أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 750

جلسة 19 إبريل سنة 1951
(119)
القضية رقم 116 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك المستشارين.
1 - نقض. المادة 18 من قانون إنشاء محكمة النقض. الصورة المعلنة من الحكم. تعتبر صورة مطابقة لأصله في معنى هذه المادة. القول باحتمال وجود خطأ أو ترك في الصورة المعلنة. لا يغير من ذلك. لمحكمة النقض إذا تراءى لها وجود عيب من هذا القبيل في الصورة المعلنة أن تلزم الطاعن بتقديم صورة رسمية مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه.
(المادة 18 من قانون إنشاء محكمة النقض).
2 - إثبات. قرائن. وضع يد بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية. كشوف التكليف وأوراد المال. اعتبارها قرائن تعزز وضع اليد بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية. لا مخالفة في ذلك للقانون. مثال.
1 - الصورة المعلنة من الحكم تعتبر صورة مطابقة لأصله في معنى المادة 18 من قانون إنشاء محكمة النقض ولا يصح أن تكون غير ذلك وهو ذات المعنى الذي قصده الشارع إذ رتب على إعلان الحكم بدأ سريان ميعاد الطعن فيه وإذ أوجب قبل تنفيذه إعلانه للمدين ولا يغير من ذلك القول باحتمال وجود خطأ أو ترك في الصورة المعلنة إذ لمحكمة النقض إذا تراءى لها وجود عيب من هذا القبيل في الصورة المعلنة أن تلزم الطاعن بتقديم صورة رسمية مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه.
2 - متى كان الواقع هو أن مورث المطعون عليهم وابنته المطعون عليها الأولى أقاما دعواهما على الطاعنين يطلبان تثبيت ملكيتهما لأطيان تأسيساً على أن مورثتهما اشترت من والدتها جزءاً من هذه الأطيان بعقد مسجل وأن الباقي آل إلى مورثتهما عن والدتها بطريق الميراث وكانت محكمة أول درجة إنما أحالت الدعوى على التحقيق بناء على ما ادعاه الطاعن الأول من أنه تملك الأرض موضوع النزاع بوضع اليد عليها هو ومورثه من قبل المدة الطويلة المكسبة للملكية ولما تبين للمحكمة بعد سماع شهود الطرفين أن يده وكذلك يد مورثه من قبل إنما كانت يداً عارضة بالنيابة عن مورثة المطعون عليهم ووالدتها أخت مورث الطاعنين لما تبين لها ذلك قضت للمطعون عليهم بطلباتهم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على هذا الأساس وإنما أشار إلى كشوف التكليف وأوراد المال وإلى انتقال تكليف جزء من الأطيان لاسم مورثة المطعون عليهم وقت أن كان مورث الطاعنين عمدة البلدة الواقعة فيها الأطيان موضوع النزاع باعتبارها قرائن تعزز وضع يد المطعون عليهم ومورثتهم ووالدتها من قبل بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية فليس في هذا ما يخالف القانون.


