أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 109

جلسة 14 من يناير 1987

برياسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي سيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنصف هاشم، أحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني وصلاح محمود عويس.

(28)
الطعن رقم 635 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "مبدأ الثبوت بالكتابة". محكمة الموضوع. وكالة. نقض "سلطة محكمة النقض".
اعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة. شرطه. صدورها من الخصم الذي يحتج بها عليه وأن تجعل التصرف المراد إثباته قريب الاحتمال. تقدير ذلك. من سلطة قاضي الموضوع. لا رقابة عليه من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً. مثال: بشأن استخلاص ثبوت الوكالة.
(2) خبرة. محكمة الموضوع. حكم "تسبيب الحكم".
تقدير عمل الخبير. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها - إذا أخذت به - بالرد استقلالاً على ما يسوقه الخصوم نعياً عليه أو إجابة طلبهم إعادة المأمورية إلى الخبير. شرطه.
(3) دعوى "شطب الدعوى". إثبات "الإثبات بالبينة". بطلان.
قرار الشطب الذي يصدره القاضي المنتدب للتحقيق. باطل. أثره. للخصوم تعجيل السير في الدعوى دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه بالمادة 82 مرافعات.
(4) نقض "نعي غير منتج". حكم "تسبيب الحكم".
انتهاء الحكم صحيحاً في قضائه. اشتماله على أخطاء قانونية لا يبطله. علة ذلك.
(5) حكم. نقض" المصلحة في الطعن".
تمسك الطاعن بنعي لا يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة. غير مقبول. علة ذلك.
1 - يدل نص المادة 62 من قانون الإثبات الصادر بقانون رقم 25 لسنة 1968 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة في الإثبات متى أكمله الخصوم بشهادة الشهود ويستوي في ذلك أن يكون الإثبات بالكتابة مشترطاً بنص القانون أو باتفاق الخصوم وأن القانون لا يتطلب بيانات معينة في الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ويكفي أن تكون صادرة من الخصم الذي يحتج عليه بها وأن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال وأن تقدير ما إذا كانت الورقة التي يراد اعتبارها كذلك من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال، هو اجتهاد في فهم الواقع يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً. وإذ كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه في صدد ثبوت وكالة الطاعن عن مورث المطعون عليهما قد استند في اعتبار الخطابات المرسلة من الطاعن لمورث المطعون عليهما والتي أقر بصدورها منه وتوقيعه عليها مبدأ ثبوت بالكتابة إلى ما خلص إليه من عبارتها، أن الطاعن كان يقوم بتحصيل مبالغ لحساب ذلك المورث يودعها حسابه في البنك ويرد مبالغ للمستأجرين مودعة كتأمين وبدفع أجرة سمسرة ويقوم بإصلاح بعض أثاث الفيلات وبتأجيرها للغير وتضمن أحدها تقريراً مفصلاً عن الإيرادات والمصروفات ثم أجاز تكملة الدليل بشهادة الشهود، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته التقديرية من أقوال شاهد المطعون عليهما ومن عبارات تلك الخطابات أن الطاعن كان وكيلاً عن مورث المطعون عليهما ورتب على ذلك إلزامه بتقديم كشف حساب عن تلك الوكالة وأداء ما أسفرت عنه تصفية الحساب بينهما وكان استخلاصه في هذا المقام سائغاً فإن ما يثيره الطاعن.. لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير عمل أهل الخبرة متروك لمحكمة الموضوع فمتى اطمأنت إلى تقرير الخبير وأخذت به فلا عليها إن هي لم ترد استقلالاً على ما يسوقه الخصوم نعياً على هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الطاعن إلى طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وبسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه.
3 - النص في المادة 82 من قانون المرافعات على أنه "إذا لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للفصل فيها وإلا قررت شطبها فإذا بقيت مشطوبة ستين يومياً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن". وفي المادة 72 من قانون الإثبات على أن "يكون التحقيق أمام المحكمة ويجوز لها عند الاقتضاء أن تندب أحد قضاتها لإجرائه" وفي المادة 95 منه على أنه "بمجرد انتهاء التحقيق أو انقضاء الميعاد المحدد لإتمامه يعين القاضي المنتدب أقرب جلسة لنظر الدعوى ويقوم قلم الكتابة بإخبار الخصم الغائب" يدل على أن القاضي المنتدب للتحقيق لا يملك إصدار بشطب الدعوى، وأن الذي يملك إصداره هو المحكمة من ثم فإن قرار الشطب الذي يصدره ذلك القاضي يقع باطلاً لصدوره ممن لا يملكه، ويتيح القرار الباطل بشطب الدعوى، لأي من الخصوم تعجيل السير فيها دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه بالمادة 82 من قانون المرافعات سالفة الإشارة.
4 - متى انتهى الحكم صحيحاً في قضائه، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطار قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه.
