أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 81

جلسة 8 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش ومحمد عبد البر حسين سالم.

(22)
الطعن رقم 940 لسنة 51 القضائية

(1 - 5) إيجار "إنهاء عقد الإيجار". صورية. نقض. "السبب الجديد". دعوى "تقدير قيمة الدعوى" "الطلبات في الدعوى". اختصاص "الاختصاص القيمي". استئناف.
(1) طلب إنهاء عقد إيجار الأرض الفضاء لانتهاء مدته. عدم منازعة الطاعن فيه أمام محكمة الموضوع. النعي عليه بالصورية. سبب جديد. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) ثبوت أن عقد الإيجار معقود مشاهرة بأجرة شهرية قدرها مائتي قرش لعين لا تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن. الدعوى بطلب إنهائه. دخولها في حدود الاختصاص الانتهائي للمحكمة الابتدائية وعدم جواز استئناف الحكم الصادر فيها.
(3) الطلبات المندمجة في الطلب الأصلي. تقدير قيمتها بقيمة هذا الطلب وحده. شرط ذلك. عدم إثارة نزاع خاص بشأنها.
(4) الدعوى بطلب إخلاء الأرض الفضاء والتسليم. اشتمالها على طلب أصلي وطلب مندمج. المنازعة بشأن الطلب المندمج. أثره. عدم اعتباره كذلك. وجوب تقدير قيمته تقديراً مستقلاً على الطلب الأصلي.
(5) الأصل في الدعاوى أنها معلومة القيمة. الاستثناء. الدعاوى المرفوعة بطلب غير قابل للتقدير. اعتبارها مجهولة القيمة. الدعوى بطلب الإخلاء والتسليم. غير مقدرة القيمة. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها. جواز استئناف الحكم الصادر فيها. م 219 مرافعات.
1 - إذ كانت المطعون ضدها قد استهدفت من دعواها الحكم بانتهاء عقد الإيجار محل النزاع لوروده على أرض فضاء بعد انتهاء مدته وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بأن محل هذا العقد هو من المباني الخاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن بما مقتضاه امتداده بقوة القانون إلى مدة غير محددة، وكان ما ينعى به من صورية ما ورد بالعقد من أنها أرض فضاء هو سبب جديد لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتضمنه هذا الدفاع من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع هو التحقق من طبيعة العين محل النزاع.
2 - إذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن مدة عقد الإيجار موضوع الدعوى مشاهرة مقابل أجرة شهرية قدرها مائتي قرش، وكانت عين باعتبارها من الأراضي الفضاء لا تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن فإنه وفقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 37/ 8 تكون قيمة الدعوى في شقها الخاص بإنهاء العقد هي مما يدخل في حدود الاختصاص النهائي للمحكمة الابتدائية مما لا يجوز معه الطعن في الحكم الصادر فيها بطريق الاستئناف.
3 - بالنسبة للشق المتعلق بإخلاء العين والتسليم، فإنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 38 من قانون المرافعات قد نصت على أنه "إذا تضمنت الدعوى طلبات تعتبر مندمجة في الطلب الأصلي فتقدر قيمتها بقيمة هذا الطلب وحده، وقد أشارت المذكرة الإيضاحية إلى أن هذه الفقرة قد استحدثت حتى لا يكون للطلبات المندمجة في الطلب الأصلي تقدير مستقل عنه، وأوردت المذكور مثالاً لها بدعوى براءة الذمة وطلب شطب الرهن، ودعوى المستأجر بطلب براءة من ذمته من دين الأجرة وإلغاء الحجز وأضافت بأنه في كل حالة من هذه الأحوال يعد الطلب الأخير مندمجاً في الطلب الأول بحيث يعتبر القضاء في هذا الطلب قضاء في الطلب الثاني، فلا يجوز أن يكون للطلب الثاني تقدير مستقبل، غير أن مثل هذه الطلبات لا تعتبر مندمجة إذا قام حولها نزاع خاص وكان الفصل في الطلب الأصلي لا يستتبع نفس المصير بصدده.... وفي هذه الأحوال يجب تقدير كل طلب على حدة.
