أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 2 - صـ 820

جلسة 10 من مايو سنة 1951
(131)
القضية رقم 166 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
1 - إثبات. شهادة. حوالة. شهادة شاهدي المحال عليه في التحقيق من أنه كان في سنة 1945 يشتغل سمساراً للمحيل في تجارة الحبوب وأنه عقد لهذا الأخير بعض الصفقات بهذه الصفة. استخلاص محكمة الموضوع من هذه الشهادة دليلاً مضافاً إلى الأدلة الأخرى التي أوردتها على أن الدين الذي يطالب به المحال إليه ولو أنه نشأ في سنة 1942 كان من هذا القبيل ومن ثم فهو عمل تجاري. سائغ. الطعن على الحكم بالخطأ في الإسناد. على غير أساس.
2 - إثبات. شهادة. حوالة. حجر. أثر الحجر في إبطال تصرفات المحجور عليه قانوناً. مع فرضه لا ينفي أن يكون قد باشر هذه التصرفات فعلاً. قيام الحجر على المحال عليه من سنة 1943 حتى سنة 1946. ليس من شأنه أن يؤثر على سلامة ما استخلصته المحكمة من شهادة شاهديه من أنه كان في سنة 1945 يعمل سمساراً في تجارة الحبوب. الطعن على الحكم بالخطأ في الإسناد. على غير أساس.
3 - إثبات. قرائن. حوالة. إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات واقعة ما أو نفيها. لمحكمة الموضوع أن تعتمد في استجلاء الحقيقة على أية قرينة تطرح أمامها حتى ولو استخلصتها من محضر فحص شكوى إدارية قدمت إلى البوليس من الخصم أثناء قيام الدعوى. استنادها إلى أقوال المحيل وشاهدي المحال عليه في الشكويين المقدمتين من هذا الأخير إلى البوليس كقرائن تؤيد بها ما انتهت إليه من اعتبار الدين المطالب به ناشئاً عن عملية تجارية. لا تثريب عليها. الطعن على الحكم بأنه مشوب بالبطلان. على غير أساس.
4 - سند إذني. متى يعتبر تجارياً وفقاً للمادة 194 من قانون التجارة؟ إذا كان تحريره عن عمل تجاري حتى ولو صدر من غير تاجر. حكم. تسبيبه. اعتباره السند الإذني موضوع الدعوى سنداً تجارياً لتحريره عن عمل تجاري هو قيام المحال عليه بشراء أرز للمحيل بصفته وكيلاً عنه بالعمولة. البحث فيما إذا كان المحال عليه وقت تحرير هذا السند محترفاً بالتجارة أم غير محترف بها. غير منتج في الدعوى. النعي على الحكم أنه أخل بحق الطاعن في الدفاع استناداً إلى أنه لم يرد على المستندات التي قدمها على المحكمة للاستدلال بها على أن المحال عليه لم يكن في يوم ما تاجراً. في غير محله.
(المادة 194 من قانون التجارة. والمادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
5 - نقض. طعن. سبب جديد. الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون استناداً إلى أنه قبل تحقيق الدفع بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي رغم انعدام قرينة الوفاء به بإقرار المدين ولأنه قضى بإحالة الدعوى على التحقيق مع أنه متفق بسند الدين على عدم جواز سماع شهادة الشهود حتى فيما تجوز فيه البينة قانوناً ولأنه قبل من المدين دفعه بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي مع أن الطاعن بوصفه محالاً إليه حسن النية يعتبر من الغير ومن ثم لا يجوز للمدين المحال عليه أن يحتج قبله بالدفوع التي كان يحق له توجيهها إلى الدائن المحيل. إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لا يقبل.
1 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي استخلصت من شهادة شاهدي المحال عليه - المطعون عليه الأول - في التحقيق الذي أجرته من أنه كان في سنة 1945 - يشتغل سمساراً للمحيل في تجارة الحبوب وأنه عقد لهذا الأخير بعض الصفقات بهذه الصفة. لا تثريب عليها إن هي استخلصت منها دليلاً مضافاً إلى الأدلة الأخرى التي أوردتها على أن الدين الذي يطالب به المحال إليه - الطاعن - ولو أنه نشأ في سنة 1942 كان من هذا القبيل ومن ثم فهو عمل تجاري وإذن فالنعي على الحكم الخطأ في الإسناد يكون على غير أساس.