5 - إذ كان تمسك الطاعن بخطأ الحكم في قضائه بعدم جواز الاستئناف الفرعي المقام منه لا يحقق له إن صح تمسكه بجواز هذا الاستئناف سوى مصلحة نظرية بحتة لا تصلح أساساً للطعن، فإذا النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهما أقام الدعوى رقم 8347 سنة 72 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتقديم كشف حساب مؤيداً بالمستندات عن المتحصل والمنصرف من إيراد العقارات المملوكة له والمبينة بها خلال مدة إدارته لها وعلى الأخص سنتي 1965، 1966 ثم إلزامه بأداء ما يسفر عنه تصفية الحساب بمقولة أنه كان وكيلاً عنه في إدارة تلك العقارات ولم يقدم له كشف حساب عند انتهاء تلك الوكالة. بتاريخ 13/ 6/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الوكالة وندبت لإجرائه عضو يسار الدائرة وحددت لبدئه جلسة 10/ 10/ 1973 وبهذه الجلسة قرر القاضي المنتدب شطب الدعوى لتخلف مورث المطعون عليهما عن الحضور فيها. فطلب السير فيها بصحيفة أعلنها للطاعن بتاريخ 18/ 12/ 1973 لجلسة 16/ 1/ 1974 فدفع الطاعن بهذه الجلسة باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه بصحيفة تجديدها من الشطب خلال الميعاد القانوني. ثم توفى ذلك المورث فحكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة، فعجل المطعون عليهما السير فيها، فحكمت بتاريخ 27 - 12 - 76 برفض ذلك الدفع وبإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 27/ 6/ 1977 برفضها. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3707 سنة 94 ق. بتاريخ 29/ 11/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن أن يقدم للمطعون عليهما كشف حساب عن مدة وكالته لمورثهما وحددت جلسة 27/ 2/ 1979 لنظر دعوى الحساب وبجلسة 18/ 2/ 1981 قدم الطاعن كشف حساب وأقام استئنافاً فرعياً دفع فيه باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفي الموضوع برفضها. بتاريخ 29/ 6/ 1981 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف الفرعي وندبت خبير لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق ذلك الحكم، وبتاريخ 18/ 1/ 1983 وبعد أن قدم الخبير تقريره، وحكمت بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليهما مبلغ 1805.035 مليمجـ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه تأسيساً على أنه كان وكيلاً عن مورث المطعون عليهما، مستدلاً على ذلك بأن ما ورد بالخطابات المتبادلة بينه وبين ذلك المورث يشكل مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود، حالة أنه لا يجوز إثبات هذه الوكالة إلا بالكتابة لأن قيمتها تزيد على نصاب البينة، وأن عبارات تلك الخطابات لا تدل عليها فلا تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة، وأن الثابت من شهادة شاهد المطعون عليهما أنه كان للمورث وكيلان آخران كان دوره بالنسبة لهما مجرد إبداء النصح والإرشاد إن طلبا ذلك وهو عمل مادي لا ينعقد به عقد الوكالة التي يوجب القانون أن يكون محلها تصرفاً قانونياً فلا يلتزم بتقديم كشف حساب، وأنه تمسك في دفاعه بأن المطعون عليهما أقرا أمام الخبير بأنه كان يستوفى من مورثهما المصروفات التي كان ينفقها فور ذلك مدللاً به على أنه لا يعتبر وكيلاً لأن طبيعة عمل الوكيل أن يستوفى المصروفات من الإيرادات ثم يوفي الموكل بالصافي من حسابهما وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يرد على دفاعه سالف البيان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبب وفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن النص في المادة 62 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 68 على أنه "يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة وكل كتابه تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة". يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع قد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة في الإثبات متى أكمله الخصوم بشهادة الشهود، ويستوي في ذلك أن يكون الإثبات بالكتابة مشترطاً بنص القانون أو باتفاق الخصوم وأن القانون لا يتطلب بيانات معينة في الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ويكفي أن تكون صادرة من الخصم الذي يحتج عليه بها وأن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال. وأن تقدير ما إذا كانت الورقة التي يراد اعتبارها كذلك من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته، قريب الاحتمال، هو اجتهاد في فهم الواقع يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً. وإذ كان الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه في صدد ثبوت وكالة الطاعن عن مورث المطعون عليهما - قد استند في اعتبار الخطابات المرسلة من الطاعن لمورث المطعون عليهما، والتي أقر بصدورها منه وتوقيعه عليها، مبدأ ثبوت بالكتابة إلى ما خلص إليه من عباراتها، أن الطاعن كان يقوم بتحصيل مبالغ لحساب ذلك المورث يودعها حسابه في البنك ويرد مبالغ للمستأجرين مودعة كتأمين ويدفع أجره سمسرة ويقوم بإصلاح بعض أثاث الفيلات وبتأجيرها وتضمن أحدها تقريراً مفصلاً عن الإيرادات والمصروفات، ثم أجاز تكملة الدليل بشهادة الشهود، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص، في