أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 70

جلسة 14 من يناير 1986

برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة ومحمود البارودي ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(15)
الطعن رقم 3945 لسنة 55 القضائية

( أ ) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام" "نظره الحكم فيه".
حق النيابة العامة في الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي. ولو كان الاستئناف مرفوعاً من المتهم وحده. ما دام الحكم الاستئنافي قد ألغى حكم محكمة أول درجة أو عدله. شرط ذلك: عدم تسوئ مركز المتهم. مثال.
(2) كحول. قانون. رسوم إنتاج. غش. جمارك. تهريب جمركي. ارتباط. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عرض المتهم كحولاً غير مطابق للمواصفات للبيع، وحيازته كحولاً منتج في معمل أو مصنع غير مرخص ومهرباً من رسوم الإنتاج - يعد فعلاً واحداً تقوم به جريمتان مرتبطتان المادة 32 عقوبات.
(3) عقوبة "العقوبة التكميلية". مصادرة. أغذية. غش.
مصادرة المواد الغذائية المغشوشة. عقوبة تكميلية وجوبيه - القضاء بها في جميع الأحوال متى كانت تلك المواد قد سبق ضبطها على ذمة الدعوى.
(4) نقض "الحكم في الطعن" "حالات الطعن" "مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
مخالفة الحكم للقانون بتجاوزه حد الغرامة المقررة. وجوب تصحيحه. المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
1 - من المقرر أنه إذا فوتت النيابة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض - إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة بحيث يمكن القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاء واحداً. أما إذ ألغى الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديداً منفصلاً تمام الانفصال عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها ما دامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسوئ لمركز المتهم.
2 - لما كان فعل عرض كحول غير مطابق للمواصفات للبيع (وهو وصف الغش في التهمة الأولى) - ينطوي في ذاته على حيازته منتجاً في معمل أو مصنع غير مرخص وبالتالي مهرباً من أداء رسوم الإنتاج ومن ثم فإنه يمثل فعلاً واحداً تقوم به جريمتان. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات قد نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها". لما كان ذلك - فإن ما تنعاه الطاعنة من عدم توافر الارتباط بين الجريمتين اللتين دين بهما المطعون ضده يكون غير سديد.
3 - من المقرر طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها - الذي دين الطاعن على مقتضى أحكامه - توجب الحكم بمصادرة المواد المغشوشة كعقوبة تكميلية يقضى بها في جميع الأحوال متى كانت تلك المواد قد سبق ضبطها.
4 - لما كانت المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1966 - المار ذكره، تنص على أنه "يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز سنه وبغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تتجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين......... 1 - من غش أو شرع في أن يغش شيئاً من أغذية الإنسان أو طرح أو عرض للبيع شيئاً من هذه المواد مغشوشة كانت أو فاسدة 2 - من طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما تستعمل في غش أغذية الإنسان.....". وكانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 - تقضى بأن كل مخالفة للقوانين والمراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يعاقب عليها بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.....، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده خمسمائة جنيه متجاوزاً بذلك الحد الأقصى المقرر - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يتعين معه تصحيحه والقضاء بالغرامة المقررة في القانون عملاً بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) أنتج شيئاً من أغذية الإنسان مغشوشاً. (ثانياً) لم يؤد رسوم الإنتاج المقررة على الكحول خلال الفترة المحددة وطلبت عقابه بالمواد 1، 2 من القانون 10 لسنة 1966 المعدل، 1، 2، 3، 20، 21، 22 من القانون 363 لسنة 1956 المعدل بالمادة 1 من القانون 328 لسنة 1952. ومحكمة جنح الموسكي قضت غيابياً....... عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وغلق المحل لمدة خمسة عشر يوماً وبإلزامه بأن يؤدى للخزانة العامة مبلغ 3909.340 مليمجـ قيمة ضريبة رسم الإنتاج وبدل المصادرة والتعويض وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ بالنسبة لعقوبة الحبس فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه إلى حبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وغلق المحل لمدة خمسة عشر يوماً وبإلزامه بأن يؤدى للخزانة العامة مبلغ 3909.340 مليمجـ قيمة ضريبة رسم الإنتاج والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسمائة جنيه والتأييد فيما عدا ذلك. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ كما طعن الأستاذ...... في هذا الحكم بطريق النقض نيابة عن المحكوم عليه........ إلخ.


المحكمة

من حيث إن المقرر أن الطعن بطريق النقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه، حسبما يرى فيه مصلحته، وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، ولما كان المحامي الذي قرر بالطعن نيابة عن المحكوم ضده لم يقدم التوكيل الذي يخوله هذا الحق بل قدم صورتين ضوئيتين لتوكيل غير مصدق على أيهما رسمياً. فإن الطعن يكون قد قدم من غير ذي صفة بما يتعين عدم قبوله شكلاً ومصادرة الكفالة.
وحيث إنه عن طعن النيابة العامة في الحكم المطعون فيه، فإنه ولئن كان من المقرر أنه إذا فوتت النيابة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض - إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة بحيث يمكن القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاء واحداً. أما إذ ألغى الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديداً منفصلاً تمام الانفصال عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها ما دامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسوئ لمركز المتهم. لما كان ذلك وكانت النيابة العامة (الطاعنة) وإن ارتضت الحكم الصادر من محكمة أو درجة بحسب المطعون ضده شهراً مع الشغل....... وغلق المحل لمدة خمسة عشر يوماً وإلزامه بأن يؤدى للخزانة العامة مبلغ 3909.340 مليمجـ قيمة ضريبة رسم إنتاج وبدل المصادرة - إلا أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريمه خمسمائة جنيه وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، فإن قضاءها هذا يعد حكماً قائماً بذاته مستقلاً عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة وبالتالي يكون طعنها فيه بطريق النقض جائزاً. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن حاصل ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه قد اعتراه خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أوقع بالمطعون ضده عقوبة واحدة عن جريمتي إنتاج أغذية مغشوشة وعدم تأدية رسوم الإنتاج عنها - رغم قيام الارتباط بينهما، وأغفل القضاء بالمصادرة الوجوبية المقررة للجريمة الأولى - كما جاوز الحد الأقصى للغرامة المنصوص عليها في القانون المنطبق عن كل من الجريمتين مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعن بوصف أنه - (أولاً): - أنتج شيئاً من أغذية الإنسان مغشوشاً. (ثانياً): - لم يؤد رسم الإنتاج المقرر على الكحول خلال المدة المحددة. وطلبت النيابة العامة معاقبته طبقاً للمواد 1، 2 من القانون رقم 10 لسنة 1966 المعدل والمواد 1، 2، 3، 20، 21، 22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 المعدل والمادة الأولى من القانون رقم 328 لسنة 1952. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسوم الإنتاج والاستهلاك على الكحول قد نص في البند أ من المادة 18 منه على أنه "تعتبر مادة مهربة وتضبط ( أ ) الكحول والسوائل الكحولية المنتجة في معمل أو مصنع غير مرخص طبقاً للمادة السابعة وكذلك المواد الأولية التي توجد فيه مما يمكن استعماله في صناعة الكحول" وكان مفاد نص هذه المادة أن مجرد كون الكحول منتج في مصنع أو معمل غير مرخص طبقاً للقانون يعتبر مادة مهربة ويضبط ويشكل مخالفة لأحكام القانون آنف الذكر معاقباً عليها بمقتضى أحكام المرسوم بقانون 328 لسنة 1952 ومن ثم يسوغ القول بأن فعل عرض كحول غير مطابق للمواصفات للبيع (وهو وصف الغش في التهمة الأولى) - ينطوي في ذاته على حيازته منتجاً في معمل أو مصنع غير مرخص وبالتالي مهرباً من أداء رسوم الإنتاج ومن ثم فإنه يمثل فعلاً واحداً تقوم به جريمتان. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات قد نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها". لما كان ذلك - فإن ما تنعاه الطاعنة من عدم توافر الارتباط بين الجريمتين اللتين دين بهما المطعون ضده يكون غير سديد. لما كان ذلك ولئن كان من المقرر طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها - الذي دين الطاعن على مقتضى أحكامه - توجب الحكم بمصادرة المواد المغشوشة كعقوبة تكميلية يقضى بها في جميع الأحوال متى كانت تلك المواد قد سبق ضبطها - كالحال في الدعوى الراهنة - وهو ما أغفله الحكم الصدر من محكمة أول درجة ومن بعده الحكم المطعون فيه.... بما كان يقتضى في الأصل أن تصحح هذه المحكمة - محكمة النقض - ذلك الحكم بإضافة تلك العقوبة - إلا أنه لما كانت النيابة العامة (الطاعنة) لم تستأنف حكم محكمة أول درجة الذي أغفل القضاء بها - فإن تصحيح الحكم بإضافتها إلى باقي العقوبات المقضى بها على المطعون ضده يسيء إلى مركزه. وهو ممتنع. ومن ثم فلا يجوز والحال هذه قضاء التصحيح. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه النيابة العامة في شأن مجاوزة الحكم المطعون فيه لحد الغرامة المقررة قانوناً للجريمتين المسندتين للمطعون ضده - فإنه ولئن كان الحكم قد قضى بإدانة المطعون ضده عنهما، إلا أن النيابة العامة بحسبانها تختص بمركز قانوني خاص بمثابتها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية - فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه. لما كان ذلك، وكانت المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1966 - المار ذكره، تنص على أنه "يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز سنه وبغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تتجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين... 1 - من غش أو شرع في أن يغش شيئاً من أغذية الإنسان أو طرح أو عرض للبيع شيئاً من هذه المواد مغشوشة كانت أو فاسدة. 2 - من طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما تستعمل في غش أغذية الإنسان....." وكانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 - تقضي بأن كل مخالفة للقوانين والمراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يعاقب عليها بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين....، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده خمسمائة جنيه متجاوزاً بذلك الحد الأقصى المقرر - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يتعين معه تصحيحه والقضاء بالغرامة المقررة في القانون عملاً بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.