أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 2 - صـ 496

جلسة 29 من مارس سنة 1951
(89)
القضية رقم 31 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.
تنظيم تداول الشاي. المادة 24 من قرار وزير التموين رقم 537 لسنة 1944. نصها صريح في أن صافي الربح من عملية الشاي يدفع إلى التجار المستوردين. دعوى من الطاعنة وهي من التجار المستوردين بطلب إلزام المطعون عليه الأول بصفته رئيساً للجنة توزيع الشاي بتقديم حساب من يوم إنشاء المكتب عن إيرادات المكتب من حصيلة المبلغ التي كان يستقطعها من ربح العملية عن كل أقة شاي. الحكم بعدم قبولها. خطأ في تطبيق القانون. الطاعنة باعتبارها من التجار المستوردين ذات صفة في مطالبة المطعون عليه الأول بتقديم حساب عن المبلغ سالف الذكر. استمرار المطعون عليه الأول بعد صدور قرار وزير التموين المشار إليه ونشره في الاستيلاء على حصيلة المبلغ وفقاً للقرار الأول الصادر من وزير التموين في 19/ 10/ 1943. ذلك لا يمكن إلا أن يكون على ذمة مصروفات المكتب وتحت الحساب.
(قرارا وزير التموين الصادران في 19/ 10/ 1943 و15/ 1/ 1944).
إن نص المادة 24 من قرار وزير التموين رقم 537 لسنة 1944 الخاص بتداول الشاي صريح في أن صافي الربح من عملية الشاي يدفع إلى التجار المستوردين. وإذن فمتى كان الواقع هو أن الطاعنة - وهي من التجار المستوردين - أقامت دعواها تطلب إلزام المطعون عليه الأول بصفته رئيساً للجنة توزيع الشاي بتقديم كشف حساب تفصيلي معزز بالمستندات من يوم إنشاء المكتب مثبت فيه إيرادات المكتب من حصيلة الخمسة عشر مليماً التي كان يستقطعها من ربح العملية عن كل أقة من الشاي. فإن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ الطاعنة باعتبارها من التجار المستوردين الذين يعود إليهم بهذا النص الصريح صافي الربح من عملية توزيع الشاي، ذات صفة في مطالبة المطعون عليه الأول بتقديم حساب عن حصيلة المبلغ سالف الذكر، وهذا الأخير إذا كان قد استمر بعد صدور القرار التنظيمي المشار إليه ونشره في الجريدة الرسمية يستولي على خمسة عشر مليماً عن كل أقة من الشاي وفقاً للقرار الأول الصادر من وزير التموين في 19 من أكتوبر سنة 1943 فإن ذلك لا يمكن إلا أن يكون على ذمة مصروفات المكتب وتحت الحساب.


الوقائع

في يوم 17 من مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 19 من سبتمبر سنة 1948 في الاستئنافين رقمي 119 و241 سنة 65 ق، وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 20 و24 من مارس سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 3 من إبريل سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 13 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 21 منه أودعت المطعون عليها الثانية مذكرة بدفاعهما طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 28 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 23 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 8 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن واقعة الدعوى تتحصل، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، في أن تجارة الشاي بقيت حرة إلى أواخر سنة 1942 إذ حددت كمية الشاي المخصصة للقطر المصري بثلثمائة طن زيدت فيما بعد إلى 315 طناً شهرياً، فأصدرت وزارة التموين في 9/ 8/ 1943 قراراً بالاستيلاء على الشاي الموجود منه وما يرد منه وأناطت عملية توزيعه بالتجار المستوردين بعد أن يؤدي كل منهم ثمن المقدار المصرح له بتوزيعه. غير أن هذه الطريقة لم تنجح. فطلبت وزارة التموين من الشركات التي تستورد الشاي أن تختار من بين ممثليها لجنة تتولى تعبئة الشاي وتوزيعه. فاجتمع تجار الشاي في 24/ 9/ 1943 بالغرفة التجارية بالقاهرة وأسفر اجتماعهم عن انتخاب أربعة أشخاص واختيار سامي أفندي توتونجي (المطعون عليه الأول) مندوب غرفة القاهرة التجارية كنائب عن التجار