أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 802

جلسة 3 من مايو سنة 1951
(128)
القضية رقم 170 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت ومصطفى فاضل بك المستشارين.
حكم. تسبيبه. حكم استئنافي. قضاؤه بتأييد الحكم المستأنف. تقديم المستأنف لأول مرة إلى محكمة الاستئناف للرد على أسباب الحكم المستأنف مستندات متعلقة بموضوع الخلاف الذي دار عليه الجدل في الدعوى لو صحت دلالتها لكان لها أثرها في مصير الدعوى. إغفال الحكم الإشارة إليها والتحدث عنها. قصور يستوجب نقضه. مثال في دعوى طلب بطلان عقد بيع وفاء.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
متى كان الحكم الابتدائي إذ قضى ببطلان عقد بيع الوفاء الصادر من المطعون عليه إلى مورث الطاعنين قد أقام قضاءه على أن الثمن الوارد بالعقد لا يمثل القيمة الحقيقية للأطيان المبيعة بموجبه وأن بخس الثمن قرينة على أنه قصد به إخفاء الرهن وذلك أخذاً بتقدير الخبير وبدلالة الثمن الوارد بعقد البيع وقرار الاستبدال الصادر من المحكمة الشرعية واللذين قدمهما المطعون عليه عن أطيان تقع في ذات الحوض الواقعة فيه الأطيان المبيعة مطرحاً ما تفيده أربعة عقود بيع أخرى قدمها الطاعنون من أن أثمان الأطيان المبيعة بموجبها تماثل تقريباً الثمن المتفق عليه بالعقد وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد أقيم في أساسه على ما قررته المحكمة من بخس ثمن الأطيان المبيعة وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قدموا إلى محكمة الاستئناف رداً على أسباب الحكم الابتدائي صوراً رسمية لثمانية عقود بيع منها عقدان حررا في نفس السنة التي صدر فيها عقد بيع الوفاء موضوع النزاع وتضمنت هذه العقود بيع أطيان واقعة في ذات الحوض الواقعة فيه الأطيان المبيعة من المطعون عليه إلى مورث الطاعنين بموجب العقد المذكور وذلك بأثمان تماثل في المتوسط الثمن الذي اتفق عليه في عقدهم وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى العقود سالفة الذكر والتحدث عنها فإنه يكون قاصر الأسباب قصوراً يستوجب نقضه لأن هذه العقود متعلقة بموضوع الخلاف الذي دار عليه الجدل بين طرفي الدعوى وهو ما إذا كان الثمن المتفق عليه بعقد بيع الوفاء بخساً كما يدعي المطعون عليه أم أنه كان ثمن المثل كما يقول الطاعنون وهي لو صحت دلالتها لكان لها أثرها في مصير الدعوى مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقول كلمتها فيها ولا يغني عن ذلك اعتمادها على تقدير الخبير لقيمة الأطيان المبيعة وعلى الثمن المدون في عقد البيع وإشهاد الاستدلال الصادر من المحكمة الشرعية والمقدمين من المطعون عليه أمام محكمة أول درجة متى كانت العقود المشار إليها لم يسبق تقديمها إلى هذه المحكمة ولم يطلع عليها الخبير بل قدمها الطاعنون إلى محكمة الاستئناف رداً على أسباب الحكم الابتدائي.