الوقائع

في يوم 11 من يوليه سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 26 من مارس سنة 1949 في الاستئناف رقم 458 سنة 4 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 16 من يوليه سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 25 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين معلنتين من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 11 من أغسطس سنة 1949 أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 29 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً بعدم قبول الطعن شكلاً وثانياً في حالة قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين في كلتا الحالتين بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 12 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن المادة 18 من قانون إنشاء محكمة النقض توجب على الطاعن تقديم صورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه في ميعاد عشرين يوماً على الأكثر من تاريخ الطعن وأن الطاعنين لم يودعوا إلا صوراً معلنة لبعضهم من الحكمين الابتدائي والاستئنافي وهذه لا تعتبر صوراً مطابقة للأصل في معنى المادة سالفة الذكر إذ المقصود فيها بالصورة المطابقة للأصل هي الصورة المصدق على كل صفحة من صفحاتها من قلم الكتاب بختم المحكمة التي أصدرت الحكم.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن الصورة المعلنة من الحكم تعتبر صورة مطابقة لأصله في معنى المادة سالفة الذكر ولا يصح أن تكون غير ذلك وهو ذات المعنى الذي قصده الشارع إذ رتب على إعلان الحكم بدأ سريان ميعاد الطعن فيه وإذ أوجب قبل تنفيذه إعلانه للمدين أما تحدي النيابة باحتمال وجود خطأ أو ترك في الصورة المعلنة فمردود بأن لمحكمة النقض إذا تراءى لها وجود عيب من هذا القبيل في الصورة المعلنة أن تلزم بتقديم صورة رسمية مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المرحوم عثمان العزب أحمد دنيا (مورث المطعون عليهم) وابنته السيدة دولت الشهيرة ببخاطرها (المطعون عليها الأولى) أقاما على الطاعنين في مارس سنة 1944 الدعوى رقم 572 سنة 1944 كلي لدى محكمة طنطا الابتدائية الوطنية بطلب تثبيت ملكيتها إلى 3 أفدنة وقيراط واحد و12 سهماً الموضحة الحدود والمعالم بعريضة دعواهما وتسليمها لهما... مستندين في ذلك إلى أن فدانين منها اشترتهما مورثتهما المرحومة زكية أحمد العزب زوجة المرحوم عثمان العزب ووالدة المطعون عليها الأولى من والدتها هندية سليمان دنيا بموجب عقد بيع مسجل في سنة 1903 والباقي ومقداره فدان واحد وقيراط واحد و12 سهماً آل إلى السيدة زكية مورثتهم المذكورة بطريق الميراث عن والدتها المرحومة هندية سليمان، أنكر الطاعنون الدعوى ودفع عبد الجواد أحمد سليمان دنيا (أول الطاعنين) بأنه تملك الأرض موضوع النزاع بوضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية فقضت محكمة الدرجة الأولى في 5 من ديسمبر سنة 1946 تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت أول الطاعنين بأي طرق من طرق الإثبات دفاعه سالف الذكر ولينفيه المطعون عليهم وبعد سماع الشهود قضت للمطعون عليهم بطلباتهم مؤسسة قضاءها على ما تبين لها من شهادة الشهود من أن وضع يد أول الطاعنين ومورثه من قبل لم يكن بنية التملك بل كان بالنيابة عن المرحومة زكية ووالدتها المرحومة هندية وبعد وفاتهما عن المطعون عليهم فاستأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 458 سنة 4 ق استئناف الإسكندرية فقضت محكمة الاستئناف بتأييده لأسبابه ولما أضافته إليها من أسباب أخرى فقرر الطاعنون طعنهم فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم أخطأ في تطبيق قواعد الإثبات ذلك أنه أقام قضاءه للمطعون عليهم بملكيتهم لفدانين من الأرض موضوع النزاع على عقد بيع قال أنه صدر من هندية سليمان بسيوني دنيا إلى ابنتها زكية مورثة المطعون عليهم وذلك اعتماداً على صورة رسمية من العقد مستخرجة من سجل العقود بمحكمة الإسكندرية المختلطة رغم تمسك الطاعنين بأن هذه الصورة لا حجية لها في الإثبات وأنه لا يصح التعويل على القرائن في إثبات ملكية أطيان تزيد قيمتها على نصاب البينة فكان رد الحكم على هذا الدفاع أن هذه الصورة لها أثرها القانوني في إثبات حصول البيع من هندية إلى ابنتها زكية وأنه لا يقصد من هذا الأثر الاحتجاج بأن الصورة لا تقوم مقام الأصل إذ هذا الاحتجاج لا يجوز إلا للمتعاقدين دون سواهما، وهذا التقرير مخالف للقانون، كما أن الطاعنين تمسكوا بأن التوقيع المنسوب إلى مورثهم المرحوم أحمد سليمان دنيا بوصفه شاهداً على العقد سالف الذكر غير صحيح فلم تعتد المحكمة بهذا الدفاع قولاً بأنه دفاع جديد أدلوا به لأول مرة في مارس سنة 1949 لدى محكمة الاستئناف في حين أن الدعوى رفعت في مارس سنة 1944 مع أن الواقع هو أن هذا الدفاع أبدى أمام محكمة الدرجة الأولى في أوائل سنة 1946، ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر كشوف التكليف وأوراد المال سندات مقررة للملكية مع أنها لا تعدو كونها قرائن غير قاطعة على وضع اليد، ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم أخطأ في الاستدلال إذ قرر أن الطاعنين تعمدوا استخراج الكشف الرسمي من سجل المساحة الحديثة عن سنة 1943 عن تكليف زكية أحمد العزب في حوض واحد وأغفلوا استخراج كشوف المساحة عن باقي الأحواض مع أنهم قدموا مستخرجاً سمياً بجميع المكلف باسم المرحومة زكية مورثة المطعون عليهم، ويتحصل السبب الرابع في قصور أسباب الحكم ذلك أن الأطيان موضوع النزاع تتكون حسب دعوى المطعون عليهم من قطعتين إحداهما مساحتها فدانان مفرزان ادعى المطعون عليهم أنهما آلا إلى مورثتهم المرحومة زكية بطريق الشراء من والدتها والباقي شائع ادعوا أنه آل إلى مورثتهم المذكورة بطريق الميراث عن والدتها ولكن الحكم خلط في قضائه بين سببي التمليك - الشراء والإرث.
ومن حيث إن الأسباب سالفة الذكر مردودة جميعاً بأن محكمة الدرجة الأولى إنما أحالت الدعوى على التحقيق بناء على ما ادعاه الطاعن الأول من أنه تملك الأرض موضوع النزاع بوضع اليد عليها هو ومورثه من قبل المدة الطويلة المكسبة ولما تبين للمحكمة بعد سماع شهود الطرفين أن يده وكذلك يد مورثه من قبل إنما كانت يداً عارضة بالنيابة عن مورثة المطعون عليهم المرحومة زكية وأمها المرحومة هندية أخت مورث الطاعنين - لما تبين لها ذلك قضت للمطعون عليهم بطلباتهم وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه على هذا الأساس وإنما أشار إلى كشوف التكليف وأوراد المال وإلى انتقال تكليف الفدانين لاسم مورثه المطعون عليهم في سنة 1903 وقت أن كان مورث الطاعنين عمدة البلد الواقعة فيه الأطيان موضوع النزاع باعتبارها قرائن تعزيز وضع يد المطعون عليهم ومورثهم ووالدتها من قبل بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية وليس في هذا ما يخالف القانون أما ما ورد في الحكم عدا ذلك مما يعيبه عليه الطاعنون فقد جاء تزيداً لا يضيره الخطأ فيه.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم شابه القصور إذ لم يعتد بدفاع الطاعنين بأنهم تملكوا الأطيان بوضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية ولم يأخذ بأقوال شهودهم الدالة على ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم ناقش ادعاء الطاعنين تملكهم الأطيان موضوع النزاع بوضع اليد عليها المدة الطويلة ونفي أن وضع يدهم كان بنية التملك ولم يقدم الطاعنون صورة رسمية من محضر التحقيق ليثبتوا أن ما استخلصته المحكمة من شهادة الشهود يخالف الثابت من أقوالهم ومن ثم يكون هذا السبب مجرداً عن الدليل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.