أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 781

جلسة 3 من مايو سنة 1951
(125)
القضية رقم 53 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
حكم. تسبيبه. حكم استئنافي. قضاؤه بتأييد الحكم المستأنف لصحة أسبابه. عدم كفاية هذه الأسباب لحمل ما قضى به الحكم الاستئنافي. قصوره قصوراً يستوجب نقضه. مثال في دعوى صحة ونفاذ بيع.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
متى كان الواقع هو أن المطعون عليهما الأول والثانية وأخرى باعوا إلى المطعون عليه الثالث وهو أخو الطاعن أطياناً وقد ادعى هذا الأخير أنه أسهم في شراء تلك الأطيان بنصيب فأقام دعواه بطلب صحة ونفاذ البيع بالنسبة إلى نصيبه واستند إلى طلب كان قد أعد لتقديمه إلى المساحة موقع عليه منه ومن المطعون عليه الثالث بوصفهما مشتريين ومن البائعين وقضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعن حصول التعاقد وقرر المطعون عليه الأول بالتحقيق أن البيع حصل على دفعتين وأن الطاعن دفع ثمن الجزء المبيع أولاً وأن عقد البيع حرر باسم المطعون عليه الثالث أولاً ثم تم التوقيع بعد ذلك على الطلب الذي أعد لتقديمه إلى المساحة باسم المطعون عليه سالف الذكر والطاعن وأن البائعين استندوا بالثمن كاملاً، كذلك قررت المطعون عليها الثانية أنها وقعت على الطلب المشار إليه، وقضت المحكمة بعد ذلك برفض دعوى الطاعن استناداً إلى أنه لم يقم بإثبات ما كلفه به الحكم التمهيدي إذ أن من أشهدهما اعترفاً بأنهما لم يحضرا واقعة تحرير العقد وأنهما فقط سمعا بحصول التعاقد ولا يعرفان شيئاً عن الثمن وطريقة دفعه وأن المطعون عليه الثالث قال إن طلب المساحة كان مشروعاً لعقد لم يتم وأن الطاعن عجز عن إثبات دفع الثمن الذي قال به فاستأنف الطاعن هذا الحكم وتمسك بصحيفة استئنافه بالطلب الذي أعد لتقديمه للمساحة وبما قرره المطعون عليهما الأول والثانية في التحقيق، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي لصحة أسبابه مطرحاً بدون مبرر وجهة نظر الطاعن التي أبداها في صحفية استئنافه، يكون قد شابه قصور يستوجب نقضه، لأن أسباب الحكم الابتدائي هي أسباب قاصرة عن حمل ما قضى به الحكم المطعون فيه، إذ الظاهر من أقوال المطعون عليهما الأول والثانية في محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وتقريرهما أنهما استدا بثمن المبيع كاملاً ومن صيغة الطلب المعد لتقديمه إلى المساحة والموقع عليه منهما ومن الطاعن والمطعون عليه الثالث بوصفهما مشترين أن البيع قد انعقد فعلاً لمصلحة الطاعن بنسبة معينة ولم يبين الحكم المطعون فيه لماذا لم يقم وزناً لهذه الأدلة.


