أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 121

جلسة 15 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد نصر الجندي، د. محمد بهاء الدين باشات، محمد خيري الجندي، وأحمد أبو الحجاج.

(30)
الطعنان رقما 2243، 2365 لسنة 52 القضائية

(1) شفعة "أسبابها" "الجوار". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
الجوار الذي يجيز الأخذ بالشفعة. تقديره. استقلال محكمة الموضوع به. حسبها إقامة قضائها على أسباب سائغة.
(2) نقض "أسباب الطعن" "السبب المجهل".
أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه.
(3) اختصاص "الاختصاص الولائي". تحكيم "هيئات التحكيم".
هيئات التحكيم. عدم اختصاصها بالمنازعات التي تكون بين أطرافها شخص طبيعي إلا بموافقته. م 60 ق 60 لسنة 1971 قبل تعديلها بالقانون 16 لسنة 1981.
(4) نقض "أسباب الطعن" "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب قانوني متعلق بالنظام العام. شرطه. أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع.
(5) قانون "تفسير القانون". شفعة "من لهم حق الشفعة".
الحق في الشفعة. ثبوته للشخص الاعتباري أسوة بالشخص الطبيعي. م 936 مدني. علة ذلك. النص القانوني الواضح لا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بحكمة التشريع وقصد الشارع منه.
(6) شفعة. شركات.
الشخصية الاعتبارية. ثبوتها للدولة والوحدات التابعة لها وللشركات. المادتان 52، 53 مدني. مؤداه. استقلال الشخصية الاعتبارية لتلك الوحدات والشركات رغم تبعيتها للدولة. أثر ذلك. أحقيتها في طلب الشفعة في العقار المبيع من الدولة لأي وحدة تابعة لها باعتبارها من الغير.
(7) خبرة. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. أخذها بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. مؤداه. اعتباره جزءاً من الحكم. المنازعة في كفاية الدليل المستمد منه. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود بما هو أوفى لنية عاقديها متى كان ذلك التفسير تحتمله عبارات العقد، وأنها تستقل بتقدير الأدلة في الدعوى وبتقدير الجوار الذي يجيز الأخذ بالشفعة باعتباره متعلق بفهم الواقع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وحسبها في ذلك أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها دون أن تكون ملزمة بتتبع حجج الخصوم في مناحي دفاعهم ما دام في هذه الحقيقة الرد الضمني المسقط لما يخالفها.
2 - أسباب الطعن يجب أن تعرف تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزى للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النزاع في دعوى الشفعة يدور بين أطراف ثلاثة هم الشفيع والمشتري والبائع فيتعين اختصامهم جميعاً، وأنه وعلى ما جرى به نص المادة 60 من القانون رقم 60 لسنه 1971 الذي يحكم واقعة النزاع قبل تعديلها بالقانون رقم 16 لسنة 1981 إنه لا اختصاص لهيئات التحكيم بالنازعات التي يكون بين أطرافها شخص طبيعي إلا بموافقته.
4 - إذ كان مناط التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بدفاع متعلق بالنظام العام أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع، وكان ما أثاره الطاعن بهذا الوجه ولأول مرة أمام هذه المحكمة - ومن أن العقار المبيع مخصص للمنفعة العامة وإن تعلق بالنظام العام إلا إن الثابت من الأوراق أنها لم تتضمن ما يدل على تخصيص الأرض المشفوع فيها للمنفعة العامة ومن ثم لم تكن عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع فإن النعي به يكون غير مقبول.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز تقييد مطلق النص بغير مخصص بحيث إن يكون صريحاً جلياً قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته وقصد الشارع... لأن ذلك لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه ونص المادة 936 من القانون المدني قد أطلق بيان من له الحق في الشفعة دون تخصيصه بالأشخاص الطبيعيين. مما مفاده أن حق الشفعة يثبت للشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء.
