أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 349

جلسة 5 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش، محمد عبد البر حسين سالم ومحمد محمد طيطه.

(80)
الطعن رقم 29 لسنة 56 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش"
الترخيص للمستأجر باستعمال المكان المؤجر فندقاً. انطواؤه على التصريح له بالتأجير مفروش. حق المؤجر في اقتضاء الأجرة الإضافية المقررة قانوناً. م 45 ق 49 لسنة 1977. علة ذلك.
(2 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" الإخلاء لعدم سداد الأجرة "التكليف بالوفاء بالأجرة". دعوى "قبول الدعوى". تقادم "التقادم المسقط".
(2) دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر للتأخر في سداد الأجرة. شرط قبولها. تكليف المستأجر بالوفاء بها. التكليف بوفاء أجرة متنازع عليها. لا بطلان طالما استند ادعاء المؤجر إلى أساس من الواقع أو القانون.
(3) تمسك الطاعنة بسقوط جزء من الأجرة الواردة بالتكليف بالوفاء بالتقادم الخمسي. لا يرتب بطلان التكليف. علة ذلك. عدم تعلق التقادم المسقط بالنظام العام. جواز النزول عنه بعد ثبوت الحق فيه.
(4 - 6) إيجار "إيجار الأماكن" "عدم الوفاء بالأجرة".
(4) حق المؤجر في إخلاء المستأجر لعدم الوفاء بالأجرة. سقوطه. بسداد المستأجر الأجرة المستحقة وملحقاتها إلى ما قبل إقفال باب المرافعة ولو أمام محكمة الاستئناف.
(5) الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة. منازعة المستأجر جدياً في مقدار الأجرة المستحقة. وجوب بحث هذه المسألة الأولية. عدم التزام المحكمة بالقضاء استقلالاً في هذه المنازعة سواء كانت بدعوى مبتدأه أم مجرد دفاع في دعوى الإخلاء. علة ذلك.
(6) الوفاء بالأجرة اللاحق على إقفال باب المرافعة في الدعوى. غير مانع من الحكم بالإخلاء. عرض الطاعنة الأجرة بعد صدور الحكم المطعون فيه لا أثر له في حكم الإخلاء. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترخيص للمستأجر باستعمال المكان فندقاً ينطوي على التصريح له بالتأجير مفروشاً، فيحق للمؤجر زيادة الأجرة من 9/ 9/ 1977 تاريخ العمل بالقانون 49 لسنة 1977 بالنسب التي حددها في المادة 45 منه، وذلك استصحاباً لما أوردته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسابها الاستعمال الأغلب الأعم للأماكن، وهو السكنى ولا يستساغ أن تسري هذه الأحكام، وما يتعلق بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك لما يحيط بالاستعمال لغير السكن من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى، وقد قطع تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب في الإفصاح عن نطاق تطبيق المادة 45 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فأكد أن الأجرة الإضافية تستحق في كل صور المفروش، ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات، فكشف بذلك عن غرض الشارع من أن الأجرة الإضافية تستحق عن مدة التأجير مفروشاً، في كل صور التأجير المفروش ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات سواء اتفق عليه لدى بدء التعاقد أو لاحقاً له لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن العين المؤجرة قد أجرت لاستعمالها فندقاً، ولا خلاف بين الخصوم في أنها أنشئت قبل أول يناير سنة 1944، من ثم فإنه يسري عليها حكم المادة 45 من القانون المشار إليه، ويستحق المطعون ضدهم الأجرة الإضافية بواقع 400% من الأجرة القانونية.
2 - النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على جواز طلب إخلاء المكان المؤجر "إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف، أو بإعلان على يد محضر..." يدل على أن التكليف المشار إليه يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة، فإن خلت منه الدعوى أو رفع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ولو لم يتمسك المستأجر بذلك، ولئن جاءت المادة خلواً من البيانات التي يجب أن يضمنها التكليف بالوفاء، إلا أنه لما كان القصد منه إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر فيه مقدار الأجرة المطالب به، ويكفيه بيان القدر الذي يعتقد أن ذمة المستأجر مشغولة به، حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، مما يعني أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما أن ادعاء المؤجر يستند إلى أساس جدي من الواقع أو القانون.
