أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 380

جلسة 12 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، الحسيني الكناني، ومحمد فؤاد شرباش ومحمد محمد طيطه.

(85)
الطعن رقم 1387 سنة 50 القضائية

إيجار "التزامات المؤجر".
ضمان المؤجر للتعرض الحاصل للمستأجر من مستأجر آخر. عدم اقتصاره على التعرض المستند إلى ادعاء حق. امتداده إلى التعرض المادي متى كان المستأجر المتعرض قد استأجر من نفس المؤجر. علة ذلك.
إذ نصت المادة 571 من القانون المدني "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع، ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من أتباعه، بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبني على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر" فقد دلت على أن ضمان المؤجر للتعرض الحاصل للمستأجر من مستأجر آخر لا يقتصر على التعرض المستند إلى ادعاء حق، بل يمتد كذلك إلى التعرض المادي متى كان المستأجر المتعرض قد استأجر من نفس المؤجر، إذ أنه في هذه الحالة يكون من أتباعه طالما كان التأجير هو الذي هيأ له سبب التعرض، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للمادة المذكورة بقولها: "ويلاحظ إن المؤجر لا يكون مسئولاً عن التعرض المادي الصادر من الجيران إلا إذ كان هو الذي أجر لهم فيكونون في حكم أتباعه".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 8051 سنة 1977 كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بمنع التعويض له في العين المبينة بالصحيفة وتمكينه من الانتفاع بها على الوجه الذي كفله القانون، وقال في بيان دعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 26/ 6/ 1973 استأجر من الشركة الطاعنة العين محل النزاع، ثم تبين أن الطاعنة أجرت لمن يدعي... جزءاً من مدخل العقار المؤدي إلى هذه العين ليضع به "ثلاجة" للمشروبات - بالمخالفة لقوانين المباني - وقد وضع هذا المستأجر صناديق المشروبات بالمكان وتجمع به العملاء مما ترتب عليه إعاقة المرور إلى المحل الذي أقامة بالعين المؤجرة له وحجب الرؤية عنه بما يشكل تعرضاً له في الانتفاع بالعين تضمنه الشركة المؤجرة، ومن ثم فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 25/ 5/ 1978 ندبت المحكمة مكتب الخبراء لمعاينة العين محل النزاع وبيان حقيقة التعرض المدعى به، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 21/ 12/ 1978 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 599 سنة 96 ق القاهرة، وبتاريخ 13/ 4/ 1980 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة الطاعنة بمنع مستأجر مكان الثلاجة من وضع صناديق أو معوقات مرور بمدخل ممر العقار. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استند في قضائه إلى أن وضع مستأجر المكان الواقع بممر العقار الكائنة به العين محل النزاع صناديق المثلجات داخل الممر بما يعوق مرور العملاء إلى المحل المؤجر للمطعون ضده مما يعتبر تعرضاً له من هذا المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة له تسأل عنه الشركة الطاعنة باعتبار أن هذا التعرض صادر من مستأجر آخر منها يعتبر تابعاً لها، بينما المقرر وفقاً لنص المادة 571 من القانون المدني أن المؤجر لا يضمن التعرض الصادر من مستأجر لمستأجر آخر منه إلا إذا كان هذا التعرض مبيناً على سبب قانوني، وذلك دون التعرض المادي إذ هو منبت الصلة بعقد الإيجار ولا يستند فيه المتعرض إلى حق مستمد من هذا العقد، الأمر الذي يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 571 من القانون المدني إذ نصت على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع، ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من أتباعه، بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبني على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر فقد دلت على أن ضمان المؤجر للتعرض الحاصل للمستأجر من مستأجر آخر لا يقتصر على التعرض المستند إلى ادعاء حق، بل يمتد كذلك إلى التعرض المادي متى كان المستأجر المتعرض قد استأجر من نفس المستأجر، إذ أنه في هذه الحالة يكون من أتباعه طالما كان التأجير هو الذي هيأ له سبيل التعرض، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع والتمهيدي للمادة المذكورة بقولها: "ويلاحظ أن المؤجر لا يكون مسئولاً عن التعرض المادي الصادر من الجيران إلا إذا كان هو الذي أجر لهم فيكونون في الحكم أتباعه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.