أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 335

جلسة 26 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد، إبراهيم بركات.

(77)
الطعن رقم 225 لسنة 52 القضائية

(1) محاماة. وكالة.
مباشرة المحامي للإجراء قبل صدور التوكيل ممن كلفه به. عدم جواز اعتراض خصمه بأن الوكالة لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء. علة ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم". نقض.
إقامة الحكم على دعامتين إحداهما صحيحة تكفي لحمله. النعي عليه في الأخرى. غير منتج.
(3) نقد "نقد أجنبي". نظام عام. التزام "تنفيذ الالتزام". بيع "دعوى صحة التعاقد: الوفاء بالثمن".
المبالغ المستحقة لدائن غير مقيم في مصر والمحظور تحويل قيمتها إليه طبقاً للقانون رقم 80 لسنة 1947. سبيل الوفاء بها إيداعها في حساب غير مقيم في مصرف مرخص له بذلك. مؤداه تسليم ثمن البيع لوكيل البائع غير مقيم. غير مبرئ لذمة المشتري. علة ذلك. تعلق النصوص الخاصة بالرقابة على النقد بالنظام العام.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز أن تتصدى المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله لأن في ذلك تجاوزاً في الاستدلال ضار بحقوق الناس فإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بنى الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى وكان يصح بناء الحكم على إحداهما وحدها، فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج.
3 - إذ كانت النصوص الخاصة بالرقابة على عمليات النقد نصوصاً آمرة ومتعلقة بالنظام العام وكان ثمن الأرض المبيعة ديناً مستحقاً على مدينين في مصر لدائن في الخارج محظوراً تحويل قيمته إليه طبقاً للقانون رقم 80 لسنة 1947 فإن دفعه حساب مفتوح لصالحه "حساب غير مقيم" في مصرف مرخص له بذلك في مصر هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الوسيلة الوحيدة المبرئة لذمة هذين المدينين طالما أن الإدارة العامة للنقد لم تحدد طريقة أخرى بمقتضى تعليمات عامة أو بموافقة خاصة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بصحة ونفاذ العقد تأسيساً على أن المطعون ضده سعودي الجنسية وغير مقيم في مصر وإن ولي الطاعنين أقام دعواه على أنه دفع الثمن إلى وكيل المطعون ضده وليس بإيداعه لصالحه في حساب غير مقيم في مصرف مرخص له بذلك ودون أن يقدم ما يفيد أن الإدارة العامة للنقد قد حددت طريقة أخرى للدفع بمقتضى تعليمات عامة أو بموافقة خاصة وهذه الدعامة لم تكن محل نعي من الطاعن وكافية لحمل قضاء الحكم فإنه يضحي غير ذي أثر ما وجهه الطاعنان إلى الدعامة الأخرى الخاصة بتزوير عقد البيع ويكون النعي غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن والد الطاعنين - بصفته ولياً طبيعياً عليهما - أقام الدعوى رقم 1039 لسنة 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 19/ 2/ 1974 المتضمن بيع المرحوم............ بصفته وكيلاً عن المطعون ضده إليه قطعة الأرض المبينة بالأوراق نظير ثمن مقداره عشرة آلاف جنيهاً، وبتاريخ 29/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف المطعون ضده ووكيلة المذكور عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ولديه ووكيلاً عن المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1911 لسنة 52 ق مدني. مثلث............ زوجة وكيل المطعون ضده أمام محكمة وادعت بتزوير عقد البيع محل التداعي فدفع والد الطاعنين بعدم قبول هذا الادعاء وبعدم قبول الاستئناف شكلاً. وبتاريخ 3/ 1/ 1977 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف المرفوع من....... بصفته الشخصية وبصفته ولياً طبيعياً على ولديه وبقبوله فيما عدا ذلك. وبتاريخ 7/ 3/ 1977 عادت وحكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي أن عقد البيع المدعى بتزويره استبدل به غيره بعد هذا الادعاء وبعد أن تنفذ هذا الحكم بسماع الشهود حكمت بتاريخ 9/ 5/ 1978 باستجواب الخصوم، ثم حكمت بتاريخ 22/ 1/ 1979 وبعدم قبول الادعاء بالتزوير بالنسبة للورقة الثانية من عقد البيع وبقبوله بالنسبة للورقتين الأولى والثالثة منه، وكذلك بالنسبة لطلب البيان المساحي المؤرخ 19/ 2/ 1974 وندبت خبيراً في الدعوى بشأنهم وبعد أن قدم تقريره قررت المحكمة بتاريخ 13/ 1/ 1980 شطب الاستئناف إلا أنه وقبل انقضاء الجلسة الصادر فيها القرار المذكور حضرت...... باعتبارها وكيلة عن المطعون ضده المستأنف فقررت المحكمة اعتبار قرارها بالشطب كأن لم يكن من التأجيل لجلسة 7/ 2/ 1981 وفيها دفع والد الطاعنين ببطلان إجراءات الخصومة لانعدام صفة...... وباعتبار الاستئناف كأن لم يكن لبقائه مشطوباً بأكثر من ستين يوماً. وبتاريخ 24/ 3/ 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبرد