أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 769

جلسة 19 إبريل سنة 1951
(122)
القضية رقم 177 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
تعهدات. الاتفاق شريعة المتعاقدين. عقد توريد. اتفاق الطرفين على تحديد السعر بحيث لا يعدل زيادة أو نقصاً إلا تبعاً لزيادة أو نقصان "الرسوم الجمركية أو رسوم الإنتاج أو نولون سكة الحديد". لا يحل لأحد الطرفين الجدل في مقدار السعر زيادة أو نقصاً إلا في الحالات المنصوص عليها في العقد. قياس حالة وضع حد أقصى إجباري للأسعار على هذه الحالات. غير مستساغ. حكم. قضاؤه للمطعون عليها بقيمة زيادة أسعار المواد التي وردتها وبقيمة ما احتجزه أول الطاعنين مقابل الفرق بين السعر المتفق عليه في العقد والسعر الذي اشترى به الكميات اللازمة له. خطأ في تطبيق قانون العقد.
الاتفاق شريعة المتعاقدين وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى هو أن المطعون عليها تعهدت بتوريد بعض المواد إلى أول الطاعنين وحدد السعر في عقد التوريد بحيث لا يعدل زيادة أو نقصاً إلا تبعاً لزيادة أو نقصان "الرسوم الجمركية أو رسوم الإنتاج أو نولون سكة الحديد" فإنه لا يحل لأحد الطرفين الجدل في مقدار السعر زيادة أو نقصاً إلا في الحالات المنصوص عليها في العقد ومن غير المستساغ أن يقاس على هذه الحالات حالة وضع حد أقصى إجباري للأسعار إذ واضح أن الزيادة في تلك الحالات يعود عنهما مباشرة إلى السلطات العامة فمن المفهوم أن لا يكون هذا الغنم سبباً في إثقال كاهل المتعهد بالتوريد أما في حالة التسعير الجبري فالأمر على خلاف ذلك إذ الغرض منه هو حماية الجمهور من الاستغلال لا زيادة الموارد المالية للسلطات العامة ومن ثم يكون الحكم فيه إذ قضى للمطعون عليها بقيمة زيادة أسعار المواد التي وردتها وفقاً لما حدد في التسعيرة الجبرية وبقيمة ما احتجزه أول الطاعنين مقابل الفرق بين السعر المتفق عليه في العقد والسعر الذي اشترى به الكميات اللازمة له تأسيساً على أن نصوص العقد تتسع لحالة وضع تسعير جبري للأشياء يكون قد خالف قانون العقد.


الوقائع

في يوم 6 من أكتوبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 30 من مايو سنة 1949 في الاستئناف رقم 1234 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 من أكتوبر سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن وفي 25 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم وفي 14 من نوفمبر سنة 1949 أودعت المطعون عليهما مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 31 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات وفي 12 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن وقائع الدعوى كما يبين من الأوراق تتحصل في أن المطعون عليها اتفقت مع مدير الغربية بصفته رئيساً لبلدية طنطا والمجالس المحلية والقروية الواقعة في دائرة المديرية بعقد حرر في 19 من سبتمبر سنة 1938 على توريد كميات من الديزل والكيروسين والبنزين بسعر معين وأن يكون ذلك لمدة سنة على أن تكون الكميات المتفق عليها قابلة للزيادة والنقصان بنسبة 25 المائة. وقد نفذ العقد حتى يوم 14 من سبتمبر سنة 1939 إذ صدر تسعير جبري بسبب الحرب لهذه المواد المتفق على توريدها وبمقتضاه صار ثمن الطن 4 جنيهات و950 مليماً وهو أزيد من السعر الذي كان متفقاً عليه فطلبت المطعون عليها أن يكون ثمن ما تورده وفقاً للسعر الجديد الجبري - ولكن المديرية رفضت متمسكة بنص العقد - وبلغ فرق السعر مبلغ 59 جنيهاً و944 مليماً كما أن المديرية قررت أنها إزاء نكوص الشركة عن التوريد اشترت على حسابها ما كانت ملزمة بتوريده وبلغ ثمن ذلك 116 جنيهاً و569 مليماً وقد أقامت الشركة الدعوى مطالبة بالمبلغين فقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى مقرة الطاعنين على وجهة نظرهم فاستأنفت الشركة فقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا إلى المطعون عليها مبلغ 176 جنيهاً و513 مليماً، فطعن الطاعنون في الحكم بالنقض.
ومن حيث إن سبب الطعن يتحصل وجهه الأول في أن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه على أن وضع الحكومة لتسعير جبري هو مما يدخل في عداد الأحوال المنصوص عليها في البند السادس عشر من عقد التوريد قد خالف العقد وهو قانون الطرفين إذ العقد صريح في أن السعر لا يعدل إلا في أحوال ثلاثة ذكرت على سبيل الحصر تكون الحكومة فيها هي العاملة على زيادة السعر وينالها غنم هذه الزيادة مما من شأنه أن يخل بالعقد ولا يصح أن يقاس التسعير الجبري على هذه الحالات لأن الحكومة في وضعه لا تهدف إلى غنم خاص بل ترمي إلى حماية المستهلك بالحد من ارتفاع الأسعار.
ومن حيث إن الاتفاق شريعة المتعاقدين وقد حدد السعر في عقد التوريد فلا يحل لأحد الطرفين الجدل في مقداره زيادة أو نقصاً إلا في الحالات التي نص عليها البند السادس عشر من العقد وهو زيادة أو نقصان (الرسوم الجمركية أو رسوم الإنتاج أو نولون السكة الحديدية) ومن غير المستساغ أن يقاس على هذه الحالات حالة وضع حد أقصى إجباري للأسعار - إذ واضح أن الزيادة في تلك الحالات يعود غنمها مباشرة إلى السلطات العامة فمن المفهوم أن لا يكون هذا الغنم سبباً في انتقال كاهل المتعهد بالتوريد أما في حالة التسعير الجبري فالأمر على خلاف ذلك إذ الغرض منه هو حماية الجمهور من الاستغلال لا زيادة الموارد المالية للسلطات العامة - وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليها تأسيساً على أن نص البند السادس عشر يتسع لحالة وضع تسعير جبري للأشياء قد خالف قانون العقد فيتعين نقضه.
ومن حيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي في محله لما سبق بيانه ولما ورد به من أسباب فيتعين تأييده.