أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 184

جلسة 27 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جرجس اسحق، د. رفعت عبد المجيد، السيد السنباطي وأحمد مكي.

(43)
الطعن رقم 125 لسنة 56 قضائية

قانون "التفسير التشريعي" "سريان القانون من حيث الزمان". حكم "تسبيبه".
مباني الفنادق والمحلات التجارية والمنشآت السياحية. عدم دخولها في مدلول عبارة المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري الواردة بالفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976. نص المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 نظم من جديد الحالات التي يخضع الترخيص ببنائها لشرط الاكتتاب في سندات الاكتتاب. عدم اعتباره تفسيراً تشريعياً لنص تلك الفقرة التي ألغاها. مؤداه. عدم خضوع الترخيص بمباني الفنادق قبل العمل به لشرط الاكتتاب في سندات الإسكان. مخالفة ذلك. خطأ.
يدل نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون 34 لسنة 1978 وقبل تعديله بالقوانين 43 لسنة 1979، 2 لسنة 1982، 30 لسنة 1983 - على أن لكل من عبارتي "المباني السكنية" و"مباني الإسكان الإداري" مدلولاً يختلف عن مدلول العبارة الأخرى، ولما كان البين من نص الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون 106 لسنة 1976 "الذي صدر القانون 107 لسنة 1976" مرتبطاً به ومكملاً له في مجاله، ومن المادة الرابعة عشرة من هذه اللائحة والنماذج الملحقة بها، ومن أحكام المادتين 49، 51 من القانون 49 لسنة 1977 - الواردتين في الفصل الأول من الباب الثاني في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع - أن عبارة "المباني السكنية" تنصرف في هذا المجال إلى المباني التي يرخص ببنائها لغرض السكن الدائم من "مباني الإسكان الاقتصادي والمتوسط وفوق المتوسط والفاخر"، وأن عبارة "المباني غير السكنية" تشمل ما عدا ذلك من المباني "الصناعية والتجارية والثقافية والسياحية أو الفندقية والرياضية والاجتماعية والدينية والمستشفيات والمدارس والملاهي وغيرها"، مما مفاده أن الفنادق والمحال التجارية والمنشآت السياحية لا تدخل في مدلول عبارة "المباني السكنية"، وكانت تشريعات الإسكان والمباني المشار إليها قد خلت من تحديد معنى خاص لعبارة "مباني الإسكان الإداري" وكان المعنى الظاهر لهذه العبارة بذاتها لا يتسع أيضاً لمباني الفنادق والمحال التجارية والمنشآت السياحية - وهو ما أكده منشور وزير الإسكان الصادر بتاريخ 10/ 5/ 1980 فيما نص عليه من أنه "يقصد بالمباني السكنية ومباني الإسكان الإداري، في تطبيق حكم المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976، المباني التي تضم وحدات تخصص لأغراض السكن الدائم "شقق سكنية" والوحدات التي تخصص لشغلها بواسطة المكاتب. ولا تعتبر في حكمها مباني الفنادق والمنشآت التجارية والصناعية والمباني الملحقة بها، لما كان ذلك، فإن مباني الفنادق لا تكون داخلة في مدلول عبارة "المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري" الواردة بنص المادة السادسة المشار إليها، ولا وجه للقول بأن المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 قد تضمنت تفسيراً تشريعياً لعبارة "مباني الإسكان الإداري" يتعين العمل به منذ العمل بالقانون 107 لسنة 1976 ذلك أن التفسير التشريعي هو التفسير الذي يضعه المشرع ليكشف به عن حقيقة مراده من المعاني التي يحتملها تشريع سابق، فيعتبره جزءاً منه يجلو به ما يكتنفه من ذلك الغموض والإبهام بما يتعين معه تطبيق التشريع الأصلي بالمعنى الذي يحدده هذا التفسير على كافة الوقائع التي حدثت منذ صدور ذلك التشريع ما لم تكن قد صدرت بشأنها أحكام قضائية نهائية، ولا يعد تفسيراً تشريعياً ذلك الذي يخرج على أحكام نص سابق أو يلغيه أو يعدله بحكم يخالفه أو يستحدث معنى جديداً لم تكن تحتمله عباراته دون أن ينص على سريانه استثناء بأثر رجعي فلا ينعطف أثره على الماضي ولا ينطبق على الوقائع السابقة عليه، ولما كانت المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون 106 لسنة 1976 والمادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 قد نصت على أن: "يكون الاكتتاب في سندات الإسكان المنصوص عليها في المادة (6) من القانون 107 لسنة 1976... مقصوراً على مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر وذلك مهما بلغت قيمتها، ويقصد بالإسكان الإداري في تطبيق هذا الحكم - مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية" وكان مؤدى