أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 566

جلسة 14 من يونيه سنة 1951
(4)
القضية رقم 7 سنة 20 ق - تنازع الاختصاص

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة، وحضور حضرات أصحاب السعادة والعزة: أحمد فهمي إبراهيم باشا وأحمد حلمي باشا وكيلي المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم إبراهيم عوض بك وعبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
تنازع الاختصاص. طلب تعيين المحكمة المختصة وفقاً للمادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147 سنة 1949، يجب لقبوله أن تكون كلتا جهتي التقاضي قد قضت باختصاصها في حالة التنازع الإيجابي، أو بعدم اختصاصها في حالة التنازع السلبي.
إن مناط قبول طلب تعيين المحكمة المختصة في حالة التنازع الايجابي أن تكون دعوى الموضوع الواحد منظورة أمام جهتي التقاضي وأن تكون كلتاهما قضت باختصاصها بنظرها، وفي حالة التنازع السلبي أن تكون كل منهما قضت بعدم اختصاصها. (م 19/ 1/ من قانون نظام القضاء).
وإذن فإذا كانت الواقعة هي أن الدعوى المرفوعة أمام محكمة القاهرة الابتدائية لم يدفع فيها بعدم الاختصاص، وأن الدعوى الشرعية التي دفع فيها بعدم الاختصاص قد شطبت دون أن تقول المحكمة كلمتها في الدفع المذكور - فلا يمكن القول بأن هناك تنازعاً بين المحكمتين يصح عرض نظره على محكمة النقض.


الوقائع

في 20 من نوفمبر سنة 1950 قدمت الطالبة إلى هذه المحكمة طلباً تلتمس فيه تعيين المحكمة التي تفصل في النزاع المطروح أمام كل من محكمة مصر الابتدائية الشرعية ومحكمة مصر الابتدائية في القضيتين المشار إليهما في الطلب المذكور، كما قدمت حافظة بمستنداتها.
وفي 29 من نوفمبر و2 من ديسمبر سنة 1950 و27 من فبراير سنة 1951 أعلن المدعى عليهم بصورة من هذا الطلب. وبجلسة 19 من مايو سنة 1951 المحددة أخيراً لنظر هذا الطلب سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة ودفعت النيابة بعدم قبول الطلب لعدم توافر شروط الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949.. إلخ.