6 - النص في المادة 52 من القانون المدني على أن الأشخاص الاعتبارية هي: (1) الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون.... 4 - الشركات التجارية والمدنية... وفي المادة 53 من ذات القانون على أن "الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون..." يدل على أن لكل من الدولة ووحداتها المذكورة وللشركات التجارية والمدنية شخصية اعتبارية مستقلة من الأخرى تتمتع أصلاً بجميع الحقوق في الحدود التي قررها القانون وأن تبعية أي من هذه الوحدات أو تلك للدولة لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية المستقلة، ومناط الغيرية في التصرفات القانونية تغاير الأشخاص القانونية في تلك التصرفات ومن شأن استقلال شخصية الشركة الشفيعة عن شخصية الدولة أن يجعل هذه الشركة - في خصوص شفعتها في العقار المبيع - من الغير بالنسبة لطرفي العقد الوارد عليه.
7 - أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه مؤداه اعتبار هذه الأسباب جزء مكملاً لأسباب هذا الحكم مما يجعل المجادلة في شأن عدم كفاية الدليل المستمد من هذا التقرير جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن شركة الدلتا للغزل والنسيج أقامت الدعوى رقم 4916/ 1978 مدني كلي طنطا على رئيس الوحدة المحلية لمدينة طنطاً بصفته وكيلاً من .......... بصفته وكيلاً عن......، ...... طالبة الحكم بأحقيتها في أن تأخذ بالشفعة الأرض المبينة بالصحيفة ومساحتها 22 س، 14 ط، 17 ف مقابل ثمن مقداره 78107.623 ج وقالت بياناً لها أنها تجاور هذه الأرض وقد باعها المدعى عليهما الأخيران للمدعى عليه الأول وأنها أعلنتهم برغبتها في أخذها بالشفعة وأودعت الثمن خزانة المحكمة، وندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 25/ 4/ 1981 بأحقية الشركة في أن تأخذ بالشفعة مساحة 11 ف المباعة من المدعى عليها الثالثة للمدعى عليه الأول بالعقد الابتدائي المؤرخ 23/ 4/ 78 وبرفض دعوى الشركة بالنسبة لمساحة 22 س، 14 ط، 6 ف المباعة من المدعى عليه الثاني للمدعى عليه الأول بالعقد الابتدائي المؤرخ 23/ 4/ 78، استأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 397/ 31 ق طالبة تعديله إلى الحكم لها بكل طلباتها واستأنفه رئيس الوحدة المحلية لمدينة طنطا بالاستئناف رقم 412/ 31 ق طالباً إلغاءه والحكم أصلياً بسقوط حق الشركة في الأخذ بالشفعة واحتياطياً برفض دعواها. ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول ثم قضت فيهما بتاريخ 14/ 6/ 1982 بالرفض والتأييد. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 2243/ 52 ق كما طعن فيه رئيس الوحدة المحلية لمدينة طنطا بذات الطريق بالطعن رقم 2365/ 52 ق. أودعت النيابة مذكرة في الطعنين أبدت فيهما الرأي برفضهما. أمرت هذه المحكمة بضم الطعن الأخير للأول. عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن رقم 2243/ 52 ق أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق ومخالفة القانون والقصور وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الثابت من عبارات البند الثاني لكل من عقدي بيع الأرض المشفوع فيها ومن الرسم التخطيطي الوارد بتقرير الخبير أن ملكية البائعين للأرض المشفوع فيها بأكملها هي ملكية شائعة بينهما مما يجعلها مسطحاً واحداً مشترك في حد واحد مع عقارها المشفوع به ويعطيها الحق في أخذها جميعها بالشفعة حتى وأن بيعت بعقدين مستقلين وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وفسر عبارات عقدي البيع - خلافاً لظاهرها - على أن كلاً منهما أنصب على مساحة مستقلة في حدودها عن الأخرى ورتب على ذلك انتفاء قيام الحد المشترك بين عقارها المشفوع به والمساحة الواردة بعقد المطعون ضده الثاني ومن ثم رفض دعواها بالنسبة لهذه المساحة يكون فضلاً عن قصوره قد خالف الثابت بالأوراق والقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود بما هو أوفى لنية عاقديها متى كان ذلك التفسير