أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 407

جلسة 18 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع نائبي رئيس المحكمة، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

(91)
الطعن رقم 1806 لسنة 52 القضائية

(1) إيجار "إيجار أماكن". قانون.
أحكام القانون المدني. وجوب تطبيقها ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن نص خاص يتعارض معها. عدم تعرض القانون 49 لسنة 1977 لتحديد التعويض في حالة تسليم المالك للمستأجر وحدة بالعقار الجديد. لا تصلح للغرض الذي كانت تستعمل فيه الوحدة المهدومة أو حالة اتفاق الطرفين على مواصفات خاصة بالوحدة الجديدة. مؤداه. تطبيق أحكام القانون المدني. علة ذلك.
2 - عقد "الشرط الجزائي". إثبات.
الشرط الجزائي. تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين. عبء إثبات عدم وقوعه على عاتق المدين.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام العامة الواردة في القانون المدني هي الواجبة التطبيق في الأصل ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن نص خاص يتعارض معها، لما كان ذلك وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر لم يورد في الفصل الأول من الباب الثاني الخاص بهدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع، قاعدة تحدد التعويض في حالة تسليم المالك للمستأجر وحدة بالعقار الجديد لا تصلح لذات الغرض الذي كانت تستعمل فيه الوحدة المهدومة ولم يعرض لحالة اتفاق المالك والمستأجر على مواصفات خارجية بالوحدة الجديدة، فإن أحكام القانون المدني تكون هي واجبة التطبيق في هذه الحالة.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني أنه متى وجد شرط جزائي في العقد، فإن تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين، فلا يكلف الدائن بإثباته وإنما يقع على المدين إثبات أن الضرر لم يقع وأن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3911 لسنة 1979 مدني أسيوط الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن إخلاله بتنفيذ التزامه التعاقدي تأسيساً على أنه استأجر من الطاعن دكاناً مساحته 11 م3، وقد قام الأخير بهدم العقار لإعادة بنائه، بعد أن تعهد بتسليمه دكاناً آخر في العقار الجديد مساحته 2 × 2.5 م2 أو دفع المبلغ المذكور في حالة عدم التنفيذ أو الإخلال بأي وصف من أوصاف المحل الواردة بالاتفاق المبرم بينهما في 5/ 5/ 1979. ونظراً لأن الطاعن قد أخل بالتزامه وسلمه الدكان بأبعاد تقل عن تلك المتفق عليها، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان ندبت محكمة الدرجة الأولى خبيراً ثم قضت بإجابة المطعون ضده إلى طلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 240 لسنة 56 ق أسيوط وبتاريخ 24/ 4/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 1250 ج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة، أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، رأت أنه جدير بالنظر، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم إذ أعمل شروط الاتفاق المؤرخ 5/ 5/ 1978 وقضى للمطعون ضده بتعويض قدره 1250 ج بمقولة أن الطاعن قد أخل التزامه بتسليم العين المؤجرة بالموصفات المتفق عليها بإنقاص مساحتها، يكون قد خالف أحكام المادتين 49، 54 من القانون رقم 49 لسنة 1977 اللتين حدد فيها المشرع حالتي استحقاق المستأجر الذي يشغل وحدة غير سكينة في عقار عند هدمه لإعادة بنائه بشكل أوسع للتعويض، وهما حالة عدم قيام المالك بتوفير وحدة مناسبة بأجر مماثل ليمارس المستأجر فيها نشاطه، وحالة عدم تسليمه وحدة في العقار الجديد تصلح لذات الغرض الذي كانت تستعمل فيه الوحدة المهدومة، ولم يوجب الحكم بالتعويض في حالة تسليم الوحدة في العقار الجديد وبها نقص في المساحة هذا إلى أنه يشترط لإعمال الشرط الجزائي أن يثبت أن هناك خطأ في جانب الطاعن ترتب عليه