم منهم إلى المساحة في 28/ 1/ 1942 - قد شابه قصور إذ أغفل دفاعاً جوهرياً للطاعنين في هذا الخصوص إذ تمسكوا بأن الطلب المقدم إلى المساحة في 23/ 2/ 1943 (لا في 28/ 1/ 1942 كما قال الحكم) ليس إجازة للعقد القديم بل هو عقد جديد بشروط جديدة ذلك أن العقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه والمحرر بين القيم ومورث المطعون عليهم في 12/ 8/ 1941 كان ينص على تقسيط الثمن ودفعه مقسطاً إلى الشركة المرتهنة، ولكن الشركة أبت هذا الوفاء المسقط فقبل المشتري تنجيز الثمن وحرر عقداً جديداً نص فيه على أن الثمن يدفع فوراً فقدم الطلب على المساحة على هذا الأساس ووقعه المشتري كما وقعه ورثة المحجور عليه، ولكن بعد وفاة المشتري أبى ورثته أن يمضوا في تنفيذ العقد الجديد وطلبوا تقسيط الثمن متمسكين بعقد 12/ 8/ 1941 فأنكر عليهم الطاعنون ذلك واضطروا إلى وفاء دين الشركة المرتهنة.
ومن حيث إنه ثابت أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن عقداً جديداً حرر بينهم وبين المشتري نص فيه على تنجيز الثمن بدلاً من تقسيطه على الوجه المبين بالعقد المحرر في 12/ 8/ 1941 المطلوب الحكم بصحته ونفاذه، فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد 12/ 8/ 1941 على أساس أن الطلب المقدم إلى المساحة يعتبر على أي حال إجازة لذلك العقد قد عاره قصور مبطل له، إذ أغفل بحث دفاع جوهري لو صح لتغير له وجه الرأي في الدعوى ولما جاز اعتبار الطلب المقدم إلى المساحة إجازة للعقد ومما يصير معه بحث السبب الثاني من أسباب الطعن بحثاً غير منتج، إذ يصح الاتفاق الجديد هو المحدد لعلاقة الطرفين.
ومن حيث إنه لجميع ما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.