أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 102

جلسة 14 من يناير 1987

برياسة السيد/ المستشار أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ماهر قلادة واصف نائب رئيس المحكمة، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

(27)
الطعن رقم 489 لسنة 55 القضائية

(1) إثبات "عبء الإثبات". نقض "أسباب النقض".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. عبء إثبات من يدعي خلاف ذلك وقوعه على عاتق مدعيه. نعي عار من الدليل. غير مقبول.
(2) قضاء "رد القضاة". دعوى "وقف الدعوى".
تقديم طلب لرد القاضي. أثره. وقف الدعوى بقوة القانون إلى أن يحكم في الطلب نهائياً. تقديم طلب آخر بعد القضاء برفض الطلب الأول أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه. لا يترتب عليه وقف الدعوى ولو وجه إلى قاضي آخر. جواز الحكم بالوقف من المحكمة التي تنظر الدعوى.
(3) إيجار "إيجار أماكن" "أرض فضاء". عقد. قانون.
إيجار الأرض الفضاء. عدم خضوعه لقوانين إيجار الأماكن. طبيعة الأرض المؤجرة. العبرة فيها بما ورد بالعقد وقت التعاقد متى كان مطابقاً للحقيقة ولإرادة المتعاقدين. لا عبرة بالغرض الذي استؤجرت من أجله ولا بما يطرأ عليها.
(4) حكم. نقض. إيجار "إيجار الأماكن" "الملحقات" "أرض فضاء".
ملحقات العقار. تأجيرها على استقلال. أثره. وجوب النظر إلى طبيعتها لتحديد ما إذا كانت مكاناً أو أرضاً فضاء.
1 - لما كان الثابت من محضر جلسة 9/ 12/ 1984 المحددة للنطق بالحكم أن المحكمة عقدت الجلسة ونطقت بالحكم علانية وكان الطاعن لم يثبت عدم صحة هذا البيان، وكان حضور الخصوم بالجلسة أو غيابهم غير ذي أثر في هذا الخصوص فإن النعي بغيره يكون غير مقبول عار من الدليل.
2 - النص في المادة 162 مرافعات، 162 مكرر المضافة بالقانون رقم 95 سنة 1979 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قصد من استحداث النص الأخير - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - علاج الحالات التي قد يعمد فيها الخصوم إلى تعطيل سير الدعوى الأصلية عن طريق طلبات الرد المتعاقبة وذلك بأن جعل وقف السير فيها يقع بقوة القانون كأثر لأول طلب رد موجه إلى قاضي ينظرها، فإذا قضى في هذا الطلب برفضه أو بسقوط الحق فيه أو بعدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه فإن أي طلب آخر بالرد من أي من الخصوم ولو كان موجهاً إلى قاضي آخر لا يترتب على مجرد تقديمه وقف السير فيها، وإنما يكون وقفها في هذه الحالة أمراً جوازياً للمحكمة التي تنظر طلب الرد.
3 - استثنت المادة الأولى من قوانين الإيجار المتعاقبة من تطبيق حكمها الأرض الفضاء والضابط في تحديد وصف العين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مرده إلى عقد الإيجار ذاته شريطة أن يكون ما ورد في هذا الشأن حقيقياً انصرفت إليه إرادة المتعاقدين وإلى طبيعة العين وقت التعاقد دون ما يطرأ عليها بعد ذلك، وأنه لا عبرة في تحديد طبيعتها بالغرض الذي استؤجرت من أجله "4 - الملحقات إذا ما أجرت للاستغلال منفردة عن العقار الملحقة به فإنها قد تعد مكاناً أو أرضاً فضاء بحسب طبيعتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 9643 سنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده الثاني بطلب الحكم - في مواجهة المطعون ضدها الأولى - بتمكينه من إعادة وضع يده على الممر الكائن بالعقار رقم 39 شارع قصر النيل بطول ثلاثين متراً، وقال بياناً لها أنه استأجر هذا الممر بموجب عقد مؤرخ 17/ 12/ 1974 من المطعون ضده الثاني ووالدته التي توفيت وانحصر إرثها في ولدها المذكور، وقد فوجئ باستصدار المطعون ضده الثاني حكماً بطرده منه في الدعوى رقم 282 لسنة 1976 مستعجل القاهرة على سند من تأخره في سداد الأجرة عن المدة من 1/ 1/ 1975 حتى 31/ 1/ 76 مع أن العقد خلا من بيان تاريخ بدء الإيجارة ولم يكن قد تمكن من الانتفاع به وبالتالي لا تستحق أجرة في ذمته، فاستأنف هذا الحكم ثم أقام الدعوى رقم 6866 سنة 1976 مدني جنوب القاهرة الابتدائية برد وبطلان نسخة عقد الإيجار المؤرخ 17/ 12/ 1974 المقدمة من المطعون ضده الثاني