ضرر للمطعون ضده، والثابت من الأوراق وتقرير الخبير أن نقص المساحة من العين مرجعه إلى قرار الإدارة الهندسية بوجوب الارتداد بالبناء وهو سبب أجنبي عن الطاعن، كما أثبت تقرير الخبير أنه لم يحدث للمطعون ضده ضرر نتيجة اختلاف الأبعاد. وعلى ذلك فلم يكن للمطعون ضده في هذه الحالة إلا أن يطلب إنقاص القيمة الإيجارية وهو طلب غير وارد لأن القيمة الإيجارية هنا تحدد طبقاً لقرار اللجنة. هذا بالإضافة إلى أن المطعون ضده قد قبل التنفيذ العيني وتسلم العين بمساحتها الفعلية ولم يتمسك في عقد الإيجار بالأبعاد الواردة بالاتفاق، فلا موجب للقضاء بالتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان ذلك من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام العامة الواردة في القانون المدني هي الواجبة التطبيق في الأصل ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن نص خاص يتعارض معها، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر لم يورد في الفصل الأول من الباب الثاني الخاص بهدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع، قاعدة تحدد التعويض في حالة تسليم المالك للمستأجر وحدة بالعقار الجديد لا تصلح لذات الغرض الذي كانت تستعمل فيه الوحدة المهدومة، ولم يعرض لحالة اتفاق المالك والمستأجر على مواصفات خاصة بالوحدة الجديدة، وعدم تنفيذ المالك التزامه بتلك المواصفات فإن أحكام القانون المدني تكون هي الواجبة التطبيق في هذه الحالة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي على النحو المتفق عليه فيه، يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته، ما لم يثبت أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير قيام هذا السبب، حسماً يتبين لها من الأدلة المقدمة في الدعوى، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في هذا التقدير متى كان سائغاً، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني أنه متى وجد شرط جزائي في العقد، فإن تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين، فلا يكلف الدائن بإثباته، وإنما يقع على المدين إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، ولما كان الثابت بالاتفاق المؤرخ 5/ 5/ 1979 أن الطاعن التزم بأن يسلم المطعون ضده محلاً بالعقار بعد إعادة بنائه بأبعاد وأوصاف محددة، وإلا التزم بالتعويض المتفق عليه في حالة عدم التسليم أو في حالة الإخلال بهذه الأوصاف وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه من حيث مبدأ القضاء بالتعويض - أنه قام قضاءه على سند مما ثبت بتقرير الخبير المنتدب من أن الطاعن لم يلتزم بنصوص الاتفاق المبرم بينه وبين المطعون ضده فيما يتعلق بأبعاد مسطح المحل المتفق عليها، وأن ما دفع به من أن عدم تنفيذ التزامه بتلك الأبعاد كان نتيجة الارتداد الذي فرض عليه طبقاً لخطوط التنظيم، غير صحيح، إذ كان بوسعه تنفيذ التزامه بالحدود المتفق عليها لو لم يسرف في تحديد أبعاد محله المجاور لمحل المطعون ضده على حساب أبعاد هذا المحل الأخير، وحدد النقص في المساحة بنسبة 24% من القدر المتفق عليه، وخلص الحكم من ذلك إلى توافر ركن الخطأ في حق الطاعن وقيام رابطة السببية بينه وبين الضرر الذي لحق المطعون ضده نتيجة هذا الإخلال، بأوصاف المحل، ورتب على ذلك القضاء لهذا الأخير بمبلغ التعويض المطالب به، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتعديل مبلغ التعويض الذي التزم به الطاعن إلى مبلغ 1250 ج بدلاً من 5000 ج المتفق عليه في الشرط الجزائي وذلك باعتبار أن النقص في المساحة يعادل الربع تقريباً من المساحة الكلية المتفق عليها فإنه يكون قد أعمل الشرط الجزائي بعد التثبت من تحققه، وأنقص مقدار التعويض المقضي به حتى يكون مناسباً للضرر الذي حاق بالمطعون ضده، وأقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وتتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.