4 - إذا كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها بطلب إخلاء الأرض الفضاء محل النزاع وتسليمها إليه خالية وكان التكييف الصحيح لهذه الطلبات أنها تشتمل ضمنياً على طلب أصلي بإنهاء عقد الإيجار بسبب انتهاء مدته، وطلب آخر بإخلاء العين وتسليمها خالية، وهذا الطلب الأخير يعد طلباً مندمجاً في الطلب الأصلي إذ هو مترتب عليه والقضاء فيه يعد قضاء على الطلب الأخر، فهو بحسب الأصل لا يعتد بقيمته إلا أنه لما كان الطاعن قد أثار نزاعاً بشأن هذا الطلب أمام المحكمة أول درجة في مذكرته المقدمة بجلسة 6/ 1/ 1980 إذ تمسك فيها بملكيته للأرض محل النزاع بطريقة الشراء ووضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية من سنة 1963 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأنه هو المالك الأرض، كما أشار الحكم الابتدائي في مدوناته إلى إطراح هذا الطلب لعدم تقديم الطاعن ما يؤيد دفاعه وأن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها بعد أن قدمت المطعون ضدها مستنداتها ودفاعها بشأن ملكيتها دون الطاعن لعين التداعي، ومن ثم فإن طلب الإخلاء والتسليم لا يعد - بعد تلك المنازعة التي ثارت بين الطرفين، طلباً مندمجاً ويتعين تقديره تقديراً مستقلاً عن الطلب الأصلي.
5 - مؤدى نص المادة 41 من قانون المرافعات أن الأصل في الدعاوى أنها معلومة القيمة، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا الدعاوى التي ترفع بطلب غير قابل للتقدير فتعتبر مجهولة القيمة، وهي لا تعتبر كذلك إلا إذا كان المطلوب فيها مما لا يمكن تقديره طبقاً لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعاوى التي أوردها المشرع في المواد من 36 إلى 40 من قانون المرافعات، لما كان ذلك، وكان طلب الإخلاء والتسليم ليس من بين الطلبات التي أورد المشرع قاعدة لتقديرها في قانون المرافعات في المواد سالفة البيان فإن الدعوى في شقها الخاص بهذا الطلب تعتبر قيمتها زائدة على خمسمائة جنيه وهو ما يدخل في حدود الاختصاص الابتدائي للمحكمة الابتدائية ولا يعد حكمها فيه انتهائياً عملاً بنص المادة 47/ 1 من قانون المرافعات مما يجوز معه للطاعن استئناف هذا الشق من الدعوى تطبيقاً لنص المادة 219 من القانون المذكور، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجه بإخلاء عين النزاع وتسليمها إلى المطعون ضدها على سند من أن الحكم بانتهاء عقد الإيجار غير جائز استئنافه رغم وجوب تقدير كل طلب منهما على حده على ما سلف بيانه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2821 لسنة 1979 مدني كلي إسكندرية على الطاعن للحكم بإخلاء الأرض الفضاء المبينة بالصحيفة وتسليمها لها، وقالت في بيانها أن الطاعن استأجر منها الأرض الفضاء محل النزاع إيجار مؤرخ 1/ 3/ 1970 لقاء أجرة سنوية قدرها 24 ج تدفع بواقع جنيهين شهرياً لاستعمالها مخزناً، بتاريخ 11/ 3/ 1979 أنذرت الطاعن بعدم رغبتها في تجديد العقد وتسليم العين المؤجرة في موعد أقصاه آخر إبريل سنة 1979 لانتهاء مدته ثم أقامت الدعوى، وبتاريخ 18/ 5/ 1980 حكمت المحكمة بإخلاء عين النزاع وتسليمها لها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 556 لسنة 36 ق إسكندرية، وبتاريخ 22/ 2/ 1981 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن عقد الإيجار سند الدعوى مزور عليه ولا ترطبه بالمطعون ضدها أية علاقة وقد تمسك أمام المحكمة الموضوع بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضعة يده على الأرض بوصفه مالكاً لها إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه، ولما كانت المطعون ضدها قد أقامت دعواها استناداً إلى أن العين المؤجرة أرض فضاء في حين أنها مقام عليها مبان وبافتراض أن العقد غير مزور فهو عقد صوري قصد به التحايل على أحكام قانون إيجار الأماكن، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه نص المادة 37/ 8 من قانون المرافعات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات قد حددت كيفية تقدير قيمة الدعوى في المنازعات المتعلقة بالعقود المستمرة ومنها عقد الإيجار فنصت على أنه "إذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها". وكان طلب إنهاء عقد الإيجار لانتهاء المدة المتفق عليها هو الطلب بعدم امتداد العقد، وإذ كانت المطعون ضدها قد استهدفت من دعواها الحكم بانتهاء عقد الإيجار محل النزاع لوروده على أرض فضاء بعد أن انتهت مدته وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بأن محل هذا العقد هو من المباني الخاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن بما مقتضاه امتداده بقوة القانون