هذا النص أن المشرع نظم به من جديد الحالات التي يخضع الترخيص ببنائها لشرط الاكتتاب - فاستبعد مباني الإسكان الاقتصادي والمتوسط وفوق المتوسط من الخضوع لهذا الشرط مهما بلغت قيمتها - بعد أن كانت خاضعة له متى بلغت قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر - وأخضع لهذا الشرط مباني الإسكان الفاخر ولو قلت قيمتها عن النصاب المشار إليه - بعد أن كان خضوعها منوطاً ببلوغ هذا النصاب - كما أخضع لهذا الشرط، وبصرف النظر عن هذا النصاب أيضاً، مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية التي اعتبرها في تطبيق هذا التنظيم الجديد من مباني الإسكان الإداري - بعد أن كانت عدا - النوع الأول منها غير خاضعة له ولم تكن تحتملها عبارات النص السابق - وكان هذا التنظيم الجديد لأحوال الاكتتاب من شأنه أن يلغي التنظيم السابق المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 وذلك تطبيقاً لنص المادة الثانية من القانون المدني، فإن نص المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 لا يكون نصاً تفسيرياً لتلك الفقرة التي ألغاها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن الترخيص ببناء الفندق موضوع الدعوى يخضع لشرط الاكتتاب المنصوص عليه بالمادة السادسة سالفة الذكر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن محافظة القاهرة (المطعون ضدها) أقامت الدعوى 10157 لسنة 1983 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ مليون وأربعمائة وستين ألف جنيه قيمة الاكتتاب في سندات الإسكان وقالت بياناً لذلك أن المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 اشترطت للترخيص ببناء "المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري" التي تبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر أن يقدم طالب البناء ما يدل على الاكتتاب بنسبة 10% من القيمة المبنى في سندات الإسكان - التي تصدرها وزارة المالية وتحدد فائدتها وفقاً للسعر السائد محلياً وذلك بموجب المادتين الرابعة والخامسة من القانون المشار إليه - وأن الشركة الطاعنة استصدرت في 10/ 8/ 1978 ترخيصاً برقم 22 لسنة 1978 ببناء فندق شيراتون الجزيرة بتكلفة إجمالية قدرها أربعة عشر مليوناً وستمائة ألف جنيه دون أن ما يدل على قيامها بذلك الاكتتاب - تأسيساً على أن الفنادق لا تدخل في مدلول المباني التي تخضع لهذا الشرط. ولما كانت المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 قد اعتبرت الفنادق من تلك المباني - وهو ما يعد تفسيراً تشريعياً للنص السابق ويتعين العمل به من تاريخ نفاذ القانون 107 لسنة 1976، وكانت الشركة الطاعنة قد رفضت هذا النظر فقد أقامت عليها دعواها بالطلبات السالفة ومحكمة أول درجة حكمت في 24/ 6/ 1984 بهذه الطلبات. استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف 5925 لسنة 101 ق. ومحكمة الاستئناف حكمت في 13/ 11/ 1985 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة بمذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله - وتقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه على أن الفنادق تدخل في عموم عبارة "المباني السكنية" المنصوص عليها بالمادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 وتدخل أيضاً في مدلول عبارة "مباني الإسكان الإداري" الواردة بالنص ذاته، لأن القانون 2 لسنة 1982 تضمن تفسيراً تشريعياً لها قضى بذلك في حين أن هذا القانون استحدث حكماً جديداً للمباني التي تخضع لشرط الاكتتاب وتعريفاً لتلك العبارة ويغاير مفهومها السابق وقصر العمل بهذا التعريف على تطبيق ذلك الحكم فلا يعد تفسيراً تشريعياً للنص السابق.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون 34 لسنة 1978 وقبل تعديله بالقوانين 43 لسنة 1979، 2 لسنة 1982، 30 لسنة 1983 على أنه "يشترط للترخيص ببناء المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري التي تبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر بدون حساب قيمة الأرض أن يقدم طالب البناء ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع عشرة في المائة من قيمة المبنى" يدل على أن لكل من عبارتي "المباني السكنية" و"مباني الإسكان الإداري" مدلولاً يختلف عن مدلول العبارة الأخرى. ولما كان البين من نص الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون 106 لسنة 1976 في شأنه توجيه وتنظيم أعمال البناء - الذي صدر القانون 107 لسنة 1976 مرتبطاً به ومكملاً