المحكمة

... من حيث إن الطالبة قدمت هذا الطلب بعريضة قالت فيها أنها رفعت الدعوى رقم 156 سنة 1948 أمام محكمة مصر الشرعية على المدعى عليهم طالبة الحكم لها بوفاة والدها المرحوم مراد أرتينوف معتمديان البلغاري الجنسية وانحصار إرثه فيها باعتبارها ابنته الوحيدة وتسليمها أعيان التركة وهي عبارة عن أرض زراعية وأملاك ونقود وسندات وغيرها تزيد قيمتها على 16000 جنيه مصري ومنع تعرض المدعى عليهم المذكورين وذلك في مواجهة المدعى عليه الأخير بصفته حارساً على أموال الأعداء - وقالت أنه وفقاً للقانون البلغاري الواجب التطبيق ينحصر فيها الإرث فرضاً بغير شريك ثم ظلت هذه الدعوى تنظر أمام المحكمة الشرعية وبإحدى الجلسات أضاف الحاضر عنها طلباً احتياطياً هو تطبيق أحكام الشرعية الإسلامية التي تقضي باستحقاق المطالبة لنصف التركة باعتبار أنها الابنة الوحيدة للمتوفى وفي أثناء نظر الدعوى تدخل دكران معتمديان خصماً ثالثاً فحكم بقبوله ودفع بعدم اختصاص المحكمة الشرعية بنظر الدعوى - وأثناء نظر تلك الدعوى أمام المحكمة الشرعية اتضح للطالبة أن المدعى عليها الخامسة أليس دكران ميليكيان وهي ابنة أخي المتوفى رفعت دعوى أمام المحكمة المختلطة أحيلت على محكمة القاهرة الابتدائية بعد إلغاء المحاكم المختلطة وهي الدعوى رقم 2683 سنة 1949 كلي قالت فيها أن الورثة هم إخوة المتوفى وأخوته وأبناء وبنات إخوته وأخواته. وأنه وفقاً للمادة 12 من قانون نظام القضاء تختص المحاكم بالنسبة إلى غير المصريين بالفصل في المنازعات والمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية وأنه تفريعاً على ذلك يكون القانون البلغاري هو الواجب التطبيق إعمالاً للمادة 17 من القانون المدني التي تقضي بأن الميراث يسري عليه قانون المورث وقت وفاته، وقد تدخلت الطالبة خصماً في تلك الدعوى وانتهت إلى القول بأنها وقد لجأت هي إلى المحكمة الشرعية ولجأت السيدة أليس دكران معتمديان إلى محكمة القاهرة الابتدائية فإنها عملاً بالمادة 19 من قانون نظام القضاء تطلب إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية تعيين الجهة المختصة بالفصل في هذا النزاع - وقدمت تأييداً لطلبها مستندات منها صورة من محاضر جلسات المحكمتين الشرعية والقاهرة الابتدائية وشهادتان الأولى تفيد أن القضية الشرعية شطبت بجلسة 19 من ديسمبر سنة 1950 والأخرى تفيد أن الدعوى المقامة أمام محكمة القاهرة الابتدائية أوقفت لمدة ثلاثة أشهر بجلسة 13 فبراير سنة 1951.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطلب استناداً إلى أن شروط الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون نظام القضاء غير متوافرة ذلك لأنه لكي يكون الطلب مقبولاً يجب أن تعلن كل من المحكمتين كلمتها في الاختصاص بنظر الدعوى ولا سبيل إلى هذا الإعلان إلى أن تصدر كل منهما حكماً باختصاصها أو بعدم اختصاصها وعندها يقوم التنازع المسوغ لرفع الأمر إلى هذه المحكمة لتعيين جهة الاختصاص - وأنه لما كان يبين من وقائع الطلب أنه لم يصدر بعد حكم من إحدى الجهتين بالاختصاص أو بعدم الاختصاص - فإنه لا يكون مقبولاً - وقد انضم المدعى عليه الرابع في مذكرته إلى النيابة العامة في هذا الدفع.
ومن حيث إن الطالبة ردت على ذلك بأن نص المادة 19 المشار إليها جاء مطلقاً - غير مقيد بما ذهبت إليه النيابة العامة من وجوب صدور حكم من كلتا جهتي التقاضي بالاختصاص أو عدمه - وأن عدم التخلي كما يتصور في حالة صدور حكم برفض الدفع بعدم الاختصاص يتصور كذلك في حالة مجرد قيام الدعويين أمام الجهتين دون أن تعلن كلتاهما كلمتها في الاختصاص.
ومن حيث إنه يبين من نص الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون نظام القضاء التي نظمت قواعد الفصل في التنازع على الاختصاص بين إحدى محاكم القانون العام وبين إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو محكمة القضاء الإداري سواء أكان هذا التنازع إيجابياً أم سلبياً يبين من هذا النص أن مناط قبول طلب تعيين المحكمة المختصة في حالة التنازع الإيجابي أن تكون دعوى الموضوع الواحد منظورة أمام جهتي التقاضي وأن تكون كلتاهما قضت باختصاصها بنظرها. وفي حالة التنازع السلبي أن تكون كل منهما قضت بعدم اختصاصها. ولما كانت الدعوى المرفوعة أمام محكمة القاهرة الابتدائية لم يدفع أمامها بعدم الاختصاص وكانت الدعوى الشرعية التي دفع فيها بعدم الاختصاص قد شطبت دون أن تقول المحكمة المرفوعة أمامها كلمتها في اختصاصها أو عدم اختصاصها بنظرها فلا يمكن القول بأن هناك تنازعاً بين المحكمتين في خصوص الاختصاص يراد من هذه المحكمة فضه بتعيين أيتهما المختصة بالفصل في النزاع ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطلب في محله ويتعين الحكم على مقتضاه.