2 - ولو أن للحجر أثره في إبطال تصرفات المحجور عليه إلا أنه مع فرضه لا ينفي أن يكون قد باشر هذه التصرفات فعلاً ومن ثم فإن قيام الحجر على المحال عليه من سنة 1943 حتى سنة 1946 ليس من شأنه أن يؤثر على سلامة ما استخلصته المحكمة من شهادة شاهديه من أنه كان في سنة 1945 يعمل سمساراً في تجارة الحبوب وإذن فالطعن على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس.
3 - لمحكمة الموضوع وقد أحالت الدعوى على التحقيق لإثبات واقعة ما أو نفيها أن تعتمد في استجلاء الحقيقة على أية قرينة تطرح أمامها حتى ولو استخلصتها من محضر فحص شكوى إدارية قدمت إلى البوليس من الخصم أثناء قيام الدعوى فلا تثريب عليها إن هي استندت إلى أقوال المحيل وشاهدي المحال عليه في الشكويين المقدمتين من هذا الأخير إلى البوليس كقرائن تؤيد بها ما انتهت إليه من اعتبار الدين المطالب به ناشئاً عن عملية تجارية وإذن فالطعن على الحكم بأنه مشوب بالبطلان يكون على غير أساس.
4 - يعتبر السند الإذني تجارياً وفقاً للمادة 194 من قانون التجارة متى كان تحريره عن عمل تجاري حتى ولو صدر من غير تاجر وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر السند الإذني موضوع الدعوى سنداً تجارياً لتحريره عن عمل تجاري هو قيام المحال عليه بشراء أرز للمحيل بصفته وكيلاً عنه بالعمولة كان غير منتج في الدعوى البحث فيما إذا كان المحال عليه وقت تحرير هذا السند محترفاً بالتجارة أم غير محترف بها ومن ثم فإن ما ينعاه المحال إليه على الحكم من أنه أخل بحقه في الدفاع استناداً إلى أنه لم يرد على المستندات التي قدمها إلى المحكمة للاستدلال بها على أن المحال عليه لم يكن في يوم ما تاجراً. هذا النعي يكون في غير محله.
5 - النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون استناداً إلى أنه قبل تحقيق الدفع بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي رغم انعدام قرينة الوفاء به بإقرار المدين المطعون عليه الأول - ولأنه قضى بإحالة الدعوى على التحقيق مع أنه متفق بسند الدين على عدم جواز سماع شهادة الشهود حتى فيما تجوز فيه البينة قانوناً وهو شرط غير مخالف للنظام العام ولأنه قبل من المطعون عليه الأول دفعه بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي مع أن الطاعن بوصفه محالاً إليه حسن النية يعتبر من الغير ومن ثم لا يجوز للمدين المحال عليه أن يحتج قبله بالدفوع التي كان يحق له توجيهها إلى الدائن المحيل. هذا النعي بوجوهه الثلاثة لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

في يوم 17 من سبتمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 8 من يونيه سنة 1949 في الاستئناف رقم 13 تجاري سنة 5 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ 500 جنيه والفوائد بواقع 8% من تاريخ المطالبة الرسمية مع المصروفات والأتعاب عن جميع درجات التقاضي وتثبيت الحجز التحفظي وجعله حجزاً نافذاً واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 19 و22 من سبتمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 6 من أكتوبر سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً وفي 20 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 12 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن وقائع الدعوى حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه والأوراق المقدمة في الطعن تخلص في أن الطاعن أقامها في 27 من أغسطس سنة 1947 أمام محكمة طنطا الابتدائية على المطعون عليهما وطلب فيها الحكم بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع إليه مبلغ 500 جنيه والفوائد بواقع ثمانية في المائة