أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 636

جلسة 5 من إبريل سنة 1951
(106)
القضية رقم 28 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
1 - بيع. ثمار المبيع. للمتعاقدين بعقد ابتدائي غير مسجل أن يتفقا على مآل الثمار. اتفاقهما على أن تكون الثمار للمشتري من تاريخ وسابق على تسجيل عقده سابق على البيع نفسه أو على تسلمه المبيع فعلاً جائز. حكم. قضاؤه بإلزام البائعين بأن يدفعوا إلى المشتري إيجار الأطيان المبيعة ابتداء من تاريخ العقد الابتدائي والتي استحق أداؤها قبل تسجيل هذا العقد. إقامته على أن الطرفين اتفقا على أن يستلم المشتري الأطيان المبيعة من تاريخ العقد الابتدائي وأنه تسلمها فعلاً. الطعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون. على غير أساس.
2 - بيع. ثمن. فوائد. للبائع فوائد ما لم يدفع من الثمن من تاريخ تسلم المشتري للمبيع المثمر وفقاً للمادة 330 من القانون المدني. القديم. كون الثمن غير مستحق الأداء حالاً لسبب يرجع إلى البائع لا يؤثر. المادة 330 من القانون المدني - القديم - تختلف عن الأصل الذي تقوم عليه المادة 124 من ذلك القانون. حكم. قضاؤه بعدم أحقية البائعين في تقاضي فوائد عن باقي ثمن الأطيان المبيعة. إقامته على أنهم وقد سلموا المبيع المثمر ليس لهم حق تقاضي فوائد عن باقي الثمن لأن وفاءه كان مؤجلاً حتى يعدوا مستنداتهم توطئة لتحرير العقد النهائي. خطأ في تفسير القانون.
(المادتان 124/ 330 من القانون. المدني. القديم).
3 - بيع. ثمرة المبيع. الثمرة عن المدة السابقة على عقد البيع وعلى تسلم المشتري المبيع. لا يحل للمشتري الاستيلاء عليها إلا اتفاقاً. حكم. تقريره أن المشتري استلم الأطيان المبيعة في تاريخ العقد الابتدائي وبعد بدء السنة الزراعية. لا يسوغ القضاء للمشتري بكامل إيجار السنة الزراعية ما لم يقم الدليل على أن هذا كان اتفاق البائعين والمشتري.
1 - للمتعاقدين بعقد بيع ابتدائي غير مسجل أن يتفقا على مآل ثمار المبيع ولا جناح عليهما أن اتفقا على أن تكون للمشتري من تاريخ سابق على تسجيل عقده أو سابق على البيع نفسه أو على تسلمه المبيع فعلاً. وإذن فمتى كان الحكم إذ قضى بإلزام البائعين - الطاعنين - بأن يدفعوا إلى المشتري - المطعون عليه - إيجار الأطيان المبيعة ابتداء من تاريخ العقد الابتدائي والتي استحق أداؤها قبل تسجيل هذا العقد قد أقام قضاءه على ما استخلصته المحكمة استخلاصاً سائغاً من أن الطرفين اتفقا على أن يستلم المشتري الأطيان المبيعة من تاريخ العقد الابتدائي وأنه استلمها فعلاً كما ذكر في العقد النهائي فإن الطعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
2 - المادة 330 من القانون المدني - القديم - تنص على أن البائع فوائد ما لم يدفع من الثمن من تاريخ تسلم المشتري للمبيع المثمر وهي في هذا إنما تقوم على أساس من العدل يأبى أن يجمع المشتري بين ثمرة البدلين المبيع والثمن وهي تختلف عن الأصل الذي تقوم عليه المادة 124 من ذلك القانون ولذلك يكون للبائع حق تقاضي الفوائد من تاريخ تسلم المبيع المثمر حتى لو كان الثمن غير مستحق الأداء حالاً لسبب يرجع إلى البائع كأن يكون قد أمهل حتى يستجمع أوراقة التي تثبت ملكيته أو التي يستطاع بها تحرير العقد النهائي. وإذن فمتى كان الحكم إذ قضى بعدم أحقية البائعين - الطاعنين - في تقاضي فوائد عن باقي ثمن الأطيان المبيعة إلى المطعون عليه قد أقام قضاءه على أنهم وقد سلموا المبيع المثمر ليس لهم حق تقاضي فوائد عن باقي الثمن لأن وفاءه كان مؤجلاً حتى يعدوا مستنداتهم توطئة لتحرير العقد النهائي فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون.
