أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 250

جلسة 16 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد/ المستشار الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم، ذكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق، وعبد المنعم إبراهيم.

(58)
الطعن رقم 1934 لسنة 51 القضائية

(1) دعوى "سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته. الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم.
(2، 3) التزام "تجديد الالتزام". تقادم.
(2) كتابة سند بدين موجود من قبل أو تغيير الالتزام الذي لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفية. لا يستفاد منه تجديد الالتزام.
(3) مطالبة الشركة المطعون ضدها للطاعن بصفته أميناً للنقل بالتعويض عن العجز في البضاعة التي عهدت إليه بنقلها. سقوط هذه الدعوى بمضي المدد المنصوص عليها في المادة 104 من قانون التجارة إقرار الطاعن اللاحق على العقد بقبوله خصم قيمة العجز من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها. لا يعتبر تجديداً للالتزام المتولد عن عقد النقل بحيث يخضع للتقادم الطويل وإنما قاطعاً للتقادم الأول يبدأ به تقادم جديد بنفس المدة.
1 - قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم.
2 - تجديد الالتزام وفقاً للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته.
3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون ضدها قد أقامت دعواها على الطاعن بطلب إلزامه - بصفته أميناً للنقل - بالتعويض عن العجز في البضاعة التي عهدت إليه بنقلها بموجب عقد النقل المؤرخ 15/ 1/ 1973 استناداً إلى التزامه الناشئ عن هذا العقد بضمان تسليم البضاعة في جهة الوصول - كاملة وسليمة - ومن ثم فإن عقد النقل المشار إليه يكون سبب الدعوى، وإذ كانت الدعوى المستندة إلى هذا السبب تقسط - طبقاً للمادة 104 من قانون التجارة بمضي مائة وثمانين يوماً - فيما يختص بالنقل داخل البلاد من اليوم الذي كان يجب فيه نقل البضاعة - في حالة الهلاك الكلي ومن يوم تسليمها فعلاً إلى المرسل إليه - في حالة التلف - وذلك ما لم يصدر من الناقل أو تابعيه غش أو خيانة فإنها تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وكان إقرار الطاعن اللاحق على عقد النقل - بقبوله خصم قيمة العجز من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها - لا يعتبر تجديداً للالتزام المتولد من عقد النقل بتعويض الضرر الناشئ عن العجز - وإنما اعترافاً بهذا الالتزام - بهدف اعتبار هذا التعويض ثابتاً في ذمته وليس بهدف تغيير مصدره من عقد النقل إلى الإدارة المنفردة، ومن ثم فلا يترتب عليه أن يصبح التعويض في هذه الحالة ديناً عادياً يخضع للتقادم الطويل وإنما يبقى خاضعاً للتقادم الوارد بنص المادة 104 من قانون التجارة، ويعتبر الإقرار المشار إليه في ذات الوقت إجراءاً قاطعاً لدعوى مسئولية الطاعن - كتأمين للنقل - يبدأ به تقادم جديد مدته هي التقادم الأول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت ابتداء الدعوى رقم 1601 لسنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية - على الطاعن يطلب إلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 6412.054 جنيه - وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 15/ 1/ 1973 عهدت إليه بنقل كمية من الصفيح من الإسكندرية إلى الشركة.... بالقاهرة إلا أنه تبين عند تسليم الرسالة بتاريخ 29/ 5/ 1973 وجود عجز بها قدره 21.779 طن - يقدر التعويض عنه بالمبلغ المطالب به - دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى طبقاً للمادة 99 من قانون التجارة. وبتاريخ 30/ 4/ 1974 قضت محكمة برفض الدفع وبندب خبير في الدعوى الذي انتهى في تقريره إلى أن قيمة العجز 4046.381 جنيه وأن الطاعن قبل خصم مبلغ 3684.781 جنيه من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها. وبتاريخ 1/ 2/ 1978 قررت المحكمة شطب الدعوى. فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى الحالية رقم 1011 لسنة 1979 تجاري كلي الإسكندرية على الطاعن بطلب إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 361.600 جنيه - وهو الفرق بين التعويض المستحق لها عن العجز في رسالة الصفيح وبين رصيد الطاعن لديها والذي قبل خصمه دفع الطاعن بسقوط الدعوى عملاً بالمادة 104 من قانون التجارة. وبتاريخ 26/ 2/ 1980 قبلت محكمة أول درجة هذا الدفع. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 420 لسنة 36 ق. وبتاريخ 18/ 5/ 1981 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للشركة المطعون ضدها مبلغ 361.600 جنيه طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره - وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه - القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر التزامه بتعويض الضرر عن العجز في البضاعة التي قام بنقلها قد تغير مصدره من عقد النقل المؤرخ 15/ 1/ 1973 - إلى إقراره اللاحق عليه بقبوله خصم قيمة هذا العجز من قيمة مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها - واعتبر هذا الإقرار سبب الدعوى ورتب على ذلك عدم خضوعها للتقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة وخضوعها لتقادم آخر طويل المدة طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني - في حين أن سبب الدعوى هو عقد النقل المشار إليه وما إقراره اللاحق عليه بالعجز إلا إجراء قاطع لتقادم دعوى مسئوليته - كتأمين للنقل - يبدأ به تقادم جديد مدته هي مدة التقادم الأول وهي مائه وثمانين يوماً من تاريخ تسليم البضاعة - لأن التقادم في هذه الحالة لا يستند إلى قرينة الوفاء وإنما إلى الرغبة في تصفية المنازعات التي تنشأ عن عمليات النقل العديدة التي يقوم بها الناقل.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى - على أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم - وأن تجديد الالتزام وفقاً للمادة 354 من القانون المدني - لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته - وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون ضدها قد أقامت دعواها على الطاعن بطلب إلزامه - بصفته أميناً للنقل - بالتعويض عن العجز في البضاعة التي عهدت إليه بنقلها بموجب عقد النقل المؤرخ 15/ 1/ 1973 استناداً إلى التزامه الناشئ عن هذا العقد بضمان تسليم البضاعة في جهة الوصول - كاملة وسليمة. ومن ثم فإن عقد النقل المشار إليه يكون سبب الدعوى.
وإذ كانت الدعوى - المستندة إلى هذا السبب تسقط - طبقاً للمادة 104 من قانون التجارة - بمضي مائة وثمانين يوماً - فيما يختص بالنقل داخل البلاد - من اليوم الذي كان يجب فيه نقل البضاعة - في حالة الهلاك الكلي - ومن يوم تسليمها فعلاً إلى المرسل إليه - في حالة التلف - وذلك ما لم يصدر من الناقل أو تابعيه غش أو خيانة فإنها تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه - وكان إقرار الطاعن اللاحق على عقد النقل - بقبوله خصم قيمة العجز من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها لا يعتبر تجديداً للالتزام المتولد من عقد النقل بتعويض الضرر الناشئ عن العجز - وإنما اعترافاً منه بهذا الالتزام - بهدف اعتبار هذا التعويض ثابتاً في ذمته وليس بهدف تغيير مصدره من عقد النقل إلى الإدارة المنفردة. ومن ثم فلا يترتب عليه أن يصبح التعويض في هذه الحالة - ديناً عادياً يخضع للتقادم الطويل وإنما يبقى خاضعاً للتقادم الوارد بنص المادة 104 من قانون التجارة ويعتبر الإقرار المشار إليه في ذات الوقت - إجراءاً قاطعاً لدعوى مسئولية الطاعن - كتأمين للنقل - يبدأ به تقادم جديد مدته هي مدة التقادم الأول - لما كان ذلك وكانت الشركة المطعون ضدها لم تدع بوقوع غش أو خيانة من الطاعن أو تابعيه وكانت قد أقامت دعواها الراهنة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/ 3/ 1979 بعد شطب دعواها السابقة رقم 1601 لسنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية بتاريخ 1/ 2/ 1978 - أي بعد مضي مائة وثمانين يوماً من قرار الشطب - باعتباره آخر إجراء صحيح تم في الدعوى ومن ثم فإن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تكون قد سقطت بالتقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة - ولما كان الطاعن قد تمسك - أمام محكمة الموضوع بهذا التقادم - وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دفاعه في هذا الصدد استناداً إلى أن التزامه بالتعويض عن العجز في البضاعة قد تغير مصدره من عقد النقل إلى الإقرار اللاحق عليه بالعجز واعتبر هذا الإقرار سبباً للدعوى ورتب على ذلك عدم خضوعها للتقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة وخضوعها للتقادم الطويل طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني وقضاءه في موضوع الدعوى بالتعويض - فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد بما يوجب نقضه - دون حاجة لبحث السبب الأول من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.