من تاريخ المطالبة الرسمية وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد المطعون عليه الثاني، واعتمد على سند صادر في أول مايو سنة 1942 موقع من المطعون عليه الأول إلى أمر وإذن توفيق محمد أبي سمرة يتضمن مديونيته إليه في المبلغ المطالب به ومحول من الدائن المذكور إلى الطاعن في 5 من أغسطس سنة 1947. ودفع المطعون عليه الأول الدعوى بسقوط الحق في المطالبة بهذا الدين بالتقادم الخمسي بناء على أنه ناشئ عن عمل تجاري تخالص عنه مع المحيل عنه مع المحيل وأنه مضى من تاريخ استحقاقه، وهو اليوم التالي لتاريخ السند، حتى تاريخ رفع الدعوى به أكثر من خمس سنوات وفي 7 من إبريل سنة 1948 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول بأي طريق من طرق الإثبات بما فيها البينة أن الدين المطالب به ناشئ عن عملية تجارية ولينفي الطاعن ذلك بالطرق عينها، وبعد أن تم هذا التحقيق قضت المحكمة في 30 من نوفمبر سنة 1948 بسقوط حق الطاعن في المطالبة بالدين المذكور بالتقادم الخمسي وبرفض دعواه. واستأنف الطاعن هذا الحكم، فقضت محكمة استئناف الإسكندرية في 8 من يونيه سنة 1949 بتأييده لأسبابه ولأسباب أخرى أضافتها فقرر الطاعن طعنه فيه.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وشابه البطلان من أربعة أوجه: الأول إذ قضى بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي تأسيساً على أن ميعاد استحقاقه كان في اليوم التالي لتاريخ تحرير سنده في أول مايو سنة 1942 وأنه مضى من هذا اليوم حتى تاريخ رفع الدعوى به في 27 أغسطس سنة 1947 أكثر من خمس سنوات مع أنه منصوص بسنده على تعهد المدين بدفعه "في يوم وقت الطلب سنة 1942" وهي عبارة تقطع في أنه ما كان يمكن للدائن أن يطالب به إلا بعد مضي سنة 1942 بأكملها وأن يمتد ميعاد استحقاقه حتى هذا التاريخ الأمر الذي ينفي القول بمضي أكثر من خمس سنوات بينه وبين تاريخ رفع الدعوى - والوجه الثاني إذ استخلص الحكم من شهادة شاهدي المطعون عليه الأول في التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى أن الدين المطالب به ناشئ عن عملية تجارية - مع أن كلا الشاهدين لم يشهد بحصول أية عملية تجارية بين الدائن المحيل والمدين المطعون عليه الأول في سنة 1942 التي نشأ فيها هذا الدين وإنما اقتصرت شهادتهما على واقعة وحيدة زعما حصولها في سنة 1945، وبذلك يكونان لم يشهدا بما يثبت الواقعة التي كلف الحكم التمهيدي المطعون عليه الأول بإثباتها ويكون الحكم المطعون فيه قد خرج عن مدلول شهادتهما، هذا فضلاً عن أن ما استخلصته المحكمة من هذه الشهادة من أن المطعون عليه الأول كان يشتغل سمساراً في تجارة الأرز في سنة 1945 ينقضه ما أثبته الحكم الابتدائي من أنه كان محجوزاً عليه من سنة 1943 حتى سنة 1946 الأمر الذي يفيد أنه كان ممنوعاً عن التعامل خصوصاً في الأعمال التجارية - والوجه الثالث إذ استند الحكم إلى أوراق الشكويين الإداريتين المضمومتين في عبارة مجهلة غامضة لا تصلح سبباً كافياً ولا تنهض دليلاً على ما ذهب إليه - والوجه الرابع - إذ ارتكن الحكم إلى أقوال الدائن المحيل وشاهدي المطعون عليه الأول في الشكويين المذكورتين واستخلص منها أن المطعون عليه الأول كان يشتغل وكيلاً بالعمولة للمحيل في شراء الأرز وتوريده إليه وأن الدين المطالب به كان في هذا الخصوص - مع أنه لا يجوز قانوناً للخصم في دعوى مدنية قائمة أن يلتجئ إلى البوليس في أي شأن من شئونها لما في هذا الالتجاء من افتيات على سلطة القضاء وتدخل في اختصاصه، وأنه لا عبرة بأقوال الشهود الذين يسمعون بالبوليس في موضوع الحق المطروح على المحكمة ولا سيما إذا كانت قد أمرت بتحقيقه وكان في وسع الخصم أن يأتي بشهوده أمامها.
