أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 402

(74)
جلسة أول مارس سنة 1951
القضية رقم 44 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
حكر. تقدير أجرته. حكم. تسبيه. ذكره القاعدة الصحيحة في تقدير أجرة الحكر. إغفاله بحث النسبة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض وقت التحكير. إغفاله بحث ما طرأ بعد ذلك على أجرة المثل من تغيير. خطؤه في تطبيق القاعدة التي أوردها على واقعة الدعوى. نقضه.
متى كان الحكم إذ قدر أجرة الحكر ابتداء من سنة 1945 قد أسس تقديره على "أن أجرة المثل للأرض المحكرة هو أجر يتمشى مع ما قدره الخبير وأن هذا التقدير مناسب ومعادل لما أوضحه الخبير من حيث صقع الأرض ورغبات الناس فيها وهي حرة خالية من البناء بصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المستحكر فيها وبصرف النظر عما ذهب إليه الحكم المستأنف اعتماداً على تقرير الخبير في تقدير نسبة مئوية من ثمن الأرض وتشبيه أجر المثل بفائدة هذا الثمن كأنه رأس مال يستثمر في تحكير أرض" - متى كان الحكم إذ قدر أجرة الحكر على هذا الأساس قد أغفل بحث النسبة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض وقت التحكير كما أغفل بحث ما طرأ بعد ذلك على أجرة المثل من تغيير خصوصاً بعد الحكم الصادر بين طرفي الخصومة بتقدير أجرة معينة جرى عليها التعامل ابتداء من سنة 1935 حتى سنة 1944 مع وجوب إقامة وزن لذلك كله عند الفصل في طلب إعادة التقدير بسبب تغير الظروف. فإن الحكم وإن كان قد أورد في أسبابه القاعدة الصحيحة في تقدير أجرة الحكر إلا أنه لم يطبقها على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً مما يستوجب نقضه.


الوقائع

في يوم 16 من إبريل سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في الاستئناف رقم 89 سنة 4 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 23 من إبريل سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي 30 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 23 من مايو سنة 1949 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول السببين الأول والثاني واحتياطياً رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 8 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 15 من فبراير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن واقعة الدعوى كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع، تتحصل في أن المطعون عليها بصفتها أقامتها على الطاعن تطالبه فيها بحكر أرض تابعة للوقف المشمول بنظرها مساحتها 1028.35 ذراعاً مقام عليها بناء منزلين أحدهما رقم 5 شارع البوها والآخر رقم 44 شارع تانيس بكامب شيزار برمل الإسكندرية بواقع جنيه واحد و971 مليماً عن سنة 1944 و46 جنيهاً و276 مليماً ابتداء من سنة 1945 لغاية الحكم. فقضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعن بحكر سنة 1944 لعدم المنازعة لا في أصله ولا في مقداره لسبق تقديره بحكم في القضية رقم 1577 سنة 1934 مدني العطارين وبندب خبير للانتقال صوب عين النزاع ومعاينة الأرض وصعقها وتقدير الحكر المستحق عليها ابتداء من سنة 1945 ورخصت له في سماع أقوال الطرفين وشهودهما بغير يمين والاطلاع على القضية رقم 1577 سنة 1934 العطارين، فقدم الخبير تقريراً قدر فيه الحكر عن سنة 1945 بمبلغ 5 جنيهات و913 مليماً، فطعنت فيه وزارة الأوقاف، فندبت المحكمة خبيراً ثانياً للقيام بنفس المأمورية التي ندب لها الخبير الأول، فقدر الحكر السنوي بمبلغ 46 جنيهاً و276 مليماً، على أساس أن ثمن الذراع في الأرض بحسب موقعها وصقع الجهة والظروف الحاضرة يقدر بمبلغ جنيه واحد و500 مليم وأن الحكر يعادل 3% من ثمن الأرض - وقد اعتمدت محكمة أول درجة هذا التقدير وقضت بالإلزام على أساسه، فاستأنف الطاعن الحكم فعدلته محكمة الاستئناف إلى مبلغ 41 جنيهاً و537 مليماً. فقرر الطاعن طعنه الحالي فيه.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم أنه إذ قضى بإلزامه بأن يدفع إلى المطعون عليها مبلغ 41 جنيهاً و534 مليماً قيمة الحكر عن سنة 1945 تأسيساً على أن "أجر المثل لأرض النزاع المحكرة يقدر بمبلغ 40 مليماً هو أجر يتمشى مع ما قدره الخبير من أن ثمن بيع الذراع هو 150 قرشاً" و"أن هذا التقدير مناسب ومعادل لما أوضحه الخبير والحكم المستأنف من حيث صقع الأرض ورغبات الناس فيها وهي حرة خالية من البناء بصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المستحكر فيها وبصرف النظر عما ذهب إليه الحكم المستأنف اعتماداً على تقرير الخبير في تقدير نسبة مئوية من ثمن الأرض وتشبيه أجر المثل بفائدة هذا الثمن كأنه رأس مال يستثمر في تحكير الأرض" - إذ قرر ذلك خالف القانون. لأنه من المقرر في الحكر أنه يرجع في زيادته أو نقصه إلى القيمة الإيجارية للأرض وقت التقدير على أن يراعى في ذلك الغرض الذي أعدت له الأرض وحالتها عند التحكير وموقعها ورغبات الناس فيها - دون اعتبار لما أحدثه المحتكر في الأرض من تحسين وبغض النظر عما يوجد فيها من بناء. ودعوى زيادة الحكر تتضمن في الواقع تعديل ما كان من نسبة بين مقدار ما ربط منه وقيمة الأرض المحكرة وقت إنشاء الحكر وبين ما عساه تكون عليه هذه النسبة بينما وقت طلب الزيادة ويندمج في ثناياها بحث أثر تغير صقع الأرض المحكرة على قيمة الحكر وكذلك أثر فعل المستحكر في تحسين الصقع. وأن المحكمة لم تورد في حكمها المظان التي استخلصت منها عناصر التقدير الذي أقامت عليه قضاءها، كما أنها لم تعتد بحالة الأرض عند إنشاء الحكر مع وجوب اقتطاع ما يقابل الزيادة بعمل المستحكر من حاصل هذا التقدير. وكان يجب أن تقيم وزناً للنسبة بين مقدار الحكر وقيمة الأرض المحكرة التي قدرها الحكم الصادر بين طرفي الخصومة في سنة 1937 في الدعوى رقم 1577 سنة 1934 مدني العطارين - أن المحكمة إذ أغفلت في تقديرها هذه الاعتبارات تكون قد خالفت أحكام الشرع الواجب مراعاتها في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن أورد في أسبابه القاعدة الصحيحة في تقدير أجرة الحكر على ما سبق بيانه إلا أنه لم يطبقها على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً؛ ذلك أنه لم يبحث النسبة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض وقت التحكير ولا ما طرأ بعد ذلك على أجرة المثل من تغيير وعلى الخصوص بعد الحكم الصادر في الدعوى المشار إليها في سبب الطعن مع وجوب إقامة وزن لذلك كله عند الفصل في طلب إعادة التقدير بسبب تغير الظروف.
ومن حيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.