المستوردين وأصحاب مصانع التعبئة. وقد نظمت هذه اللجنة عملها على أن تقوم بدفع ثمن الشاي المستورد وتتولى الإشراف على تعبئته وتوزيعه بحيث تكون هي المسئولة وحدها أمام الوزارة عن سلامة عملية التوزيع كما قررت أن تدفع خمسين مليماً عن كل أقة من الشاي إلى التجار المستوردين كل بحسب نصيبه بالنسبة إلى الكمية التي كان يستوردها قبل الحرب. غير أنه في 19 من أكتوبر سنة 1943 اقترح سامي أفندي توتونجي على وزارة التموين خفض مبلغ الخمسين مليماً عن كل أقة إلى ثلاثين مليماً على أن يوزع الباقي بين الوزارة واللجنة، فيصيب الوزارة خمسة مليمات عن كل أقة مقابل قيامها بالإشراف والتنظيم على العملية والخمسة عشر مليماً الباقية تكون عمولة إجمالية للجنة تواجه بها المصروفات الملقاة عليها من رسم الملاحظة الذي تحصله مصلحة الجمارك والنولون من بور سعيد إلى مصر بالسيارات ومصروفات النقل الأخرى، وقد وافق وزير التموين على ذلك في ذات اليوم. ثم أصدر وزير التموين في 26 من ديسمبر سنة 1944 القرار رقم 537 لسنة 1944 الخاص بتداول الشاي (وهو منشور بالوقائع المصرية بالعدد رقم 7 الصادر في 15 من يناير سنة 1945) ومما جاء فيه ما يأتي: مادة 18 - ينشأ مكتب لتوزيع الشاي، وتتولى إدارته لجنة تشكل على الوجه الآتي: مندوب عن شركة بروك بوند، ومندوب عن شركة بول بوليس، ومندوب عن شركة ليبتون، ومندوب عن شركة حزان رودو يسلي وشركاه، وسامي أفندي توتونجي مستشار اللجنة بالقاهرة. مادة 19 - يختص المكتب المشار إليه باستلام مقادير الشاي التي ترد من الخارج لتموين البلاد بعد دفع ثمن الشاي وما يستحق عليه من رسوم جمركية وغير ذلك من المبالغ التي تحددها وزارة التموين. مادة 24 - على المكتب أن يوزع الفرق بين المبالغ التي تدفع في شراء الشاي وتعبئته وتوزيعه ومجموع المبالغ المتحصلة من بيعه على مستوردي الشاي. وتعين وزارة التموين أسماء هؤلاء المستوردين ونصيب كل منهم في الأرباح. مادة 29 - يعمل بهذا القرار من تاريخ نشرة في الجريدة الرسمية. وعلى أساس المادة 24 من هذا القرار أقامت شركة انجلو ايسترن مركانتيل باعتبارها من الشركات التي كانت تستورد الشاي وأصابها نصيب من حصيلة الخمسة القروش التي تدفع عن كل أقة نقص بمقدار 40% بسبب خفض ما يدفع عن الأقة الواحدة إلى ثلاثة قروش أقامت الدعوى رقم 2705 سنة 1945 تجاري كلي مصر على سامي أفندي توتونجي بصفته رئيساً للجنة توزيع الشاي ووزارة التجارة والصناعة التي حلت محل وزارة التموين تطلب إلزام المدعى عليه الأول بتقديم كشف حساب تفصيلي معزز بالمستندات من يوم إنشاء المكتب حتى آخر أغسطس سنة 1945 مبيناً فيه إيرادات المكتب من حصيلة الخمسة عشر مليماً عن كل أقة من الشاي ومصروفاته - فدفع الأول بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وفي الموضوع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها، لأنها تقوم على مناقشة القرارات الوزارية والأوامر الإدارية وهي خارجة عن ولاية المحاكم. ودفعت وزارة التموين بالمرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945 باعتبار أنه يحميها من آثار كل التصرفات التي باشرتها إبان الحرب. وفي 18 من ديسمبر سنة 1947 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه الأول (المطعون عليه الأول) بتقديم حساب إلى الشركة المدعية مؤيد بالمستندات إيراداً ومصروفات، وقالت في بيان أسباب رفضها الدفوع المتقدمة ما يأتي: أولاً - إن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة في غير محله، لأن وزارة التموين وكيلة عن التجار المستوردين للشاي، ومكتب توزيع الشاي وكيل عن هذه الوزارة، ومن ثم كان مسئولاً مباشرة قبل كل من التجار المستوردين بصفته وكيلاً وفقاً للمادة 520 من القانون المدني (القديم). وثانياً - إن الدفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى في غير محله، ذلك أن المحظور عليها هو وقف أو إلغاء الأوامر الإدارية، ولم يطلب في الدعوى