أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 197

جلسة 28 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي سيف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنصف هاشم، وأحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني ومحمد رشاد مبروك.

(46)
الطعن رقم 927 لسنة 53 القضائية

(1) تزوير. إثبات. إعلان. استئناف. بطلان.
الحكم بصحة المحرر - أياً كان نوعه - وفي الموضوع معاً. غير جائز. م 44 إثبات. علة ذلك. عجز المستأنف عن إثبات تزوير إعلانه الحكم المستأنف الذي يبدأ من تاريخه ميعاد الطعن بالاستئناف. لا يستتبع بطريق اللزوم سقوط حقه في الاستئناف. تمسكه من بعد ببطلان ذلك الإعلان. جائز.
(2) محكمة الموضوع. إثبات "إثبات بالبينة".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. ألا تخرج بأقوال الشهود عما يفيده مدلولها.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه لا يجوز الحكم بصحة المحرر أياً كان نوعه - وفي موضوع الدعوى معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحته سابقاً على الحكم في الموضوع، وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير المحرر من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أوجه دفاع أخرى كان يرى في الادعاء بالتزوير ما يغني عنها، وأن عجز مدعي تزوير إعلانه بالحكم المستأنف - والذي من تاريخ حصوله يبدأ سريان ميعاد الطعن بالاستئناف بالنسبة له - عن إثباته، لا يستتبع بطريق اللزوم أن يكون قد سقط حقه فيه، إذ ليس في القانون ما يحول دون تمسكه ببطلان ذلك الإعلان - بعد الحكم برفض الإدعاء بالتزوير لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر، إذ قد تتعدد الأدلة على إثبات ذلك البطلان أو نفيه.
2 - لئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الوقائع في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تطمئن إليه منها، إلا أنه ذلك مشروط بأن يكون تحصيلها متفقاً مع الثابت من الأوراق وألا تخرج بأقوال الشهود عما يفيده مدلولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1431 سنة 1978 مدني سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 14/ 2/ 78 وقال بياناً لها إن الطاعن باع له بموجب هذا العقد مساحة 6 قراريط مبينة به لقاء ثمن مقداره 750 جنيه، غير أنه تقاعس عن تحرير العقد النهائي والتصديق عليه، وبتاريخ 12/ 6/ 1978 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ ذلك العقد. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية سوهاج) بالاستئناف رقم 206 سنة 55 ق مدني، ثم ادعى بتزوير إعلانه بهذا الحكم، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين نفاذاً لحكم التحقيق الذي أصدرته لإثبات ونفي أن المحضر لم ينتقل إلى محل إقامة الطاعن وأنه سلم إعلان الحكم سالف الإشارة إلى شخص لا يقيم معه وليس من أقاربه أو أصهاره - حكمت بتاريخ 13/ 2 سنة 1983 برفض الادعاء بالتزوير وبسقوط حق الطاعن في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة 44 من قانون الإثبات عندما قضى بحكم واحد برفض الادعاء بتزوير ورقة إعلانه بالحكم المستأنف وبسقوط حقه في الاستئناف لرفعة بعد الميعاد، وحرمه بذلك من إبداء أوجه بطلان هذا الإعلان، وعول في قضائه هذا على أن شاهد المطعون عليه قرر من أقواله أن المحضر انتقل إلى محل إقامته في ربع أولاد أحمد بجهينة الغربية وسلم ذلك الإعلان إلى ابن عمه، في حين أن هذا الشاهد لم يقرر أن المحضر انتقل إلى هذه الجهة وقرر أن من تسلم الإعلان لا يقيم معه، وعلى أنه لم يجحد أن هذا الإعلان قد تم في ذات الموطن الذي أعلن وأعيد إعلانه فيه بصحيفة افتتاح الدعوى حالة أنه دفع في صحيفة الاستئناف ببطلان إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى حالة أنه دفع في صحيفة الاستئناف ببطلان إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى على أساس أن من تسلم الإعلان غير مقيم معه، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه لا يجوز الحكم بصحة المحرر - أياً كان نوعه - وفي موضوع الدعوى معاً، بل يجب أن يكون القضاء بصحته سابقاً على الحكم في الموضوع، وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي أخفق في إثبات تزوير المحرر من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أوجه دفاع أخرى كان يرى في الادعاء بالتزوير ما يغني عنها، وأن عجز مدعي تزوير إعلانه بالحكم المستأنف - والذي من تاريخ حصوله يبدأ سريان ميعاد الطعن بالاستئناف بالنسبة له - عن إثباته لا يستتبع بطريق اللزوم أن يكون قد سقط حقه فيه، إذ ليس في القانون ما يحول دون تمسكه ببطلان ذلك الإعلان - بعد الحكم برفض الادعاء بالتزوير لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر، إذ قد تتعدد الأدلة على إثبات ذلك البطلان أو نفيه، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تطمئن إليه منها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تحصيلها متفقاً مع الثابت من الأوراق وألا تخرج بأقوال الشهود عما يفيده مدلولها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضي في الادعاء بالتزوير وفي شكل الاستئناف - وهو ذاته المبني على الادعاء بالتزوير - معاً، وأقام قضاءه هذا على أن شاهد المطعون عليه قرر في أقواله أن المحضر انتقل إلى محل إقامة الطاعن في جهينة الغربية ربع أولاد أحمد وسلم إعلان الحكم المستأنف إلى ابن عمه..... الذي تواجد بالمنزل وأن الأخير سلمه إلى الطاعن، وعلى أن هذه الأقوال تأيدت بأن إعلان ذلك الحكم تم في نفس الموطن الذي أعلن الطاعن وأعيد إعلانه فيه بصحيفة افتتاح الدعوى وهو ما لم يجحده، رغم أن هذا الشاهد - على ما يبين من مطالعة أقواله بمحضر التحقيق - لم يذكر أن الطاعن أعلن حيث يقيم بجهينة الغربية ربع أولاد أحمد وإنما قرر أنه يقيم بحوض الحراز وأن المحضر سلم الإعلان إلى ابن عمه في الطريق أمام منزله، وأن الطاعن تمسك في صحيفة الاستئناف ببطلان إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يكون قد حصل أقوال الشاهد المذكور تحصيلاً فاسداً وخرج بها عن مدلولها وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.