قضى فيها نهائياً برد وبطلان هذا العقد فيما تضمنه فقط من إضافة رقم 75 إلى رقم 19 ليصبح تاريخ بدء العقد سنة 1975، ولما كانت الأحكام المستعجلة لا حجية لها أمام القضاء الموضوعي وكانت المطعون ضدها الأولى تدعي استئجارها عين النزاع من مالكي العقار المؤجرين له، فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 24/ 3/ 1981 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام المطعون ضده الثاني - في مواجهة المطعون ضدها الأولى - بتمكين الطاعن من وضع يده على عين النزاع، استأنفت المطعون ضدها الأولى وحدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2744 سنة 98 ق القاهرة، وأثناء نظره قدم الطاعن طلبين برد الدائرتين اللتين نظرتاه بتاريخ 17/ 6/ 81، 13/ 2/ 1982 قضى فيهما بالرفض ثم قدمت المستأنفة "المطعون ضدها الأولى" بتاريخ 8/ 12/ 1984 طلب رد ثالث، وبتاريخ 19/ 12/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئياً، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك أن محكمة الاستئناف أفردت للجلسة المحددة للطعن بالحكم محضراً مستقلاً أثبتت فيه أن الجلسة علنية وأنها اطلعت على طلبات الرد المقدمة في الاستئناف ونطقت بالحكم المطعون فيه في حين أن هذه الجلسة عقدت في غيبة الخصوم، ولم يكن طلب الرد المقدم من المطعون ضدها الأولى بتاريخ 8/ 12/ 1984 قد فصل فيه، ولا يغير من ذلك ما دونته المحكمة بمحضر الجلسة سالف الذكر من أنها عقدت علانية وأنه يجوز للمحكمة طبقاً للقانون 162 مكرر من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 1976 أن تفصل في الدعوى قبل الفصل نهائياً في طلب الرد الأخير ذلك أن مجال أعمال هذا النص يقتصر على حالات الرد المتعاقبة بالنسبة لقاضي بذاته سبق أن قضى برفض طلب رده ولا تندرج فيه حالة تقديم طلب برد قاضي آخر لم يسبق طلب رده عن نظر ذات الدعوى.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أنه لما كان الثابت من محضر جلسة 19/ 12/ 1984 المحددة للنطق بالحكم أن المحكمة عقدت الجلسة ونطقت بالحكم علانية وكان الطاعن لم يثبت عدم صحة هذا البيان، وكان حضور الخصوم بالجلسة أو غيابهم غير ذي أثر في هذا الخصوص فإن النعي في هذا الشق يكون عارياً عن دليله، والنعي في شقه الثاني غير سديد، ذلك أن النص في المادة 162 من قانون المرافعات على أنه "يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائياً..." وفي المادة 162 مكرر منه والمضافة بالقانون رقم 95 لسنة 1976 على أنه "إذا قضى برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه، لا يترتب على تقديم أي طلب رد آخر وقف الدعوى الأصلية، ومع ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر طلب الرد أن تأمر بناء على طلب أحد ذوي الشأن بوقف السير في الدعوى الأصلية..." يدل وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة على أن المشرع قصد من استحداث النص الأخير - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - علاج الحالات التي قد يعمد فيها الخصوم إلى تعطيل سير الدعوى الأصلية عن طريق طلبات الرد المتعاقبة، وذلك بأن جعل وقف السير فيها يقع بقوة القانون كأثر لأول طلب رد موجه إلى قاضي ينظرها، فإذا قضى هذا الطلب برفضه أو بسقوط الحق فيه أو بعدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه فإن أي طلب آخر بالرد من أي من الخصوم ولو كان موجهاً إلى قاضي آخر لا يترتب على مجرد تقديمه وقف السير فيها، وإنما يكون وقفها في هذه الحالة أمراً جوازياً للمحكمة التي تنظر طلب الرد، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أنه سبق تقديم طلبي رد في الاستئناف قيد الأول برقم 4699 سنة 98 ق القاهرة، وقررت المحكمة بجلسة 17/ 6/ 1981 وقت السير في الدعوى الأصلية حتى يفصل فيه ثم قضى برفضه، ثم قضى بجلسة 17/ 5/ 1982 برفض طلب الرد الثاني المقيد برقم 1543 سنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 8/ 12/ 1984 قدم طلب رد ثالث ومن ثم فلا على محكمة الاستئناف إن مضت في نظر الدعوى وأصدرت حكمها المطعون فيه طالما لم يثبت من الأوراق صدور أمر بوقف السير فيها من المحكمة التي تنظر طلب الرد الأخير ويكون الحكم فيه بمنأى عن قالة البطلان، ويكون النعي بهذا الشق على غير أساس.