حدود سلطته التقديرية، من أقوال شاهد المطعون عليهما ومن عبارات تلك الخطابات أن الطاعن كان وكيلاً عن مورث المطعون عليهما ورتب على ذلك إلزامه بتقديم كشف حساب عن تلك الوكالة وأداء ما أسفرت عنه تصفية الحساب بينهما، وكان استخلاصه في هذا المقام سائغاً فإن ما يثيره الطاعن بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ومن ثم فإن هذا النعي يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه طلب أمام محكمة الاستئناف إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لبحث اعتراضاته على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والتي تقوم على خطئه في حساب إيراد الفيلات المملوكة لمورث المطعون عليهما سواء في ذلك المؤجر منها خالياً أو مفروشاً وإغفاله خصم مبالغ أودعها لحساب ذلك المورث، غير أن الحكم المطعون فيه لم يجبه إلى هذا الطلب واتخذ ذلك التقرير أساساً لقضائه رغم قصوره ولم يرد على دفاعه في هذا الصدد فجاء مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن تقدير عمل أهل الخبرة متروك لمحكمة الموضوع، فمتى اطمأنت إلى تقرير الخبير وأخذت به فعلاً عليها إن هي لم ترد استقلالاً على ما يسوقه الخصوم نعياً على هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الطاعن إلى طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وبسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه، لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما جاء بتقرير الخبراء الثلاثة المنتدبين في الدعوى وكان هذا التقرير قد واجه كل ما ساقه الطاعن بهذا السبب فإن تعييبه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير كفاية الدليل وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن يعنى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقوم إنه دفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه بتجديدها من الشطب خلال الميعاد القانوني غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بمقولة إنه أبداه بعد التحدث في الموضوع وإذ كان الثابت من الأوراق أنه تمسك بهذا الدفع أمام محكمة أول درجة وأبداه في مذكراته أمام محكمة الاستئناف قبل التكلم في الموضوع فإن الحكم يكون قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 82 من قانون المرافعات على أنه "إذا لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للفصل فيها وإلا قررت شطبها فإذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم يكن" وفي المادة 72 من قانون الإثبات على أن "يكون التحقيق أمام المحكمة ويجوز لها عند الاقتضاء أن تندب أحد قضاتها لإجرائه". وفي المادة 95 منه على أنه "بمجرد انتهاء التحقيق أو انقضاء الميعاد المحدد لإتمامه يعين القاضي المنتدب أقرب جلسة لنظر الدعوى ويقوم قلم الكتاب بإخبار الخصم الغائب" يدل على أن القاضي المنتدب للتحقيق لا يملك إصدار قرار بشطب الدعوى، وأن الذي يملك إصداره هو المحكمة ومن ثم فإن قرار الشطب الذي يصدره ذلك القاضي يقع باطلاً لصدوره ممن لا يملكه، وإذ كان القرار الباطل بشطب الدعوى يتيح لأي من الخصوم تعجيل السير فيها دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه بالمادة 82 من قانون المرافعات سالفة الإشارة. وكان الثابت من الأوراق أن قرار شطب الدعوى الذي صدر بجلسة 10/ 10/ 1973 أصدره القاضي المنتدب لإجراء التحقيق ولم تصدره المحكمة فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى صحيحاً إلى رفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن فإن تعييبه فيما أقام عليه قضاءه في هذا الخصوص أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج ذلك أنه متى انتهى الحكم صحيحاً في قضائه فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تأويل القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه أقام استئنافاً فرعياً عن حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من رفض الدفع المبدى منه باعتبار الدعوى كأن لم تكن، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز هذا الاستئناف تأسيساً على أنه طلب في مذكرتيه رفض الاستئناف الأصلي وتأييد الحكم المستأنف وإذ كان ما ورد بمذكرتيه المشار إليهما ينصرف إلى قضاء الحكم برفض الدعوى، وليس إلى قضائه في الدفع وأن الثابت منهما تمسكه بالدفع قبل إبداء هذا الطلب، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تأويل القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه أياً كان وجه الرأي في جواز هذا الاستئناف الفرعي أو عدم جوازه - فإنه لما كان الطاعن قد أقامه مبتغياً القضاء بقبول الدفع الذي أبداه أمام محكمة أول درجة باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تعجيلها من الشطب في الميعاد المنصوص عليه في المادة 82 من قانون المرافعات، وكان هذا الدفع - على ما يبين من الرد على السبب الخامس من أسباب الطعن - لا يقوم على سند صحيح من القانون متعيناً رفضه فإن تمسك الطاعن بخطأ الحكم في قضائه بعدم جواز الاستئناف الفرعي المقام منه لا يحقق له إن صح تمسكه بجواز الاستئناف الفرعي - سوى مصلحة نظرية بحته لا تصلح أساساً للطعن، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.