ومن حيث إن الوجه الأول غير مقبول لما هو ثابت بالأوراق من أن الطاعن قصر دفاعه أمام محكمتي الموضوع على أن المطعون عليه الأول لم يكن تاجراً وأن الدين المطالب به لم ينشأ عن عمل تجاري، وذلك دون أن يثير أي نزاع في شأن ميعاد استحقاق هذا الدين، بل إنه يبين من مذكرته المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى أنه في رده على الدفع بسقوطه بالتقادم الخمسي قد سلم بتاريخ استحقاقه كما حدده المطعون عليه الأول في اليوم التالي لتاريخ تحرير سنده في أول مايو سنة 1942، وبذلك يكون ما تضمنه هذا الوجه دفاعاً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي أنه قضى بأن سند الدين المطالب به قد حرر عن عمل تجاري بناء على الأسباب الآتية: "وحيث إنه تبين من الاطلاع على السند موضوع الدعوى أنه مذكور فيه أنه محرر لأمر وإذن توفيق محمد أبو سمرة تاجر أرز وحبوب بالمحلة الكبرى وأن القيمة وصلته نقدية كما تبين من الاطلاع على الشكويين المضمومتين أن المدعى عليه الأول قدمهما ضد المحيل والدائن يشكو فيهما أن هذا السند خالص وأن سبب تحريره معاملات تجارية بين الطرفين وأن السند تحول للمدعي بطريق الصورية وبقصد الإضرار به. وحيث إن المدعى عليه الأول استشهد بشهود منهم السيد عبد الرحمن الهندي الذي جاء في أقواله ما يفيد أن المدعي حضر عنده وعرفه بأنه اشترى الكمبيالة المرفوع بها الدعوى من المحيل بمبلغ 50 جنيهاً وأنه سيرفع بها الدعوى ضد المدعى عليه الأول ومنهم محمد السيد الحلو الذي قرر أن المدعي كان يشتغل جزاراً بمحله وذات يوم طلب منه 50 جنيهاً بحجة أنه سيشتري بها كمبيالة بمبلغ 500 جنيه على المدعى عليه الأول من توفيق أبو سمرة ولما أفهمه بأن ذلك قد لا ينفع اعترف بأنه حافظ حقه في ذلك قبل المحيل بموجب ورقة ضد عبارة عن كمبيالة محررة في ذات التاريخ وأنه بعد أن أخذ منه المبلغ عاد بعد ساعة يحمل الكمبيالة موضوع النزاع محولاً عليها من المحيل توفيق أبو سمرة. وحيث إن المحيل عندما سئل في التحقيقات المذكورة قرر بأنه ليس بينه وبين المدعى عليه الأول أي علاقة من تجارة أو خلافها وأنه حول السند المتنازع عليه للمدعي وأنه قد دفع له مبلغ 450 جنيهاً من أصل القيمة وباقي طرف المدعي مبلغ خمسين جنيهاً تحرر بها سند موجود تحت يده. وحيث إن المحكمة حكمت تمهيدياً بتاريخ 7/ 4/ 1947 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليه الأول بكافة طرق الثبوت بما فيها البينة أن الدين المبين بالسند موضوع الدعوى ناشئ عن معاملة تجارية وللمدعي النفي بالطرق عينها وقد جاء بأسباب هذا الحكم أنه من المسلم بين الطرفين أن المدعي تاجر إلا أنه لا محل للتمسك قبله بالتقادم الخمسي إلا إذا كان الدين ناشئاً عن معاملة تجارية. وحيث إن المحكمة تنفيذاً لحكمها التمهيدي المذكور سمعت شهود الطرفين بما هو موضح بمحاضر التحقيق. وحيث إن المدعى عليه الأول استشهد بشهود قرر أولهم عبد الحليم إبراهيم حشيش أن المدعى عليه الأول حضر مع توفيق أبو سمرة في سنة 1945 واشتروا منهم 30 ضريبة أرز وأن الذي باع واشترى هو المدعى عليه الأول ولكن العقد تحرر باسم توفيق أبو سمرة كما يعرف أن المدعى عليه الأول يشتغل سمساراً في شراء حبوب لتوفيق أبو سمرة ولكنه لا يعرف مبدأ وانتهاء اشتغاله معه كما قرر ثانيهما عبد المعطي محمد إبراهيم بما يفيد علمه بأن المدعى عليه الأول كان بفتح مكتباً في سنة 1945 بالاشتراك مع إبراهيم عبد الغفار وغازي رجب وكان الجميع يشترون أرزاً لحساب توفيق أبو سمرة. وحيث إن المدعي استشهد بشهود من بينهم إبراهيم عبد الغفار الذي قرر بأنه لا يعرف شيئاً عن موضوع السند المرفوع به الدعوى إلا أنه يعلم أن المدعى عليه قد اشتغل معه في التجارة سنة 1944 و1945 وأنهم كانوا جميعاً يوردون أرزاً لتوفيق أبو سمرة وأنه لا يعرف إذا كان