تحتمله عبارات العقد وأنها تستقل بتقدير الأدلة في الدعوى وبتقدير الجوار الذي يجيز الأخذ بالشفعة باعتباره متعلقاً بفهم الواقع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وحسبها في ذلك أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها دون أن تكون ملزمة بتتبع حجج الخصوم في مناحي دفاعهم ما دام في هذه الحقيقة الرد الضمني المسقط لما يخالفها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية من... عقدي بيع الأرض المشفوع فيها أن كلاً منهما صدر من بائع مختلف عن الآخر وانصب على قطعة مستقلة في حدودها عن الأخرى وكذلك من تقرير الخبير إلى أن أرض الطاعنة لا تحد إلا أرض المطعون ضدها الثالثة بما لا يحق لها أن تشفع إلا في هذه الأرض دون أرض المطعون ضده الثاني، لما كان ذلك وكان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه تؤدي إليه عبارات العقدين كما أن له أصله الثابت في الأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لما يخالفه ويكفي لحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه لهذه الأسباب لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً فيما تستقل به محكمة الموضوع تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تقول في بيان السبب الأخير من أسباب طعنها أن المطعون ضده الأول تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه اشترى من كل من البائعين له حصة مفرزة عن الأخرى وبأنه لا يوجد قانوناً ما يمنع اتفاق ملاك العقار على الشيوع على فرزه وقسمته فيما بينهم وبيع كل مقتسم حصته على استقلال، وإذ كان هذا الدفاع من المطعون ضده الأول مردود بأن الأوراق لم يرد بها ما يدل على حصول قسمة نهائية للأرض المشفوع فيها وبأنه حتى بفرض حصولها فالشركة الطاعنة تعتبر من الغير فلا يحتج عليها بالقسمة إلا إذا سجلت فإنه يكون من حق الطاعنة أن تعتبر الأرض المشفوع قيها لا تزال على الشيوع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أسباب الطعن يجب أن تعرف تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين فيها العيب الذي يعزى للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه وكانت الشركة الطاعنة في سبب النعي تعيب دفاع المطعون ضده الأول أمام محكمة الاستئناف دون أن تنسب للحكم المطعون فيه ثمة عيب بخصوصه فإن النعي به يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطعن رقم 2365/ 52 ق أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن النزاع في دعوى الشفعة يدور في جوهره بين الشفيع والمشتري وهما في الدعوى الماثلة إحدى شركات القطاع العام وإحدى وحدات الحكم المحلي فمن ثم ينعقد الاختصاص بنظره لهيئات التحكيم طبقاً للمادة 60 من القانون رقم 60/ 1971 حتى وأن كان البائع شخصاً طبيعياً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي الذي رفض دفع الطاعن بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النزاع في دعوى الشفعة يدور بين أطراف ثلاثة هم الشفيع والمشتري والبائع فيتعين اختصامهم جميعاً وأنه وعلى ما جرى به نص المادة 60 من القانون رقم 60/ 1971 الذي يحكم واقعة النزاع وقبل تعديله بالقانون رقم 16 لسنة 1981 أنه لا اختصاص لهيئات التحكيم وبالمنازعات التي يكون بين أطرافها شخص طبيعي إلا بموافقته وكان البائعان في الدعوى الماثلة شخصين طبيعيين وقد خلت الأوراق من موافقتهما على اختصاص هيئات التحكيم بنظر هذا النزاع فإنه الحكم المطعون فيه إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور من أربعة وجوه يقول في بيان (أولها) أن الثابت من المستندات المقدمة إلى محكمة الموضوع ومن تقرير الخبير أن الأرض المشفوع فيها مخصصة للمنفعة العامة فلا تجوز الشفعة فيها وهي مسألة كانت مطروحة على المحكمة - من خلال ذلك التقرير والمستندات - لكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليها وقضي بأحقية الشركة المطعون ضدها الأولى في الأخذ بالشفعة بما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان (ثانيها) أن الشفعة تثبت للشخص الطبيعي دون المعنوي وقد قصدت المادة 936 من القانون المدني إلى هذا النعي حين أجازت للجار المالك الأخذ بالشفعة لكن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بالشفعة للشركة المذكورة وهي شخص معنوي بما يعيبه بمخالفة القانون. ويقول في بيان (ثالثها) أنه يتعين أن يكون الشفيع من الغير بالنسبة للتصرف المشفوع فيه وهو ما لا يتوافر في شأن الشركة الشفيعة لأنها والمشفوع ضده من وحدات الدولة، ويقول في بيان (رابعها) أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالشفعة على أن الأرض المشفوع فيها من أراضي البناء التي يكفي لثبوت الحق في الشفعة فيها اشتراكها مع العقار المشفوع به في حد واحد دون أن يكون في الأوراق ما يثبت ذلك ورغم وجود مستندات قدمها هو تثبت أن الأرض المشفوع فيها من الأرضي الزراعية التي يجب للشفعة فيها اشتراكها مع العقار المشفوع به من جهتين فيكون الحكم معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في وجهه الأول ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بدفاع متعلق بالنظام العام أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع وكان ما أثاره الطاعن بهذا الوجه ولأول مرة أمام هذه المحكمة من أن العقار المبيع مخصص للمنفعة العامة وإن تعلق بالنظام العام إلا الثابت من الأوراق أنها لم تتضمن ما يدل على تخصيص الأرض المشفوع فيها للمنفعة العامة فمن ثم لم تكن عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع، فإن النعي به يكون غير مقبول، كما أن النعي غير سديد في وجهه الثاني ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز تقييد مطلق النص بغير مخصص بحيث إن كان صريحاً جلياً قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته وقصد الشارع منه لأن ذلك لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه، وكان نص المادة 936 من القانون المدني قد أطلق بيان من له الحق في الشفعة دون تخصيصه بالأشخاص الطبيعيين مما مفاده أن حق الشفعة يثبت للشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس. كذلك فإن النعي غير سديد في وجهه الثالث ذلك أنه لما كان النص في المادة 52 من القانون المدني على أن "الأشخاص الاعتبارية هي:
1 - الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون.... 4 - الشركات التجارية والمدنية...". وفي المادة 53 من ذات القانون على أن "الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها لازماً لصفة الإنسان الطبيعية، وكذلك في الحدود التي قررها القانون...." يدل على أن لكل من الدولة ووحداتها المذكورة وللشركات التجارية والمدنية شخصية اعتبارية مستقلة عن الأخرى تتمتع أصلاً بجميع الحقوق التي قررها القانون وأن تبعية أي من هذه الوحدات أو تلك الشركات للدولة لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وكان مناط الغيرية في التصرفات القانونية تغاير الأشخاص القانونية في تلك التصرفات لما كان ذلك وكان من شأن استقلال شخصية الشركة الشفيعة عن شخصية الدولة أن يجعل هذه الشركة - في خصوص شفعتها في العقار المبيع - من الغير بالنسبة لطرفي العقد الوارد عليه فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس. كما أن النعي مردود في وجهه الرابع ذلك أنه لما كان "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه مؤداه اعتبار هذه الأسباب جزءاً مكملاً لأسباب هذا الحكم بما يجعل المجادلة في شأن عدم كفاية الدليل المستمد من هذا التقرير جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان تقرير الخبير الذي عول عليه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه قد خلص سائغاً إلى الأرض المشفوع فيها هي أرض مبان فإن النعي عليه بالوجه الرابع يكون جدلاً موضوعياً غير جائز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.