3 - تمسك الطاعنة بسقوط جزء من الأجرة المشار إليها بالتكليف بالتقادم الخمس لا يترتب عليه بطلان هذا التكليف ذلك أن التقادم المسقط لا يتعلق بالنظام العام، ويجوز لصاحب المصلحة النزول عنه بعد ثبوت الحق فيه، وأوجب القانون على ذي المصلحة التمسك به لإعمال أثره ومن ثم فإنه لا يكون من شأن ترتيب هذا الأثر بتقرير سقوط جزء من دين الأجرة أي تأثير على ما تم من إجراءات استوجب القانون اتخاذها قبل رفع الدعوى بالإخلاء.
4 - النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إيقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية" يدل على أن المشرع رغبة منه في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء بالأجرة وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف لتفادي الحكم عليه بالإخلاء.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى ثار الخلاف بين المؤجر والمستأجر على مقدار الأجرة القانونية المستحقة، فإنه يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها في ذلك باعتبارها مسألة أولية لازمة للفصل في طلب الإخلاء، وعليها أن تثبت قبل القضاء فيه من مقدار الأجرة المستحقة قانوناً تمهيداً لتحديد مدى صحة الادعاء بالتأخير في الوفاء بها حتى يستقيم قضاؤها بالإخلاء جزاء على هذا التأخير، دون التزام عليها بالقضاء استقلالاً في هذه المنازعة، ثم إتاحة الفرصة للمستأجر بسداد الأجرة وملحقاتها بتحديد جلسة تالية وذلك سواء كانت هذه المنازعة بدعوى مبتدأة أمام ذات المحكمة المعروض عليها دعوى الإخلاء، أم كانت مجرد دفاع فيها، إذ أن الوفاء بالأجرة القانونية لتوقي الإخلاء إنما يقع على مسئولية المستأجر وحده.
6 - إذ كان الوفاء بالأجرة اللاحق على قفل باب المرافعة، ولا يعتد به لتوقي الحكم بالإخلاء، وبالتالي فإن الإنذار المؤرخ 21/ 12/ 1985 بعد صدور الحكم المطعون فيه الصادر من الشركة الطاعنة، والمرفق بحافظة المستندات المقدمة إلى محكمة النقض، والمتضمن عرض مبلغ... على المطعون ضدهم يكون ولا أثر له في هذا الخصوص، باعتبار أن محكمة النقض ليست درجة من درجات التقاضي إذ تقتصر على مراقبة صحة تطبيق المحاكم للقانون بما لا يجوز معه للخصوم أن يطرحوا عليها وقائع جديدة لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1431 سنة 1974 مدني كلي إسكندرية، طالبة الحكم بتحديد الزيادة القانونية للأجرة المستحقة عليها شهرياً بواقع 30% من الأجرة المتخذة أساساً لحساب الضريبة على العقارات المبينة وبراءة ذمتها من الأجرة عن المدة من 1/ 12/ 1983 حتى 31/ 5/ 1984، وقالت بياناً لدعواها أنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1970 استأجرت من مورث المطعون ضدهم - ........ الدور الخامس العلوي من العقار المبين بالصحيفة بقصد استعماله فندقاً لقاء أجرة شهرية أصبحت 98.016 جنيه، وإذ طلب المطعون ضدهم زيادتها بنسبة 400% في حين أن الزيادة القانونية تقدر بنسبة 30% فقط وفقاً لحكم المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتبار أن العين المؤجرة أنشئت قبل أول يناير سنة 1944، فقد أقام الدعوى. كما أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 1464 سنة 1984 مدني كلي الإسكندرية طالبين الحكم بطرد الشركة الطاعنة من ذات العين محل النزاع وتسليمها لهم خالية، وذلك استناداً إلى عدم سداد الأجرة المستحقة عليها والزيادة المقررة في المادة 45 من القانون رقم 49 سنة 1977 بواقع 400% عن المدة من 1/ 10/ 1977 حتى 31/ 5/ 1984 وقدرها 10270.951 جنيه رغم تكليفها بالوفاء بها على يد محضر في 3/ 5/ 1984، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعوتين حكمت بتاريخ 18/ 4/ 1985 برفض دعوى الطاعنة وبإخلائها من الأعيان المؤجرة، وتسليمها خالية إلى المطعون ضدهم. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 403 سنة 41 ق إسكندرية. وبتاريخ 8/ 12/ 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اعتبر أن العين المؤجرة شقق معدة للسكنى، وأخضعها لحكم المادة 45 من القانون رقم 49 سنة 1977، وليس لحكم المادة السابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 الواجبة التطبيق، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه دفاع الشركة بأن العين المؤجرة وإن وصفت بأنها شققاً إلا أنها في حقيقتها ليست بالوحدات السكنية التي يمكن تأجيرها خالية أو مفروشة باعتبارها مكونة من عدد من الغرف والحمامات والمطابخ أعدت لاستغلالها فندقاً، فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، ويكون قد شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترخيص للمستأجر باستعمال المكان فندقاً ينطوي على التصريح له بالتأخير مفروشاً، فيحق للمؤجر زيادة الأجرة من 9/ 9/ 1977 تاريخ العمل بالقانون رقم 49 سنة 1977 بالنسب التي حددها في المادة 45 منه والتي نصت على أنه "في جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر تأجير المكان أو جزء من المكان مفروشاً يستحق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشاً بواقع نسبة من الأجرة القانونية تحتسب على الوجه الآتي:
( أ ) 400% من الأماكن المنشأة قبل أول يناير سنة 1944.." وذلك استصحاباً لما أوردته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسابها الاستعمال الأغلب الأعم للأماكن، وهو السكنى ولا يستساغ أن تسري هذه الأحكام، وما يتعلق بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك لما يحيط بالاستعمال لغير السكن من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى، وقد قطع تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب في الإفصاح عن نطاق تطبيق المادة 45 من القانون رقم 49 سنة 1977، فأكد أن الأجرة الإضافية تستحق في كل صور المفروش، ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات، فكشف بذلك عن غرض الشارع من أن الأجرة الإضافية تستحق عن مدة التأجير مفروشاً، في كل صور التأجير المفروش ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات سواء اتفق عليه لدى بدء التعاقد أو لاحقاً له، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن العين المؤجرة قد أجرت لاستعمالها فندقاً، ولا خلاف بين الخصوم في أنها أنشئت قبل أول يناير سنة 1944 ومن ثم فإنه لا يسري عليها حكم المادة 45 من القانون المشار إليه، ويستحق المطعون ضدهم الأجرة الإضافية بواقع 400% من الأجرة القانونية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض، وفي بيان ذلك تقول إنها وقد تمسكت أمام المحكمة الموضوع بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة التي مضى على استحقاقها خمس سنوات، وأقرتها المحكمة على ذلك، فإنه كان لزاماً عليها ألا تعتد بالتكليف بالوفاء لاشتماله على المطالبة بأجرة تجاوز الأجرة المستحقة قانوناً، وإذ اتخذ الحكم المطعون فيه من هذا التكليف سنداً لقضائه بإخلاء العين المؤجرة رغم ما شابه من غموض في تحديد القيمة الإيجارية، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 سنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على جواز طلب إخلاء المكان المؤجر "إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر..." يدل على التكليف المشار إليه يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة، فإن خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المستأجر بذلك، ولئن جاءت المادة خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء إلا أنه لما كان القصد منه إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر فيه مقدار الأجرة المطالب به، ويكفيه بيان القدر الذي يعتقد أن ذمة المستأجر مشغولة به، حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف، مما يعني أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما أن ادعاء المؤجر يستند إلى أساس جدي من الواقع أو القانون، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن التكليف بالوفاء المعلن إلى الشركة الطاعنة على يد محضر بتاريخ 3/ 5/ 1984 قد حدد الأجرة المستحقة بمبلغ 10270.951 جنيه عن المدة من أكتوبر سنة 1977 حتى آخر مايو سنة 1984 بما في ذلك الأجرة الإضافية بواقع 400% شهرياً، وكانت منازعة الطاعنة إنما تقتصر على نسبة الزيادة المطالب بها، بدعوى أنها تقتصر على 30% فحسب، ومن ثم فإن تمسكها بسقوط جزء من الأجرة المشار إليها بالتكليف بالتقادم الخمسى، لا يترتب عليه بطلان هذا التكليف ذلك أن التقادم المسقط لا يتعلق بالنظام العام، ويجوز لصاحب المصلحة النزول عنه بعد ثبوت الحق فيه، وأوجب القانون على ذي مصلحة التمسك به لإعمال