3 - لا يحل للمشتري الاستيلاء على ثمرة المبيع عن مدة سابقة على سابقة على عقد البيع وعلى تسلمه المبيع إلا اتفاقاً وإذن فمتى كان الحكم قد أثبت أن المشتري قد تسلم الأطيان المبيعة في تاريخ العقد الابتدائي وبعد بدء السنة الزراعية فإنه لا يسوغ القضاء للمشتري بكامل إيجار السنة الزراعية ما لم يقم الدليل على أن هذا كان اتفاق البائعين والمشترى.


الوقائع

في يوم 7 من مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1948 في الاستئنافين رقمي 1143 سنة 64 ق و775 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 من مارس سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن وفي 28 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً. وفي 10 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها (أولاً) بعدم قبول الطعن بالنسبة لمن عدا الطاعنات الأربع الأوليات (ثانياً) قبول السببين الثاني والرابع من أسباب الطعن ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بالنسبة للاستئناف الفرعي وفي موضوع هذا الاستئناف برفضه وتأييد الحكم الابتدائي وإلزام المطعون عليه بالمصروفات. وفي 29 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعنين والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... ومن حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي محرر في 18 من ديسمبر سنة 1944 باع الطاعنون للمطعون عليه وآخر خمسين فداناً مؤجرة لزراعتها زراعة شتوية واحدة لمدة تنتهي في إبريل سنة 1945، ومتفق في عقد الإيجار على أن يدفع المستأجر الإيجار في أول مارس سنة 1945 وقد دفع المشتريان وقت العقد الابتدائي ألف جنيه واتفق على دفع الباقي عند تحرير العقد النهائي الذي حدد له ثلاثة شهور ونص في البند الثامن من عقد البيع الابتدائي على أن المشتريين وشأنهما مع مستأجر الأطيان المبيعة "بدون أي مدخل للبائعين..". وفي 30 من إبريل سنة 1945 حرر العقد النهائي وسجل في 29 من مايو سنة 1945 ونص البند السادس منه على أن المشتري استلم الأطيان المبيعة استلاماً فعلياً "قبل الآن.." كما نص على تحمل المشتري بالأموال الأميرية وكافة الضرائب ابتداء من أول يناير سنة 1945. وقد أقام المطعون عليه الدعوى الحالية مطالباً بالإيجار الذي استحق في أول مارس سنة 1945 والذي دفعه المستأجر إلى البائعين وقدره 500 جنيه. فدفع البائعون (الطاعنون) الدعوى بأن الأجرة حق لهم دون المشتري الذي لم يسجل عقده إلا بعد حلول ميعاد استحقاق الأجرة. فقضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنين أن يدفعوا إلى المطعون عليه مبلغ 308 جنيهات وذلك تأسيساً على أن للمشتري بعقد لم يسجل استلام العين المبيعة وأن نصي العقد الابتدائي والنهائي يفيدان أن المشتري استلم المبيع من تاريخ العقد الابتدائي أي من 18 ديسمبر سنة 1944 فله ثمرة المبيع من ذلك التاريخ لا سيما وقد نص في العقد الابتدائي على أن المشتري وشأنه مع المستأجر مما يفيد تخويله حق قبض الإيجار، ولكن محكمة أول درجة رأت أن ليس للمشتري حق في كامل الإيجار بل يجب توزيع الأجرة بينه وبين البائعين بنسبة ما انقضى وما بقى من مدة الإيجار، وعلى ذلك يكون للبائعين مبلغ 99 جنيهاً ما يقابل المدة التي مضت من عقد الإيجار حتى 18 من ديسمبر سنة 1944 تاريخ تحرير العقد الابتدائي كما رأت محكمة أول درجة أن للبائع الذي سلم المبيع المثمر الحق في تقاضي فوائد عن الباقي الذي لم يدفع من الثمن وقدر ذلك 69 جنيهاً، وبخصم هذين المبلغين وما دفع في الأموال من الإيجار يكون الباقي 308 جنيهات وهو ما قضت بإلزام البائعين بدفعه إلى المشتري. فاستأنف البائعون الحكم كما استأنفه المشتري فرعياً طالباً تعديله والحكم له أيضاً بمبلغ 168 جنيهاً زيادة عما حكم به له لأنه محل لتقسيم الأجرة بينه وبين البائعين أو الحكم لهم بفوائد. فقضت محكمة الاستئناف برفض استئناف البائعين وللمشتري بما طلب في استئنافه الفرعي. فطعن الطاعنون في الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن السببين الأول والثالث ينصبان على الاستئناف الأصلي. وهما يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون. إذ قرر أن للمشتري ثمار المبيع من تاريخ شرائه العقار بعقد غير مسجل مع أنه ليس للمشتري ثمر المبيع إلا من وقت تسلمه العقار فعلاً أو حكماً وأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن المشتري استلم العين المبيعة في 18 من ديسمبر سنة 1944 - تاريخ العقد الابتدائي - استخلص من وقائع الدعوى نتائج لا يمكن عقلاً استخلاصها منها إذ قرر أنه يستخلص من عقد البيع الابتدائي استلام المشتري للمبيع وقت انعقاد العقد وهذه النتيجة لا يمكن أن تستنتج من وقائع الدعوى وشروط العقد الابتدائي.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن الحكم المطعون فيه إنما أقيم على أن الطرفين اتفقا على أن يستلم المشتري الأطيان المبيعة من تاريخ العقد الابتدائي أي من 18 ديسمبر سنة 1944 وأنه استلمها فعلاً كما ذكر في العقد النهائي، وما استخلصه الحكم المطعون فيه من ذلك هو استخلاص سائغ مما يستقل به قاضي الموضوع وليس فيما رتبه على ذلك أية مخالفة للقانون ذلك أن للمتعاقدين بعقد ابتدائي غير مسجل أن يتفقا على مآل ثمار المبيع ولا جناح عليهما أن اتفقا على أن تكون للمشتري من تاريخ سابق على تسجيل عقده أو سابق على البيع نفسه أو على تسلمه المبيع فعلاً.
ومن حيث إنه لا محل للاعتداد بما أورده الطاعنون في مذكرتهم الشارحة - دون أن يوردوه في تقرير الطعن - من أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق أحكام البيع بالعربون إذ لا يجوز التمسك في المذكرة الشارحة بسبب جديد لم يرد في تقرير الطعن.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر بصدد الاستئناف الفرعي - أن البائع لا يستحق فوائد على ما لم يدفع من الثمن من تاريخ تسلم المشتري المبيع المثمر بمقولة أن المهلة كانت لمصلحة البائعين قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف حكم المادة 330 مدني قديم.
ومن حيث إن المادة 330 مدني (قديم) تنص على أن للبائع فوائد ما لم يدفع من الثمن من تاريخ تسلم المشتري المبيع المثمر، وهي في هذا - كما جرى بذلك قضاء هذه المحكمة إنما تقوم على أساس من العدل الذي يأبى أن يجمع المشتري بين ثمرة البدلين المبيع والثمن وهي بذلك تختلف عن الأصل الذي تقوم عليه المادة 124 مدني قديم - وأنه لذلك يكون للبائع حق تقاضي الفوائد من تاريخ تسليم المبيع المثمر حتى لو كان الثمن غير مستحق الأداء حالاً لسبب يرجع إلى البائع، كأن يكون قد أمهل حتى يستجمع أوراقه التي تثبت ملكيته أو التي يستطاع بها تحرير العقد النهائي، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قرر أنه ليس للبائعين وقد سلموا المبيع المثمر للمشتري حق تقاضي فوائد عن باقي الثمن بمقولة أن باقي الثمن كان وفاؤه مؤجلاً حتى يعد البائعون مستنداتهم توطئة لتحرير العقد النهائي. قد أخطأ في تفسير القانون ويتعين نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن للمشتري الحق في كامل الإيجار الذي استحق في مارس سنة 1945 أي بما في ذلك إيجار المدة السابقة على العقد الابتدائي قد أخطأ في تطبيق القانون إذ يجب تقسيم الأجرة بين البائعين والمشتري بنسبة ما انقضى من مدة الإيجار.
وحيث إنه يبين مما سبق أن الحكم المطعون فيه أثبت أن المشتري استلم الأطيان المبيعة في 18 من ديسمبر سنة 1944 تاريخ العقد الابتدائي وبعد بدء السنة الزراعية فلا يسوغ القضاء للمشتري بكامل إيجار السنة الزراعية ما لم يقم الدليل على أن هذا كان اتفاق البائعين والمشترى. إذ لا يحل للمشتري الاستيلاء على ثمرة المبيع عن مدة سابقة على عقد البيع وعلى تسلمه المبيع إلا اتفاقاً. ومن ثم يتعين نقض الحكم فيما قضى به في هذا الشأن.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به في الاستئناف الفرعي الذي رفعه المطعون عليه ورفض الطعن فيما قضى به في الاستئناف الأصلي المرفوع من الطاعنات الأربع الأوليات.