المدعى عليه استمر في الشغل بعد ذلك من عدمه. كما قرر بأنه لم يسمع بأن المدعى عليه الأول باع أو رهن شيئاً من أرضه للمحيل أو اتفق معه على ذلك. وحيث إن شاهدي المدعي أمين السيد أحمد وسلطان حسن داود شهدا بأنهما حضرا واقعة استلام المدعى عليه الأول للمبلغ المرفوع به الدعوى وتحرير السند الخاص به كما قررا بأنهما علما بعد ذلك من المحيل أن سبب تحرير الكمبيالة هو عربون شراء أرض. وحيث إن هذه الواقعة رغم أنها بعيدة الاحتمال والتصديق فإن المحيل نفسه لم يقل بها عندما سئل غيرة مرة في التحقيقات بل هو لم يقل أو يبين سبب المديونية وكان يحاول الإفلات في أقواله من ذكر سبب المديونية. وحيث إن المحكمة تستخلص من أقوال الشهود ومن ظروف الدعوى أن المدعى عليه الأول كان يشتغل وكيلاً بالعمولة طرف المحيل وأنه كان يشتري أرزاً لحسابه ويورده إليه وأن هذه الكمبيالة حررت بينهما لهذا الخصوص. وحيث إن الذي يؤيد وجهة نظر المحكمة هذه أنه مسلم من الطرفين أن المدعى عليه الأول توقع عليه الحجر في سنة 1943 واستمر محجوراً عليه حتى سنة 1946 وأن المحيل استمر ساكتاً طوال هذه المدة لا يحرك أي ساكن ولم يطالب بقيمة السند كما لم يسع لإثباته في محضر الجرد الخاص بالحجر الذي توقع على المدعى عليه الأول". وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي السابق إيرادها وأضاف إليها قوله "وحيث إنه فضلاً عن ذلك فقد تبين من مراجعة أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة أنها أي محكمة أول درجة كانت على حق فيما استخلصته من أقوال هؤلاء الشهود من أن الدين المرفوع به الدعوى نشأ عن معاملة تجارية بين المدين والمحيل وهو الدائن الأصلي الذي يشتغل بتجارة الأرز والحبوب وأن المدين كان يشتري بعض الصفقات لحسابه ويوردها إليه وقد حرر السند بينهما بسبب هذه المعاملة - ويؤيد ذلك ما ثبت في سند الدين نفسه من أن الدائن يشتغل بتجارة الأرز والحبوب ويؤيده أيضاً ما ثبت في الشكاوى الإدارية المنضمة عن العلاقة التجارية بين الطرفين". وكان من شأن هذه الأسباب التي أقيم عليها الحكم أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - وكان سائغاً أن تستخلص المحكمة من شهادة شاهدي المطعون عليه الأول في التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى، بأنه كان في سنة 1945 يشتغل سمساراً للمحيل في تجارة الحبوب وأنه عقد له بعض الصفقات بهذه الصفة، أن تستخلص منها دليلاً مضافاً إلى الأدلة الأخرى التي أوردتها، على أن الدين المطالب به، ولو أنه نشأ في سنة 1942 كان من هذا القبيل، ومن ثم فهو عمل تجاري، وكان قيام الحجر على المطعون عليه الأول من سنة 1943 حتى سنة 1946 ليس من شأنه أن يؤثر على سلامة ما استخلصته المحكمة من شهادة شاهديه من أنه كان في سنة 1945 يعمل سمساراً في تجارة الحبوب "إذ ولو أن للحجر أثره القانوني في إبطال تصرفات المحجور عليه إلا أنه مع فرضه لا ينفي أن يكون قد باشر هذه التصرفات فعلاً - لما كان ذلك وكان النعي على الحكم أنه استند إلى الشكويين الإداريتين المضمومتين في عبارة مجهلة غامضة مردوداً بأن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم بأسبابه قد أورد مضمون هاتين الشكويين بما فيه الكفاية - وكان كذلك لا تثريب على المحكمة إذ هي استندت إلى أقوال المحيل وشاهدي المطعون عليه الأول في الشكويين المذكورتين كقرائن تؤيد بها ما انتهت إليه من اعتبار الدين المطالب به عن عملية تجارية، ذلك أن لها متى كانت قد أحالت الدعوى على التحقيق لإثبات واقعة ما أو نفيها أن تعتمد في استجلاء الحقيقة على أية قرينة تطرح أمامها حتى ولو استخلصتها من محضر فحص شكوى إدارية قدمت إلى البوليس من الخصم أثناء قيام الدعوى - لما كان ذلك كذلك تكون الأوجه الثلاثة الأخيرة من السبب الأول