أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 775

جلسة 3 من مايو سنة 1951
(124)
القضية رقم 217 سنة 18 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.
1 - استئناف. الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. هو حكم في موضوع الدعوى. يتعين على محكمة الاستئناف إذا ما ألغته أن تبحث الدعوى وتقضي فيها برأي. ليس في هذا إخلال بقاعدة درجتي التقاضي.
2 - حكم. تسبيبه. دعوى من الطاعن بطلب فك رهن عن أطيان سبق أن رهنها البائع له إلى مورثه المطعون عليهم رهناً حيازياً. حكم برفضها. اعتماده فيما اعتمد على حكمين نهائيين سابقين يجوز الاحتجاج بهما على الطاعن، حسبما أوجه النزاع التي أثارها في دفاعه عن ملكية الأطيان إذ قررا أن مورثة المطعون عليهم قد تملكتا. في هذا وحده ما يكفي لإقامة الحكم. ما أورده بعد ذلك هو تزيد لا جدوى من الطعن فيه. النعي على الحكم القصور لأن الحكمين السابقين لم يبينا كيف تحققا من أن الأطيان التي آلت ملكيتها إلى مورثة المطعون عليهم هي نفس الأطيان موضوع النزاع. لا يصح. هذا الطعن يعتبر موجهاً إلى الحكمين السابقين لا إلى الحكم المطعون فيه.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
1 - الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها هو حكم في موضوع الدعوى، فإذا ألغته محكمة الاستئناف تعين عليها أن تبحث الدعوى وتقضي فيها برأي، وليس في هذا إخلال بقاعدة درجتي التقاضي.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن التي أقامها بطلب فك الرهن عن الأطيان التي سبق أن رهنها البائع له إلى مورثة المطعون عليهم رهناً حيازياً قد اعتمد فيما اعتمد على حكمين نهائيين سابقين يجوز الاحتجاج بهما على الطاعن، حسبما أوجه النزاع التي أثارها في دفاعه عن ملكية هذه الأطيان، إذ قرر أن ملكيتها قد آلت إلى مورثة المطعون عليهم بمقتضى حكم رسو المزاد الصادر بناء على إجراءات التنفيذ الجبري التي اتخذها دائن آخر كان قد ارتهن الأطيان رهناً تأمينياً، فإن في هذا وحده ما يكفي لإقامة الحكم. ومن ثم يكون ما أورده بعد ذلك هو من قبيل التزيد الذي لا جدوى من الطعن فيه، كذلك لا يصح أن يسند إليه القصور بمقولة أن الحكمين النهائيين السابقين لم يبينا كيف تحققا من أن الأطيان التي نزعت ملكيتها هي نفس الأطيان التي رهنت حيازياً لمورثة المطعون عليهم وأنها كل ما كان يملكه البائع للطاعن، لأن هذا يعتبر طعناً موجهاً إلى الحكمين النهائيين السابقين لا إلى الحكم المطعون فيه.