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم انتهى في قضائه إلى أن العين المؤجرة أرض فضاء فلا تسري عليها أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 وما نصت المادة 24 منه ببطلان عقد الإيجار اللاحق في حين أن الثابت بالأوراق وبعقد استئجار الطاعن لعين النزاع إنها جزء من العقار رقم 39 ومكملة له ومسورة ومحددة وهو وصف بقطع بأنها جزء من مكان بما تسري عليه أحكام هذا القانون، وأنها لو كانت أرضاً قضاء كما ذهب الحكم لكان أولى بالمؤجرة أن ينص في عقده على ذلك، هذا إلى أن الحكم رد على مذكرته المقدمة لجلسة 25/ 11/ 1981 التي جاء بها أن الممر المؤجر يعتبر جزء من مكان معد للسكني ومحصور بين عقارين مملوكين لذات المالك وأنه مسقوف ويعد مدخلاً لهما بقوله إنه يشترط لاعتبار الممر من ملحقات العين المعدة للسكني استعمال فيما خصص له وهو المرور، مع أن استعمال المكان المطعون أو عدم استعماله في الغرض الذي أعد له أصلاً لا يغير من طبيعته ولما كانت المطعون ضدها الأولى لم تنف ما ورد بمذكرته سالفة الذكر في وصف العين المؤجر والمؤدي إلى اعتبارها مكاناً فإن اعتبار الحكم هذه العين أرضاً فضاء يكون معيباً بالفساد في الاستدلال الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة الأولى من قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 47، 52 لسنة 69،
49 لسنة 77 نصت على أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة أو معدة للسكني أو لغير ذلك من الأغراض، واستثنت هذه المواد صراحة من تطبيق حكمها الأرض الفضاء، والضابط في تحديد وصف العين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مردة إلى عقد الإيجار ذاته شريطة أن يكون ما ورد به في هذا الشأن حقيقياً انصرفت إليه إرادة المتعاقدين وإلي طبيعة العين وقت التعاقد دون ما يطرأ عليها بعد ذلك، وأنه لا عبرة في تحديد طبيعتها بالغرض الذي استؤجرت من أجله، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته "إن عين النزاع وصفت بعقد استئجارها المقدم من المستأنف ضده الأول (الطاعن) والمؤرخ 17/ 12/ 1974 بأنها كامل الممر الكائن بالعقار رقم 39 شارع قصر النيل بطول ثلاثين متراً بين العقار ومحلات الغليون مع التصريح للمستأجر بكافة أنواع الاستغلال المشروعة والقانونية وإقامة المنشآت التي تقتضيها شرعاً ومؤدي هذا الوصف لعين النزاع أن العين المؤجرة أرض فضاء مما تنحسر عن عقد استئجارها أحكام قوانين إيجار الأماكن، ولا ينال من ذلك قول محامي المستأنف ضده الأول (الطاعن) بمذكرته المقدمة لجلسة 25/ 11/ 1981 أن الممر المؤجر يعتبر جزء من مكان معد للسكني محصور بين عقارين مملوكين لذات المالك وأنه مسقوف ويعد مدخلاً لهما لا يمكن فصله عنها، ذلك أن شرط اعتبار الممر من ملحقات العين المؤجرة الكائن بداخلها استعماله فيما خصص من أجله وهو المرور، وكان الثابت أن ممر النزاع يستعمل في التأجير للغير لاستغلاله وإقامة منشآت عليه مما لازمه أنه لا يستغل في المرور فإن مثله لا يعتبر من ملحقات العين المؤجرة" وكان هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه لا يؤدي بذاته ومجرده إلى اعتبار العين المؤجرة أرضاً فضاء لا بحسب الثابت بشأنها بعقد استئجارها المؤرخ 17/ 12/ 1974 الذي لم يرد به أنها أرض فضاء، ولا بحسب كونها من ملحقات العقار ذلك أن الملحقات إذا ما أجرت للاستغلال منفردة عن العقار الملحقة به فإنها قد تعد مكاناً أو أرضاً فضاء بحسب طبيعتها، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن القائم على أن العين المؤجرة تنحصر بين عقارين مملوكين لذات المالك وأنها مسقوفة وتعد مدخلاً لهما ولا يمكن فصلها عنها" بقوله أنها لم تعد تستعمل ممراً مع أن عدم استعمالها في هذا الغرض لا يؤدي إلى صحة ما وصفها به الحكم من اعتبارها أرضاء فضاء لكون العبرة في ذلك - وعلى ما سلف البيان - وهي بطبيعة العين ذاتها. فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.