أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 238

جلسة 12 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.

(55)
الطعن رقم 1312 لسنة 52 قضائية

(1، 2، 3) دعوى. تقادم "تقادم مسقط". حيازة "دعوى استرداد الحيازة".
(1) فوات مدة السنة دون رفع دعوى استرداد الحيازة. م 958 مدني. مؤداه. انقضاء الحق في رفعها. انقطاع هذه المدة بالمطالبة القضائية. م 383 مدني. اعتبار الدعوى مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة. م 63 مرافعات.
(2) دعوى استرداد الحيازة. قيامها على الاعتداء غير المشروع. عدم اشتراط نية التملك عند واضع اليد. يكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يده متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً في حالة وقوع الغضب. العبرة في ثبوت الحيازة بما يثبت قيامه فعلاً ولو خالف الثابت بمستنداته.
(3) دعوى استرداد الحيازة. لا يشترط لقبولها أن يكون سلبها مصحوباً بإيذاء أو تعد على شخص الحائز أو غيره. كفاية سلبها قهراً.
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 958 من القانون المدني على أن "لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه..." يدل على أن فوات هذه المدة دون رفع الدعوى يؤدي إلى انقضاء الحق فيها، وبالتالي فهي مدة تقادم خاص وينقطع بالمطالبة القضائية عملاً بالمادة 383 من القانون المدني، وإذ تقضي المادة 63 من قانون المرافعات بأن ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، وكانت المادة 958 من القانون المدني المشار إليها لم ترسم طريقاً معيناً لرفع الدعوى باسترداد الحيازة فإنها تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها.
2 - دعوى استرداد الحيازة. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع دون نظر إلى صفة واضع اليد، فلا يشترط توافر نية التملك عنده، ويكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً في حالة وقوع الغضب، والعبرة في ثبوت هذه الحيازة - وهي واقعة مادية - بما يثبت قيامه فعلاً ولو خالف الثابت بمستندات.
3 - لا يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون سلبها مصحوباً بإيذاء أو تعد على شخص الحائز أو غيره، بل يكفي أن تكون الحيازة قد سلبت قهراً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 2747 لسنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم برد حيازتها للعقار المبين في الأوراق وقالت شرحاً لها أنها تضع اليد على هذا العقار بصفة هادئة وغير منقطعة ميراثاً عن والدها منذ أكثر من ستين عاماً، إلى أن قام الطاعن بسلب حيازة هذا العقار منها بالقوة فتم إبلاغ الشرطة ضده وأقامت الدعوى، تدخلت المطعون ضدها الثانية في الدعوى بطلب رفضها، ودفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد أكثر من سنة. وبتاريخ 14/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضدها الثانية وبرفض الدفع المبدى من الطاعن وللمطعون ضدها الأولى بطلباتها. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 316 س 99 ق مدني، وبتاريخ 20/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين رفضت محكمة الموضوع دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد انقضاء أكثر من سنة من فقد الحيازة، بقولها إن صحيفة الدعوى قد قدمت في غضون هذه المدة في حين أن المدة سالفة الذكر مدة سقوط يتعين أن يتم الإعلان خلالها، وإذ لم يحصل هذا الإعلان إبانها فإن الدعوى تضحي غير مقبولة ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 958 من القانون المدني على أن "لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه..." إنما يدل على أن فوات هذه المدة دون رفع الدعوى يؤدي إلى انقضاء الحق فيها، وبالتالي فهي مدة تقادم خاص وينقطع بالمطالبة القضائية عملاً بالمادة 383 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكانت المادة 63 من قانون المرافعات تقضي بأن ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، وكانت المادة 958 من القانون المدني المشار إليها لم ترسم طريقاً معيناً لرفع الدعوى باسترداد الحيازة، فإنها مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بباقي أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ تطبيق القانون وشابه القصور في التسبب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن سلب الحيازة بالقوة شرط لقبول الدعوى باستردادها وإذ كان وضع يده قد تم منذ أكثر من سنة قبل رفع الدعوى دون عنف أو قوة نتيجة تخلي المطعون ضدها الأولى بكامل حريتها عن حيازة العقار والذي كانت تحوزه حيازة مادية دون قصد التملك مستدلاً على ذلك بمستندات رسمية مستخرجة من سجلات مصلحة الضرائب العقارية فإن الحكم المطعون فيه إذ التفتت عن ذلك كله منتهياً إلى مجرد ترك المطعون ضدها الأولى للعين بغير انتفاع لا يترتب عليه فقد حيازتها ما دام أن أحداً لم يستولى عليها مستنداً في ذلك إلى تحقيقات الشكوى رقم 4488 سنة 1978 إداري شبرا والتي لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن دعوى استرداد الحيازة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع بدون نظر إلى صفة واضع اليد فلا يشترط توافر نية التملك عنده، ويكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً في حالة وقوع الغضب، والعبرة في ثبوت هذه الحيازة - وهي واقعة مادية - بما يثبت قيامه فعلاً ولو خالف الثابت بمستندات، لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن استظهر التحقيقات الإدارية التي كانت صورها منضمة إلى الدعوى وأقوال الشهود فيها، أثبت أنه كان للمطعون ضدها الأولى حيازة مادية على العقار المتنازع عليه وقت فقد الحيازة الحاصل بتاريخ 30/ 4/ 1978 وأقامت الدعوى - وعلى نحو ما ورد بالرد على السبب الأول - بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 12/ 3/ 1979 وخلص من كل ذلك إلى أن الطاعن قد حضر إلى الأرض ومعه العمال الذين قاموا برفع القاذورات وتسوير الأرض وهو ما يمثل عنصر القوة والإكراه الذي لجأ إليها الطاعن في الاستيلاء على الأرض وأضاف الحكم المطعون أنه "يكفي المستأنف (الطاعن) أنه استولى على الأرض دون رضاء المستأنف عليها الحائزة (المطعون ضدها الأولى)، ودون علمها وكان هذا السلب عبقة أمامها لا تستطيع مفاداتها إلا إذا لجأت إلى العنف..." فإنه بذلك يكون قد استظهر بجلاء أن الحيازة قد سلبت قهراً وأن المطعون ضدها الأولى قد أقامت دعواها قبل مضي سنة على سلب حيازتها وإذ كان ذلك وكان لا يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون سلبها مصحوباً بإيذاء أو تعد على شخص الحائز أو غيره، بل يكفي أن تكون الحيازة قد سلبت قهراً، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذه الأسباب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.