الوقائع

في يوم 15 من ديسمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 10 من يونيه سنة 1948 في الاستئناف رقم 190 سنة 22 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 20 من ديسمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 4 من يناير سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 15 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 21 من ديسمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 19 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... ومن حيث إن وقائع الدعوى كما يبين من الأوراق تتحصل في أن المرحوم مصطفى رضوان اقترض من عطوة جريس داود (مورثة المطعون عليهم) مبلغ 179 جنيهاً ورهن لها في 16/ 1/ 1911، 6 أفدنة و15 قيراطاً رهناً حيازياً - وبمقتضى عقد بيع مسجل في 11/ 9/ 1929 باع ورثة المدين الراهن هذه الأطيان للطاعن الذي رفع الدعوى رقم 157 سنة 1932 كلي قنا على مورثة المطعون عليهم طالباً الحكم باستهلاك دين الراهن وتسليمه الـ 6 أفدنة و15 قيراطاً التي اشتراها فدفعت المورثة الدعوى بأنها أصبحت مالكة للأطيان لشرائها بمقتضى حكم رسو مزاد من المحكمة المختلطة في 23/ 1/ 1918 الذي صدر بناء على إجراءات التنفيذ الجبري التي اتخذها البنك الزراعي بوصفه دائناً مرتهناً رهناً تأمينياً للعين. فقضت المحكمة في 15/ 10/ 1932 بوقف الدعوى حتى يفصل في الملكية. فرفع الطاعن الدعوى رقم 78 سنة 1936 كلي قنا طالباً تثبيت ملكيته إلى الـ 6 أفدنة و15 قيراطاً والتسليم وكف المنازعة فقضت المحكمة برفض الدعوى وأصبح الحكم نهائياً، ولما عجلت بعد ذلك الدعوى رقم 157 سنة 32 كلي قنا قضت المحكمة في 27/ 5/ 1939 برفضها. بعد ذلك رفع الطاعن الدعوى الحالية طالباً الحكم بفك الرهن عن الـ 6 أفدنة و15 قيراطاً مقابل دفع مبلغ الرهن وقدره 179 جنيهاً والتصريح بتسجيل الحكم الذي يصدر وأضافتها إلى تكليفه خالية من الرهون لأنه قد حل محل المالك الأصلي بوصفه مشترياً للأطيان. فدفع المطعون عليهم بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 78 سنة 1936 كلي قنا فقبلت محكمة أول درجة هذا الدفع وحكمت بمقتضاه فلما استأنف الطاعن. قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع وفي الموضوع برفض الدعوى فطعن الطاعن في الحكم بالنقض.
وحيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لموضوع الدعوى بعد إلغاء الحكم القاضي بعدم جواز سماع الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يجب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة لأن الحالة لم تكن من الحالات التي يجوز فيها لمحكمة الاستئناف أن تتصدى لموضوع الدعوى.
وحيث إنه بغض النظر عما أثبته الحكم المطعون فيه من أن الطاعن طلب في صحيفة استئنافه الفصل في موضوع الدعوى فإن هذا السبب مردود بأن الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة حكم في موضوع الدعوى فإذا ألفته محكمة الاستئناف تعين عليها أن تبحث الدعوى وتقضي فيها برأي وليس في هذا إخلال بقاعدة درجتي التقاضي.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور إذ تمسك الطاعن بأن الأطيان التي نزع البنك الزراعي ملكية مصطفى رضوان عنها وقدرها 15 فداناً و12 قيراطاً تغاير الأطيان التي رهنها إلى مورثه المطعون عليهم والتي اشتراها الطاعن، فالأطيان المنزوعة ملكيتها والتي رست على مورثه المطعون عليهم شائعة في 196 فدان بينما الأطيان المرهونة حيازياً والتي اشتراها الطاعن مفرزة.... ولكن الحكم المطعون فيه اعتمد في عدم الأخذ بدفاع الطاعن على الحكم الذي صدر في القضية رقم 78 سنة 1936 كلي قنا بوصفة قرينة قضائية وقرر أن محكمة قنا ذكرت في ذلك الحكم أنها اطلعت على القضية رقم 410 سنة 1919 فتبين لها أن مصطفى رضوان لم يملك خلاف القدر الذي كان مرهوناً للبنك الزراعي والمرهون لمورثة المطعون عليهم وأن ما رسا مزاده على المورثة المشار إليها هو كل يملكه المدين ومن ثم يكون البيع الحاصل من الورثة للطاعن واقعاً على غير ما يملكون - وما قرره الحكم المطعون فيه خطأ لأن القرينة القضائية هي قرينة بسيطة تقبل أثبات العكس وأن هناك دليلاً كتابياً ينقض هذه القرينة وهو عقد الرهن الحيازي الذي وصفت فيه الأطيان بأنها مفرزة وهذا ينقض ما يستفاد من حكم رسو المزاد الذي كان محله أطياناً شائعة - كما أن الحكم المطعون فيه لم يبين كيف تحقق الحكمان السابقان من أن الأطيان المنزوعة ملكيتها هي نفس الأطيان المرهونة إلى مورثة المطعون عليهم وأنها كل ما كان يملكه مصطفى رضوان.
ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن حكم رسو المزاد على مورثة المطعون عليهم الصادر في 23/ 1/ 1981 بنقل الملك ولو لم يقم الراسي عليه المزاد بدفع الثمن ودون أن يسجل قد أخطأ في تطبيق القانون لمخالفته نص المادتين 587، 588 مرافعات قديم ومخالفة ذلك لما نص عليه قانون التسجيل.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه وإن قضى برفض الدفع بعدم جواز سماع الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 78 سنة 1936 قنا تأسيساً على اختلاف الموضوع في الدعويين إلا أنه حين استعرض أوجه الدفاع التي تمسك بها الطاعن والتي ضمنها السببين الثاني والثالث من طعنه الحالي رأى أنها أوجه سبق أن بت فيها نهائياً بالحكم الصادر في القضية رقم 78 سنة 1936 كلي قنا الذي استند بدوره إلى الحكم الصادر في القضية رقم 410 سنة 1919 وهو "حكم قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه لصدوره نهائياً في مواجهة ثلاثة من ورثة مصطفى رضوان وأنه حجة على المستأنف نفسه (الطاعن) لأنه تلقى الملك عنهم ولا يملك من الحقوق أكثر مما يملكون وأن الوارثة الرابعة فاطمة لم توجه إلى هذا الحكم أي اعتراض أو طعن...... "وقرر الحكم المطعون فيه" أنه مع هذه النتيجة التي خلصت إليها المحكمة في القضية 78 سنة 1936 كلي قنا بعد استعراضها الوقائع المتقدمة واطلاعها على الحكم النهائي رقم 410 سنة 1919 استئناف قنا فإن المحكمة ترى أن محاولة المستأنف إثارة هذا النزاع في الدعوى الحالية هي محاولة غير مقبولة ودفاع غير مجدي الآن ومن ثم لا تلتفت إليه المحكمة - ولم يقف الحكم المطعون فيه عند هذا الحد بل أعاد ما قرره الحكمان النهائيان المشار إليهما رداً على ما تمسك به الطاعن من أوجه دفاع وصوب هذه التقريرات بالعبارات التي هي محل طعن الطاعن.
وحيث إنه يتضح مما تقدم أن الحكم اعتمد فيما اعتمد عليه من رفض دعوى الطاعن على حكمين نهائيين سابقين يجوز الاحتجاج بهما على الطاعن - حسبما أوجه النزاع التي أثارها في دفاعه وفي هذا وحده ما يكفي لإقامة الحكم دون حاجة إلى بحث ما تغلغل فيه الحكم بعد ذلك إذ هو من قبيل التزيد الذي لا جدوى من الطعن فيه، كما لا يصح أن يسند إلى الحكم قصور بمقولة أن الحكمين النهائيين السابقين لم يبينا كيف تحققا من أن الأطيان التي نزعت ملكيتها هي نفس الأطيان التي رهنت حيازياً لمورثة المطعون عليهم وأنها كل ما كان يملكه مصطفى رضوان لأن هذا يعتبر طعناً موجهاً إلى الحكمين النهائيين السابقين لا إلى الحكم المطعون فيه...
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.