إلى مدة غير محدودة، وكان ما ينعى به من صورية ما ورد بالعقد من أنها أرض فضاء هو سبب جديد لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتضمنه هذا الدفاع من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع هو التحقق من طبيعة العين محل النزاع، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن مدة عقد الإيجار موضوع الدعوى مشاهرة مقابل أجرة شهرية قدرها مائتي قرش، وكانت عين التداعي باعتبارها من الأراضي الفضاء لا تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن فإنه وفقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 73/ 8 المشار إليها تكون قيمة الدعوى في شقها الخاص بإنهاء العقد هي مما يدخل في حدود الاختصاص النهائي للمحكمة الابتدائية مما لا يجوز معه الطعن في الحكم الصادر فيها بطريق الاستئناف إلا أنه بالنسبة للشق الثاني من الطلبات المتعلقة بإخلاء العين والتسليم فإنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 38 من قانون المرافعات قد نصت على أنه "إذا تضمنت الدعوى طلبات تعتبر مندمجة في الطلب الأصلي فتقدر قيمتها بقيمة هذا الطلب وحده". وقد أشارت المذكرة الإيضاحية إلى أن هذه الفقرة قد استحدثت حتى لا يكون للطلبات المندمجة في الطلب الأصلي تقدير مستقل عنه، وأوردت المذكرة مثالاًً لها بدعوى براءة الذمة وطلب شطب الرهن، ودعوى المستأجر بطلب براءة ذمته من دين الأجرة وإلغاء الحجز وأضافت بأنه "في كل حالة من هذه الأحوال بعد الطلب الأخير مندمجاً في الطلب الأول بحيث يعتبر القضاء في هذا الطلب قضاء في الطلب الثاني، فلا يجوز أن يكون للطلب الثاني تقدير مستقل، غير أن مثل هذه الطلبات لا تعتبر مندمجة إذا قام حولها نزاع خاص وكان الفصل في الطلب الأصلي لا يستتبع نفس المصير بصدده... وفي هذه الأحوال يجب تقدير كل طلب على حدة". وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها بطلب إخلاء الأرض الفضاء محل النزاع وتسليمها إليها خالية وكان التكييف الصحيح لهذه الطلبات أنها تشتمل ضمناً على طلب أصلي بإنهاء عقد الإيجار بسبب انتهاء مدته، وطلب آخر بإخلاء العين وتسليمها خالية، وهذا الطلب الأخير يعد طلباً مندمجاً في الطلب الأصلي إذ هو مترتب عليه والقضاء فيه يعد قضاء في الطلب الآخر، فهو بحسب الأصل لا يعتد بقيمته إلا أنه لما كان الطاعن قد آثار نزاعاً بشأن هذا الطلب أمام محكمة أول درجة في مذكرته المقدمة بجلسة 6/ 1/ 1980 إذ تمسك فيه بملكيته الأرض محل النزاع بطريق الشراء ووضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية من سنة 1963 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأنه هو المالك للأرض، كما أشار الحكم الابتدائي في مدوناته إلى إطراح هذا الطلب لعدم تقديم الطاعن ما يؤيد دفاعه وأن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها بعد أن قدمت المطعون ضدها مستنداتها ودفاعها بشأن ملكيتها دون الطاعن لعين التداعي، ومن ثم فإنه طلب الإخلاء والتسليم لا يعد - بعد تلك المنازعة التي ثارت بين الطرفين - طلباً مندمجاً ويتعين تقدير قيمته تقديراً مستقلاً عن الطلب الأصلي، وكان مؤدى نص المادة 41 من قانون المرافعات أن الأصل في الدعاوى أنها معلومة القيمة، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا الدعاوى التي ترفع بطلب غير قابل للتقدير فتعتبر مجهولة القيمة، وهي لا تعتبر كذلك إلا إذا كان المطلوب فيها مما لا يمكن تقديره طبقاً لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعاوى التي أوردها المشرع في المواد من 36 إلى 40 من قانون المرافعات. لما كان ذلك وكان طلب الإخلاء والتسليم ليس من بين الطلبات التي أورد المشرع قاعدة لتقديرها في قانون المرافعات في المواد سالفة البيان فإن الدعوى في شقها الخاص بهذا الطلب تعتبر قيمتها زائدة على خمسمائة جنيه وهو ما يدخل في حدود الاختصاص الابتدائي للمحكمة الابتدائية ولا يعد حكمها فيه انتهائهاً عملاً بنص المادة 47/ 1 من قانون المرافعات مما يجوز معه للطاعن استئناف هذا الشق من الدعوى تطبيقاً لنص المادة 219 من القانون المذكور وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة بإخلاء عين النزاع وتسليمها إلى المطعون ضدها على سند من أن الحكم بانتهاء عقد الإيجار غير جائز استئنافه رغم وجوب تقدير كل طلب منهما على حدة على ما سالف بيانه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وإذ حجبه ذلك عن بحث موضوع النزاع الذي أثاره الطاعن في شأن طلب إخلاء العين والتسليم بدعوى ملكيته لها، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون في محله بما يتعين معه نقض الحكم.