على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع إذ لم يرد على المستندات التي قدمها سواء إلى محكمة الدرجة الأولى أو إلى محكمة الاستئناف لأول مرة للاستدلال بها على أن المطعون عليه الأول لم يكن في أي يوم من الأيام تاجراً وأنه لم يباشر أعمالاً تجارية مع أن هذه المستندات قاطعة في إثبات ذلك وقد تمسك بها الطاعن في صحيفة استئنافه ومذكرته الختامية وهي صورة من محضر تحقيق الجناية رقم 21 المحلة سنة 1942 قرر فيه المطعون عليه الأول أنه كان في سنة 1942 يعمل موظفاً لدى البنك العقاري في أطيان شخص آخر موضوعه تحت حراسة هذا البنك كما كان يشتغل بزراعة أطيانه: وقسيمة طلاق محررة في 15 من فبراير سنة 1945 أقر فيها بأنه مزارع: وقسيمتا زواج محررتان في 19 من يوليه و4 من سبتمبر سنة 1947 أقر فيهما بأنه مزارع ومن ذوى الأملاك - وصور أحكام صدرت عليه ذكر فيها أنه مزارع ومن ذوى الأملاك. وشهادة من عمد ومشايخ ناحية دمرو ومن المحلة بأنه من ذوي الأملاك وليس تاجر. وخطابات صادرة منه تتضمن أنه لم يشتغل قط بالتجارة. وصورة من أوراق الشكويين رقم 1339 و1490 إداري المحلة سنة 1949. وخطاب مرسل منه إلى المحيل يعترف فيه بفضله المادي عليه ولا يقصد به إلا الدين موضوع الدعوى، هذا فضلاً عما في هذا الخطاب من إقرار ضمني بالدين يقطع مدة سقوطه بالتقادم. يضاف إلى ذلك عدم إدراج اسم المطعون عليه الأول بالسجل التجاري وعدم تقديمه أية ورقة تفيد أنه كان في سنة 1942 يشتغل وكيلاً بالعمولة في تجارة الأرز.
ومن حيث إنه لما كان يبين من صحيفة الاستئناف ومرافعة الطاعن الشفوية ومذكرته الختامية أنه لم يتمسك فيها بأن الخطاب المرسل من المطعون عليه الأول إلى المحيل توفيق محمد أبو سمرة في 19 من فبراير سنة 1947 يحوى إقراراً ضمنياً بالدين المطالب به يقطع مدة سقوطه بالتقادم - وكان يبن من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر السند الإذني موضوع الدعوى سنداً تجارياً لتحريره عن عمل تجاري هو قيام المطعون عليه الأول بشراء أرز للمحيل بصفته وكيلاً عنه بالعمولة مما يكون معه غير منتج في الدعوى البحث فيما إذا كان المطعون عليه الأول وقت تحرير هذا السند محترفاً بالتجارة أم غير محترف بها، ذلك أنه وفقاً للمادة 194 من قانون التجارة يكون السند الإذني تجارياً متى كان تحريره عن عمل تجاري حتى ولو صدر من غير تاجر، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه لم يخل بدفاع الطاعن، إذ هو لم يعتمد على مستنداته الآنف بيانها - لما كان ذلك كذلك يكون هذا السبب مرفوضاً.
ومن حيث إن بقية أسباب الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في ثلاث مسائل - الأولى إذ قيل تحقيق الدفع بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي رغم انعدام قرينة الوفاء به بإقرار المدين المطعون عليه الأول - ذلك أنه ادعى بأنه تخالص عنه مع الدائن المحيل إذ اشترى له أرزاً بقيمته - مع أنه منصوص في سنده على أن ذمته لا تبرأ منه إلا باسترداد هذا السند مؤشراً عليه بالتخالص. والثانية إذ أجاز الحكم إحالة الدعوى إلى التحقيق مع أنه متفق بسند الدين على عدم جواز سماع شهادة الشهود حتى فيما تجوز فيه البينة قانوناً، وهو شرط غير مخالف للنظام العام وكان على المحكمة أن تحترمه - والثالثة إذ قبل الحكم من المطعون عليه الأول دفعه بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي - مع أن الطاعن بوصفه محالاً إليه حسن النية يعتبر من الغير ومن ثم فلا يجوز للمدين المحال عليه أن يحتج قبله بالدفوع التي كان يحق له توجيهها إلى الدائن المحيل.
ومن حيث إن هذه الأسباب جميعاً غير مقبولة - لما هو ثابت بالأوراق من أن الطاعن لم يتمسك بها أمام محكمتي الموضوع، مما تكون معه أسباباً جديدة لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.