الوقائع

في يوم 25 من سبتمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 13 من يونيه سنة 1949 في الاستئناف رقم 218 سنة 18 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 28 من سبتمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن وفي 11 من أكتوبر سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون فيه دفاعاً. وفي 24 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات. وفي 19 من إبريل سنة1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن وقائع الدعوى حسبماً يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق المقدمة في الطعن والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تخلص في أن المطعون عليه أقامها على الطاعنين أمام محكمة قنا الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 301 كلي قنا سنة 1941 وطلب فيه الحكم ببطلان عقد البيع الوفائي الصادر منه إلى مورث الطاعنين في 30 من سبتمبر سنة 1926 والمسجل في 28 من سبتمبر سنة 1938 والذي يتضمن بيعه إليه ثلاثة أفدنة منها فدانان بحوض الجمالية وفدان بحوض الأوقاف بناحية سمهود مركز نجع حمادي بيعاً وفائياً لمدة سنتين مقابل ثمن قدره 150 جنيهاً واعتبار هذا العقد أنه يخفي رهناً وغير ذلك من الطلبات، مؤسساً دعواه على أن الثمن المشار إليه كان بخساً ومستدلاً على ذلك بعقد بيع محرر بين آخرين في 1928 عن فدان بحوض الجمالية بثمن قدره 102 جنيه و500 مليم وبإشهاد استبدال صادر من المحكمة الشرعية في سنة 1927 عن 13 فداناً و14 قيراطاً بحوض الأوقاف مقابل مبلغ 1500 جنيه. وفي 10 من يناير سنة 1942 قضت المحكمة بندب خبير زراعي لتقدير قيمة الأطيان موضوع الدعوى وقت التعاقد وقدم تقريراً قدر فيه أطيان حوض الجمالية بسعر من 70 جنيهاً إلى 80 جنيهاً للفدان الواحد وأطيان حوض الأوقاف بسعر من 80 جنيهاً إلى 100 جنيه للفدان الواحد. وفي 5 من ديسمبر سنة 1942 قضت المحكمة بطلبات المطعون عليه بناء على ما قررته من أن الثمن الوارد بعقد البيع الوفائي لا يمثل القيمة الحقيقية للأطيان المبيعة بموجبه وأن بخس الثمن قرينة على أنه قصد به إخفاء الرهن، وذلك أخذاً بتقدير الخبير وبدلالة الثمن الوارد في عقد البيع وقرار الاستبدال المشار إليهما، مطرحة ما تفيده أربعة عقود بيع أخرى قدمها إليها الطاعنون من أن أثمان الأطيان المبيعة بموجبها تماثل تقريباً الثمن المتفق عليه بعقد البيع الوفائي وذلك بحجة أن ثلاثة من هذه العقود هي عن أطيان واقعة في أحواض أخرى غير حوض الجمالية والأوقاف وأن تاريخ العقد الرابع سابق على تاريخ عقد البيع الوفائي بثماني سنوات. استأنف الطاعنون هذا الحكم فقضت محكمة استئناف أسيوط في 13 من يونيه سنة 1949 بتأييده لأسبابه ولأسباب أخرى أضافتها.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور. ذلك أنهم للاستدلال على عدم صحة ما قرره الحكم الابتدائي من بخس ثمن الأطيان المبيعة إلى مورثهم بموجب عقد البيع الوفائي المدعى من المطعون عليه بأنه يخفي رهناً، قدموا إلى محكمة الاستئناف لأول مرة صوراً رسمية بعقود بيع أخرى مسجلة لم يتمكنوا من الحصول عليها أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، وهي عقود أبرمت في تواريخ مقاربة لتاريخ عقد البيع الوفائي موضوع الدعوى بل أن منها ما عقد في سنة 1926 أي نفس السنة التي صدر فيها هذا العقد كما أنها واردة على أطيان واقعة في ذات حوضي الجمالية والأوقاف وذلك بأثمان تماثل الثمن الذي اتفق عليه في العقد موضوع الدعوى - ولكن محكمة الاستئناف اكتفت بأسباب الحكم الابتدائي وبالأدلة التي كانت مطروحة على محكمة الدرجة الأولى دون أن تلقي بالاً إلى تلك العقود الأخرى التي قدم الطاعنون إليها صورها الرسمية وتمسكوا بدلالتها في مذكرتهم الختامية مع أهميتها في الدعوى.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقيم في أساسه على ما قررته المحكمة من بخس ثمن الأطيان المبيعة من المطعون عليه إلى مورث الطاعنين بموجب عقد البيع الوفائي الآنف ذكره في قولها أن محكمة أول درجة قد أفاضت في أسباب حكمها في بيان بخس الثمن الذي بيعت به الأطيان سواء من تقرير الخبير الذي أثبت أن الأطيان في وقت التعاقد كان ثمن المثل فيها يقرب من المائتين وخمسين جنيهاً ومن عقد البيع المسجل المقدم من المستأنف عليه (المطعون عليه) المعاصر لعقد البيع الوفائي موضوع النزاع ومن الإشهاد الذي أجرته المحكمة الشرعية باستبدال بعض الأطيان الواقعة في ذات الحوض بأن الفدان من تلك الأطيان المبيعة كان يقرب ثمنه من المائة جنيه وعلى هذا الأساس تكون الأطيان موضوع النزاع قد بيعت بما يقرب من نصف ثمنها الأمر الذي يكفي للترجيح بأن عقد البيع الوفائي الصادر بها لم يقصد به البيع الوفائي الحقيقي بل قصد به مجرد الرهن، وحيث إنه لما تقدم وللأسباب الأخرى التي أوضحها الحكم المستأنف وتأخذ بها هذه المحكمة يتعين رفض الاستئناف موضوعاً والقضاء بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين (الطاعنين) بالمصاريف.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قدموا إلى محكمة الاستئناف، رداً على أسباب الحكم الابتدائي، صوراً رسمية لثمانية عقود بيع أبرمت في الفترة ما بين سنة 1922، 1927 ومنها عقدان حررا في 1926 أي نفس السنة التي صدر فيها عقد البيع الوفائي موضوع النزاع وتضمنت هذه العقود بيع أطيان واقعة في ذات حوضي الجمالية والأوقاف الواقعة فيها الأطيان المبيعة من المطعون عليه إلى مورث الطاعنين بموجب العقد المذكور وذلك بأثمان كان سعر الفدان فيها يتراوح بين أربعين جنيهاً وستين جنيهاً وتمسك الطاعنون في مذكرتهم الختامية بأن هذه الأثمان تماثل في المتوسط الثمن الذي اتفق عليه في عقدهم - وكانت العقود المشار إليها متعلقة بموضوع الخلاف الذي دار عليه الجدل بين طرفي الدعوى، وهو ما إذا كان الثمن المتفق عليه بعقد البيع الوفائي بخساً كما يدعي المطعون عليه أم أنه كان ثمن المثل كما يقول الطاعنون - وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد خلا من الإشارة إلى هذه العقود والتحدث عنها، مع أنه لو صحت دلالتها لكان لها أثرها في مصير الدعوى، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقول كلمتها فيها، ولا يغني عن ذلك اعتمادها على تقدير الخبير لقيمة الأطيان المبيعة وعلى الثمن المدون في عقد البيع المحرر في سنة 1928 وإشهاد الاستبدال الصادر من المحكمة الشرعية كما سبق بيانه متى كانت العقود السالف ذكرها لم يسبق تقديمها إلى محكمة الدرجة الأولى ولم يطلع عليها الخبير بل قدمها الطاعنون إلى محكمة الاستئناف رداً على أسباب الحكم الابتدائي - لما كان ذلك كذلك يكون الحكم المطعون فيه قاصر الأسباب قصوراً يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث بقية أوجه الطعن.