له في مجاله - ومن نص المادة الرابعة عشرة من هذه اللائحة والنماذج الملحقة بها، ومن أحكام المادتين 49، 51 من القانون 49 لسنة 1977 - الواردتين في الفصل الأول من الباب الثاني في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع - إن عبارة "المباني السكنية" تنصرف في هذا المجال إلى المباني التي يرخص ببنائها لغرض السكن الدائم من "مباني الإسكان الاقتصادي والمتوسط وفوق المتوسط والفاخر"، وإن عبارة "المباني غير السكنية" تشمل ما عدا ذلك من المباني "الصناعية والتجارية والثقافية والسياحية أو الفندقية والرياضية والاجتماعية والدينية والمستشفيات والمدارس والملاهي وغيرها"، مما مفاده أن الفنادق والمحال التجارية والمنشآت السياحية لا تدخل في مدلول عبارة "المباني السكنية"، وكانت تشريعات الإسكان والمباني المشار إليها قد خلت من تحديد معنى خاص لعبارة "مباني الإسكان الإداري"، وكان المعنى الظاهر لهذه العبارة بذاتها لا يتسع أيضاً لمباني الفنادق والمحال التجارية والمنشآت السياحية - وهو ما أكده منشور وزير الإسكان الصادر بتاريخ 10/ 5/ 1980 فيما نص عليه من أنه "يقصد بالمباني السكنية ومباني الإسكان الإداري في تطبيق حكم المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 المباني التي تضم وحدات تخصص لغرض السكن الدائم (شقق سكنية) والوحدات التي تخصص لشغلها بواسطة المكاتب. ولا تعتبر في حكمها مباني الفنادق والمنشآت التجارية والصناعية والمباني الملحقة بها"، لما كان ذلك، فإن مباني الفنادق لا تكون داخلة في مدلول عبارة "المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري" الواردة بنص المادة السادسة المشار إليها. ولا وجه للقول بأن المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 قد تضمنت تفسيراً تشريعاً لعبارة "مباني الإسكان الإداري" يتعين العمل به منذ العمل بالقانون 107 لسنة 1976، وذلك أن التفسير التشريعي هو التفسير الذي يضعه المشرع ليكشف به حقيقة مراده من المعاني التي يحتملها تشريع سابق فيعتبره جزء منه يجلو به ما يكتنفه من ذلك الغموض والإبهام بما يتعين معه تطبيق التشريع الأصلي بالمعنى الذي يحدده هذا التفسير - على كافة الوقائع التي حدثت منذ صدور ذلك التشريع ما لم تكن قد صدرت بشأنها أحكام قضائية نهائية ولا يعد تفسيراً تشريعاً ذلك الذي يخرج على أحكام نص سابق أو يلغيه أو يعدله بحكم يخالفه أو يستحدث معنى جديداً لم تكن تحتمله عبارته دون أن ينص على سريانه استثناء بأثر رجعي فلا ينعطف أثره على الماضي ولا ينطبق على الوقائع السابقة عليه، ولما كانت المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون 106 لسنة 1976 والمادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 قد نصت على أن "يكون الاكتتاب في سندات الإسكان المنصوص عليها في المادة (6) من القانون 107 لسنة 1976... مقصوراً على مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر وذلك مهما بلغت قيمتها. ويقصد بالإسكان الإداري - في تطبيق هذا الحكم - مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية"، وكان مؤدى هذا النص أن المشرع نظم به من جديد الحالات التي يخضع الترخيص ببنائها لشرط الاكتتاب - فاستبعد مباني الإسكان الاقتصادي والمتوسط وفوق المتوسط من الخضوع لهذا الشرط مهما بلغت قيمتها - بعد أن كانت خاضعة له متى بلغت قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر وأخضع لهذا الشرط مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر ولو قلت قيمتها عن النصاب المشار إليه - بعد أن كان خضوعها منوطاً ببلوغ هذا النصاب - كما أخضع لهذا الشرط، وبصرف النظر عن هذا النصاب أيضاً، مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق، والمنشآت السياحية التي اعتبرها في تطبيق هذا التنظيم الجديد من مباني الإسكان الإداري - بعد أن كانت عدا النوع الأول منها غير خاضعة له - ولم تكن تحتملها عبارات النص السابق - وكان هذا التنظيم الجديد لأحوال الاكتتاب من شأنه أن يلغي التنظيم السابق المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 وذلك تطبيقاً لنص المادة الثانية من القانون المدني، فإن نص المادة الثانية من القانون 2 لسنة 1982 لا يكون نصاً تفسيرياً لتلك الفقرة التي ألغاها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن الترخيص ببناء الفندق موضوع الدعوى يخضع لشروط الاكتتاب المنصوص عليه بالمادة السادسة سالف الذكر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.