الوقائع

في يوم 23 من إبريل سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 171 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات. وفي 26 و28 من إبريل سنة 1949 و2 و3 من مايو سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 11 من مايو سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً. وفي 17 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات. وفي 19 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن واقعة الدعوى تتحصل على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 53 سنة 1946 كلي الجيزة على أخيه حمد سالم عبد الله (المطعون عليه الثالث) ومسعود حسن حسنين الهواري وآخرين بعريضة أعلنت في نوفمبر سنة 1945 طلب فيها (أولاً) الحكم بإلزام أخيه حمد سالم عبد الله بتقديم عقد البيع الابتدائي الصادر إليهما معاً من مسعود حسن حسنين الهواري وآخرين بشرائهما 20 قيراطاً و6 أسهم، وفي حالة تقديم العقد المذكور الحكم بصحة ونفاذ البيع بالنسبة إلى نصيبه وقدره 10 قراريط و3 أسهم، (ثانياً) في حالة عدم تقديم المطعون عليه الثالث العقد المذكور الحكم بصحة ونفاذ البيع فيما يختص بنصيبه المذكور، واستند في إثبات دعواه إلى طلب معد لتقديمه إلى مفتش قسم المساحة المحلي بالجيزة ومؤرخ في 12/ 3/ 1936 وقد جاء فيه "أنه مقدم من الشيخ حمد سالم عبد الله وأخيه الحاج سعيد سالم عبد الله مشتريين طرف أول - والست نفيسة بنت مسعود سليمان الهواري ومسعود حسنين الهواري وست الكل بنت حسن الهواري طرف ثان - وأن الطرف الثاني باع إلى الطرف الأول 20 قيراط و6 أسهم أطياناً زراعية بزمام زين مركز الجيزة. بحوض الجامع نمرة 8 على قطعتين ومقدار ما باعته الست نفيسة المذكورة هو 4 قراريط و12 سهماً، ومسعود 10 قراريط و12 سهماً وست الكل 5 قراريط و6 أسهم - وهذه الأعيان محددة بعقد قسمة مسجل كلياً - ويلتمس الموقعون تنفيذ هذا حسب المتبع". وهذا المحرر موقع عليه من المشتريين الاثنين ومن البائعين الثلاثة.
وبجلسة 6 من يونيه سنة 1946 أحيلت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي حصول التعاقد بالثمن المبين بصحيفة الدعوى على أن يكون للمدعى عليهم النفي.
وبجلسة التحقيق في 2 من يناير سنة 1947 قرر مسعود حسن حسنين الهواري "البائع الأول" أن البيع حصل على دفعتين، الأولى كانت مساحة الجزء المبيع فيها 4 قراريط و12 سهماً دفع ثمنه الطاعن شخصياً والثانية كانت مساحة المبيع فيها 16 قيراطاً (وصحة ذلك 15 قيراطاً و18 سهماً) - وكان عقد البيع باسم حمد سالم عبد الله أولاً، ثم وقعنا بعد ذلك طلب المساحة باسم الأخوين الاثنين (الطاعن والمطعون عليه الثالث). وقرر أيضاً أنه لا يذكر مقدار الثمن لأن البائعين تخالصوا به منذ عشر سنوات، وإن كان يذكر أن البيع تم على أساس ثمن الفدان 400 جنيه وقررت كذلك ست الكل البائعة الثانية أن والدتها (المرحومة نفيسة البائعة الثالثة) طلبت منها أن توقع على عقد بيعها 5 قراريط و6 أسهم إلى الحاج حمد المطعون عليه الثالث ففعلت، والعقد الذي وقعته هو المؤرخ في 11/ 3/ 1936، ثم قالت بعد الاطلاع على الطلب المعد لتقديمه إلى المساحة والمؤرخ في 12/ 3/ 1936 أنها وقعته كذلك - وأضافت عندما سئلت عن ثمن نصيبها المبيع أنها لا تعرف ذلك، وأن أمها باعته واشترت لها بدلاً منه.
وفي 20 من فبراير سنة 1947 قضت المحكمة برفض دعوى الطاعن. فاستأنف الطاعن حكمها أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 171 سنة 65 ق. وفي 8 من فبراير سنة 1949 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف لصحة أسبابه. فطعن فيه الطاعن بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم القصور في التسبيب (أولاً) إذ أغفل، من غير ما سبب، الاعتبار بما قرره المطعون عليه الأول وهو أحد البائعين، في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، من أن البيع حصل على دفعتين، وأن مساحة المبيع في الدفعة الأولى كانت 4 قراريط و12 سهماً دفع الطاعن شخصياً ثمنها، وأن العقد النظامي الذي أعد لتقديمه إلى المساحة حرر عن القدر المبيع كله باسم الأخوين معاً (الطاعن والمطعون عليه الثالث) وأن ذات المطعون عليه الثالث عرف البائع بأن الشراء وقع له ولأخيه الطاعن وأن ثمن البيع دفع بتمامه إلى البائعين منذ ما يقرب من عشر سنوات، وقد وكدت المطعون عليها الثانية وهي البائعة الثانية هذا المعنى (وثانياً) إذ أخذ بقبول المطعون عليه الثالث بأن الطلب المعد لتقديمه للمساحة والمؤرخ في 12/ 3/ 1936 كان عن مشروع بيع حصل العدول عنه، مع أن عقد البيع الصادر إلى المطعون عليه الثالث عن ذات المبيع سابق على هذا الطلب (وهو مؤرخ 11/ 3/ 1936) ومع أن الطلب المذكور يعتبر بعد ما قرره البائعان من أنهما استدا بالثمن جميعه، دليلاً كاملاً على انعقاد البيع لمصلحة الأخوين معاً.
ومن حيث إن هذا النعي بشقيه في محله، إذ الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد حكم محكمة أول درجة لأسبابه، مطرحاً بدون مبرر الاعتبار بوجهة نظر الطاعن التي أبداها في صحيفة استئنافه. ولما كانت أسباب حكم محكمة أول درجة تتحصل في أنه "تبين من مجموع التحقيق أن المدعي لم يقم بإثبات ما كلفه به الحكم التمهيدي إذ أن من استشهد بهما اعترفا بأنهما لم يحضرا واقعة تحرير العقد وأنهما فقط سمعا بحصول التعاقد ولا يعرفان شيئاً عن الثمن وطريقة دفعه وأن المدعى عليه الثالث قال بأن طلب المساحة كان مشروعاً لعقد لم يتم. وحيث إن المدعي عجز عن إثبات دفع الثمن المقال به في عريضة الدعوى فإن دعواه تكون خالية من الدليل ويتعين رفضها" - وهي أسباب قاصرة عن حمل ما قضى به الحكم المطعون فيه رفض دعوى الطاعن الحكم له صحة ونفاذ البيع بالنسبة إلى نصيبه وقدره 10 قراريط و3 أسهم، إذ الظاهر من أقوال البائعين في محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة والمقدمة صورته الرسمية إلى هذه المحكمة، وتقريرهما أنهما استدا بثمن المبيع كاملاً، ومن صيغة الطلب المعد لتقديمه إلى المساحة والموقع عليه منهما ومن الطاعن والمطعون عليه الثالث بوصفهما مشتريين أن البيع قد انعقد فعلاً لمصلحة الطاعن بالنسبة إلى 10 قراريط و3 أسهم، ولم يبين الحكم لماذا لم يقم وزناً لهذه الأدلة لما كان ذلك كذلك فإن الحكم يكون قد شابه قصور يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث سائر أسباب الطعن.