أثره. ومن ثم فإنه لا يكون من شأن ترتيب هذا الأثر بتقدير سقوط جزء من دين الأجرة أي تأثير على ما تم من إجراءات استوجب القانون اتخاذها قبل رفع الدعوى بالإخلاء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها وقد رفعت دعوى مستقلة بطلب تحديد الزيادة في الأجرة التي تلتزم بها، فإنه كان يتعين على المحكمة أن تفصل فيها استقلالاً قبل أن تعرض لدعوى الإخلاء المرفوعة من المطعون ضدهم، إلا أن الحكم فصل في الدعويين معاً بحكم واحد، دون أن يعرض للمبالغ التي سبق عرضها على المطعون ضدهم، مما أخل بحق الطاعنة في توقي الإخلاء بسداد الأجرة القانونية، قبل قفل باب المرافعة في الدعوى، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 سنة 1981 السالف الإشارة إليها على أنه "... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية" يدل على أن المشرع رغبة منه في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء بالأجرة وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف لتفادي الحكم عليه بالإخلاء". ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى ثار الخلاف بين المؤجر والمستأجر على مقدار الأجرة القانونية المستحقة، فإنه يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها في ذلك باعتبارها مسألة أولية لازمة للفصل في طلب الإخلاء، وعليها أن تتثبت قبل القضاء في مقدار الأجرة المستحقة قانوناً تمهيداً لتحديد مدى صحة الادعاء بالتأخير في الوفاء بها حتى يستقيم قضاؤها بالإخلاء جزاء على هذا التأخير، دون التزام عليها بالقضاء استقلالاً في هذه المنازعة، ثم إتاحة الفرصة للمستأجر بسداد الأجرة وملحقاتها بتحديد جلسة تالية وذلك سواء كانت هذه المنازعة بدعوى مبتدأة أمام ذات المحكمة المعروض عليها دعوى الإخلاء، أم كانت مجرد دفاع فيها، إذ أن الوفاء بالأجرة القانونية لتوقي الإخلاء إنما يقع على مسئولية المستأجر وحده، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم طلبوا الحكم بإخلاء الطاعنة من العين المؤجرة لتأخرها في سداد مبلغ 10270.951 جنيه قيمة الأجرة الأصلية، فضلاً عن الأجرة الإضافية من أكتوبر سنة 1977 حتى نهاية شهر مايو سنة 1958 بخلاف ما يستجد منها، وكانت الشركة الطاعنة قد عرضت على المطعون ضدهم بموجب إنذارات وعرض على يد محضر الوفاء بالمبالغ الآتية على التوالي: 650.296 جنيه في 17/ 4/ 1984، 773.192 جنيه في 22/ 11/ 1984، 738 جنيه في 19/ 5/ 1985، 738 جنيه في 10/ 10/ 1985 وقد تم إيداع هذه المبالغ خزينة المحكمة المختصة، وإذ لم تتضمن هذه الإنذارات عرضاً بوفاء الأجرة الإضافية المستحقة قانوناً على الشركة الطاعنة بواقع 400% على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأولين من أسباب الطعن، ومن ثم فلا تبرأ ذمتها من كامل الأجرة المستحقة عليها في الشهور المشار إليها بالإنذارات المذكورة، ولا يخولها هذا العرض الناقص الحق في توقي الحكم بالإخلاء، لعدم ثبوت قيامها بأداء الأجرة وملحقاتها كاملة قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف في شهر نوفمبر سنة 1985، ولما كان الوفاء بالأجرة اللاحق على قفل باب المرافعة في تلك المرحلة لا يعتد به لتوقي الحكم بالإخلاء، وبالتالي فإن الإنذار المؤرخ 21/ 12/ 1985 بعد صدور الحكم المطعون فيه الصادر من الشركة الطاعنة، والمرفق بحافظة المستندات المقدمة إلى محكمة النقض، والمتضمن عرض مبلغ 11600 جنيه على المطعون ضدهم يكون ولا أثر له في هذا الخصوص، باعتبار أن محكمة النقض ليست درجة من درجات التقاضي، إذ تقتصر مهمتها على مراقبة صحة تطبيق المحاكم للقانون، بما لا يجوز معه للخصوم أن يطرحوا عليهم وقائع جديدة لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى انشغال ذمة الشركة الطاعنة بالأجرة المستحقة مضافاً إليها الأجرة الإضافية بواقع 400% شهرياً، على سند من أن العرض الناقص للأجرة غير مبرئ لذمتها ولا يلتزم المطعون ضدهم بقبول هذا العرض الناقص، على نحو ما ورد بمدونات الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه، ورتب على ذلك الحكم بإخلاء الشركة الطاعنة من العين المؤجرة، فإنه لا يعيبه عدم تحديد المبالغ الواردة بإنذارات العرض، طالما أنه لم يعتد بها أصلاً، لما كان ذلك فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.