شيء من ذلك. وثالثاً - إن الدفع بالمرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945 في غير محله كذلك، لأن الشركة المدعية لم تطلب إلزام الحكومة بتعويض ما وإنما اقتصر طلبها على إلزام المدعى عليهما بتقديم حساب تفصيلي عن عملية قاما بها نيابة عنها. فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 119 سنة 65 ق، واستأنفته وزارة التموين وقيد استئنافها برقم 241 سنة 65 ق. وفي 19 من ديسمبر سنة 1948 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى المرفوعة من شركة الانجلو ايسترن مركانتيل لعدم توافر شرط المصلحة، ذلك أن وزارة التموين هي التي تعاقدت مع النقابة التجارية للمملكة المتحدة، وهي التي كانت تدفع ثمن الشاي، وأن مبلغ الخمسة القروش الذي خفض فيما بعد إلى ثلاثة قروش والذي كان يدفع إلى التجار المستوردين عن كل أقة من الشاي ما هو إلا منحة من الحكومة لهم نظير ما لحقهم من خسارة وما فاتهم من ربح بسبب الاستيلاء المشروع على الشاي المستورد، ومن ثم فإنه لا حق للشركة في طلب إلزام رئيس مكتب توزيع الشاي بتقديم حساب عن أعمال المكتب، هذا فضلاً عن أن تكاليف عملية توزيع الشاي كانت تربو على ما خصص للمكتب من العمولة التي اعتبرها وزير التموين نهائية بقراره الصادر في 17 من مارس سنة 1946. فطعنت الشركة الطالبة في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد، حاصله خطأ الحكم في تطبيق القانون على واقعة الدعوى، وذلك من وجهين: الأول إذ اعتبر مبلغ الخمسة القروش الذي خفض فيما بعد إلى ثلاثة قروش منحة من الوزارة إلى التجار المستوردين وإذ رتب على هذا الاعتبار إعفاء المطعون عليه الأول من تقديم حساب مؤيد بالمستندات إلى الطاعنة عن العمولة التي استولى عليها والمقتطعة من الخمسة القروش. ووجه الخطأ في هذا الاعتبار هو أن المبلغ المذكور كان مقابل ما لحق هؤلاء التجار من خسارة وما فاتهم من ربح بسبب الاستيلاء على الشاي، وعلى كل حال فإنه لا يصح أن يترتب عليه إعفاء المطعون عليه الأول من تقديم الحساب المطلوب. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم أخطأ في تكييف الرابطة التي تربط بين مكتب توزيع الشاي والتجار المستوردين إذ هي في الحقيقة تقوم على اشتراط لمصلحة الغير، الوزارة فيه هي المشترطة، والمكتب هو المتعهد، والتجار المستوردون هم المنتفعون. ومن المسلم أن الاشتراط لمصلحة الغير يخول المنتفع حقاً مباشراً في مقاضاة المتعهد بشأن كل ما يتصل بالمنفعة التي آلت إليه من الاشتراط. وقد سلم المطعون عليه الأول بقيام هذه الرابطة المباشرة بينه وبين التجار المستوردين بدليل أنه كان يدفع إليهم مباشرة مبلغ الثلاثة القروش بغير تدخل من جانب الوزارة. ومن المسلم كذلك أنه متى أظهر المنتفع رغبته في الانتفاع من الاشتراط الحاصل لمصلحته امتنع على كل من المشترط والمتعهد إدخال أي تعديل على المنفعة.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن نص المادة 24 من قرار وزارة التموين رقم 537 لسنة 1944 صريح في أن صافي الربح من عملية توزيع الشاي يدفع إلى التجار المستوردين. ومن ثم فإن الطاعنة باعتبارها من التجار المستوردين الذين يعود إليهم بهذا النص الصريح صافي الربح من عملية توزيع الشاي، ذات صفة في مطالبة المطعون عليه الأول بتقديم حساب مفصل مؤيد بالمستندات عن حصيلة الخمسة عشر مليماً التي كان يستقطعها من ربح العملية عن كل أقة من الشاي، وأن المطعون عليه الأول إذا كان قد استمر بعد صدور القرار التنظيمي سالف الذكر ونشره في الجريدة الرسمية في 15 من يناير سنة 1945 يستولى على 15 مليماً عن كل أقة من الشاي وفقاً للقرار الأول الصادر من وزير التموين في 19/ 10/ 1943 فإن ذلك لا يمكن إلا أن يكون على ذمة مصروفات المكتب وتحت الحساب.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم إذ قضى بعدم قبول دعوى الطاعنة لعدم وجود صفة لها في رفعها قد أخطأ في القانون ويتعين نقضه.