وبطلان عقد البيع والبيان المساحي. وبتاريخ 21/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن أياً من المحامين الحاضرين عن المطعون ضده لم يكن موكلاً عنه وعن وكيله إبراهيم حسين حربي بهذه الصفة كما وأن......... - وهي ليست من المحامي - كانت تنوب في الحضور عن زوجها الوكيل المذكور بصفته الشخصية مما يجعل المطعون ضده غير ممثل في الخصومة كمستأنف تمثيلاً صحيحاً لا يغير من ذلك صدور توكيل لاحق لها أو إلى أحد المحامين وإذ اعتبرت المحكمة الخصومة رغم ذلك قائمة ولم تعول على ما تم التمسك به من اعتبار قرار الشطب قائماً وبالتالي اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لبقائه دون تجديد من ذي صفة خلال الأجل المقرر قانوناً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز أن تتصدى المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله لأن في ذلك تجاوزاً في الاستدلال ضار بحقوق الناس، فإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر بحسبان أن المطعون ضده لم ينكر علاقته بأي ممن وكلهم، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني والوجه الثاني من السبب الثالث القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيانهما يقول الطاعنان أنهما تمسكا بأن......... باشرت الادعاء بالتزوير رغم انتفاء صفتها في الخصومة المرددة بينهما وبين المطعون ضده على نحو ما سبق ذكره في النعي السابق وبالتالي عدم قيام هذا الادعاء فضلاً عما ورد بتقرير الخبير ومن قرائن أخرى تفيد عدم وجود مؤثر للعقد ومن استيفائه لأركانه رغم استبعاد ما قضى بتزويره من صفحات هذا العقد، فإن المحكمة إذا التفتت عن كل ذلك وأعرضت عن طلبهما إعادة الدعوى للمرافعة لتوجيه اليمن الحاسمة إلى المطعون ضده يجعل حكمها المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بني الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى وكان يصح بناء الحكم على إحداهما وحدها فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج، لما كان ذلك وكانت المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1951 المنطبق على واقعة الدعوى قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 نصت في فقرتها الثانية والثالثة على أن "يحظر على غير المقيمين في مصر أو وكلائهم التعامل بالنقد المصري أو تحويل أو بيع القراطيس المالية المصرية إلا بالشروط والأوضاع التي تعين بقرار من وزير المالية وعن طريق المصاريف المرخص لها منه في ذلك، ولا يجوز بأي حال استعمال العملة المفرج عنها لغير الغرض المعين لها" ونصت المادة الخامسة من القانون ذاته على أن "المبالغ المستحقة الدفع إلى أشخاص غير مقيمين في مصر والمحظور تحويل قيمتها إليهم طبقاً لأحكام هذا القانون، يعتبر مبرئاً للذمة دفعها في حسابات تفتح في أحد المصارف المشار إليها في المادة الأولى في هذا القانون لصالح أشخاص غير مقيمين في مصر، وتكون هذه الحسابات مجمدة "وقررت المادة 34 من قرار وزير الاقتصاد رقم 893 لسنة 1960 بإصدار لائحة الرقابة على النقد أن "تجرى المدفوعات إلى المقيمين وفقاً لطبيعة العملية التي ترتب عليها الدفع بإحدى الوسائل الآتية:
( أ ) عملة البلد المستفيدة عند توافرها.
(ب) إحدى العملات الحرة.
(جـ) بالجنيهات المصرية بالإضافة إلى حساب غير مقيم مناسب.
(د) أية طريقة أخرى تحددها الإدارة العامة للنقد بمقتضى تعليمات عامة أو موافقة خاصة.
ولما كانت النصوص الخاصة بالرقابة على عمليات النقد نصوصاً آمرة ومتعلقة بالنظام العام وكان ثمن الأرض المبيعة ديناً مستحقاً على مدينين في مصر "الطاعنين" لدائن في الخارج "المطعون ضده" محظوراً تحويل قيمته إليه طبقاً لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 فإن دفعه في حساب مفتوح لصالحه "حساب غير مقيم" في مصرف مرخص له بذلك في مصر هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الوسيلة الوحيدة المبرئة لذمة هذين المدينين طالما أن الإدارة العامة للنقد لم تحدد طريقة أخري بمقتضى تعليمات عامة أو بموافقة خاصة. فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بصحة ونفاذ العقد تأسيساً على أن المطعون ضده سعودي الجنسية وغير مقيم في مصر وإن ولي الطاعنين أقام دعواه على أنه دفع الثمن إلى وكيل المطعون ضده وليس بإيداعه لصالحه في حساب غير مقيم في مصرف مرخص له بذلك ودون أن يقدم ما يفيد أن الإدارة العامة للنقد قد حددت طريقة أخرى للدفع بمقتضى تعليمات عامة أو بموافقة خاصة وهذه الدعامة لم تكن محل نعي من الطاعن وكافية لحمل قضاء الحكم فإنه يضحي غير ذي أثر ما وجهه الطاعنان إلى الدعامة الأخرى الخاصة بتزوير عقد البيع ويكون النعي غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.