أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 127

جلسة 22 من يناير لسنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وسري صيام.

(27)
الطعن رقم 4038 لسنة 55 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان.
تحقق المحضر من صفة من يتسلم منه الإعلان في موطن المعلن إليه. غير لازم. حد ذلك؟
(2) تزوير "أوراق رسمية". فاعل أصلي. اشتراك. إعلان. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مصلحة المتهم في التزوير لا تكفي بمجردها لإدانته بتهمة الاشتراك فيه.
كفاية اطمئنان المحكمة إلى إقامة المعلن إليه في العنوان الذي أعلن فيه. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي. لا يقبل أمام النقض.
حق المحكمة إطراح دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. أساس ذلك.
(3) مسئولية مدنية. تعويض. عقوبة.
القضاء بالتعويض المدني رغم القضاء بالبراءة. شرطه: ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت نسبتها إلى المتهم. أساس ذلك. انتهاء الحكم إلى عدم ثبوت نسبة الاتهام إلى المتهم وقضاؤه برفض الدعوى المدنية. صحيح.
1 - إن المحضر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير مكلف بالتحقق من صفة الشخص الذي يتقدم له لاستلام الإعلان ما دام أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه.
2 - لما كان من المقرر أن مصلحة المتهم في التزوير لا تكفي بمجردها لإدانته بتهمة الاشتراك فيه، فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تتقدم بمستندات تثبت عدم إقامتها مع والدتها بالعنوان المبين بالإعلان، فإن منعى الطاعنة على الحكم التفاته عن هذه المستندات لا يكون له محل، ومع ذلك فقد أفصح الحكم عن اطمئنانه إلى إقامتها بالعنوان المشار إليه، ودلل على ذلك بأسباب سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى لا يقبل أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تلتفت عن الدليل ولو حملته ورقة رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
3 - لما كان من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض المدني رغم القضاء بالبراءة ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً، أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم، لأنه في هذه الأحوال لا تملك المحكمة أن تقضي بالتعويض على المتهم اعتباراً بأن قوام المسئوليتين الجنائية والمدنية كلتيهما هو ثبوت حصول الواقعة وصحة نسبتها إلى مقارفها، فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى عدم ثبوت نسبة الاتهام إلى المطعون ضدهما لم يكن في وسعه إلا القضاء برفض الدعوى المدنية مهما كانت جسامة الضرر الذي تدعيه الطاعنة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: (1) المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً محضر بمحكمة مركز...... ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو الإنذار المؤرخ...... حالة تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك بجعله واقعة مزوره في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت انتقاله إلى موطن المنذر إليها وإعلانها بالإنذار مخاطباً..... على خلاف الحقيقة.
(2) المتهم الثاني: اشترك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والتحريض في ارتكاب جريمة التزوير موضوع التهمة الأولى بأن اتفق معه وحرضه على أن يقوم بإثبات انتقاله إلى موطن المنذر إليها وبما يفيد إعلانها قانوناً مع أحد تابعيها والمقيم معها لغيابهما على خلاف الحقيقة فقام المتهم الأول فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. (3) المتهمان: اشتركا بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع مجهول في ارتكاب تزوير مادي في محرر رسمي هو الإنذار موضوع التهمة الأولى بوضع إمضاءات مزورة وذلك بأن حرضاه واتفقا معه على أن يوقع على الإنذار سالف الذكر بإمضاء نسبه زوراً إلى.... وساعداه بأن قدما له الإنذار فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام وادعت المدعية بالحقوق المدنية قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات...... قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية.
فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواها المدنية تأسيساً على براءة المطعون ضدهما من تهمتي التزوير في محرر رسمي والاشتراك فيه، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أغفل دلالة أقوال..... أنه لم يتقابل مع المطعون ضده الأول ولم يوقع على إنذار الطاعنة وهو ما تأيد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وخلص إلى القول بانعدام مصلحة المطعون ضدهما وحسن نيتهما رغم ثبوت مصلحة ثانيهما في إنذار الطاعنة كي لا تتخذ الإجراءات القانونية في المواعيد المقررة ولتقديمه لإثبات نشوزها توقياً للحكم لها في دعوى النفقة، والتفت عن المستندات الرسمية المقدمة من الطاعنة إثباتاً لعدم إقامتها في المكان المحدد في الإنذار، وأغفل الضرر البالغ الناتج عن الجريمة والذي أصاب الطاعنة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن مما أورده الحكم المطعون فيه في تبرير نفي مسئولية المطعون ضده الأول عن عدم صحة توقيع...... على إعلان الطاعن بالإنذار قوله "...... ولم يثبت من الأوراق من أن المتهم الأول لم ينتقل إلى محل إقامتها (الطاعنة) بناحية...... ومن ثم فلا مسئولية عليه عما قرره له خطأ الشخص الذي وجده بمسكنها ووقع له على الإعلان مدعياً أنه....... وليس لدى المحضر الوسائل للتأكد من صحة شخصيته والمعلن إليها هي المسئولة عن تواجد هذا الشخص بمسكنها واحتمال خداع المتهم الأول والتقرير به احتمال قائم ولكن الأوراق ليس بها دليل على أنه لم ينتقل بالفعل أو أنه استوقع شخصاً على الإعلان بقصد الإضرار بالزوجة... لما كان ذلك، وكان المحضر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير مكلف بالتحقق من صفة الشخص الذي يتقدم له لاستلام الإعلان ما دام أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه، فإن ما أورده الحكم - على البيان المتقدم - يكون قد اقترن بالصواب وينبئ عن أن المحكمة قد فطنت لدلالة أقوال الشاهد.... في خصوص نفيه لقاء المطعون ضده الأول وتوقيعه على إعلان إنذار الطاعنة وما خلص إليه قسم أبحاث التزييف والتزوير في هذا الشأن، ونفت مسئولية المطعون ضده الأول للأسباب السائغة التي أوردتها والتي تؤدي إلى ما انتهت إليه، بما يبرئ الحكم مما رمته به الطاعنة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان لا صحة لما تدعيه الطاعنة أن الحكم المطعون فيه نفى مصلحة زوجها المطعون ضده الثاني في تزوير إعلان إنذارها بالطاعنة، إذ أورد الحكم في هذا الشأن قوله "وبالنسبة للمتهم الثاني فإن المصلحة وحدها التي تعود عليه نتيجة فوات ميعاد الاعتراض على الإعلان لا تكفي لإدانته، وهو قول من الحكم يتفق وما هو مقرر من أن مصلحة المتهم في التزوير لا تكفي بمجردها لإدانته بتهمة الاشتراك فيه، فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تتقدم بمستندات تثبت عدم إقامتها مع والدتها بالعنوان المبين بالإعلان، فإن منعى الطاعنة على الحكم التفاته عن هذه المستندات لا يكون له محل، ومع ذلك فقد أفصح الحكم عن اطمئنانه إلى إقامتها بالعنوان المشار إليه، ودلل على ذلك بأسباب سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى لا يقبل أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تلتفت عن الدليل ولو حملته ورقة رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه برفض الدعوى المدنية بقوله "وحيث إنه عن الدعوى المدنية فقد انتهت المحكمة إلى نفي الاتهام وعدم ثبوته في حق المتهمين وهو ركن الخطأ في الدعوى المدنية والأساس المشترك وبين الدعويين الجنائية والمدنية ويترتب على ذلك بالتبعية القضاء برفض الدعوى المدنية لانعدام أساسها"، وكان من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض المدني رغم القضاء بالبراءة ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً، أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم، لأنه في هذه الأحوال لا تملك المحكمة أن تقضي بالتعويض على المتهم اعتباراً بأن قوام المسئوليتين الجنائية والمدنية كلتيهما هو ثبوت حصول الواقعة وصحة نسبتها إلى مقارفها، فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى عدم ثبوت نسبة الاتهام إلى المطعون ضدهما لم يكن في وسعه إلا القضاء برفض الدعوى المدنية، مهما كانت جسامة الضرر الذي تدعيه الطاعنة، ويكون قضاؤه في هذا الخصوص قد طابق صحيح القانون، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، ومصادرة الكفالة، وإلزام الطاعنة المصاريف المدنية.